جورج ويا، الاسم الذي يتردد في أروقة كرة القدم العالمية والسياسة الليبيرية، يمثل قصة نجاح فريدة من نوعها.. من ملاعب كرة القدم الخضراء إلى كرسي الرئاسة في ليبيريا، تمتد رحلة ويا المذهلة.
مسيرة جورج ويا الكروية
وُلد جورج ويا في 1 أكتوبر 1966 في مونروفيا، ليبيريا.
جورج ويا، الأسطورة الكروية التي أضاءت سماء كرة القدم العالمية بمهاراتها الفريدة وأهدافها الخلابة، يعتبر واحداً من أبرز اللاعبين في تاريخ اللعبة. بدأ ويا مسيرته الكروية في ليبيريا قبل أن ينطلق إلى العالمية؛ حيث لعب لأندية أوروبية عريقة مثل موناكو وباريس سان جيرمان في فرنسا، وإيه سي ميلان في إيطاليا. خلال فترة تألقه في التسعينيات، كان ويا معروفاً بسرعته الفائقة، وقوته البدنية، وقدرته الاستثنائية على التسجيل، مما جعله خصماً لا يُستهان به على أرض الملعب.
في عام 1995، وصل ويا إلى ذروة مسيرته الكروية، عندما تُوّج بجائزة الكرة الذهبية، معترفاً به كأفضل لاعب كرة قدم في العالم، وهو إنجاز لم يسبق للاعب أفريقي أن حققه، كما فاز بجائزة أفضل لاعب في العالم من “الفيفا”، وأفضل لاعب أفريقي، مما يعكس مدى تأثيره وهيمنته في عالم كرة القدم. كانت فترة لعبه في إيه سي ميلان، حيث ساهم في فوز الفريق بالعديد من الألقاب، بما في ذلك الدوري الإيطالي، هي الأكثر تميزاً في مسيرته. أظهر ويا خلال هذه الفترة مهارات استثنائية، من خلال تسجيل الأهداف الحاسمة والمساهمة الفعالة في بناء الهجمات، مما جعله أحد أبرز الأسماء في تاريخ النادي والدوري الإيطالي.
لم يكن ويا لاعباً متميزاً فقط، بل كان أيضاً مصدر إلهام للعديد من الشباب في أفريقيا وحول العالم. لقد كان رمزاً للإمكانيات اللامحدودة التي يمكن للاعبين الأفارقة تحقيقها، وساهم في تغيير النظرة العالمية لكرة القدم الأفريقية. مسيرته الكروية، المليئة بالإنجازات والألقاب، تظل شاهدة على موهبته الفذة وشغفه العميق باللعبة.
قال ويا ذات مرة: “كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي وسيلة لتحقيق الأحلام وتوحيد الشعوب”. وقد وصفه بيليه، أسطورة كرة القدم، بأنه “موهبة استثنائية وسفير حقيقي لكرة القدم الأفريقية”.
مسيرته السياسية ورئاسته لليبيريا
بعد تركه لعالم كرة القدم، دخل جورج ويا عالم السياسة في ليبيريا، حيث بدأ رحلته السياسية بخطوات ثابتة ومدروسة. في عام 2005، خاض ويا أولى تجاربه السياسية عندما ترشح لرئاسة ليبيريا، معتمداً على شعبيته الواسعة كلاعب كرة قدم سابق، وكرمز وطني. على الرغم من أنه لم يفز في تلك الانتخابات، إلا أنه أظهر قدرة كبيرة على جذب الأصوات، خاصة من الشباب والفئات المهمّشة، مما جعله شخصية بارزة في المشهد السياسي الليبيري.
لم تثنِ هذا الهزيمة ويا عن مواصلة مسيرته السياسية، فقد استمر في بناء قاعدته الشعبية وتعزيز مكانته كزعيم سياسي. في عام 2011، ترشح ويا مرة أخرى للرئاسة، ولكنه لم يحقق الفوز. على الرغم من ذلك، استمر في العمل السياسي وتعزيز دوره كقائد وطني، مركزاً على قضايا التعليم والشباب والتنمية الاقتصادية.
أخيراً، في ديسمبر 2017، حقق ويا انتصاراً كبيراً في الانتخابات الرئاسية، حيث تم انتخابه رئيساً لليبيريا، متغلباً على منافسيه بفارق كبير في الأصوات. كان فوزه بمثابة لحظة تاريخية لليبيريا، حيث أصبح أول نجم رياضي يتولى منصب الرئاسة في البلاد. كرئيس، ركز ويا على تحسين البنية التحتية، مكافحة الفساد، وتعزيز السلام والوحدة الوطنية.
مسيرة ويا السياسية تعكس قصة نجاح استثنائية، حيث تمكّن من تحويل شعبيته كلاعب كرة قدم إلى قاعدة دعم سياسي قوية، مستخدماً منصته لتحقيق تغيير إيجابي في بلاده. توليه منصب الرئاسة يعد إنجازاً كبيراً، ليس فقط له شخصياً، بل لكل الرياضيين والشباب الذين يرون فيه مثالاً للإصرار والتفاني في خدمة وطنهم.
موقفه من الحرب على غزة
خلال فترة رئاسته، أبدى ويا مواقف متعاطفة تجاه القضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية. لكن في الحرب الحالية على غزة، حدث موقف يثبت ثبات ويا على موقفه.
كانت ليبيريا الدولة الأفريقية الوحيدة، وواحدة من عشر دول فقط في الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 دولة رفضت دعوة الأمم المتحدة في 12 ديسمبر الجاري لوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية. صوت موفد ليبيريا إلى الأمم المتحدة دون الرجوع إلى الرئيس ويا، الذي تدخّل بعد ذلك وقام بتغيير صوت ليبيريا من “لا” إلى “نعم” من أجل وقف إطلاق النار.
جورج ويا، الرياضي المتميز والزعيم السياسي، يظل رمزاً للإصرار والتحدي، ملهماً للأجيال في أفريقيا وخارجها، خاصة بعد اعترافه بالهزيمة في الانتخابات الرئاسية الماضية واستعداده لتسليم السلطة لخلفه. فالرئيس جورج لم يكن حاسماً وفعالاً مثلما كان المهاجم السابق.