غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

منوعات

من بينها اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي.. قوانين تجرِّم تجويع المدنيين في الحروب اخترقتها إسرائيل

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وعقب عملية “طوفان الأقصى”، سارعت إسرائيل بإغلاق جميع معابر قطاع غزة، فارضة حصاراً شاملاً على المدنييين الفلسطينيين كنوع من أنواع العقاب الجماعي، وهو مرفوض وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف خاصة المواد “33” و”55″ و”59″، والمادة 27 التي توجب على قوات الاحتلال بألا تجعل من المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية بأي حال من الأحوال نوعاً من العقاب الجماعي ضد المدنيين بالمناطق المحتلة.

 اتفاقيات وضعتها دول العالم وأخذت على عاتقها الالتزام بها، لكنها اليوم لا تحرّك ساكناً أمام قطع إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان القطاع، وهم نحو 2.3 مليون، ما ساهم في تفاقم الوضع اللاإنساني في القطاع وزاد من وطأة الظروف القاسية عليهم التي يعانون منها بالأساس.

فما هو موقف القانون الدولي الإنساني من استخدام أسلوب “التجويع” في الحرب؟ وما هي “جرائم التجويع” التي ارتكبتها إسرائيل في حق المدنيين في غزة في تعدٍّ صارخ لهذا القانون على مرأى ومسمع من العالم؟ 




قوانين تحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب

القانون الدولي الإنساني يحظر تجويع المدنيين

يعدّ تجويع المدنيين أسلوباً محظوراً من أساليب الحرب في القانون الدولي الإنساني الحديث وقانونياً يعرّف التجويع بأنّه حرمان المدنيين عمداً من الطعام إلى جانب حرمانهم من دخول المساعدة الإنسانية، وهو ما يعتبر دليلاً كافياً على أن تجويعهم هو الغرض الأساسي من الحصار.

تستمدّ هذه القاعدة شرعيتها من مبدأ التمييز المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، للمرة الأولى في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 المادة 54 (1) من البروتوكول الإضافي الأول: المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني، واليوم تعتبر قانوناً عرفياً في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية (القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 53). 

نظام روما الأساسي “تجويع المدنيين جريمة حرب” 

في 6 ديسمبر 2019، تم تعديل نظام روما الأساسي ليشمل التجويع المتعمد للمدنيين باعتباره جريمة حرب في النزاعات المسلحة غير الدولية. 

وحتى ذلك الحين، كانت هذه الجريمة تعتبر جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية. ومما لا شك فيه أن هذا التطور الكبير كان مدفوعاً بالروايات المروعة عن المجاعة الجماعية الناجمة عن الحصار في سوريا واليمن.

من بينها اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي.. قوانين تجرِّم تجويع المدنيين في الحروب اخترقتها إسرائيل

ويجرّم نظام روما الأساسي “الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين باعتباره أسلوباً من أساليب الحرب” ويعتبر أسلوب “حرمان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية ” جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية (النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية). 

القوانين الدولية تحظر تجريد المدنيين من مقومات الحياة 

وبحسب المجلة الأوروبية للقانون الدولي نتيجة لحظر تجويع المدنيين، فإن مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين (مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية وشبكـات مياه الشرب والري) محظورة كذلك بموجب القانون الدولي الإنساني؛ حيث إنّ هذه الأعمال تهدف إلى تجريد المنطقة المحاصرة من مقومات الحياة التي يحتاجها السكان المدنيون، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى تجويعهم أو حملهم على النزوح من أراضيهم. (القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 54).

 استخدام “التجويع” في الحرب أسلوب مدان من مجلس الأمن الدولي

 اعتمد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في 24 مايو 2018 قراراً يدين استخدام تجويع المدنيين كأسلوب للحرب، والمنع غير القانوني من وصول المساعدات الإنسانية وحرمان المدنيين من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة. 

ودعا جميع أطراف النزاع المسلح إلى الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.

من بينها اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي.. قوانين تجرِّم تجويع المدنيين في الحروب اخترقتها إسرائيل

ويحث القرار، الذي تقدمت به كل من كوت ديفوار والكويت وهولندا والسويد، الدول على إجراء تحقيقات في إطار اختصاصها القضائي حول انتهاكات القانون الإنساني الدولي المتعلق باستخدام تجويع المدنيين كأسلوب للحرب.

كما دعا القرار جميع أطراف النزاعات المسلحة إلى تجنب الأهداف المدنية بما في ذلك الأماكن الضرورية لإنتاج الغذاء وتوزيعه مثل المزارع والأسواق وشبكات المياه والمطاحن ومواقع معالجة وتخزين الغذاء وما إلى ذلك.

 مرور الإغاثة الإنسانية للمدنيين حق تكرّسه اتفاقية جنيف لعام 1949

 تلزم اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وهي وثائق أساسية في القانون الدولي الإنساني، أطراف النزاع المسلح بحماية المدنيين والأفراد المعرضين للخطر. 

وتشمل هذه الحماية حق المدنيين في مغادرة منطقة النزاع أو الوصول إلى المساعدات الإنسانية، على غرار “جميع شحنات الأغذية الضرورية والملابس والمقويات المخصصة للأطفال دون الخامسة عشرة من العمر والنساء الحوامل وحالات الولادة”، ويوسع البروتوكول الإضافي الأوّل هذا الواجب فيغطي “المرور السريع بدون عرقلة لجميع شحنات وتجهيزات الغوث والعاملين عليها”، وتعتبر أحكام اتفاقيات جنيف آمرة حتى لو لم تصادق عليها الدولة.

من بينها اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي.. قوانين تجرِّم تجويع المدنيين في الحروب اخترقتها إسرائيل

إسرائيل تنتهك القانون الدولي الإنساني وترتكب جرائم “تجويع” في غزة 

قصف للممرات الآمنة ومنع لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع

لم يبقَ معبر رفح على حدود القطاع مع مصر، وهو المعبر الوحيد خارج سيطرة إسرائيل، مفتوحا أمام حركة المسافرين سوى خلال اليومين الأولين للحرب.

لكن خلال الأسبوعين التاليين استهدفت إسرائيل الجانب الفلسطيني من المعبر، المخصص بالأساس لعبور الأفراد.

توقف المعبر عن العمل بسبب الأضرار التي طالت منشآته؛ ما أدى إلى شلل كامل للحركة على مستوى الأفراد والبضائع مع تشديد إسرائيل حصارها الشامل على القطاع.

وفي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، دخلت أولى شاحنات الوقود للقطاع بعد شكاوى متكررة من المنظمات الإنسانية بالقطاع من تعطل خدماتها بسبب نفاد الوقود.

ويعتمد جميع سكان القطاع تقريباً على الشاحنات القادمة عبر الحدود من أجل البقاء على قيد الحياة إلا أن القطاع لا يزال يعاني شحاً شديداً في احتياجاته الأساسية؛ حيث إنه في الأسبوع الأول من العام الحالي دخلت غزة ما بين 80 و177 شاحنة في اليوم، وفق تقديرات أممية.

من بينها اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي.. قوانين تجرِّم تجويع المدنيين في الحروب اخترقتها إسرائيل

وتجدر الإشارة إلى أن القطاع كان يستقبل، قبل بدء الحرب، أكثر من 500 شاحنة يومياً تنقل السلع المختلفة من كافة المعابر التجارية بين قطاع غزة وإسرائيل.

وتقول ريم ندا، المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي، إن هناك شخصاً من كل أربعة أشخاص في غزة “يعاني من ظروف تشبه المجاعة، أي ما يوازي نصف مليون شخص في القطاع يعانون من نقص كامل في الغذاء”، مضيفة أن هناك مناطق يصعب الوصول إليها في ظل استمرار القصف، ونقص الوقود، وهو ما يعوق عمل الفرق الإغاثية على الأرض.

كما وجهت عدة جهات، منها الأمم المتحدة، اتهامات متواصلة لإسرائيل بعرقلة دخول المساعدات إلى المدنيين في غزة.

الغارات الجوية على مخابز غزة تزيد من النقص “الكارثي” في الغذاء

إنّ قوانين تجريم اعتماد “المجاعة” كأسلوب من أساليب الحرب معرضة لانتهاكها بطرق عديدة، فعندما تقصف دولة محاصرة أهدافاً ذات صلة بالأمن الغذائي، على غرار خزانات المياه مطاحن الحبوب والمخابز التي تعدّ غذاءً أساسياً مطلوباً بشدة في ظروف الحرب للعديد من الأشخاص في الملاجئ؛ ما يضطرّهم للوقوف أمام طوابير طويلة أمام المخابز، لا يمكن أن يكون ذلك سوى تعمّد لأن تبلغ حرب التجويع ذروتها في القطاع.

وقد ذكرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) أن 10 من أصل 50 مخبزاً تزودها بالدقيق، مما يساعد على خفض تكلفة الخبز المرتفعة، قد تعرضت للقصف في الغارات الجوية، وأن الوقود ينفد من المركبات التي تنقل الدقيق إلى من تبقى، نقلاً عن صحيفة الغارديان.

كما أضافت: “يعتمد عشرات الآلاف من الأشخاص على المخابز الصغيرة للعثور على رغيف خبز لعائلاتهم”. وقال المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي: “يخاطر الناس بحياتهم ويقفون في طوابير لساعات، لكنهم غالباً ما يعودون إلى منازلهم خالي الوفاض”.


اشتري وجبة شاورما لـ شخص 1 من طاقمنا، (ادفع 5 دولار بواسطة Paypal) | لشراء وجبة اضغط هُنا


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة