الأربعاء - 3 ديسمبر / كانون الأول 2025

غـــــــــــزة

يــــــــــوم

أخبار
أخبار

كيف تستدرج روسيا العراقيين للقتال في أوكرانيا؟

تابع آخر الأخبار على واتساب

الـخـلاصـة

📑 محتويات:

كيف تستدرج روسيا العراقيين للقتال في أوكرانيا؟ تحقيق يكشف عن طرق استدراج روسيا للشباب العراقي للقتال في أوكرانيا عبر وعود كاذبة ورواتب مغرية. العديد من العراقيين، بمن فيهم محمد عماد، سافروا إلى روسيا للانضمام إلى الجيش الروسي، لكن مصيرهم ظل مجهولاً. وكالة الصحافة الفرنسية كشفت عن شبكات تجنيد تنشط على وسائل التواصل الاجتماعي، تعرض رواتب شهرية كبيرة ومكافآت ضخمة. العائلات العراقية تبحث عن أبنائها المفقودين وتطالب بمعرفة مصيرهم. السلطات العراقية تحذر من محاولات التجنيد وتعتبرها جريمة اتجار بالبشر.

ℹ️ خلاصة مختصرة لأهم ما جاء في الخبر قبل التفاصيل

قبل نحو 6 أشهر نشر العراقي محمد عماد آخر مقطع فيديو له على تيك توك بدا فيه بزي عسكري مبتسما وسط حقل في أوكرانيا على الأرجح يتصاعد منه دخان، وأرفقه بكلمة "دعاؤكم" مع علم روسيا.



ومنذ ذلك الحين فقدت عائلة محمد الاتصال به، وسمعت روايات متناقضة عن مصيره: أُسر، أصيب بجروح، عانى من إنفلونزا، أو قُتل بضربة مسيّرة أوكرانية في الحرب المستمرة منذ فبراير/شباط 2022، والتي أوقعت مئات الآلاف من القتلى.

وعلى غرار شبان عراقيين آخرين يقاتلون حاليا في أوكرانيا بعدما أغرتهم وعود برواتب مرتفعة وجوازات سفر روسية سافر محمد (24 عاما) إلى روسيا من دون علم أسرته، للانضمام إلى جيشها والقتال في أوكرانيا، وفق ما تروي والدته زينب جبار لوكالة الصحافة الفرنسية.

وتقول جبار (54 عاما) بصوت مرتجف وعينين مغرورقتين بالدموع "ذهب ولم يعد".

وتضيف من منزلها في مدينة المسيب الواقعة جنوب بغداد وهي تحمل صورة ابنها "نحن -العراقيين- شهدنا حروبا كثيرة وتعبنا"، وتسأل بمرارة "ما علاقتنا بروسيا؟ ما علاقتنا بدولتين تتحاربان؟".

وفي بلد كل شاب (بين 15 و24 عاما) من إجمالي 3 عاطل فيه عن العمل وينخر الفساد مؤسساته توصلت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن شبانا عديدين أغرتهم عروض سخية بالنسبة لهم مقابل القتال لصالح روسيا يروّج لها مؤثرون على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتتضمن العروض راتبا شهريا قدره 2800 دولار، أي ما يعادل نحو 4 أضعاف ما يمكن أن يتقاضوه في صفوف الجيش العراقي، إضافة إلى مكافأة عند توقيع العقد تصل قيمتها إلى 20 ألف دولار.

تجنيد عبر تيك توك

تواصلت وكالة الصحافة الفرنسية مع أقارب 4 شبان من عائلات فقيرة سافروا للانضمام إلى الجيش الروسي، 3 منهم في عداد المفقودين، أما الرابع فقد عاد إلى عائلته جثة.

كما تحدثت إلى شاب عراقي يعمل تحت راية الجيش الروسي، وينشر تجربته بتفاصيلها عبر الإنترنت ويقدم مساعدة للراغبين بالانضمام إليه.

وتعج تطبيقات التواصل الاجتماعي في العراق مثل تيك توك وتليغرام بحسابات تعرض المساعدة على الشباب الراغبين بالانضمام إلى القوات الروسية.

عند بدء الحرب الروسية الأوكرانية قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يعتزم تجنيد 16 ألف مقاتل من الشرق الأوسط، وتفيد تقارير بأن نحو ألفي جندي سوري نظامي توجهوا إلى روسيا في ذلك الوقت للقتال.

وتسعى قنوات تليغرام التي تقدم العروض اليوم إلى استقطاب شريحة ديمغرافية شابة ومختلفة.

ويعرض المشرفون على تلك القنوات مساعدة للحصول على تأشيرات روسية لشباب عرب، ويتلقون أسئلة وطلبات من سوريا ومصر والجزائر ودول أخرى.

وقد استخدمت أساليب مماثلة لتجنيد شبان من آسيا الوسطى ومن الهند وبنغلاديش ونيبال، وفق ما لاحظ صحفيو وكالة الصحافة الفرنسية في هذه الدول.

كما تنشر الحسابات التي تروّج للتجنيد قائمة بالمصطلحات العسكرية الرئيسية مترجمة إلى الروسية، بينها "نفدت الذخيرة"، و"أُنجزت المهمة"، و"لدينا ضحايا"، و"طائرة مسيّرة مفخخة"، لتسهيل التواصل على المجندين متى وصلوا إلى الميدان.

وأورد أحد حسابات تليغرام أنه يوفر كذلك مساعدات للعراقيين الراغبين بإرسال المال إلى بلدهم.

واتصلت وكالة الصحافة الفرنسية برقم شاركته القناة، فأجاب متلقي الاتصال بأن كل ما يلزم هو نسخة عن جواز السفر وعنوان سكن ورقم هاتف، على أن يرسل لاحقا دعوة للحصول على تأشيرة ثم تغطية تكلفة التذكرة.

أبناء مفقودون

لكن بين التعليقات الواردة على مقاطع الفيديو الترويجية يمكن معاينة تساؤلات من عائلات تبحث عن أبنائها المفقودين.

وتعتقد عائلة محمد أن الدعاية عبر شبكات التواصل الاجتماعي أغرت ابنها بالسفر إلى روسيا في وقت سابق من هذا العام.

وعلى مدى أسابيع، ظهر محمد في مقاطع فيديو نشرها على تيك توك من روسيا، وتمكنت وكالة الصحافة الفرنسية من تحديد موقعه في أحد المقاطع المصورة في منطقة أوريول القريبة من الحدود مع أوكرانيا ومنطقة كورسك حيث توغلت القوات الأوكرانية في روسيا لمدة 6 أشهر.

ونُشر آخر فيديو له على تيك توك في 12 مايو/أيار الماضي.

وتروي والدته كيف اتصلت به متوسلة لكي يعود إلى المنزل، كانت تظن في بادئ الأمر أنه يعمل في مخبز بمحافظة البصرة جنوبي العراق، لكنه في الحقيقة "ذهب ليقاتل في حرب روسيا وأوكرانيا".

وتقضي فاتن (شقيقة محمد) ساعات لا تحصى على شبكات التواصل الاجتماعي، في محاولة لاقتفاء أثر عراقيين يدعون أنهم التحقوا بالجيش الروسي، لعلها تعلم شيئا عن مصيره.

وتشرح كيف سمعت روايات مختلفة عن مصير شقيقها من حسابات مختلفة، أكثرها قسوة كان من حساب تابع للشاب عباس حمد الله الذي يستخدم اسم عباس المناصر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعباس (27 عاما) في عداد شبان عراقيين يشاركون تجاربهم في الجيش الروسي على تطبيقي تيك توك وتليغرام، ويعرض المساعدة على الراغبين بالالتحاق.

ويبدو أن منشورات عباس كانت قد استمالت محمد الذي طلب منه توجيهه، وكان مصمما على السير على خطاه.

وحلّت معلومات عباس كالصاعقة على فاتن بعدما أخبرها أن جثة أخيها موضوعة في مشرحة تابعة للجيش الروسي عقب مقتله بضربة من مسيّرة أوكرانية قرب باخموت.

وبحسب عباس، فإن شقيقها أطلق النار على المسيّرة فيما كان مقاتلون آخرون برفقته يختبئون.

وتقول فاتن "إذا كان ميتا نريد جثته"، في حين يعتريها القلق من ألا تحصل العائلة على جثته لدفنه أو تتبلغ رسميا ماذا حدث له.

وتوضح "لا يتعلق الأمر بأخي فحسب، إنما كثيرون آخرون مثله، مؤسف أن يموت كل هؤلاء الشباب في روسيا".

وفي مدينة الناصرية جنوبي العراق يقول عبد الحسين مطلق (74 عاما) إن ابنه علاوي سافر برفقة محمد إلى روسيا، وبقي على تواصل مع عائلته يرسل لها صورا من التدريبات العسكرية إلى أن انقطع عنها تماما في 5 مايو/أيار الماضي.

ويقول الوالد "لا نفهم ماذا حصل"، مضيفا "قلت له: لن تستفيد، إنها منطقة غريبة وأناسها غرباء"، لكن علاوي أصر على إنهاء العقد مع الجيش الروسي.

وفي أحد الفيديوهات التي أرسلها علاوي إلى عائلته يظهر مع 3 أشخاص آخرين -بينهم محمد- وهو يتوجه بالشكر لعباس المناصر لمساعدتهم على الوصول إلى روسيا.

"هنا الموت"

عام 2023 سافر عباس إلى موسكو عازما -على حد قوله لوكالة الصحافة الفرنسية- مواصلة رحلته إلى أوروبا على غرار آلاف من المهاجرين العراقيين، لكن الإعلانات المنتشرة في شوارع روسيا والداعية للانضمام إلى الجيش أغرته بالبقاء.

ويوضح "لا مستقبل لنا في العراق، حاولت بكل السبل هناك لكنني لم أنجح"، متابعا "بالنسبة إلي، لا يتعلق الأمر بروسيا أو بأوكرانيا، أولويتي هي عائلتي".

ويشرح أنه انضم إلى جيش روسيا عام 2024، وبات اليوم يحمل جواز سفرها.

ورغم الصعوبات التي يواجهها فإنه يبدي سعادته لقدرته على إرسال "نحو 2500 دولار شهريا" إلى عائلته، وهو مبلغ بعيد المنال بالنسبة إلى أغلبية الشباب العراقيين.

وفي حسابه على تليغرام ينشر عباس دعوات للحصول على تأشيرات للراغبين في التجنيد، ويقول إن تكلفة التأشيرة تصل إلى ألف دولار، تحصل وكالات السفر على الجزء الأكبر منه.

وبحسب موقع السفارة الروسية في العراق، تصل تكلفة تأشيرة الدخول لمرة واحدة إلى 140 دولارا.

ويقول عباس إنه لا يتقاضى أي أتعاب مقابل خدماته، لكنه حذر من "سماسرة" يستغلون الشبان العراقيين ويأخذون نسبة من المكافأة التي يحصل عليها المجند عند توقيع العقد، ولم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية من التحقق من صحة أقواله.

وبغض النظر عن قيمة المكافأة المالية يبين عباس أنه يحذر الراغبين بالتجنيد من أن "احتمال الموت هنا" قائم.

ويتابع "شهدنا حروبا وأزمات عديدة في العراق، لكن هذه الحرب مختلفة، إنها حرب التكنولوجيا المتقدمة، حرب الطائرات المسيّرة".

ومع ذلك، يؤكد أنه لا يشعر بأي ندم إزاء خياره، حتى أنه وقّع عقدا جديدا مع القوات الروسية لعام إضافي.

تفاوت الأعداد

منذ بدء الحرب انضم الآلاف من المقاتلين الأجانب إلى القوات الروسية في أوكرانيا، المجموعة الأكبر منهم من كوريا الشمالية، وتفيد تقارير بأن متطوعين صينيين يقاتلون كذلك إلى جانب القوات الروسية.

وفي الجهة المقابلة من الجبهة يقاتل نحو 3500 مقاتل أجنبي إلى جانب الجيش الأوكراني ويتقاضون الرواتب نفسها كالجنود المحليين، وفق ما أفادت سفارة أوكرانيا في العراق لوكالة الصحافة الفرنسية.

وتتفاوت التقديرات بشأن عدد العراقيين الذين يقاتلون لصالح روسيا، لكن عددهم بالتأكيد بالمئات.

ويقول السفير الأوكراني لدى العراق إيفان دوفغانيتش إن هؤلاء "لا يقاتلون من أجل فكرة، إنما يبحثون عن فرصة عمل".

ولم ترد السفارة الروسية في بغداد على طلبات وكالة الصحافة الفرنسية للتعليق.

والعلاقات بين روسيا والعراق جيدة إجمالا، ولطالما حرصت بغداد على تأكيد موقفها "الثابت بالحياد" إزاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشددة على رفضها أن يقاتل شبابها في صفوف الجيش الروسي.

وصمة عار

في سبتمبر/أيلول الماضي أصدرت محكمة جنايات النجف حكما بالسجن المؤبد بحق مدان بـ"جريمة الاتجار بالبشر"، متهمة إياه بأنه "أقدم بالاشتراك مع متهمين آخرين على تكوين جماعات وإرسالها للقتال في دول أجنبية لقاء مبالغ مالية".

وقال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية إن الدولة المقصودة هي روسيا.

وحذرت السفارة العراقية في موسكو مطلع الشهر ذاته من "محاولات استدراج أو توريط بعض العراقيين المقيمين في روسيا أو خارجها بذرائع مختلفة للمشاركة في الحرب".

ويعتبر كثر في العراق الملتحقين بالجيش الروسي "مرتزقة"، وقال عم أحد العراقيين المفقودين في روسيا منذ أشهر لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يأمل أن تعاقب الحكومة العراقية أولئك الذين يستدرجون الشباب إلى روسيا.

ويُعد القتال كمرتزقة -كما يصفه البعض- "وصمة عار" في العراق إلى حد أن عائلة مجند قُتل في روسيا غادرت مسقط رأسها في جنوب البلاد خجلا من مواجهة المجتمع.

وروى أحد أنسباء العائلة لوكالة الصحافة الفرنسية كيف أنها دفنت ابنها بعيد تسلمها جثته تحت جنح الظلام من دون حضور أي من الأقارب.

وتسلمت العائلة تعويضا ماليا بقيمة أكثر من 10 آلاف دولار مع الجثة على حد قوله، لكن كثيرين في المجتمع المحلي اعتبروا أن الشاب أساء بفعلته إلى مجتمعه.

وأضاف الرجل -طالبا عدم الكشف عن هويته- "يحترق قلبي من فكرة أن يموت شاب في الخارج، ثم يُدفن هنا بالسر".

تحليل وتفاصيل إضافية

تكشف هذه المقالة المعمقة كيف تستدرج روسيا العراقيين للقتال في أوكرانيا، وتسلط الضوء على الأساليب التي تستخدمها روسيا لاستقطاب الشباب العراقي. تتناول المقالة قصصاً مؤثرة لعائلات فقدت الاتصال بأبنائها بعد سفرهم إلى روسيا، وتفضح الوعود الزائفة بالرواتب المغرية والجنسية الروسية التي تغري الشباب العراقي اليائس. كما تكشف عن دور شبكات التواصل الاجتماعي في الترويج لهذه العروض وتسهيل عملية التجنيد. وتوضح المقالة أن هذه العمليات لا تستهدف العراقيين فحسب، بل تمتد لتشمل شبان من دول أخرى مثل سوريا ومصر والجزائر. بالإضافة إلى ذلك، تناقش المقالة موقف الحكومة العراقية الرافض لهذه الممارسات وتحذيراتها من محاولات التجنيد. وتعتبر هذه القضية وصمة عار في نظر الكثيرين في العراق، حيث يعتبرون المنضمين إلى الجيش الروسي ‘مرتزقة’.

أسئلة شائعة حول كيف تستدرج روسيا العراقيين للقتال في أوكرانيا؟

ما هي أبرز الأساليب التي تستخدمها روسيا لاستدراج العراقيين للقتال في أوكرانيا؟
تستخدم روسيا وعوداً برواتب مغرية وجوازات سفر روسية، إضافة إلى الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال مؤثرين.
ما هي المخاطر التي يواجهها العراقيون الذين يقاتلون في أوكرانيا؟
يواجهون خطر الموت، والإصابة، والأسر، بالإضافة إلى صعوبة التواصل بسبب حاجز اللغة والتكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في الحرب.
ما هو موقف الحكومة العراقية من تجنيد مواطنيها للقتال في أوكرانيا؟
ترفض الحكومة العراقية تجنيد مواطنيها للقتال في أوكرانيا وتعتبره جريمة اتجار بالبشر، وتحذر من محاولات الاستدراج.
ما هو دور شبكات التواصل الاجتماعي في عملية تجنيد العراقيين للقتال في أوكرانيا؟
تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي للترويج لعروض التجنيد وتسهيل التواصل بين المجندين المحتملين والجهات التي تقوم بالتجنيد.
ما هي البدائل المتاحة للشباب العراقي بدلاً من الانضمام إلى القتال في أوكرانيا؟
يجب على الحكومة العراقية توفير فرص عمل للشباب وتحسين الظروف المعيشية لتقليل الإغراءات التي تقدمها جهات التجنيد.
ما هي الإجراءات التي يمكن للعائلات العراقية اتخاذها لحماية أبنائها من التجنيد للقتال في أوكرانيا؟
يجب على العائلات توعية أبنائها بمخاطر التجنيد والوعود الكاذبة، ومراقبة أنشطتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

تابع صوت الغد على مواقع التواصل الاجتماعي : نبض | فيسبوك | تيك توك | إنستغرام | واتساب | تويتر × | تيلغرام