بغداد بونجاح، الاسم اللامع في عالم كرة القدم الجزائرية، دخل سجل أبرز النجوم في تاريخ الكرة الجزائرية بهدفه الحاسم في نهائي كأس أمم أفريقيا 2019، والذي حصد به “الخضر” لقبهم القاري الثاني. والبارحة، في مباراة الجزائر الافتتاحية في بطولة كأس أمم إفريقيا 2024، قصَّ بغداد بونجاح شريط أهداف الجزائر في البطولة، وسجَّل هدف فريقه الوحيد في المباراة التي انتهت بالتعادل الإيجابي 1-1.
لكن هدفاً ملغياً هو ما جعل اسم بغداد بونجاح يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي وعبر شاشات التلفاز، المهاجم الجزائري سدد ضربة مقصية على طريقة اللاعبين العظماء، أو إن شئت على طريقة أبطال الرسوم المتحركة الخارقين، ورغم أنها سددت من مسافة بعيدة فإنها كانت قوية لتسكن الشباك، إلا أن الحكم ألغى الهدف بسبب التسلل.
هدف بغداد بونجاح
بدايات بغداد بونجاح
وُلد بغداد بونجاح، في 24 نوفمبر 1991، في وهران، الجزائر. نشأ بونجاح في أسرة محبة لكرة القدم، حيث بدأ شغفه باللعبة منذ سن مبكرة. لعب في شوارع مدينته، حيث بدأ يصقل مهاراته ويظهر موهبته الكروية، بدأ اللاعب الجزائري مشواره الكروي مع فريق شباب عرب وهران، موسم 2009، وبقي معه حتى عام 2011، بعدما خاض معه 46 مباراة، سجل خلالها 39 هدفاً. لكن انطلاقة بغداد بونجاح الحقيقية في رحلته الكروية بدأت من بوابة نادي اتحاد الحراش الجزائري، مزهواً بموهبته التي لا تُخطئها الأعين، ثم انتقل ليرسم مساراً مهنياً بارزاً مع النجم الساحلي التونسي، حيث حقق معه مسيرة متميزة تُوج فيها ببطولتي الكأس المحلي واللقب القاري للكونفدرالية.
واصل بونجاح مسيرته الاستثنائية بالانضمام إلى صفوف السد القطري، في صفقة عدت الأغلى في تاريخ دوري نجوم قطر حينها، وهناك برز نجمه، متألقاً على المستوى الفردي والجماعي، ما جعله نجماً يتلألأ في سماء الكرة القطرية.
وفي شهر ديسمبر 2018، جاءت خطوة مهمة بتجديد عقد بونجاح مع النادي القطري ليستمر حتى عام 2024، في خطوة تعكس الثقة الكبيرة والقيمة العالية التي يُكنها النادي لهذا اللاعب. وقد شمل العقد الجديد بنداً جزائياً، حافظ النادي على سريته، ما يدل على مدى الأهمية البالغة التي يحظى بها بونجاح في صفوف الفريق. في دوري نجوم قطر لموسم 2020/ 2021 حصل بونجاح على لقب هداف الدوري، بعد أن سجل 21 هدفاً في دوري نجوم قطر.
وكان قد حصد الجائزة نفسها في موسم 2018/ 2019، بعد أن سجل 39 هدفاً في دوري نجوم قطر، من أصل 100 سجلها فريقه السد. كما حصل على لقب “هداف دوري أبطال آسيا” في موسم 2018. حصل على لقب “هداف كأس العالم للأندية” في موسم 2019. وفي أفضل مباراة له في مسيرته ربما، دوّن بونجاح سباعية تاريخية في مرمى العربي، ضمن منافسات الجولة الثانية من الدوري القطري عام 2018، خلال المباراة التي حسمها السد بنتيجة 10-1.
كما نجح بونجاح في تحقيق رقم غير مسبوق عربياً، عندما تفوق على الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، والنجم البرتغالي الأشهر في العالم كريستيانو رونالدو، وتصدر ترتيب هدافي العالم في عام 2018. سجل بونجاح في عام 2018 مع ناديه ومنتخب بلاده 59 هدفاً، خلال 40 مباراة رسمية، متفوقاً على ميسي بفارق 8 أهداف.
المشوار الدولي
مرّ بغداد بونجاح بفترة من التجاهل من قِبل المدرب البوسني وحيد خاليلوزيتش بين عامي 2012 و2014، وذلك رغم بروزه في صفوف اتحاد حراش الجزائري والنجم الساحلي التونسي. كرر المدرب الفرنسي كريستيان غوركوف هذا الموقف، إذ لم يُدرج بونجاح ضمن تشكيلته في أمم أفريقيا 2015، رغم أنه المهاجم البارز في تلك الفترة.
لكن شكَّل تولي جمال بلماضي قيادة المنتخب الجزائري نقطةَ تحول حاسمة في مسيرة بونجاح الدولية، حيث برز اللاعب البالغ من العمر 28 عاماً كأحد الأعمدة الرئيسية في تشكيلة محاربي الصحراء، مُعتبَراً الهداف الأمثل في الجزائر على مدى العقد الماضي، بدءاً من تألقه في صفوف شباب غرب وهران عام 2009.
جاء هذا النجاح ثمرة جهد جهيد وتضحيات جسام من بونجاح، لاسيما في سبيل كسب قلوب الشعب الجزائري. كان بغداد مغرماً بكرة القدم، ففرض نفسه كلاعب قوي في فرق الشباب، وتابع طريقه حتى أصبح لاعباً مرموقاً، بل قاد بلاده للفوز باللقب الأفريقي، بعدما سجل الهدف الوحيد في الدقيقة الثانية من المباراة التي أقيمت في استاد القاهرة ضد منتخب السنغال. ذلك الهدف يعد الأسرع في تاريخ المباريات النهائية للبطولة الأفريقية، منذ انطلاقها عام 1957، وجاء بعد مرور دقيقة و20 ثانية فقط من عمر المباراة.
لا يحب الدراسة
سبق أن تحدث والد بغداد عن مسيرته الدراسية وطفولته قائلاً: “كان بغداد ضعيفاً دراسياً، ومشاغباً في صغره، وفي مرة ذهبت للمدرسة وطلبت منهم تركه حتى نهاية العام الدراسي، ثم ترك الدراسة نهائياً بعد ذلك”.
من جانبه، تحدث بونجاح عن تجربته الدراسية قائلاً: “لم أكن أتوقع النجاح في كرة القدم، لكن الدراسة لم ترُق لي، وكنت أواجه صعوبات كبيرة فيها”. وأضاف: “كنت أعيش في بيئة لا تهتم بالدراسة كثيراً، حيث كان الانتقال مباشرة من الفصول الدراسية إلى ملاعب كرة القدم، ولم يكن والدي يعاتبني على هذا الأمر”.
وتحدث والده أيضاً عن عدم رهانه على بغداد، بل كان يراهن على شقيقه الأكبر عبد القادر ليكون لاعب كرة، لكن الأخير قرر عدم الاستمرار في هذا المجال.
يشار إلى أن القيمة التسويقية للاعب الجزائري ارتفعت مع السد، لتصل إلى 3.5 مليون يورو، وفقاً لموقع “ترانسفير ماركت”.