غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

منوعات

خلدة ووادي الحجير والغندورية.. مناطق لبنانية تحوّلت إلى مقبرة لدبابة الميركافا

نتائج الثانوية العامة

الميركافا درة التصنيع العسكري الإسرائيلي في سلاح المدرعات، صُممت بشكل أساسي لكي تناسب طبيعة مرتفعات الجولان والجليل الأعلى جنوب لبنان، وضع محركها في الأمام، ودرعت قمرة القيادة حتى لا تنالها يد المقاومة الفلسطينية النشطة، ولا الجيوش العربية التي استطاعت تدمير العديد من المدرعات في حرب 1973م.

صدر قرار تصنيع الميركافا في حرب 1973م، وظهرت أول نسخها عام 1979م، والثانية في 1983، أما النسخة الأخيرة والموجودة في حرب غزة اليوم ميركافا 4 دخلت الخدمة عام 2004. 

أُذل سلاح المدرعات الإسرائيلية في أكثر من مناسبة، أبرزها في حرب 1973 بين جيوش نظامية. أما على يدي المقاومة فقد أوقع بها في لبنان، عام 1982م عندما قررت إسرائيل اجتياح بيروت لاستئصال شأفة المقاومة، وقد نجحت بالفعل في تصفية الحركات الفلسطينية، لكنها لم تمر بهدوء، فهناك جنوب بيروت على عتبات الضاحية الجنوبية أذل سلاح المدرعات الإسرائيلي، وتكرر الأمر على مدار 18 عاماً جنوب لبنان حتى انسحابهم عام 2000، ومرة أخرى تسقط في كمين في حرب 2006، حيث تضررت سمعة الميركافا، وهو ما يتكرر اليوم في مشاهد توغله البري في غزة.

مقدمات معركة خلدة

مطلع يونيو/حزيران 1982 حاولت جماعة المجلس الثوري “أبونضال” اغتيال السفير الإسرائيلي في بريطانيا شلومو أرجوف، كانت إسرائيل من قبلها تخطط لاجتياح لبنان حتى بيروت تستأصل شأفة المقاومة الفلسطينية، بعد أن هددت المقاومة الجليل شمال فلسطين المحتلة، اتخذت إسرائيل من محاولة الاغتيال ذريعة لشن العدوان على لبنان واجتياح بيروت.

في 6 يونيو/حزيران 1982 قرر جيش الاحتلال اجتياح بيروت بقيادة شارون، وتحت رئاسة أركان رافائيل إيتان الذي أشرف على قصف المفاعلات العراقية، أطلق على العملية اسم “سلام الجليل”، حيث كانت ضربات المقاومة بالصواريخ والتسلل قد أرهقت المستوطنين في شمال الأراضي المحتلة.

بفرقة عازفين هكذا صرح العسكريون الإسرائليون قدرتهم على احتلال لبنان والوصول إلى بيروت، ما إن انسحبت القوات الدولية وتعاون جيش سعيد حداد وأنطوان لحد مع المحتل، حاصر جيش الاحتلال صيدا وصور مع وجود مقاومة فلسطينية فيها، وستنتهي بنزوح عشرات الآلاف من السكان لتلك المناطق منهم الشيعة والسنة، وستنتهي بدخول القوات الإسرائيلية إلى تلك المدن والبلدات.

وخلال 48 ساعة وصلت طلائع المركبات الإسرائيلية “المفارز” إلى خلدة، وهي بوابة الضاحية الجنوبية وتعتبر المدخل الجنوبي لبيروت الكبرى، وكما كان متوقعاً أن يمر التوغل الإسرائيلي بسلام، إلا إنه لم يمر بسهولة، فقد بلغ الخبر إلى أسماع حركة أمل بقيادة نبيه بري في برج البراجنة، لم يعرف نبيه بري من هول خبر بلوغ القوات الإسرائيلية مثلث “خلدة” أنه على مشارف الضاحية، بل ظن أن هناك “خلدة” أخرى في جنوب لبنان، مصدوماً بسبب سرعة توغل جيش الاحتلال، فلما استجمع قواه قرر الاشتباك.

أربعة أيام على بر الشام

لم تكن حركة أمل وحدها في المعركة، فقد التحم معهم مجموعات من المقاومة الفلسطينية في فتح العاصفة، قاد أحد المحاور الفلسطيني عبد الله صيام والذي قتل في هذه المعركة، تركزت المقاومة الفلسطينية في الطريق الساحلي ومنطقة المثلث غرب الضاحية، أما قوات حركة أمل شكلت غرفة قيادة في ملجأ سنتر سالم تحت إمرة عدنان الحلباوي. إضافة لوجود الفوج 87 من الجيش السوري المشرف على تلال خلدة، إذ اتحدت فيها قوى فلسطينية ولبنانية وسورية.

في 9 يونيو/حزيران اشتعلت المعركة بعد أن كمن المقاتلين والمقاومين للجيش الإسرائيلي، حيث حاولت الجيش التقدم مع عمليات إبرار بحري،  واستهداف شامل للقوة النيرانية السورية على تلال خلدة، واستتبع بتوغل المجنزرات عبر الطريق البحري الساحلي غرب الضاحية. وما إن وصلت القوات إلى مدخل مدينة الزهراء أعطت حركة أمل الأوامر بإطلاق النيران باتجاه القوات الغازية، وقد كان سعيد المواسي صاحب أول طلقة تجاه العدو.

توغلت إسرائيل بدبابة ميركافا 1، وناقلات الجند إم 113 الأمريكية، استخدمت بالمقابل المقاومة قذائف الآر بي جي، كما استخدم الجيش السوري سلاح الماليوتكا، فدمر بعض المدرعات وأسرت ناقلة جند استخدمت في الإبرار البحري وبداخلها جثة جندي، ونقلت على الفور إلى برج البراجنة حيث استقبلها نبيل بري وأمر بجعلها مزاراً، قبل أن تخفى مرة أخرى.

أما جثمان الجندي فسلم لحركة فتح، وفي اليوم الثالث من اشتعال المعركة أعلن مقتل نائب رئيس الأركان الإسرائيلي، والذي عين قبل أيام رئيساً للموساد وقتل قبل تسلم منصبه. يكوتيئيل آدم، يعتبر أرفع رتبة تقتل في اشتباكات مباشرة مع المقاومة على مدار الحروب العربية الإسرائيلية حتى يومنا هذا، إذ أطل سعيد المواسي قذيفة على الفيلا التي اتخذها جيش الاحتلال مركزاً لقيادة العمليات، وعند محاولة تأمينه والفرار أجهز عليه بإطلاق نار من المقاومين المتربصين به في الكمائن.

استطاع العدو السيطرة على مدرج المطار، وقتل عبد الله صيام، والتف العدو من صحراء الشويفات، وهنا جاء قرار الغرفة المشتركة بقيادة نبيه بري بالانسحاب. إلا أن إسرائيل لم تدخل بيروت من البوابة الجنوبية، واضطرت إلى الالتفاف من الشرق بالتعاون من الكتائب اللبنانية وبشير الجميل لكي تحاصر بيروت.

ثلاثة أيام أُخر أذلّت سلاح المدرعات

في حرب يوليو/تموز 2006، وبعد أسر جلعاد شاليط في غزة وبداية التصعيد هناك، نفذ حزب الله عملية اختطاف في شمال الأراضي المحتلة، إذ خفف الضغط على غزة وقتها، بدأت إسرائيل حركة توغل عسكري مع استخدام استراتيجية عقيدة الضاحية بتوجيه القوة الجوية لتدمير البنى التحتية في معقل الحزب.

وبعد معارك دامية مع الحزب وصعوبة عبور وادي الحجير باتجاه نهر الليطاني ووقوع أكثر من معركة خسرت إسرائيل فيها 30 دبابة و 13 جرافة، قرر جيش الاحتلا يوم 10 أغسطس/آب 2006 تنفيذ عملية تغيير المسار 11، وهي تهدف إلى قطع الإمداد عن حزب الله في الجنوب وعزله تماماً، بحيث تنفذ المناورة العسكرية في منطقة وادي الحجير وفي الغندورية. والاندفاع نحو الليطاني بهجوم بري كبير.

دفعت إسرائيل بميركافا 2 و3 و4، وبعض من دبابات ماغاش المعدلة عن دبابة إم 60، وهو ما جعل العديد من تلك الدبابات هدفاً سهلاً للمقاومين، فاستهدف بصواريخ الكورنيت الدبابات ودخلت الخدمة عبوات التفجير والألغام، حيث دمرت جزئياً وكلياً 44 دبابة، بأفضلية السيطرة على المرتفعات سمحت الجغرافيا للمقاومين استخدام صواريخ “ساغر” و”الماليوتكا” في قتل الجنود المشاة لا المدرعات، وعرف الوادي بمقبرة الميركافا، إذ لم تكن النسخة الرابعة خرجت إلى النور إلا قبل عامين من حرب يوليو/تموز حتى أعطبتها المعارك.

سقط خلال المعركة التي استمرت 3 أيام في وادي الحجير والغندورية 33 قتيلاً من الجنود الإسرائليين، منهم قائدي سرية، وجرح أكثر من 400 جندي، أما على الجانب الآخر فقتل لحزب الله 9 مقاومين، وأدت معركة وادي الحجير والغندورية إلى وقف الحرب على لبنان وسحب لواء ناحال، فيما عرف بتوازن الردع بين حزب الله وجيش الاحتلال والقائم حتى طوفان الأقصى اليوم.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة