صمود الأناكوندا العملاقة 12 مليون سنة يكشف سر البقاء التطوري
الـخـلاصـة
- 🔹 الملخص
- 🔹 تحليل
- 🔹 أسئلة شائعة
كشفت دراسة حديثة عن سر الصمود الاستثنائي لأفعى الأناكوندا، التي حافظت على حجمها العملاق (بين 4 و7 أمتار) منذ نحو 12.4 مليون سنة، خلافاً لمعظم عمالقة عصر الميوسين التي انقرضت. حلل الباحثون 183 فقرة متحجرة، مؤكدين أن متوسط طول الأناكوندا القديمة يطابق نظيرتها المعاصرة. يعزو العلماء هذا الثبات إلى قدرة الأناكوندا على التحمل واستقرار موائلها الرطبة في أميركا الجنوبية، مثل المستنقعات والأنهار البطيئة، وتوفر فرائس ثابتة كالكابيبارا. هذا الاستقرار البيئي حمى الأناكوندا من التغيرات المناخية التي قضت على التمساح العملاق بوروسوروس والسلاحف الضخمة ستوبنديمس.
📎 المختصر المفيد:
• اكتسبت الأناكوندا حجمها العملاق قبل 12.4 مليون سنة في عصر الميوسين.
• متوسط طولها القديم (4-5 أمتار) يطابق متوسط طولها المعاصر.
• انقرضت عمالقة الميوسين الأخرى (كالتماسيح والسلاحف الضخمة) بسبب برودة المناخ وتقلص المواطن.
• صمود الأناكوندا يعود لقدرتها على التحمل واستقرار بيئتها الرطبة في حوض الأمازون.
ℹ️ خلاصة مختصرة لأهم ما جاء في الخبر قبل التفاصيل
وصلت أفاعي الأناكوندا إلى حجمها العملاق الحالي قبل نحو 12.4 مليون سنة، وبقيت على هذا الحجم حتى اليوم، في استثناء لافت لقاعدة اشتهرت بها حيوانات عصر الميوسين (حقبة جيولوجية بين 23 و5.3 ملايين سنة مضت) التي كانت أكبر من أقاربها المعاصرين ثم انقرض كثير منها، حسب نتائج دراسة جديدة نشرت يوم 1 ديسمبر/كانون الأول في مجلة “فيرتيبرات بالينتولوجي”.
تعد أفعى الأناكوندا من أضخم الأفاعي الحية، إذ يتراوح طول معظمها بين 4 و5 أمتار، وتبلغ في حالات نادرة 7 أمتار.
وحسب الفريق الذي كشف عن تلك النتائج، فإن هذا الحجم العملاق ليس طارئا، بل ظهر مبكرا مع نشأة الأناكوندا في أميركا الجنوبية الاستوائية، وظل مستقرا على مدار ملايين السنين رغم تبدل الظروف المناخية وتراجع البيئات الرطبة في مناطق عديدة.

إعادة بناء الأجداد
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة أندرياس ألفونسو-روخاس طالب الدكتوراه في قسم علم الحيوان بجامعة كامبردج: “انقرضت عمالقة الميوسين مثل التمساح العملاق بوروسوروس والسلاحف الضخمة ستوبنديمِس على الأرجح بسبب برودة المناخ وانحسار المواطن، لكن الأناكوندا العملاقة بقيت، لأنها شديدة القدرة على التحمل”.
ويضيف : “أظهرت قياساتنا أن الأناكوندا اكتسبت الجسم الكبير بعد فترة قصيرة من ظهورها قبل 12.4 مليون سنة تقريبا، ولم يتغير هذا الحجم منذ ذلك الحين”.
حلل الفريق 183 فقرة ظهرية متحجرة تعود لأناكوندا، تمثل ما لا يقل عن 32 أفعى، عثر عليها في ولاية فالكون شمال غربي فنزويلا، ثم قارنوا النتائج ببيانات حفريات من مواقع أخرى في أميركا الجنوبية.
ويعتمد هذا الأسلوب على علاقة معروفة في علم الزواحف بين حجم الفقرة والطول الكلي للأفعى، إذ يمكن اعتبار كل فقرة “مسطرة” تساعد على تقدير طول الحيوان الأصلي.
وللتأكد من دقة التقدير، درس الباحثون عائلة للأفاعي القريبة، مثل أفعى الشجر الزمردية وأفعى بوا قوس قزح، لاستنتاج طول أجدادها المنقرضة بناء على صفات الأنواع الحية.
وجاءت النتيجة من الطريقتين متطابقة تقريبا، فقد ظهر أن متوسط طول الأناكوندا في عصر الميوسين تراوح بين 4 و5 أمتار، وهو قريب جدا من متوسط طول الأناكوندا المعاصرة.

لماذا بقيت الأناكوندا؟
كان كثير من حيوانات عصر الميوسين أكبر حجما من أقاربها اليوم، مستفيدة من مناخ أكثر دفئا، وأراض أكثر رطوبة، وتوفر كبير في الغذاء، لهذا افترض بعض العلماء أن الأفاعي -بوصفها كائنات ذات دم بارد تتأثر حرارتها ونموها بالبيئة المحيطة- كانت تصل إلى أحجام أكبر عندما كان العالم أدفأ، وربما بلغ طول الأناكوندا القديمة 7 أو 8 أمتار، لكن الدراسة الجديدة لم تجد أي دليل أحفوري يؤيد هذا التصور، حسب المؤلف الرئيسي للدراسة.
ويشير ألفونسو-روخاس إلى أن الأناكوندا تعيش اليوم في بيئات مثل المستنقعات والسبخات والأنهار البطيئة الجريان، وهي موائل ما زالت متوفرة في حوض الأمازون ومناطق أخرى، وتوفر لها فرائس مناسبة مثل الكابيبارا (قارض ضخم يشبه الخنزير الصغير) والأسماك.
“هذا الاستقرار في الموائل والغذاء ساعد الأناكوندا على الاستمرار تقريبا بالحجم نفسه عبر الزمن. في المقابل، عانت عمالقة الميوسين الأخرى -مثل التمساح العملاق بوروسوروس الذي قارب طوله 12 مترا والسلاحف الضخمة ستوبنديمس بطول نحو 3.2 أمتار- من تقلص المواطن وتبريد المناخ، مما أسهم في اختفائها وانقراضها” كما أوضح الباحث.
ويشدد الباحث على أن هذه الدراسة تغلق فجوة قديمة في سجل الأفاعي الأحفوري، إذ تتكون هياكل الأفاعي من مئات الفقرات الصغيرة التي يسهل أن تتبعثر وتنفصل عن بعضها، مما يجعل العثور على عدد كاف من العينات الجيدة أمرا صعبا.
ويلفت ألفونسو-روخاس إلى أن جمع هذا العدد الكبير من الفقرات -خلال مواسم ميدانية نفذها باحثون من جامعة زيورخ ومتحف “أورومكو” للأحافير في فنزويلا- أتاح بناء قاعدة بيانات موثوقة يمكن استخدامها لتقدير أطوال هذه الزواحف بدقة أكبر عبر الزمن.
🔍 تحليل وتفاصيل إضافية
يمثل هذا الثبات التطوري للأناكوندا نموذجاً نادراً يقلب الافتراضات التقليدية حول تأثير التغيرات المناخية على نمو الكائنات ذوات الدم البارد. فبدلاً من أن يؤدي الدفء القديم إلى أحجام أكبر بكثير (كما حدث مع عمالقة الميوسين المنقرضة)، أظهرت الأناكوندا استراتيجية بيولوجية قائمة على “التحمل البيئي” (Ecological Resilience). هذا التحليل يشير إلى أن الاستدامة ليست مسألة حجم مطلق، بل هي قدرة النوع على تأمين موائل مستقرة (كالمستنقعات والأنهار البطيئة) وموارد غذائية ثابتة (كالكابيبارا). في سياق أوسع، يعكس هذا الصمود أهمية الموائل الرطبة الاستوائية كـ”ملاذات تطورية” (Evolutionary Refuges) ضد التقلبات الجيولوجية، مما يضاعف من أهمية الحفاظ على حوض الأمازون كأحد أهم مراكز الاستقرار البيولوجي على الكوكب.
💡 إضاءة: الأناكوندا هي استثناء تطوري؛ إذ حافظت على حجمها العملاق (4-7 أمتار) لمدة 12.4 مليون سنة، بينما انقرضت معظم الحيوانات الضخمة الأخرى في عصرها بسبب التغيرات المناخية.

