أصبح جاك ميلانشون المعارض البارز للرئيس إيمانويل ماكرون، والمدافع عن المسلمين والقضية الفلسطينية واحداً من أقوى الرجال في فرنسا، بعد أن تقدمت الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية في الانتخابات الفرنسية وحصلت على أعلى الأصوات.
وتصدر تحالف اليسار، “الجبهة الشعبية الجديدة”، نتائج الاقتراع في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في فرنسا بنحو 182 مقعداً في الجمعية الوطنية دون حصوله على غالبية مطلقة، فيما تراجع حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف للمركز الثالث بعد كتلة الرئيس إيمانويل ماكرون بقيادة “حزب الجمهورية إلى الأمام!” التي حلت في المرتبة الثانية، وذلك بعد تنازلات متبادلة في المقاعد بين الجبهة الشعبية وكتلة ماكرون.
حزب ميلانشون القوة الرئيسية في الجبهة الشعبية
والجبهة الشعبية هو تحالف من أحزاب يسار الوسط واليسار.، لمواجهة صعود اليمين المتطرف بقيادة حزب التجمع الوطني بعد تقدمه في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وتم تشكليها على عجل بعد قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
أكبر مكونات الجبهة الشعبية هو حزب فرنسا الأبية بقيادة زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، وتأسس الحزب عام 2016، كمنظمة يسارية راديكالية شعبية، تعتقد أن الأحزاب التقليدية والمنظمات السياسية لم تعد تخدم الديمقراطية.
وحزب فرنسا الأبية هو الفصيل الأكبر داخل الجبهة الشعبية، حيث لديه الآن 74 نائباً في البرلمان، ولكن الأحزاب الثلاثة الأخرى مجتمعة يفوق عدد مقاعدها حزب فرنسا الأبية، فالحزب الاشتراكي (يسار وسط) لديه 59 نائباً، والخضر 28 نائباً، والشيوعيون تسعة.
ورغم أن الأحزاب الأربعة قالت إنها قدمت تنازلات، فإن برنامج حزب الجبهة الشعبية يتأثر بشدة ببرنامج حزب فرنسا الأبية، بما في ذلك التعهدات التي من شأنها أن تزيد بشكل كبير من الإنفاق العام المرتفع بالفعل في فرنسا.
من أصول إيطالية إسبانية وولد في المغرب
يبلغ عمر جان لوك ميلانشون 72 عاماً، وهو ابن عامل مكتب بريد ومعلمة، وكلاهما من نسل الإسبان والإيطاليين الذين هاجروا إلى الجزائر الفرنسية في مطلع القرن ضمن سياسات التوطين الفرنسية. أما ميلانشون نفسه فقد ولد في طنجة، المغرب عندما كانت منطقة خاضعة لسيطرة دولية، بسبب موقعها الجغرافي الحساس.
وانتقل ميلانشون إلى فرنسا في سن الحادية عشرة، ودرس الفلسفة، وعمل بوظائف مختلفة بما في ذلك عمله كصحفي ومدقق لغوي.
وبدأ حياته السياسية منتمياً إلى التيار التروتسكي المنسوب إلى الزعيم الماركس البازر ليون تروتسكي أحد قادة الثورة الشيوعية الذي اختلف مع الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين حول أمور كثيرة، منها دعوته لنشر الثورة الشيوعية في العالم وعدم الاكتفاء بنجاح تجربتها في الاتحاد السوفياتي، وينظر للتروتسكيين عادة أنهم الأكثر ثورية بين القوى اليسارية والشيوعية.
وبدأ عمله في السياسة كناشط طلابي في حركة مايو 1968، ثم انضم إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي عام 1976 عن عمر يناهز 25 عاماً، وتم انتخابه لمناصب تشريعية إقليمية ووطنية وأوروبية مختلفة، حيث كان مقرباً من الرئيس الفرنسي الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتران.
كان ميلانشون نائباً لرئيس منطقة إيسون، جنوب باريس، من عام 1998 إلى عام 2004، ووزيراً صغيراً في وزارة التعليم من عام 2000 إلى عام 2002. وانفصل عن الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إلى يسار الوسط في عام 2008، قائلاً إنه أصبح صديقاً للأعمال التجارية أكثر من اللازم، وهو يعتقد أن الاشتراكيين في فرنسا، مثل نظرائهم في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، وقعوا تحت استعباد النيوليبرالية.
وفي عام 2016، أسس منظمة France Unbowed (فرنسا الأبية أو فرنسا غير الخاضعة) وفي عام 2022 ترشح للرئاسة للمرة الثالثة.
مشهور بخطبه النارية ويهاجم شرور الرأسمالية وأنقذ اليسار الفرنسي
وجاك ميلانشون، المعروف بخطبه النارية، التي غالبًا ما تكون بدون شاشة تلقين أو ملاحظات مدونة، ويستخدم مزيجًا مميزًا من الفكاهة والغضب، وكثيرًا ما ينتقد الزعيم اليساري المدعوم من الشيوعيين أمام الحشود شرور “الأسواق المتطرفة التي تحول معاناة وبؤس الفقراء إلى ذهب وأموال في أيدي الأغنياء”.
وتميل وسائل الإعلام الغربية إلى وصفه بالراديكالي أو المتطرف وليس الثوري أو التقدمي دون أن تقدم دليلاً عادة على هذا التطرف.
وقد وصف في الماضي فرنسا بأنها دولة “ذات ثروة ضخمة يتم توزيعها بشكل سيئ”، وقال إن “في فرنسا، الدولة صاحبة الاقتصاد السابع في العالم، يعيش تسعة ملايين فقير، وستة ملايين لا يستطيعون إطعام أطفالهم، “لم تكن هذه فرنسا أبدًا.”
وتصفه صحيفة The New York Times الأمريكية بأنه شعبوي جامح على غرار زعيم اليسار التقدمي الأمريكي السيناتور بيرني ساندرز ولكن أسلوبه الخطابي أكثر حدة، ويُنسب إليه الفضل على نطاق واسع في الحفاظ على اليسار في فرنسا وفي ظهوره القوي في الانتخابات الرئاسية عامي 2017، و2022.
حل في المركز الثالث في الرئاسيات، ويعتبر أقوى زعيم يساري غربي ثوري
وفاز ميلانشون، بنسبة غير مسبوقة بلغت 19.5% في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 2017، حيث حل ثالثاً، ووضع مجموعته البرلمانية كمعارض رئيسي لإيمانويل ماكرون. واتهم ماكرون الذي كان يوصف بالوسطي بأنه مؤيد لقطاع الأعمال وتقليص الدولة وتفكيك الخدمات العامة. وفي المقابل، اتهم أعضاء في حزب ماكرون ميلانشون بالشعبوية.
وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2022، جاء ميلانشون في المركز الثالث مجدداً ولكن بنسبة أعلى بلغت 21.95% من الأصوات، بفارق نقطة مئوية واحدة عن مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف (الجبهة الوطنية سابقاً)، التي تقدمت إلى جولة الإعادة النهائية ضد ماكرون.
على النقيض من ذلك، لا يمثل اليسار التقدمي في الولايات المتحدة سوى حوالي 7% من الناخبين المسجلين.
وعلى الرغم من أن أحزاب يسار الوسط شائعة في جميع أنحاء أوروبا الغربية، فمن غير المعتاد أن يحصل أقصى اليسار على هذا القدر الكبير من الأصوات في انتخابات الرئاسة كما فعل ميلانشون في فرنسا.
مما يجعله أقوى زعيم لليسار التقدمي (أو الراديكالي كما يصفه خصومه) في أوروبا.
حزبه يوصف بأنه ثورة المواطنين وهكذا يجذبهم لعالم السياسة
ويوصف حزب فرنسا الأبية أحياناً بأنه “ثورة المواطنين”.
ومنذ نشأة الحزب، هاجم ميلانشون المؤسسات الفرنسية الحاكمة بحدة، وخاصة في وسائل الإعلام وداخل البرلمان. وخلال المسيرات المناهضة لإصلاح معاشات التقاعد في الربيع الماضي، وأصبح نوابه معروفين بتوبيخهم اللاذع لوزراء ماكرون. في إحدى الحوادث، قام أحد ممثلي الحزب بإلصاق دمية لرأس وزير العمل على كرة قدم والتقط صورة له وقدمه فوقها.
~وهذه~ الممارسات ليست مجرد استفزازات. لقد رآها حزب فرنسا الأبية كوسيلة لتعبئة نوع جديد من الشعبية من خلال إشراك الناخبين الذين توقفوا لفترة طويلة عن المشاركة في السياسة، حسب ما ورد في تقرير صحيفة The New York Times.
مثل شانتال موفي، مُنظِّرة الشعبوية اليسارية وصديقة ميلانشون، يعتقد جاك ميلانشون أن الناخبين أصبحوا محبطين بسبب الإجماع النيوليبرالي التكنوقراطي: أولوية الأسواق والقيم الاجتماعية التي تفضل الفردية على الصالح الجماعي. والمقصود من التعبير عن الغضب هو إفساح المجال لتغيير المسار، من خلال تعزيز الدعم بين الطبقة العاملة وجذب الناخبين الذين قد يغريهم اليمين المتطرف.
من أبرز منتقدي إجراءات ماكرون ضد المسلمين ويدعو إلى تأسيس جمهورية جديدة
وهو من أبرز منتقدي إجراءات الرئيس الفرنسي التي تقيد حريات المسلمين الفرنسيين الدينية والتي روجها ماكرون تحت دعوى محاربة الانفصالية الإسلامية.
ويتمتع ميلانشون بسمعة مستحقة كمثقف، حيث كان ينقل الحكايات والتأملات بلغة فرنسية واسعة المعرفة.
وقد دعا ميلانشون إلى تأسيس جمهورية جديدة من شأنها أن تغير الدستور لتحويل السلطة بعيدًا عن الرئيس ونحو الشعب. لقد وصف نفسه بأنه “منبر الشعب”،حيث يستلهم السياسات اليسارية الثورية من عصور سابقة.
واشتهر ميلانشون بتطبيق مواهبه الخطابية لتحدي من هم في السلطة، ودعم المهمشين.
ففي الصيف الماضي عندما اندلعت أعمال شغب في جميع أنحاء البلاد بعد أن قتل ضابط شرطة مراهقاً من أصول عربية مهاجرة هو ناهل مرزوق البالغ من العمر 17 عاماً في سيارته، الأمر الذي أدى إلى اندلاع احتجاجات في جميع أنحاء الضواحي الباريسية، وشهدت نهباً للمتاجر وإشعالاً للنيران في السيارات والمدارس ومجالس البلديات وغيرها من ممتلكات الدولة، الأمر الذي أدى إلى اعتقال الآلاف، دعا ميلانشون على تويتر إلى العدالة.
وبينما أشاد به القادة في الضواحي لاعترافه بالتجربة الحياتية المريرة لناخبيهم، كانت ردّة الفعل ضده في أماكن أخرى شرسة. حيث انتقد من قبل الوسط واليمين بدعوى أنه حتى عندما كانت البلاد تحترق، فإن ميلانشون لم يدعُ إلى الهدوء.
مؤيد للقضية الفلسطينية ورفض تصنيف حماس كحركة إرهابية
وميلانشون مؤيد للقضية الفلسطينية، ورفض حزبه تصنيف الاتحاد الأوروبي لحركة حماس كحركة إرهابية.
وبعد هجمات حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر / تشرين الأول، نظم السياسيون الفرنسيون مسيرة ضد معاداة السامية.
وحضر الحفل جميع الشخصيات السياسية الرئيسية في فرنسا تقريبًا، بما في ذلك زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان. ولكن غاب ميلانشون عن ذلك. وقال في وقت لاحق إن ذلك كان بسبب وجود اليمين المتطرف في المظاهرة.
ووصف المشاركون في المظاهرة بأنهم “أصدقاء الدعم غير المشروط لمذبحة غزة”. وبمجرد بدء القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، انضم ميلانشون إلى المسيرات المطالبة بوقف إطلاق النار، ونشر صورًا من القطاع. ثم غرّد قائلاً إن رئيسة البرلمان، يائيل براون بيفيت، وهي يهودية وكانت في إسرائيل في زيارة لتقصي الحقائق، كانت “تخيم” في تل أبيب “للتشجيع على ارتكاب مذبحة”.
وهاجمت الصحافة الفرنسية، بما في ذلك المنافذ ذات الميول اليسارية، تصريحات ميلانشون، ووصفتها بأنها معادية للسامية، في حين أشاد مذيعو الأخبار في القنوات الوسطية أو الرئيسية برد لوبان، مما خلق بيئة إعلامية تم فيها تصوير اليسار باعتباره أكثر خطورة على البلاد من اليمين المتطرف.
وقال ميلانشون لاحقاً إن تصريحاته لم تكن معادية للسامية لأن ما اعترض عليه كان الطبيعة غير المشروطة لدعم براون بيفيت لإسرائيل.
وبعد تصريحات ميلانشون حول “تخييم يائيل براون بيفيت” في تل أبيب “للتشجيع على المذبحة”، بدا الأمر وكأن التحالف اليساري السابق قد وصل إلى نقطة الانهيار. وصوت الحزب الاشتراكي لصالح الانسحاب منه.
ويتهم ميلانشون من قبل نقاده بأنه يقلل من معاداة السامية في فرنسا من خلال وصفها بأنها “مجرد بقايا”، وهو ما ينفيه تماماً.
دعا للتفكير في مغادرة الاتحاد الأوروبي وكان يوصف بأنه مقرب لروسيا
خلال انتخابات عام 2017، دعا ميلانشون إلى أن تفكر فرنسا في مغادرة الاتحاد الأوروبي، وهو نفس موقف اليمين المتطرف، والمفارقة أنه في القضايا الاقتصادية يتشابه موقف اليمين المتطرف وحزب فرنسا الأبية ولكنهم يختلفان في القضايا السياسية والثقافية والحقوقية وخاصة مسألة الهجرة.
وقال ميلانشون، الذي دافع عن تصويت فرنسا بـ “لا” في استفتاء عام 2005 على الدستور الأوروبي والذي يصر على إعادة التفاوض بشكل كامل على ما يعتبره معاهدات الاتحاد الأوروبي النيوليبرالية الخطيرة، إنه كان يراقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عن كثب.
وأضاف “إن أوروبا بأكملها مستعبدة وهناك رغبة في طرد النخبة السياسية الحاكمة”، ولقد شعر أن تصويت المملكة المتحدة لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان تعبيرًا عن ذلك.
وهو مشهور بموقفه المناهض للولايات المتحدة، وحلف الناتو وما يوصف بـ “رهاب أوروبا”، وتصريحاته المتكررة المطالبة بالتفاهم مع موسكو، ولكن ذلك قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
يستبعد الاتفاق مع ماكرون، وهل يصبح رئيس وزراء فرنسا القادم؟
وقال جان لوك ميلانشون لأنصاره يوم الأحد الماضي إنه سيرفض الدخول في اتفاق مع ماكرون. لكن حليفه الزعيم الاشتراكي أوليفييه فور تبنى لهجة أكثر تصالحية، قائلاً إن مهمة الحزب هي “إيجاد طريق” للاستجابة للاحتياجات ومطالب الشعب الفرنسي.
وكان زعيم حزب فرنسا الأبية، قد وعد بشغل مقعد خلفي في الجبهة الشعبية، لكن بعد فوز الجبهة، طالب بأن يأتي رئيس الوزراء الفرنسي القادم منها وأن ينفذ “بيان الجبهة فقط”.
وأعلن أن الجبهة الشعبية لن تقبل “الائتلافات” وسترفض التفاوض مع المجموعات الأخرى، علماً بأنها لم تحصل على الأغلبية المطلقة.
حتى أنه ألمح إلى أنه يرغب في تولي المنصب بنفسه، ولكن وسائل الإعلام الغربية تعتبر ذلك أمراً صعباً، حيث يزعم منتقدوه إن تحالف اليسار السابق قد انهار بسبب شخصية ميلانشون الاستبدادية المشاكسة ومواقفه المتطرفة على نحو متزايد، وكذلك بسبب الخلافات السياسية العميقة فيما يتصل بدعم أوكرانيا، والحرب في غزة.
ويزعم منافسوه اليساريون مثل المنشقين عن حزبه وأصبحوا الآن نوابًا يساريين مستقلين، مثل كليمنتين أوتان وفرانسوا روفين، باعتباره “عقبة” أمام اليسار، ولكن في الواقع، كما تقول صحيفة نيويورك تايمز فإنه حافظ على وجود اليسار في فرنسا بعد التراجع الهائل للحزب الاشتراكي.
وسارعت وزيرة التعليم الفرنسية نيكول بيلوبيه إلى الإشارة إلى أنه على الرغم من كل ادعاءات ميلانشون بحق حزبه في الحكم، فإن الجبهة الشعبية الجديدة ليس لديها العدد الكافي من المشرعين للسيطرة على البرلمان.
يحظى بتأييد المثقفين وأبناء المهاجرين، ووعوده الانتخابية تثير مخاوف الأسواق
الناخبون الحضريون أصبحوا أقوى كتلة داعمة لميلانشون، كما تضم دائرته الانتخابية أيضاً اليسار الأكاديمي والناشط، الذي يهيمن على الرسائل التي تحركها وسائل التواصل الاجتماعي، حسب وصف صحيفة The New York Times.
كما يُعتقد أن مسلمي فرنسا أصبحوا يدعمونه بنسبة كبيرة بعد أن تنصّل الرئيس إيمانويل ماكرون الذي حصل على أصواتهم في انتخابات 2017 من وعوده لهم وتحولوا لهدف مفضل له.
وتلعب أجندة حزب فرنسا الأبية دوراً كبيراً في برنامج الجبهة الشعبية الانتخابي، وهو يَعِد بعكس التغييرات المثيرة للجدل التي أدخلها إيمانويل ماكرون على معاشات التقاعد، وإعادة سن التقاعد إلى مستواه قبل عام 2010 وهو 60 عامًا بدلاً من 64 في الوقت الحالي؛ ورفع أجور القطاع العام؛ وربط الرواتب بالتضخم؛ وتعزيز مزايا الإسكان والشباب؛ وخفض ضريبة الدخل والضمان الاجتماعي لأصحاب الدخل المنخفض؛ وفرض ضريبة الثروة على الأغنياء.
ويهدف برنامج الجبهة أيضاً إلى رفع الحد الأدنى للأجور، وتمويل 500 ألف مكان لرعاية الأطفال، ووضع حدود لأسعار المواد الغذائية والكهرباء والغاز والبنزين، وتعزيز التدابير الخضراء – بما في ذلك التشريع لحياد الكربون بحلول عام 2050 – وإصلاح السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي.
ولكن التكلفة المرتفعة لهذه الإصلاحات تقلق أسواق المال والشركات الفرنسية في ظل ارتفاع عجز موازنة البلاد أصلاً.
وتشير تقديرات معهد مونتين إلى أن تعهدات الحملة الانتخابية للجبهة الشعبية الجديدة سوف تتطلب ما يقرب من 179 مليار يورو (194 مليار دولار) من الأموال الإضافية سنويًا، حسبما ورد في تقرير وكالة Bloomberg الأمريكية.
الجبهة الشعبية تتعهد بوقف فوري لوقف إطلاق النار بغزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية
وفي الشؤون الخارجية، جعل حزب “فرنسا الأبية” من إدانة العدوان على غزة أحد محاور حملته الانتخابية الأوروبية.
وفي إبريل / نيسان الماضي، ألغت جامعة ليل في شمال فرنسا مؤتمرًا تضامنيًا مع فلسطين لجان لوك ميلانشون والناشطة الفرنسية الفلسطينية ريما حسن للتنديد بالحرب على غزة، وذلك بناءً على طلب عدد من قادة اليمين.
وقال زعيم حزب فرنسا الأبية، بعد تقدم الجبهة الشعبية: “علينا الاعتراف بدولة فلسطين لأنه من بين الوسائل المتاحة لنا للضغط”.
من جانبها، قالت الجبهة الشعبية إنها ستطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، و”وقف حرب موسكو العدوانية” في أوكرانيا، ومواصلة إمداد كييف بالأسلحة و”الدفاع بلا كلل عن سيادة وحرية الشعب الأوكراني”.