تعدّ ذكرى عاشوراء واحدة من أهم المناسبات الدينية في التاريخ الإسلامي، حيث تحمل في طياتها معانٍ عميقة من التضحية والفداء والوقوف في وجه الظلم.
ففي مثل هذا اليوم من العاشر من محرم سنة 61 هـ (10 أكتوبر 680 م)، استشهد الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في معركة كربلاء، ليتحول إلى رمز خالد للحق والعدل.
وتعود مكانة الإمام الحسين عند المسلمين إلى دوره البطولي في الوقوف ضد الحكم الأموي الظالم بقيادة يزيد بن معاوية. رفض الإمام الحسين مبايعة يزيد، وسعى لإصلاح الأمة الإسلامية واستعادة قيم العدالة والحرية، ويعكس استشهاده في كربلاء برفقة أهل بيته وأصحابه يعكس أسمى معاني التضحية في سبيل المبادئ والقيم النبيلة.
متى وقعت معركة كربلاء ولماذا سميت بهذا الإسم؟
وقعت معركة كربلاء على ثلاثة أيام وختمت فى 10 محرم سنة 61 للهجرة والذى يوافق 12 أكتوبر 680م وفقاً لموسوعة BRITANNICA.
وسميت معركة كربلاء بهذا الاسم نسبة إلى الموقع الجغرافي الذي وقعت فيه المعركة، وهو مدينة كربلاء في العراق. تقع كربلاء على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوب غرب العاصمة بغداد.
كانت مدينة كربلاء في ذلك الوقت تُعرف بأرض الطف، وتحتوي على عدة قرى وبساتين. مع مرور الزمن، أصبحت كربلاء مدينة معروفة بمكانتها الدينية، خاصة بعد دفن الإمام الحسين وأصحابه فيها. ويعود اسم “كربلاء” إلى اللغة السومرية القديمة، ويُعتقد أن معناه “قرب الآلهة” أو “المكان المقدس”.
اليوم، تُعتبر كربلاء واحدة من أهم المدن المقدسة لدى المسلمين، حيث يُقام فيها العديد من الفعاليات الدينية، خاصة في ذكرى عاشوراء وزيارة الأربعين التي تُقام في الذكرى الأربعينية لاستشهاد الإمام الحسين بن علي، وأصحابه وأهل بيته في معركة كربلاء. تقع هذه الذكرى في يوم الأربعين، أي 40 يوماً بعد يوم عاشوراء.
ما سبب وقوع معركة كربلاء؟
الخلافة والشرعية
بعد وفاة النبي محمد، حدث خلاف حول من ينبغي أن يكون خليفته. بينما كانت هناك جماعات تؤيد خلافة علي بن أبي طالب، تولى الخلافة أبو بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان، وبعد ذلك علي بن أبي طالب. ومع وفاة علي وتولي ابنه الحسن ثم تنازله عن الخلافة، تولى معاوية بن أبي سفيان الحكم وأسس الدولة الأموية.
ولاية العهد ليزيد
بعد وفاة معاوية، تولى ابنه يزيد بن معاوية الحكم، وهو الأمر الذي أثار اعتراض العديد من المسلمين الذين كانوا يرون أن الخلافة يجب أن تكون في نسل علي بن أبي طالب.
دعوة أهل الكوفة
دعا أهل الكوفة الحسين بن علي، حفيد النبي محمد وابن علي بن أبي طالب، ليقودهم في ثورة ضد يزيد ويعيد الخلافة إلى أهل البيت.
قرار الحسين
قرر الحسين الاستجابة لدعوة أهل الكوفة وسار بموكبه نحوها. لكنه واجه جيشاً أموياً بقيادة عمر بن سعد في كربلاء.
غير أنّ الأمويون كانوا مصممين على إنهاء أي معارضة لحكم يزيد، وأصروا على أن يبايع الحسين يزيد، وهو ما رفضه الحسين.
قدسية الإمام الحسين بن علي عند المسلمين
ويتمتع الإمام الحسين بن علي بقدسية كبيرة في التاريخ الإسلامي، وتُعتبر شخصيته محورية لدى المسلمين لعدة أسباب دينية وتاريخية:
- حفيد النبي محمد
الإمام الحسين هو ابن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء، بنت النبي محمد. بصفته حفيد النبي، يتمتع الحسين بمكانة خاصة في قلوب المسلمين.
- التضحية والفداء
قصة استشهاد الإمام الحسين في معركة كربلاء تعد رمزاً للتضحية في سبيل الحق والعدالة. وقوفه ضد الظلم والاستبداد يراه المسلمون نموذجاً للأخلاق الإسلامية العليا.
- القيادة والإصلاح
كان الإمام الحسين يسعى للإصلاح في الأمة الإسلامية ورفض بيعة يزيد بن معاوية، الذي رأى فيه حاكما غير عادل. يعتبر المسلمون أن موقف الحسين يمثل الوقوف مع الحق والإصلاح مهما كانت التضحيات.
- الذكرى والاحتفاء
يُحتفل بذكرى استشهاد الإمام الحسين كل عام في يوم عاشوراء، وهو العاشر من محرم. تقام مراسم الحزن والعزاء في هذا اليوم، وخاصة لدى المسلمين الشيعة، حيث يحيون ذكرى استشهاده من خلال المجالس الحسينية والمسيرات والمناسك المختلفة.
- الزيارة والمرقد
مرقد الإمام الحسين في كربلاء يُعتبر من أقدس الأماكن لدى المسلمين. يزوره الملايين سنويا للتعبير عن حبهم وولائهم للإمام، ولاسيما خلال زيارة الأربعين التي تُعد من أكبر التجمعات الدينية في العالم.
- رمز للمظلومين
يُعتبر الإمام الحسين رمزا للمظلومين والمضطهدين في كل زمان ومكان. قصته تُلهم الكثيرين للوقوف ضد الظلم والفساد والمطالبة بالعدالة.
وهذه نبذة من فضائل الحسن والحسين التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى الترمذي وحسنه من حديث أسامة بن زيد قال: طرقت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما.
وفي الترمذي أيضاً من حديث بريدة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه.
الشرارة الأولى للمعركة وكيف أدت لمقتل الحسين
انطلقت الشرارة الأولى لمعركة كربلاء عندما استلم يزيد بن معاوية خلافة المسلمين، وحاول البحث عن طريقة تمنحه صفة شرعية في الخلافة.
أرسل يزيد إلى الحسين بن علي يطلب منه أن يبايعه، لكن الحسين رفض وغادر المدينة المنورة سراً إلى مكّة المكرّمة واعتصم بها. عندما وصلت أنباء اعتصام الحسين في مكة إلى الكوفة، قامت بعض الحركات المؤيدة لاعتصامه.
ووقعت أحداث معركة كربلاء في العاشر من محرم سنة 61 هـ (10 أكتوبر 680 م) وتميزت الأحداث بالتفاصيل التالية:
وصول الحسين إلى كربلاء: الحسين بن علي وأهل بيته وأنصاره وصلوا إلى كربلاء في 2 محرم 61 هـ، بعدما كانوا في طريقهم للكوفة، استجابةً لدعوة أهل الكوفة للثورة ضد يزيد بن معاوية.
تحركات الجيش الأموي: قطع جيش بقيادة عمر بن سعد الطريق على الحسين ومنع وصوله إلى الكوفة. حُوصر الحسين وأتباعه في كربلاء ومنع عنهم الماء.
حاول الحسين التفاوض مع عمر بن سعد لتجنب القتال، لكن المفاوضات لم تنجح بسبب إصرار الجيش الأموي على بيعة الحسين ليزيد أو القتال.
بداية المعركة: في صباح يوم عاشوراء، بدأ القتال بين الجيش الأموي وجيش الحسين الصغير. كان عدد أنصار الحسين قليلًا جدا مقارنةً بالجيش الأموي الكبير. أبدى أنصار الحسين وأهل بيته شجاعة كبيرة في القتال رغم قلة عددهم، وكانوا يسقطون واحدا تلو الآخر وهم يدافعون عن قضيتهم.
من قتل الإمام الحسين فى المعركة؟
قُتل الإمام الحسين بن علي في معركة كربلاء على يد الجيش الأموي بقيادة عمر بن سعد، بأمر من عبيد الله بن زياد والي الكوفة. يعتبر الشمر بن ذي الجوشن هو الشخص الذي يُنسب إليه قتل الحسين بشكل مباشر، حيث قام بقطع رأسه بعد أن تم إنهاؤه وقتله في ساحة المعركة.
وبحسب موقع WORLDHISTORY أنه على الرغم من إصابة الحسين بجروح بالغة، بعد أن أطلق سهما مباشرا على فمه وضربة قوية على رأسه، إلا أنه حارب مهاجميه حتى قُطع رأسه أخيراً.
انتهت المعركة، حيث كان حوالي 70 رجلا من جانب الحسين ملقى على الأرض بلا حياة، وتم قطع رؤوس جميع أجسادهم وإرسال رؤوسهم إلى دمشق.
سُرقت ممتلكات الحسين، ونهب معسكره، وسجن نساء وأطفال عائلته (لتقديمهم أمام يزيد. ولم ينجو من المعركة سوى ابن الحسين الوحيد الباقي، علي زين العابدين (ت 659-713 م)، الذي لم يشارك في الغزوة بسبب مرضه، لكن الخسارة التي لحقت ببيت علي كانت لا يمكن تعويضها.