غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

لايف ستايل

كيف تنجو من مكائد الغيورين والحسودين؟

للغيرة رائحة نفاذة تظهر على تصرفات الشخص وأفعاله، أطيبها تلك التي تحرق المرء فينفعل جاهداً للتحسين من ذاته حتى يتألق كبخور العود، وأسوؤها تلك الخبيثة التي تتعفن حسداً يدخل الرجل القبر والجمل القدر.

وبما أن البعض لا يتردد في إسقاط غيره ولو اضطر لاستعمال أساليب ملتوية، وحتى لا تذبل زهرة جهودكم بمجرد لمسها من قبل أنامل غيور يبث فيها سموم حقده، إليكم في هذا المقال ثلاث قواعد ذهبية في تخطي المكائد الاجتماعية التي قد يحيكها شخص غيور لتدميركم:

الأفعال أعلى صوتاً من الكلمات لذا دعونا نأخذ لمحة عن فعالية تلك القواعد من خلال المثال التالي:

الآنسة ميم مديرة علاقات ناجحة في شركتها، تتميز بطابع عملي وأسلوب مشابه للرجال في طريقتها وملبسها.

ذات يوم وصلتها شكوى عن أحد العملاء الذي يتحرش بإناث الشركة ولنسمه السيد متحرش، وبعدما تأكدت من خلال كاميرات المراقبة أنه يلمس أجساد الموظفات بطريقة غير لائقة أمرت أفراد الأمن بإلقائه خارج الشركة فوراً ومنعه من الدخول إليها.

في اليوم التالي وأثناء حضورها لإحدى احتفالات العمل سعياً خلف المزيد من الصفقات، وجدت السيد متحرش وقد لف نفسه بالكثير من الضمادات المزيفة يشتكي لأصحاب الشركات أن الآنسة ميم من شركة إكس متنمرة قامت بضربه وطرده خارج مقر الشركة بطريقة مهينة لأنها تغار من نجاحه ولم يستطع أخذ حقه بسبب تعنتها، وبما أن ميم مشهورة بالتصرف كالرجال، صدق المدعون الذين تعاطفوا مع دموع السيد متحرش قصته الملفقة على الفور وأعلنوا رفضهم للتعامل مع أو قبول صفقات الشركة إكس إن لم يقوموا بطردها على الفور.

كان مساعد ميم الذي يراقب المشهد عن بعد يرغب في التدخل والشجار مع ذلك الحاقد، لا سيما وأنه لم يسبق وأن قابل أو تعامل مع رئيسته في العمل مباشرة، إلا أن الآنسة ميم منعته قائلة: راقب ما سأفعله وتعلم.

على الفور توجهت آنسة ميم إلى دورة المياه وقامت بفك تسريحة شعرها العملية إلى أخرى رقيقة، ثم وضعت طبقة من مساحيق التجميل تبرز جمالها، وأخيراً خلعت البذلة الرجالية واكتفت بالفستان الذي أظهر تفاصيلها الأنثوية الفاتنة وسرعان ما توجهت للسيد متحرش الذي كان يواصل مسرحيته الكاذبة لتربت على كتفه منبهة: يا إلهي، هل أنت المدير المشهور فلان الفلاني؟ لا أصدق أنني صادفتك في هذا الحفل فأنت مثلي الأعلى ولطالما حلمت بالتواصل معك منذ زمن.

طبعاً لم يصدق السيد متحرش أن فتاة جميلة وشابة معجبة بعجوز مثله، لذا سرعان ما مد يده لمصافحة كفها الأبيض والطري قائلاً: إنه لشرف لي أن تسمع عني شابة بمثل جمالك لكنني لا أذكر أننا تقابلنا من قبل؟ّ!

عندها تظاهرت ميم بالحزن قائلةً: أوه لا، لا تخبرني أنك نسيتني بهذه السرعة.

-بالطبع لا أنا فقط..

-إذاً لن أسلم عليك حتى تقول اسمي أولاً. 

مع الجملة الأخيرة سحبت الآنسة ميم يدها باستياء أنثوي لطيف دفع السيد متحرش إلى ذكر أي اسم يأتي على باله حتى يتدارك الوضع: آمممم… بالطبع أذكر… آنسة سارة، صحيح؟

-حمداً لله، ظننت أنك نسيتني.

هنا تظاهرت ميم بالراحة ومدت يدها أخيراً لتصافحة قائلة: من الآن فصاعداً إياك أن تنسى اسمي مجدداً واحفظه جيداً يا سيد… أنا الآنسة ميم من الشركة إكس.

ما إن نطقت ميم جملتها حتى تعجب رواد الحفل كثيراً، إن كانت ميم قد ضربت ذاك الرجل كما يدعي وأهانته فكيف لم يستطع التعرف عليها منذ قليل؟ ألا يثبت ذلك أنهما لم يتقابلا مطلقاً وبالتالي فقد كان يروج شائعات كاذبة عنها؟

استغلت ميم فرصة انشغال الجمهور بالتفكير وضغطت على كف السيد المتحرش الموجود في قبضتها بقوة حتى كادت تكسرها والذي ما إن بدأ بالصراخ والتلوي على الأرض شاكياً أن ميم همجية وكادت أن تكسر يده بينما تتظاهر بمصافحته أخذ الناس يرمقونه باشمئزاز نظراً لوقاحته في الاستمرار في التمثيل حتى بعد أن كشف أمره والتفوا عوضاً حول الآنسة الرقيقة البريئة ليعتذروا لها ويتعرفوا عليها أكثر.

وما إن استفسر مدير السيد متحرش عن حقيقة سلوك موظفه، أخبرته ميم في ركن منعزل عن تحرشه بموظفاتها وأنها لم ترغب في عمل فضيحة تؤذي شركته لذا شكرها كثيراً ووعدها بأن صفقته التالية ستتم من خلالها كاعتذار وهنا صفق المساعد إعجاباً ببراعة رئيسته التي أتبتت برائتها وفي نفس الوقت ربحت صفقة قيمة للشركة.

لا شك بأنكم منبهرون بذكاء الآنسة ميم وتتمنون لو أنكم تمتلكون ربع بديهتها، ومن موقعي هذا أخبركم أن الأمر ليس صعباً متى اتبعتم القواعد التالية التي اتبعتها ميم في أسلوبها مع مكيدة المتحرش:

1- إياكم والانفعال، تظاهروا دوماً بالهدوء والبراءة:

إن الغيور الحاقد يستمتع كثيراً بالأذى النفسي الذي تسببه مكائده فلا تمنحوه الفرصة للتلذذ بمعاناتكم.

إياكم والانفعال أمامه، دائماً تظاهروا بالهدوء وخذوا نفساً عميقاً حتى يختفي توتركم، فالهدوء لن يمنحكم فقط فرصة للتخطيط، بل يفسد أيضاً الخطة التي وضعها حاسدكم.

في المثال السابق لو أن الآنسة ميم تركت مساعدها يتشاجر مع عدوها المتحرش كان سيكفيه أن يتظاهر بالوقوع على الأرض جراء أي لمسة بسيطة ومن ثم يشكوا إصاباته القديمة ما سيثبت للناس صحة ادعائه ويجعلهم يكرهون ميم أكثر مع أنها بريئة.

تصرفات الخصم الإنفعالية عادة ما تكون محسوبة بدقة في خطة الحاقد بل إنه ينتظر حدوثها حتى تساهم في تقوية حبكة مكيدته، لذلك في المرة القادمة التي يوقعكم فيها حاسد في أحد مكائده، تذكروا أن تبقوا هادئين، ليس فقط من أجل إرباكه، بل وأيضاً لتفكروا في كيفية تطبيق الخطوة الثانية.

2- اكسبوا تعاطف الآخرين من خلال أي موقف إيجابي:

لو لاحظنا سلوك ميم في القصة نجد أنها لم تُكذِّب المتحرش على الفور، بل توجهت لدورة المياه وقامت بتعديل شكلها وتصرفاتها المعتادة إلى أخرى رقيقة ولبقة يستحيل معها تخيل أنها مسترجلة تضرب الرجال وهو سر النجاة الثاني.

الغيور ماكر في تخطيطه كأفعى تبث سموم حقدها إلى أدمغة الآخرين أولاً من خلال فعل أو قول كاذب، ذاك السم يشل عقولهم عن التفكير السليم ويدفعهم لتبني موقف سلبي نحو الضحية فلا يصدقون تبريراتها ولا يأخذون دفاعها عن نفسها بعين الاعتبار، لذا إن أردتم النجاة عليكم منحهم ترياق السم أولاً من خلال الحرص على مظهر بريء، ومن ثم اتخاذ موقف إيجابي بسيط يغير نظرتهم ويجعلهم يتعاطفون معكم.

في المثال السابق لو تدخلت ميم لإنكار علاقتها بالمتحرش دفاعاً عن سمعتها مباشرة بزيها الرجولي وأسلوبها الخشن، كان يكفي السيد متحرش أن يبالغ في تمثيله ويتظاهر بالخوف وهنا ما كان الناس ليصدقوها أبداً، لكن مع تظاهرها بالأنوثة والضعف البريء استطاعت أن تربك خطته دون أن يشعر لتمهد الطريق بسلاسة نحو الخطوة الثالثة.

3- اكشفوا كذب الغيور بطريقة غير مباشرة:

كما قلت انفعالاتكم دائماً محسوبة وتعد جزءاً هاماً لنجاح مكيدة عدوكم، لذا تذكروا أن تتصرفوا دائماً عكس المتوقع حتى تفسدوها، وأهم نقطة ألا تتصرفوا أو تتكلموا مباشرة معلنين أنكم ضحايا كذبته وتشيروا إلى فخه.

كونوا أكثر مكراً منه وتظاهروا بالبراءة والخجل بينما تعرون مخططه البريء أمام عيون الأخرين بشكل غير مباشر، ألقوا لهم طرف خيط الحقيقة ودعوهم يتتبعونه وصولاً إلى المكيدة.

في المثال السابق، لم تتدخل الآنسة ميم قائلة: لا تصدقوه، أنا حتى لم أقابله من قبل  فكيف يعقل أن أضربه؟

ما أسهل أن ينتصر عدوها عليها في تلك الحالة لا سيما وأنه بارع في الكذب، لكن عندما تظاهرت بأنها معجبة به وطلبت منه أن يذكر اسمها الحقيقي ولم يستطع، ألقت القنبلة التي دمرت كذبته في عيون الآخرين دون أثر، واستنتجوا من تلقاء نفسهم من هو الصادق ومن هو الكاذب دون حاجة إلى تبرير شفهي، بل زاد إعجابهم بذكاء الآنسة ميم وعقدوا معها صفقات أكثر.

ربما تخطيط الآنسة ميم معقد قليلاً إلى درجة تظنون معها أنكم لستم أذكياء كفاية للتفكير مثلها بسرعة، لذا إليكم:

مثال آخر يبين سهولة الأمر:

ميا مذيعة جديدة في شركة ترفيه لفتت أنظار القيادات العليا في الشركة بسبب ذكائها وحسن تعاملها مع الظروف، آخر مواقفها المبهرة كان أن نجماً مشهوراً أخطأ الظن بها كعاملة فلم تعترض وتثر مشكلة بل ساعدته حتى عادت المساعدة الحقيقة التي جهزتها له الشركة ليتفاجأ النجم أنها المذيعة التي سيجري معها الحوار.

لقد ذاع صيت ميا يوماً بعد يوم إلى الحد الذي شعر فيه قائد الفريق أنها تهدد منصبه وسريعاً ما ستستولي عليه إن سمح لها بالاستمرار في الشركة لذا خطط لإيقاعها في مشاكل تؤدي لطردها.

أولها كان أن استدعاها بسرعة للحضور إلى استراحة النجم بتكليف من الشركة لمساعدته في التحضيرات وأن تبهره كما في المرة السابقة.

استغربت ميا لأنها تعلم أن ذلك النجم يكره الغرباء والمتطفلين، وسألت قائد الفريق عما إذا كان النجم قد وافق على ذلك حتى لا تحدث مشكلة، لكن قائد الفريق لم يستجب لها وقام بسحبها عوضاً إلى داخل غرفة الاستراحة ثم أغلق الباب.

طبعاً تفاجأ النجم ومساعداه بدخول ميا دون استئذان فأخبرتهم أنها هنا للمساعدة ما جعل المساعدتان تشعران بالغيرة وأخذا ينعتانها بالمتطفلة التي تسعى للتقرب من النجم المشهور دون حياء.

في تلك اللحظة كان قائد الفريق يتصنت خلف الباب منتظراً من ميا أن تنكر الموضوع وتلقي اللوم عليه حتى يتدخل مؤنباً أياها بأنه حذرها من الدخول لغرفة النجم المشهور وألا تستغل منصبها في الشركة لتحصل على توقيعه وأنه سيحرص على عقابها بعد الاعتذار إلى النجم ليدمر بذلك إنجازها السابق.

لكن على النقيض لم ترتبك ميا بل نظرت في الغرفة وعندما لم تجد شخصاً مسئولاً عن تنسيق الملابس اقترحت على النجم أن تساعده في اختيار الزي فوافق لأنها فاجأته بمهارتها المرة السابقة، وبعدما أعجبه الزي أخذ يشكرها مبدياً إعجابه بذوقها ومهاراتها المتعددة.

وهنا تظاهرت ميا بأن عبئاً ثقيلاً زال عن كاهلها قائلةً: حمداً لله، عندما استدعاني قائد الفريق للحضور إلى غرفتك بسرعة ظننت أن مشكلة خطيرة قد حدثت، لحسن الحظ يبدو أن كل شيء على ما يرام.

-ماذا، هل قلتِ أن قائد الفريق سمح لكِ بالدخول إلى الغرفة؟

هنا غضب النجم لأنه نبه على قائد الفريق ألا يسمح لأحد بالدخول إلى الغرفة وما إن فتح الباب ووجده أمامه حتى بدأ بتقريعه بينما استغلت ميا الفرصة للهرب من الجو المشحون.

في هذا المثال يتضح لنا أكثر أن مدبر المكيدة كان متأهباً خلف الباب ينتظر من ضحيته أن تتوتر حتى يكمل خطته، لكن عندما حافظت ميا على هدوئها، واستعادت ثقة النجم باختيار ملابسه لم تفسد خطته فحسب، بل وجهت له ضربة قاضية عندما عبرت بشكل غير مباشر وبكل براءة أن قائد الفريق أوقعها بفخ، فنجت ميا وسقط عدوها في الحفرة التي حفرها لها، فهل صدقتم الآن أنكم قادرون على تخطي أي محنة اجتماعية تحاك لكم ببساطة من خلال القواعد التي ذكرتها لكم؟


اشتري وجبة شاورما لـ شخص 1 من طاقمنا، (ادفع 5 دولار بواسطة Paypal) | لشراء وجبة اضغط هُنا


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة