أعادت مشاهد “طوفان الأقصى” التي اجتاحت خلالها المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، غلاف غزة ومستوطناتها ومشاهد الهلع والفرار الجماعي للمستوطنين إلى الأذهان نبوءة زوال إسرائيل الوشيكة، أو كما تُعرف لدى اليهود بـ”لعنة العقد الثامن”..
وهي نبوءة يتبناها ويتفق عليها الكتّاب والمؤرخون، الذين أمضوا عمراً في دراسة تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، معتبرين أن أسباب زوال إسرائيل قد توافرت، وأنه لا مفرّ من هذا المصير المحتوم..
موسوعة “اليهود واليهودية والصهيونية”
تصنّّف الموسوعة من أهم الموسوعات العربية في القرن العشرين، وهي من نتاج الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمة الله عليه، وهو مفكر عربي إسلامي وأستاذ غير متفرغ بكلية البنات جامعة عين شمس، وحاصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا)، ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رتجرز Rutgers.
ويؤرخ المسيري في موسوعته لهجرة الجماعات اليهودية، ويشرح على وجه الدقّة انتشارهم منذ العصور القديمة حتى العصر الحديث، وعلاقة أفراد الجماعات اليهودية بالمجتمعات التي عاشوا فيها والظروف التي كانت محيطة بهم.. يحدّثنا عن ثقافتهم وتراثهم وأحوال التربية والتعليم لديهم. كما يعدّد لنا أعلامهم ومدارسهم وحاخاماتهم التي شكّلت سماتهم الأساسية على غرار “موسى بن ميمون”.
كما جاء على ذكر فرقهم وكتبهم الدينية، وتأثرهم بالديانات المختلفة وتوسّع حركتهم الصهيونية في فلسطين.
كانت للدكتور عبد الوهاب المسيري رؤية استشرافية لمستقبل القضية الفلسطينية، فمن خلال دراسته للمجتمع الإسرائيلي، ووعيه المعرفي بطبيعة المشروع الصهيوني، وإدراكه العلمي لآليات اشتغاله ونفسيته وسوسيولوجيا استيطانه، كان يدرك أن تحرير فلسطين آتٍ لا محالة..
وبالاستناد لمجموعة من العوامل تنبأ عبد الوهاب المسيري بانهيار إسرائيل من الداخل،
وهو كثيراً ما جاء على ذكر هاجس نهاية الدولة اليهودية الذي يعشش في الوجدان الإسرائيلي، كما كان يقارن في موسوعته بين إسرائيل والجيوب الاستيطانية المماثلة على غرار الممالك الصليبية- الاستيطان الفرنسي في الجزائر– دولة الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، والتي كان مصيرها التفتت والزوال..
كتاب زوال إسرائيل مصطفى محمود
الكتاب الثاني، الذي نقترحه عليكم من بين الكتب التي تنبأت بزوال إسرائيل هو من تأليف الدكتور مصطفى محمود ، الذي وُلد في 27 ديسمبر/كانون الأول 1921 في شبين الكوم بمحافظة المنوفية بمصر.
وهو طبيب وأديب وفيلسوف مصري، مد جسوراً بين العلم والإيمان، تخلى عن الطب ليثري المكتبة العربية والإسلامية بروائع المصنفات في الفكر والأدب.
و قد سخّر مصطفى محمود جانباً مهماً من جهوده في قضية اعتبرها تاريخية، تمركزت حول الخطر الصهيوني، فأصدر 9 كتب، بالإضافة لعدد من المقالات خلال فترة التسعينيات من القرن العشرين لبحث هذه القضية، وحذّر من الأطماع الصهيونية والتطبيع، ومن هذه المؤلفات كتاب “إسرائيل.. البداية والنهاية” و”على حافة الانتحار” و”إسرائيل النازية ولغة المحرقة”.
ويشرح الدكتور مصطفى محمود في كتابه “إسرائيل البداية والنهاية” ظهور إسرائيل، والأفكار العقائدية اليهودية التي استندت إليها لتعزيز سطوتها في المنطقة.
كما يتحدث في كتابه عن المساندة الأمريكية والتأييد الغربي، والتسليح المتفوق والترسانة النووية التي سمحت لإسرائيل باحتلال الأراضي الفلسطينية والجولان، وأيضاً مواقف العرب وضعفهم وتخاذلهم من القضية الفلسطينية.
ويلقي الكتاب الضوء على العقيدة الصهيونية، إذ يشرح المؤلف كيف استعملت اسرائيل من التوراة عبارة “الأرض التي تدوسها أقدامكم فهي لكم”، لتغطية الانتهاكات والجرائم التي اقترفتها..
ويصف مصطفى محمود النكبة الفلسطينية بأنها جريمة تخاذل يشترك بها الجميع، معتبراً أن المواجهة ليست بصدد أرض فقط، بل بشأن الدين والكرامة ومستقبل بقاء أو عدم بقاء لدولة لها بصمة عريضة في التاريخ.
“إسرائيل إلى نهايتها” ، كتاب لسركيس أبو زيد
ينسب الكتاب، الذي يلقي الضوء على موضوع نهاية “إسرائيل” المتجذّر في الوجدان الصهيوني، إلى الكاتب والباحث السياسي اللبناني سركيس أبو زيد، والذي يطرح فيه فكرة أن الإسرائيليين أنفسهم قبل إنشاء دولتهم المزعومة، أدركوا أنّ مشروعهم مستحيل الاستمرار، وأنّ حلمهم بالاستيطان لن يلبث إلا أن يتحول إلى كابوس.
فلسطيني لا يرتوي، ويُطالب دائماً بمزيد من المدافن وصناديق دفن الموتى.
يؤكد سركيس في كتابه على النهاية المحتومة لإسرائيل التي صنعتها ظروف دولية تآمرت على تركة الرجل المريض قبيل الحرب العالمية الأولى.
ويقتبس الباحث اللبناني في مؤلفه الرواية التاريخية التي كانت الهاجس الأول عند الأب المؤسس للكيان الصهيوني ديفيد بن غوريون، الذي عاش ومات وهو مقتنع بحتمية زوال هذا الكيان بعزائم الأجيال الفلسطينية الجديدة، ومن المعروف أن للكيان الصهيوني ثلاثة آباء: حاييم وايزمن وديفيد بن غوريون وناحوم غولدمان، الأول انتزع “وعد بلفور”، والثاني قاد العمل العسكري على الأرض وأمر بالمجازر وبالتهجير بحقّ الفلسطينيين، والثالث نظّم حملات المستوطنين وجمع الأموال ونسج العلاقات الدولية.
كما يشير الكتاب إلى الخطر الديمغرافي الذي يشكله وجود الشعب الفلسطيني على الإسرائيليين ، ويشرح كيف أنّ تكاثره الطبيعي خطر على “الكيان” وعلى وجوده كدولة يهودية يذكر في هذا الإطار أن عدد السكان في “أرض إسرائيل الغربية” (أي فلسطين) وفق إحصاء 2016، يبلغ 5,3 ملايين يهودي و5,3 ملايين عربي و300 ألف مهاجر روسي غير يهوديّ، مشدداً على أنّ الميزان الديمغرافي يسير لصالح العرب لارتفاع نسبة التكاثر الطبيعي لديهم.
وينصّ على أنّه من غير المتوقّع أن تقوم “إسرائيل” بطرد الفلسطينيين مرة أخرى كما فعلت في سنة 1948، لأنّ الظروف مختلفة والمقاومة موجودة، والدول العربية لن تسمح بذلك..
ويصف “إسرائيل” بأنها تمرّ حالياً بمرحلة خطيرة من “التدمير الذاتي”، حيث تشهد زلزالاً داخلياً على كل المستويات من سقوط نظرية الأمن والاستقرار التي كانت تروِّج لها منذ إقامتها في فلسطين، إلى إحباط معنويات الجيش وحالة الانقسام السياسي وازدياد الشعور العام بالفراغ على مستوى القيادة..
ويستعرض المؤلف شهادات أدلى بها سياسيون ومفكرون إسرائيليون خلال السنوات الماضية، وبالتحديد بعد حرب تموز 2006 حين فشلت الآلة العسكرية الصهيونية في تحقيق أي من أهدافها المعلنة. وتكشف الشهادات عمق الأزمة الوجودية التي يواجهها الإسرائيليون في خضم متغيرات عالمية وإقليمية تطال البنى السكانية والفكرية والاقتصادية والأمنية، وتثير تساؤلات حول “مفهوم الدولة المحكومة بالانتصار دائماً”!
كتاب زوال إسرائيل 2022 للمفكر الإسلامي بسام جرار
استنبط بسام جرار الشيخ الفلسطيني المهتمّ بتفسير القرآن وعلومه نبوءته الشهيرة عن زوال “إسرائيل” في العام 2022 ميلادية من “الإعجاز العددي في القرآن الكريم”.
ومؤلف الكتاب باحث ومفكر إسلامي فلسطيني من مواليد رام الله، له عدد من المؤلفات المنشورة وعديد الدروس والمحاضرات العلمية والدعوية، مهتم بتفسير القرآن والدراسات القرآنية والإعجاز العددي. ينتمي إلى أسرة آل جرار الفلسطينية، وترجع أصوله من جنين في فلسطين، والتي كان لأحد أجداده يوسف الجرار دوراً بارزاً في قيادة أتباعه في مقاومة الصليبيين وقلعة صانور.
وفي فترة مراهقته وشبابه كوّن بسام زاده المعرفي مما توفر لديه من الكتب والثقافات، كما تتلمذ على يد العديد من علماء الشام..
وحين اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي ونفته مع مجموعة من القيادات الإسلامية الفلسطينية إلى مرج الزهور، الواقعة بين فلسطين ولبنان، كتب بسام جرّار هذا الكتاب في بداية التسعينيات في خلوته وفصله إلى فصلين:
الفصل الأول تفسير للنبوءة في سورة الإسراء المتعلقة بقيام دولة لبني إسرائيل وزوالها عبر العصور.
أما الفصل الثاني، فهو تأويل رياضى للتفسير بالأرقام والتواريخ، وبالاعتماد على عدد حروف آيات وسور من القرآن وتواريخ معينة، كوفاة سيدنا سليمان عليه السلام، وحادثة الإسراء وغيرها.. ليصل الكاتب في النهاية إلى أن زوال إسرائيل هو مصير محتوم آتٍ لا محالة.