غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

الموسوعة

أرض الصومال.. موقع إستراتيجي في القرن الأفريقي

نتائج الثانوية العامة

أرض الصومال أو "صومالي لاند" إقليم يقع في شمال غرب الصومال. تبلغ مساحته قرابة 176 ألف و119 كليومترا مربعا، ويبلغ عدد سكانه، حسب إحصاءات غير رسمية، قرابة خمسة ملايين نسمة أغلبهم مسلمون، ويطلق الإقليم على نفسه اسم "جمهورية" ويسعى لأن يكون الدولة الأفريقية الـ55 التي تعترف بها الأمم المتحدة.

ولتحقيق تلك الغاية يراهن إقليم أرض الصومال على اعتراف دولة إثيوبيا، التي وقعت معه "مذكرة تفاهم" بتاريخ 01 كانون الثاني/يناير2024 تنال بموجبها إثيوبيا حق استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومترا من أراضيها لمدة 50 عاما، عبر اتفاقية "إيجار". وهي خطوة رفضتها دولة الصومال والعديد من الدول والمنظمات الدولية.

الموقع والجغرافيا

يقع إقليم أرض الصومال في القرن الأفريقي شمال غرب دولة الصومال، تبلغ مساحته 176 ألفا و119 كيلومترا مربعا، تحده من الجنوب والغرب دولة إثيوبيا، ومن الشمال الغربي دولة جيبوتي، ومن الشمال خليج عدن، ومن الشرق إقليم بونتلاند.

تقع أرض الصومال في موقع إستراتيجي على الشاطئ الجنوبي لخليج عدن، وعلى أحد أكثر طرق التجارة ازدحاما في العالم، عند مدخل مضيق باب المندب المؤدي إلى البحر الأحمر وقناة السويس.

ولها ساحل طويل على خليج عدن يمتد بطول 740 كيلومترا. ويسمح تموقعها شمال خط الاستواء بمرور الشمس بها عموديا مرتين في السنة، وتشتهر بسلاسلها الجبلية التي يصل ارتفاع بعضها إلى 7 آلاف قدم.

أرض الصومال.. موقع إستراتيجي في القرن الأفريقي

العاصمة

عاصمة إقليم أرض الصومال هي مدينة هرغيسا، أكبر مدينة في الإقليم، ويقدَّر عدد سكانها بنحو 650 ألف نسمة حسب إحصاءات غير رسمية.

أسسها الشيخ مدار، أحد قادة الطريقة القادرية بعد استقراره بها سنة 1860، وتقع على مفترق طرق على طريق القوافل المؤدي من إقليم أوغادين إلى الموانئ على ساحل خليج عدن، وكانت مقرا للإدارة البريطانية في عام 1942.

التقسيم الإداري

تتكون أرض الصومال من 6 مناطق إدارية، وهي: ووكوي جالبيد وتجدير وسول وسناج وأودال وساحل.

أبرز مدن أرض الصومال

  • بورما: واحدة من أكبر المدن، ومركز زراعي وعلمي مهم.
  • برعو: ثاني أكبر المدن، وتعد مركزا تجاريا رئيسيا.
  • بربرة: الميناء الرئيسي للجمهورية.
  • لاسعانود: عاصمة محافظة سول.
  • زيلع: بها ميناء تاريخي، وكانت عاصمة لإمارة "عدل"
  • عيرقابو: عاصمة محافظة سناج.

اللغة الرئيسية:

اللغة المستخدمة في أرض الصومال هي الصومالية، كما أن اللغة الإنجليزية والعربية منتشرتان.

العملة الوطنية:

شلن أرض الصومال.

السكان

يبلغ عدد سكان أرض الصومال 4 ملايين و979 ألف و218 نسمة (سنة 2018) وفق موقع "بوبيليشن داتا"، وتنتشر الأمية بينهم بنسبة تبلغ 52% وفق الموقع ذاته.

ويدين سكان الإقليم بالإسلام، وغالبيتهم على المذهب السني الشافعي، وتشكل قبيلة الإسحاق غالبية السكان.

تهيمن ثلاث عائلات عشائرية رئيسية على التركيبة السكانية، وهي إسحاق وتمثل 66%، ودارود/هارتي بما في ذلك وارسنجيلي ودولبهانت وتمثل 19%، والدير بما في ذلك عيسى وجادبورسي وتمثل 15%.

ينتمي غالبية السكان إلى العرق الصومالي، ونحو 55% منهم من البدو الرُّحّل أو شبه الرُّحل وسكان البادية، بينما يعيش 45% في المناطق الحضرية وخاصة هرغيسا.

تنتمي الغالبية العظمى من الصوماليين إلى إحدى الطرق الصوفية الرئيسية: الأحمدية، الدندراوية، القادرية، الرفاعية، الصالحية.

ويعاني معظم السكان من تأثيرات المجاعة، إذ حذرت منظمة الصحة العالمية في أغسطس/آب 2022 من أن منطقة القرن الأفريقي الكبرى تشهد واحدة من أسوأ المجاعات خلال الأعوام السبعين الماضية.

أبرز المعالم

تزخر مناطق أرض الصومال بالمعالم التاريخية، لكنها تواجه الإهمال والضياع، ومنها:

  • مدينة بربرة: من المدن الصومالية العتيقة وشهدت حركة تجارية مزدهرة امتدت إلى مصر القديمة وفينيقيا والمدن الإغريقية والرومانية، وقد أصبحت فيما بعد أهم ميناء في عهد سلطنتي عفت وعدل بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر الميلاديين.
  • زيلع: من أقدم المدن الصومالية، كانت مرفأ تجاريا في القرن الأول الميلادي، ومن ثم أصبحت مركزا هاما في القرن العاشر الميلادي خلال عهد سلطنة عدل.
  • عمود: هي مدينة أثرية تقع شمال غرب إقليم عدل في أرض الصومال. ازدهرت المدينة خلال العصر الذهبي لسلطنة عدل في القرن الخامس عشر الميلادي.
  • قلعة دوبار: هي عبارة عن حصن دفاعي بُني خلال العهد العثماني ويقع في مدينة دوبار.
  • قعابلة أو قعبلة: موقع أثري يقع في منطقة سناج. يضم الموقع العديد من الأبنية الأثرية والقبور القديمة.
  • هيلان: قرية قديمة تقع في منطقة سناج. تضم العديد من المباني والبقايا الأثرية، من أهمها مقام الشيخ دارود، عبد الرحمن بن إسماعيل الجبرتي.
  • كهف لاس غيل: كهف يعود لعصور ما قبل التاريخ ويقع في المناطق الريفية القريبة من هرغيسا. يضم مجموعة من الرسوم الصخرية التي تعود للفترة ما بين 9000 و3000 قبل الميلاد.
  • ميط: مدينة وميناء تاريخي يقع في منطقة سناج. تضم المدينة مقام وقبر الشيخ إسحاق بن أحمد بن محمد الهاشمي، وهو عالم عاش في العهد العباسي.
أرض الصومال.. موقع إستراتيجي في القرن الأفريقي

التاريخ

أدى التقسيم الاستعماري في نهاية القرن الـ19 إلى تجزئة الصومال إلى مناطق إشراف إيطالي وإنجليزي وفرنسي وإثيوبي. وسيطر البريطانيون على المنطقة الساحلية. وفي أعقاب هذا التقسيم الإقليمي، أصبحت هرر وأوغادين تحت الولاية الإثيوبية.

بعد احتلال إيطالي قصير للصومال في بداية الحرب العالمية الثانية، عادت بريطانيا وسيطرت على البلاد كلها.

حصلت الصومال على الاستقلال في 26 يونيو/حزيران 1960 وبعد 4 أيام، في الأول من يوليو/تموز 1960، انضمت الأراضي البريطانية السابقة إلى الجنوب (الصومال الإيطالي السابق) لتشكيل الصومال الموحد.

وأدت التطورات السياسية في دولتي الصومال وإثيوبيا والحرب بينهما إلى تغذية النزعة الانفصالية في إقليم أرض الصومال.

ففي يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1969، استولى محمد سياد بري على الحكم في الصومال من خلال انقلاب عسكري، فحل البرلمان والمحكمة العليا وعلق الدستور، واعتقل أعضاء الحكومة المدنية ومنع الأحزاب.

وفي 12 سبتمبر/أيلول 1974 نجح الانقلاب العسكري في إثيوبيا في إنهاء حكم الإمبراطور هيلا سيلاسي وتشكيل الحكومة العسكرية.

كانت حالة عدم الاستقرار داخل إثيوبيا بعد الانقلاب العسكري فرصة استغلها سياد بري لشن هجوم عسكري على منطقة أوغادين، التي تديرها الصومال، لتدخل الدولتان واحدة من أكثر الحروب دموية بين الدول الأفريقية، والمعروفة باسم حرب أوغادين.

شكل انتصار إثيوبيا نقطة تحول حقيقية أجبرت الصوماليين على التخلي عن مطالبهم في أوغادين. ولم تستغرق "السياسات العشائرية" وقتا طويلا حتى عادت إلى الظهور.

وفي هذا السياق تبنت الحركة الوطنية الصومالية -التي تأسست من انشقاق "إيساك" عام 1981- العمل المسلح. وبعد 7 سنوات، سوّت إثيوبيا والصومال النزاع الناشئ بينهما عن حرب أوغادين، مما اضطر الحركة الوطنية الصومالية إلى العودة إلى الصومال والقيام بعمليات عسكرية.

أرض الصومال.. موقع إستراتيجي في القرن الأفريقي

بعد فشل سياد بري في وقف حركات التمرد القبيلة في الصومال، أُطيح به في يناير/كانون الثاني 1991، فلجأ إلى كينيا ثم نيجيريا.

انتهزت أرض الصومال هذه الظرفية فأعلنت ما سمته "استقلالها" يوم 18 مايو/أيار 1991، أي بعد نحو ثلاثة أشهر من انهيار الحكم المركزي في الصومال. وشُكِّلت حكومة مؤقتة لمدة عامين في العاصمة هرغيسا بقيادة الحركة الوطنية الصومالية. وانتخب عبد الرحمن أحمد علي طور رئيسا لـ"جمهورية أرض الصومال".

اندلعت الاشتباكات بين فصائل مسلحة في عامي 1992 و1993 في مدينتي بوركو وبربرة في وسط وشمال أرض الصومال، ثم وقعت اتفاق سلام وميثاقا وطنيا في المؤتمر الوطني الكبير الثاني في بوراما بمنطقة جادابورسي، في النصف الأول من عام 1993. وكان الميثاق بمنزلة "دستور مؤقت" لأرض الصومال.

الاقتصاد

يعتمد اقتصاد أرض الصومال على 3 ركائز: صادرات الماشية، وتحويلات أموال المغتربين، وإعادة تصدير بعض السلع المصنعة.

وتمثل أرض الصومال ما يشبه "مستودعا" لإعادة توزيع السلع المصنعة بشكل قانوني أو غير قانوني في المنطقة. وقد أدت التجارة والتهريب إلى إنشاء شركات نشطة للغاية ضمن شبكة من العلاقات التجارية العابرة للحدود.

من جهة أخرى أدت التجارة مع إثيوبيا إلى إعادة تنشيط ميناء بربرة والنقل البري. وكان التطور الأكثر وضوحا هو أن الصراع بين إريتريا وإثيوبيا جعل الأخيرة تعتمد بشكل شبه حصري على ميناء جيبوتي.

التحويلات المالية من الشتات

إضافة إلى تصدير الماشية، يعتمد اقتصاد أرض الصومال في المقام الأول على التحويلات المالية من أبناء المنطقة المهاجرين، ومن تجارة البضائع المهربة بين دول الخليج وإثيوبيا وكينيا، وبدرجة أقل المساعدات الدولية.

وتتركز الاستثمارات على أنشطة البناء والأنشطة التجارية، في حين يمارس المهاجرون العائدون العديد من الأنشطة في المجال التقني، مثل: الاتصالات السلكية واللاسلكية، وتكنولوجيا المعلومات وغيرها.

ومن ثم فإن المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية هو تحويلات المغتربين التي تصل، حسب بعض التقديرات، ما بين 200 إلى 500 مليون دولار سنويا، في حين لا تدر صادرات الماشية سوى 180 مليون دولار كحد أقصى.

تجارة غير قانونية

وتتعلق تجارة البضائع المهربة نحو إثيوبيا بالسلع الاستهلاكية التي تدخل البلاد، إضافة إلى الماشية والقهوة والقات.

وهكذا فإن أرض الصومال وجيبوتي على الرغم من عدم وجود أشجار البن ولا عدد كاف من الماشية على أراضيهما، يتم تصنيفهما رسميا ضمن مصدري هذه المنتجات التي تعبر الحدود الإثيوبية بطرق احتيالية.

مذكرة التفاهم مع إثيوبيا

بتاريخ 01 يناير/كانون الثاني 2024 وقعت أرض الصومال، في أديس أبابا، "مذكرة تفاهم" مع إثيوبيا تمنح هذه الأخيرة حق استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومترا حول ميناء بربرة على خليج عدن، تتيح لها إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر، لمدة 50 عاما، بعقد إيجار، لأغراضها البحرية والتجارية. مقابل اعتراف رسمي بما تسميه "دولة أرض الصومال".

ومنذ استقلال إريتريا عن إثيوبيا في سبتمبر/أيلول 1952، فقدت إثيوبيا منفذها على البحر الأحمر، ولم يعد لها أي مجال بحري.

وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن الحصول على منفذ بحري قضية حياة أو موت لبلاده، ملمحا إلى أنها ستحصل على هذا الحق بالقوة أو بغيرها. وفي نوفمبر 2023 اعتبر آبي أحمد، في خطاب مطول، أن الإطلالة على البحر الأحمر "تحدٍّ وجودي" بالنسبة لبلاده التي يصل عدد سكانها إلى 150 مليون نسمة، وأنها لا يمكن أن تبقى في "سجن جغرافي".

وجاءت مذكرة التفاهم الموقّعة بين إثيوبيا وأرض الصومال بتاريخ 1 كانون الثاني/يناير2024 في سياق هذا الطموح الثابت في إيجاد منفذ إلى البحر الأحمر.

الموقف الدولي من الاتفاق

أثار الاتفاق ردود فعل دولية رافضة، كان على رأسها إعلان الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، مساء السبت 6 يناير/كانون الثاني 2024، على منصة إكس، أنه وقع قانونا "يلغي مذكرة التفاهم غير القانونية بين حكومة إثيوبيا وأرض الصومال"، وأضاف أن "هذا القانون دليل على التزامنا بصون وحدتنا وسيادتنا وسلامتنا الإقليمية وفقا للقانون الدولي".

من جهة أخرى دعت كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومصر وتركيا، في مواقف مستقلة، إلى احترام سيادة الصومال.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة