تشهد بطولة كأس آسيا قطر 2023 مشاركة المنتخب الفلسطيني لكرة القدم للمرة الثالثة في تاريخ المنافسة، فقبل طرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي قبل عقود، كان المنتخب الفلسطيني محروماً من المشاركة في المنافسة القارية، وذلك بعد أن سرق الكيان الصهيوني صفته الكروية، وحوّل تسمية الاتحاد الفلسطيني إلى الإسرائيلي، وصار أحد المؤسسين للبطولة الآسيوية، بل إنّه سبق أن توّج بالبطولة، كما سبق له التأهل إلى مونديال 1970 عن القارة الآسيوية، قبل أن ينجح العرب في طرده من البطولة ومن الاتحاد الآسيوي، ما قصة طرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي؟
كانت من مؤسسي الاتحاد الآسيوي وفازت بكأس آسيا
تأسس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في 8 مايو /أيّار عام 1954، فكانت إسرائيل من الدول الـ14 المؤسسة لهذا الاتحاد، وهي بالإضافة إلى إسرائيل، كل من أفغانستان، ميانمار، تايبيه الصينية، هونغ كونغ، إيران، الهند، إندونيسيا، اليابان، كوريا الجنوبية، باكستان، الفلبين، سنغافورة وفيتنام، في حين غابت الدول العربية التي كانت غالبيتها تقبع تحت ذيل الاحتلال، ورافضةً لوجود إسرائيل في الاتحاد.
بعد عامين من تأسيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، أقيمت أول بطولة لكأس آسيا عام 1956، واختيرت هونغ كونغ لتنظيم النسخة الأولى، والتي شهدت مشاركة منتخب إسرائيل الذي حل في مركز الوصافة.
تجددت المشاركة الإسرائيلية في البطولة الآسيوية في نسخة 1960 التي استضافتها كوريا الجنوبية، قبل أن يتوج منتخب إسرائيل بلقبه الأول والوحيد عندما استضاف البطولة في 1964.
وشاركت إسرائيل في نسخة عام 1968 في إيران، اكتفت إسرائيل باحتلال المركز الرابع في تلك البطولة.
الانسحابات.. أول الضغوط من أجل طرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي
في منتصف ستينات القرن الماضي، انضمّ عرب آسيا إلى الاتحاد الآسيوي، من خلال عضوية كل من الكويت ولبنان في الاتحاد عام 1964. فكانت أولى المواجهات العربية الإسرائيلية من خلال بطولة الأندية الآسيوية في لقاء جمع فريق هومنتمن اللبناني ونادي هابويل تل أبيب الإسرائيلي، وأعلن حينها نادي هومنتمن عن قرار تاريخي بالانسحاب من المباراة واعتباره مهزوماً عوض مواجهة الفريق الإسرائيلي.
بعد سنة من ذلك، تكرّر الأمر مع نادي الشرطة العراقي الذي تأهل إلى نهائي البطولة ووجد نادي مكابي تل أبيب في انتظاره في النهائي. قرر الشرطة العراقي حينها رفض اللعب وآثر خسارة اللقب على مواجهة فريق إسرائيلي.
وفي عام 1958 فازت إسرائيل في المباريات المؤهلة لكأس العالم عن المنطقة دون أن تلعب مباراة واحدة – ما أجبر الفيفا على تنظيم مباراة فاصلة بين فريقي ويلز وإسرائيل خسرها الأخير.
وفي بطولة عام 1972 شهدت تلك النسخة أول مشاركة للعرب من خلال منتخبي العراق والكويت، اللذين ودّعا البطولة من دورها الأول، لكن ما يهم حينها كان الوجود العربي والغياب الإسرائيلي عن تلك البطولة.
ومع توالي الانسحابات، أدرك العرب أنّ الحلّ لا يجب أن يقف عند الانسحاب أمام الفرق الإسرائيلية كونه موقفاً مؤقتاً فقط، بل يجب أن يتعداه إلى طرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي.
الكويت تقود مبادرة عربية لطرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي
مع تناسق المواقف الرياضية العربية تجاه رفض تواجد إسرائيل في الاتحاد الآسيوي وبطولاته، خرج رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم حينها، أحمد السعدون، ليقود حملة طرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي، واستهل حملة لدعوة الدول العربية الآسيوية كافة للانضمام إلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم من أجل تشكيل موقف موحّد إزاء الكيان الصهيوني.
انضم حينها إلى الكويت ولبنان، كل من البحرين، العراق، الأردن وسوريا ما بين 1969 و1970، بعدها قطر والإمارات عام 1974. فكانت أصوات العرب داخل الاتحاد قوية ومسموعة.
ليصدر بعدها الطلب الرسمي من الاتحاد الكويتي لكرة القدم إلى الاتحاد الآسيوي من أجل طرد إسرائيل خلال الألعاب الآسيوية عام 1974. ليتمّ تجميد عضوية الكيان الصهيوني حتى إشعار آخر.
وجاء طرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي في عام 1976، خلال مؤتمر الاتحاد الآسيوي في العاصمة الماليزية كوالالمبور، التي وزّع فيها العرب قراراً للتصويت، بتعديل المادة 32 من قانون الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وإضافة فقرة جديدة للمادة المذكورة، بحيث تصبح شروط فقدان عضوية الاتحاد الآسيوي كالتالي:
أ – إذا توقفت عضويته في الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ب – إذا لم يسدد الرسوم المستحقة عليه للاتحاد الآسيوي لكرة القدم وأي ديون أخرى للاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
جـ – إذا أخل بالنظام الأساسي للاتحاد الآسيوي لكرة القدم أو سلك سلوكاً غير مشرف.
د – إذا توقف عن التمثيل الفعلي لبلده كاتحاد أهلي لكرة القدم.
هـ – إذا كان استمرار عضويته في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يحول دون تطور الكرة في المنطقة التي يشرف عليها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. (أُضيفت هذه الفقرة في المؤتمر السابع للاتحاد الآسيوي لكرة القدم بكوالالمبور).
وبفضل تلك المادة، صدر القرار الرسمي بطرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي في قرار صوّت عليه 17 دولة في مقابل تصويت 13 دولة من أجل بقاء “إسرائيل”، في حين امتنعت 6 دول عن الإدلاء بصوتها.
وفي العام 2012 روى أحمد السعدون، الرئيس الأسبق للاتحاد الكويتي لكرة القدم، في لقاء إعلامي قصة استبعاد إسرائيل من البطولة القارية.
فقال السعدون: “قمنا باتصالات وبعثنا برسائل لكل الاتحادات العربية في آسيا واتحادات كرة القدم في آسيا، وطلبنا منهم الانضمام وشرحنا لهم الأسباب”.
بعد هذا القرار، سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى طرد أحمد السعدون من كلّ المؤسسات الرياضية في القارة الآسيوية، معتبراً إياه العدو الأول للرياضة الإسرائيلية. لكن السعدون بقي ثابتاً، في المقابل طرد إسرائيل من بطولة كأس آسيا والاتحاد الآسيوي
وفي الفترة الممتدة من 1982 إلى 1994، شاركت إسرائيل في بطولات دولية بأوروبا وأوقيانوسيا قبل أن تمسي رسمياً عضواً بالاتحاد الأوروبي لكرة القدم سنة 1994، لأسبابٍ سياسية.