وصفت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الإنسانية إيفا هرنشيروفا ما يجري في السودان بأنه "مأساة إنسانية حقيقية"، مؤكدة أن مدينة الفاشر تحولت إلى "مقبرة للإنسانية" في ظل تصاعد القتال وانعدام سبل الحياة، ودعت إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية بدون عوائق.
وقالت هرنشيروفا، في مقابلة من بروكسل، إن الاتحاد الأوروبي يدين بشدة ما يحدث من "تجويع وقتل جماعي يُستخدمان كأسلحة حرب"، مشيرة إلى أن المستشفيات تُقصف والمدنيين يُطاردون داخل منازلهم، بينما تتعرض المدينة لعزلة خانقة.
وأضافت أن المفوض الأوروبي انضم مؤخرا إلى عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين وغيرهم "لدق ناقوس الخطر بشأن الجرائم الجارية في السودان"، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطا دبلوماسية كبيرة على الأطراف المتحاربة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وأشارت إلى أن الوضع الإنساني في الفاشر بلغ مرحلة حرجة، إذ لم يتمكن العاملون في المجال الإنساني من الوصول إلى المدينة منذ أسابيع، كما لم تصل أي شاحنات مساعدات إليها، في وقت يتضور السكان جوعا وتواجه عائلات بأكملها خطر الهلاك.
وبعد 18 شهرا من الحصار والقصف والتجويع، سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر في 26 أكتوبر/تشرين الأول، ونجحت في إخراج الجيش من آخر معقل له في إقليم دارفور في غرب السودان، وترد منذ ذلك الوقت تقارير عن عمليات قتل جماعي، وعنف عرقي، وخطف، واعتداءات جنسية.
أزمة تجاوزت الحدود
وأكدت المتحدثة الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي يدعو بإلحاح إلى فتح الطرق وتأمين الممرات الإنسانية لتمكين الشركاء من الوصول إلى المحتاجين، لافتة إلى أن الأزمة تجاوزت حدود السودان وأثقلت كاهل دول الجوار، خصوصا تشاد.
وأوضحت أن مئات الآلاف فرّوا من الفاشر ومدن دارفور إلى مناطق أخرى داخل الإقليم أو إلى خارج السودان، مشيرة إلى أن دولة تشاد تستضيف اليوم نحو مليون ونصف لاجئ سوداني، وهو ما يشكل عبئا كبيرا على مواردها المحدودة.
ولفتت إلى أن تشاد تواجه تحديات متعددة، تشمل ضعف المؤسسات ونقص الخدمات الأساسية، فضلا عن تدفق المزيد من اللاجئين مع تصاعد العنف، مبينة أن هذه الأوضاع دفعت الاتحاد الأوروبي إلى رفع مستوى دعمه الإنساني لتشاد هذا العام إلى نحو 70 مليون يورو.
وقالت هرنشيروفا إن تفشي الكوليرا في عدد من مخيمات اللاجئين خلال الصيف الماضي فاقم المعاناة الإنسانية، حيث سُجلت أكثر من 2600 حالة إصابة، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي استجاب بسرعة وخصص مليونا و350 ألف يورو لمواجهة تفشي الوباء.
دعم أوروبي
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي لا يكتفي بدعم اللاجئين في الخارج، بل يوجه مساعداته أيضا للنازحين داخل السودان، مشيرة إلى تخصيص تمويل طارئ إضافي يقارب مليون يورو لدعم الفارين من الفاشر والمناطق المنكوبة الأخرى.
وبيّنت أن مجموع التمويل الأوروبي المخصص للسودان هذا العام بلغ 273 مليون يورو، تشمل الدعم الموجه للدول المجاورة مثل تشاد ومصر وجنوب السودان وأوغندا، وأن المفوضية تعمل بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لتوصيل المساعدات.
وعن أسباب تعثر وصول هذه المساعدات، أوضحت أن "الوضع الميداني في السودان معقد للغاية"، إذ تمنع المعارك والحصار القائم في بعض المناطق، وعلى رأسها الفاشر، وصول العاملين في المجال الإنساني إلى مستحقي الدعم.
وشددت على أن المفوضية الأوروبية تواصل مطالبة الأطراف المتنازعة "برفع القيود المفروضة على حركة المنظمات الإنسانية" والسماح لها بالعمل بحرية، وأن هؤلاء العاملين يواجهون ظروفا شديدة الصعوبة في محاولاتهم للوصول إلى المدنيين المحاصرين.
