دائماً ما نسمع أن النساء يعانين من أعراض نفسية مختلفة، من بينها الاكتئاب، والانغلاق عن محيطهن، إلا أن القليل منهن من يعرف الأسباب الكامنة في هذه الحالة.
خصوصاً أنه، حسب الدراسات العلمية التي أُجريت حول حالات الاكتئاب، تبين أن النساء يصبن بهذه الحالة النفسية ضعف الرجال، وذلك بسبب عوامل مختلفة وعديدة، لا تحدث في العادة بالنسبة للجنس الآخر.
ولا يمكن حصر الإصابة عند النساء فقط في التغيرات الهرمونية، وإنما هناك عدة عوامل بيولوجية أخرى، والصفات الوراثية، وظروف وتجارب الحياة الشخصية التي تؤثر بشكل كبير في تغير الحالة النفسية، لنتعرف عليها.
الإصابة بالاكتئاب بعد البلوغ
تحدث عدة تغيرات هرمونية في جسم الفتيات الصغيرات عند فترة البلوغ، والتي عادة ما تبدأ من 10 إلى 14 سنة في المتوسط (قد تكون قبل أو بعد في بعض الحالات).
إذ إنه خلال هذه الفترة، حسب مجلة “مايو كلينيك”، تصبح الفتيات معرضات بشكل كبير للإصابة بحالات نفسية متقلبة، إلا أنه يكون لوقت قصير فقط؛ لأن التقلبات المزاجية هذه تكون مؤقتة ومرتبطة بتقلبات الهرمونات، الشيء الذي يعتبر طبيعياً ولا يستدعي التدخل الطبي.
وفي هذه الحالة يمكن أن يكون الاكتئاب متعلقاً بأمور أخرى كذلك، من بينها محاولة تكوين الشخصية، والصراعات مع الوالدين، وزيادة الضغط لتحقيق الإنجازات في الدراسة أو عند ممارسة الهوايات التي تحتاج إلى تنافسية.
ما بعد البلوغ.. النساء أكثر عرضة للاكتئاب مقارنة بالرجال!
بعد البلوغ، ترتفع معدلات الاكتئاب لدى الإناث مقارنة بالذكور، نظراً لأن الفتيات عادة ما يصلن إلى سن البلوغ قبل الأولاد، الشيء الذي يجعلهن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في سن مبكرة أكثر.
وحسب الأبحاث العلمية التي أُجريت في هذا الخصوص، فقد تبين أن هذه الفجوة بين الجنسين فيما يخص الاكتئاب قد تستمر طوال العمر.
أسباب الاكتئاب عند النساء
هناك عدة عوامل تؤدي إلى إصابة النساء بالاكتئاب، والتي تختلف عن الرجال، كون تركيبتهم الفيسيولوجية مختلفة بشكل كبير؛ مما يجعلهم أقل تأثراً من الأشياء التي تعتبرها النساء مهمة ولها دور في إدخالهن في حالة نفسية صعبة.
وتتمثل هذه الأسباب في:
مشاكل ما قبل الدورة الشهرية
بالنسبة لمعظم الإناث المصابات بمتلازمة ما قبل الحيض، والتي يرمز لها طبياً بـ (PMS)، يتعرضن لمجموعة أعراض؛ مثل انتفاخ البطن وألم الثدي والصداع والقلق والتهيج والشعور بالكآبة طفيفة وقصيرة الأمد.
إلا أن بعض الإناث يعانين من أعراض حادة، تعطل دراستهن أو وظائفهن أو علاقاتهن الاجتماعية أو مجالات أخرى من حياتهن.
في هذه المرحلة بالضبط، قد تتجاوز الدورة الشهرية أعراضها العادية إلى الاضطراب المزعج السابق للحيض الذي يُرمز له طبياً بـ(PMDD)، وهو نوع من الاكتئاب يتطلب العلاج.
إذ إن التفاعل الدقيق بين الاكتئاب ومتلازمة ما قبل الدورة الشهرية لا يزال غير واضح؛ حيث من الممكن أن تؤدي التغيرات الدورية في هرموني الاستروجين والبروجستيرون والهرمونات الأخرى إلى تعطيل وظيفة المواد الكيميائية في الدماغ مثل السيروتونين الذي يتحكم في الحالة المزاجية.
حمل وما بعد الولادة
تحدث تغيرات هرمونية جذرية أثناء الحمل، ويمكن أن تؤثر على الحالة المزاجية للنساء، الشيء الذي قد يزيد عدة مشكلات، والتي تحدث لأسباب تتمثل في:
- تغيرات في نمط الحياة أو العمل أو ضغوطات الحياة الأخرى.
- مشاكل في العلاقة الزوجية.
- نوبات سابقة من الاكتئاب.
- اضطراب ما قبل الحيض (PMDD).
- نقص الدعم الاجتماعي.
- الحمل غير المقصود أو غير المرغوب فيه.
- الإجهاض.
- التوقف عن استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب.
- اكتئاب ما بعد الولادة.
إذ تجد العديد من الأمهات الجدد أنفسهن حزينات وغاضبات وسريعات الانفعال، ويعانين من نوبات البكاء بعد الولادة مباشرة.
تعتبر هذه المشاعر طبيعية وتهدأ بشكل عام خلال أسبوع أو أسبوعين، لكن مشاعر الاكتئاب الأكثر خطورة أو طويلة الأمد قد تشير إلى اكتئاب ما بعد الولادة، خاصة إذا كانت العلامات والأعراض تشمل:
- البكاء أكثر من المعتاد.
- تدني احترام الذات أو الشعور وكأنك أم سيئة.
- القلق أو الشعور بالخدر.
- صعوبة في النوم، حتى عندما يكون طفلك نائماً.
- مشاكل في الأداء اليومي.
- عدم القدرة على رعاية طفلك.
- أفكار لإيذاء طفلك.
- أفكار الانتحار.
اكتئاب ما بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة هو حالة طبية خطيرة تتطلب العلاج الفوري، ويصيب حوالي 10 إلى 15% من النساء، وهو غالباً مرتبط بعدة أسباب؛ هي:
- التقلبات الهرمونية الكبيرة التي تؤثر على الحالة المزاجية.
- مسؤولية رعاية المولود الجديد.
- الاستعداد لاضطرابات المزاج والقلق.
- مضاعفات الحمل والولادة.
- مشاكل الرضاعة الطبيعية.
- مضاعفات الرضع.
- دعم اجتماعي ضعيف.
- فترة ما قبل انقطاع الطمث؛ انقطاع الطمث خلال الحمل.
سن اليأس
قد يزيد خطر الإصابة بالاكتئاب أثناء الانتقال إلى سن اليأس، وهي مرحلة تسمى فترة ما قبل انقطاع الطمث، عندما تتقلب مستويات الهرمونات بشكل متقطع.
قد يرتفع أيضاً خطر الإصابة بالاكتئاب أثناء انقطاع الطمث المبكر أو بعد انقطاع الطمث، وفي كلتا الحالتين تنخفض مستويات هرمون الاستروجين بشكل كبير.
إذ إن معظم النساء اللاتي يعانين من أعراض انقطاع الطمث المزعجة لا يصبن بالاكتئاب، إلا أنه توجد بعض العوامل التي تزيد المخاطر، وهي كالتالي:
- النوم المتقطع أو السيئ.
- القلق أو تاريخ من الاكتئاب.
- أحداث الحياة المجهدة.
- زيادة الوزن أو ارتفاع مؤشر كتلة الجسم.
- انقطاع الطمث في سن أصغر.
- انقطاع الطمث الناتج عن الاستئصال الجراحي للمبيضين.
مشاكل الحياة
يمكن أن تكون مشاكل الحياة بشكل عام، وسرعة النساء في التأثر بها، من بين الأسباب المؤدية إلى الاكتئاب، والتي تجعل المرأة أكثر عرضة له مقارنة بالرجل.
إذ على الرغم من أن هذه الضغوطات تحدث أيضاً عند الرجال، إلا أنها عادة ما تكون بمعدل أقل، وتشمل العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب لدى النساء ما يلي:
- عدم المساواة في المنصب والمكانة.
- الخوف من المستقبل.
- العمل الزائد بين المنزل وخارجه.
- رعاية الأطفال أو المرضى وكبار السن.
- التعرض للعنف الجسدي أو اللفظي أو العاطفي خصوصاً خلال مرحلة الطفولة.
الحالات الأخرى تحدث مع الاكتئاب
غالباً ما تعاني النساء المصابات بالاكتئاب من حالات صحية عقلية أخرى تحتاج إلى علاج أيضاً؛ مثل:
- القلق الذي يصاحب الحياة بشكل عام.
- اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية أو الشراهة.
- الادمان على المخدرات أو الكحول.
التعرف على الاكتئاب للعلاج
على الرغم من أن الاكتئاب قد يبدو شعوراً قوياً يصعب التخلص منه، إلا أن هناك علاجاً فعالاً له، عند تلقي الرعاية الصحية المناسبة.
وقبل الحصول على الرعاية الطبية، يجب معرفة الأعراض التي تشير إلى الاكتئاب، والتي تتمثل في:
- الشعور المستمر بالحزن أو الذنب أو اليأس.
- فقدان الاهتمام بالأشياء التي استمتعت بها سابقاً.
- تغييرات كبيرة في نمط نومك، مثل صعوبة النوم؛ النوم كثيراً.
- التعب أو الألم غير المبرر أو الأعراض الجسدية الأخرى دون سبب واضح.
- مشاكل في التركيز أو تذكر الأشياء.
- تغيرات في الشهية تؤدي إلى فقدان الوزن بشكل ملحوظ أو زيادة الوزن.
- الأوجاع والآلام الجسدية.
- الشعور بأن الحياة لا تستحق العيش، أو وجود أفكار انتحارية.