لا تعدّ الرسالة التي خطَّها آرثر جيمس بلفور، وزير خارجية بريطانيا عام 1917، والتي وهبت بريطانيا فيها أرض فلسطين التي لا تملكها للشعب اليهودي الذي كان مبعثراً في أرجاء الأرض بلا وطن، الرسالة الوحيدة التي حددت معالم حقبة جديدة في الشرق الأوسط، وتسببت في معاناة شعب أعزل لا تزال مستمرة منذ ما يزيد على 75 عاماً إلى اليوم.
فهناك العديد من الرسائل عبر التاريخ التي كانت بمثابة صك شرعي لاحتلال أوطان وإبادة شعوب برمتها، كما مثل بعضها أسباباً مباشرة وغير مباشرة لاندلاع حروب كارثية، ولا يمكن تجاهل مدى أهميتها التاريخية في كشف الوجه الحقيقي لأطماع دول تدَّعي تمسكها بمبادئ الديمقراطية، وتبيّن زيف ما يزعمونه من أخلاق وإنسانية..
عمرها 225 عاماً.. رسالة بخط نابليون مهَّدت للحملة الفرنسية على مصر
نشر موقع BNN BREAKING نموذجاً لرسالة نادرة اكتشفها الباحث المصري حسام الحريري، مؤرخة في 4 مايو 1798، وموقَّعة من القائد الفرنسي نابليون بونابرت للجنرال ديسايكس، يأمره فيها بالإبحار إلى مالطا للتحضير لغزو مصر.
محتويات الرسالة
وتتضمن الرسالة تعليمات محددة لتجميع السفن والأسلحة، وذلك استعداداً للحملة الفرنسية على مصر، على أن يكون خط السير مروراً على طول ساحل نابولي، عبر المضيق بجوار منارة ميسينا، والرسو في جزيرة سيراكيوز، أو في مكان قريب منها، حيث سيتم لقاؤه بهم.
كما ينصح فيها نابليون ديسايكس بتسليح قافلته بأربع قواطع بحرية مكونة من 24 مدفعاً، في حالة مرور الإنجليز بالمضيق ويعلمه بضرورة إعداد مئتين أو ثلاث مئة قاذفة رصاصة.
كما أبلغ نابليون ديسايكس بمغادرته الوشيكة إلى طولون عبر “إيل دو سان بيير” بالقرب من سردينيا، وحذره من أوامر محددة وسرية للغاية. ووعده بلقائه في غضون أربعة أيام.
أول عملية عسكرية غربية منذ الحروب الصليبية
وبتنفيذ تعليمات الرسالة من قِبل الجنرال ديسايكس انطلقت الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 بجيش قوامه 36 ألف مقاتل، واستمرت حتى عام 1801 بهدف الدفاع عن المصالح الفرنسية ومنع إنجلترا من التمكن من الوصول إلى الهند، وقد استمرت الحملة 3 سنوات، وانتهت عام 1801 بهزيمة الفرنسيين وانسحابهم.
وتعد الحملة الفرنسية على مصر أول عملية عسكرية يشنها الغرب على دولة في الشرق الأوسط منذ الحروب الصليبية التي بدأت فعلياً يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1095 ووصل عددها لنحو 8 حملات عسكرية بين تاريخ أول حملة عام 1095م، وآخر حملة عام 1291م.
وقد أدّت الحملة الفرنسية على مصر إلى القضاء على مطامع فرنسا في السيطرة على مصر والشرق الأوسط، والقضاء على أسطولها البحري.
كما حاول نابليون إنعاش التجارة الخارجية عن طريق حفر قناة السويس، ورغم أنه عدل عن الفكرة لاعتقاد العلماء بتفاوت مستوى المياه بين البحرين، فإن الحملة لفتت نظر العالم إلى أهمية موقع مصر الاستراتيجي في التجارة الدولية، وأهمية مكانها في الشرق الأوسط، ما دفع الإنجليز إلى محاولة احتلالها عام 1807، لكن محاولتهم باءت بالفشل.
برسالة.. أنشتاين يصنع قنبلة ذرية استخدمت في الحرب العالمية الثانية
بحسب موقع NEW YORK TIMES حلّ عالم الفيزياء الشهير ذو الأصول الألمانية، ألبرت أينشتاين بالولايات المتحدة عام 1933، هرباً من بطش النازيين بسبب أصوله اليهودية.
ومطلع عام 1939، أثارت التصريحات التي تحدثت عن اكتشاف الألمانيين أوتو هاهن وفريتز شتراسمان للانشطار النووي مخاوف كبار الفيزيائيين، من إمكانية استغلال النازيين لهذا الاكتشاف لإنتاج سلاح مدمر قادر على إنهاء الحياة على الأرض.
وأواخر تموز/يوليو 1939، قام كل من زيلارد عالم الفيزياء المجري الأمريكي وأينشتاين عالم الفيزياء الألماني وزاكس المصرفي والخبير الاقتصادي الأمريكي بإرسال رسالة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فرانكلين ديلانو روزفلت يقترحون فيها أن تبدأ الولايات المتحدة برنامجها النووي قبل أن تسبقها إليه ألمانيا.
بفضل الرسالة التي وقَّعها أينشتاين، أمر روزفلت ببعث لجنة اليورانيوم الاستشارية ليظهر بذلك مشروع مانهاتن، الذي أسفر عن إنتاج أولى القنابل الذرية والتي استخدمت لاحقاً ضد اليابان أواخر الحرب العالمية الثانية، وتسببت في تحويل 5 أميال مربعة من وسط المدينة إلى رماد وفي مقتل ما يقدر بنحو 120 ألف شخص خلال الأيام الأربعة الأولى بعد الانفجار. وتبخر الكثير منهم على الفور بسبب الانفجار، وتوفي آخرون بعد ذلك متأثرين بآثار الحروق والإشعاع، وفق ما ذكر في IMPERIAL WAR MUSEUEM.
رسالة كريستوف كولومبوس عام 1945 تُغير مجرى العالم الحديث
كتب كريستوفر كولومبوس بعد عودته إلى أوروبا عام 1493، رسالة إلى أمين الخزانة الملكية الفرنسي، لويس دي سانت أنجيل، جاء فيها : “أبحرت إلى جزر الهند بالأسطول الذي أعطاني إياه الملك والملكة اللامعان، حيث اكتشفت عدداً كبيراً من الجزر، التي يسكنها عدد لا يحصى من الناس، واستحوذت عليها جميعاً لصاحبي السمو”.
ووفقاً لصحيفة الغارديان، فإن الرسالة تشيد بالموارد الطبيعية الغنية في الجزر التي عثر عليها كولومبوس، وتصف السكان الأصليين “الخجولين جداً” الذين التقى بهم هناك بأنهم “لم يبدوا أي شكوك، وكرماء جداً إلى حد السذاجة”. وينظر المؤرخون إلى هذه الرسالة الآن على أنها جزء من الدعاية التي تبشر ببداية الاستعمار الأوروبي للعالم الجديد.
ويعتبر المؤرخون أن الرسالة تمثّل أحد المظاهر الأولى لنموذج “الهمجي النبيل”، فوفقاً للمصدر السابق صوّر كولومبوس في رسالته السكان الأصليين العراة، الذين التقى بهم، بـ”أبرياء سذج يعيشون حياة بسيطة في الغابة، وبالتالي جاهزون للمهمة الحضارية التي أخذها الأوروبيون على عاتقهم في تعاملاتهم مع الشعوب في الأمريكتين وأفريقيا”.
وبعد ذلك، بعد أن تحول إلى حاكم استعماري وحشي ونائب للملك، استغل كولومبوس بشكل منهجي شعب التاينو في منطقة البحر الكاريبي، وأجبرهم على استخراج الذهب وتقديم حصص منه تحت وطأة العقوبة القاسية. كما استعبد هذا الرحالة الآلاف وشحنهم إلى إسبانيا لبيعهم، وذُبح آخرون أو تعرضوا للعنف والقسوة الشديدين.
وأصيب البعض أيضاً بأمراض فتاكة جلبها الإسبان، مثل الجدري والحصبة. وتشير التقديرات إلى أنه في ظرف بضعة عقود من وصول كولومبوس، مات معظم أفراد التاينو بسبب الاستعباد أو القتل أو المرض.
واليوم أصبح الجانب المظلم من التدخل الأوروبي في الأمريكتين معروفاً، وبات المؤرخون ينظرون إلى كولومبوس على أنه “أول المستغلِّين وليس أول المستكشفين”، كما جاء في الصحيفة.
وعد بلفور المشؤوم.. سبب نكبة فلسطين
تعتبر الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطاني جيمس آرثر بلفور عام 1917 إلى اللورد ليونيل روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة، والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين.
وقد جاءت الرسالة بعد اجتماع بلفور مع ممثلي الحركة الصهيونية ومطالبة الحكومة البريطانية من خلاله بإصدار وعد حكومي رسمي بإعطائهم فلسطين بعد النصر في الحرب العالمية، وقد جاء فيها:
“إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الأخرى المقيمة في فلسطين، أو من الحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأخرى أو يؤثر على وضعهم السياسي”.
إثر ذلك، وقعت الحكومة البريطانية على الوعد، وكان هدفها الأساسي استقطاب يهود ألمانيا لينضموا إلى يهود بريطانيا لمساعدة الإنجليز.
وتضمن إعلان الوعد أربعة بنود، أول بندين يعدان بدعم “تأسيس وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين”، وتبعهما “بندان وقائيَّان” ينصان على احترام “الحقوق المدنيّة والدينيّة للمجتمعات غير اليهوديّة الموجودة في فلسطين”، وفقاً لما ورد في موقع Britannica.
وفي جملة واحدة مؤلفة من 67 كلمة كُتبت باللغة الإنجليزية، تم تقرير مصير شعب كامل سيعاني على مدى العقود اللاحقة من الكيان الصهيوني الذي شكل دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، وفقاً لما ورد في موقع BBC.
وفي يوليو/تموز 1921 أعلنت عُصبة الأمم (الأمم المتحدة حالياً) إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وذكرت أن المشروع جاء بناء على الوعد الذي أطلقه بلفور عام 1917.