غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

رياضة

محمد صلاح.. كيف أحدث الشقاق بين المنتخب المصري وجماهيره؟

نتائج الثانوية العامة

بدا غريباً بعض الشيء، أن تظهر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعم المنتخبات التي يواجهها منتخب مصر في كأس الأمم الأفريقية عام 2024 بساحل العاج، والأغرب أن أصحاب هذه الصفحات مصريون!

نعم، والأمر ليس محض فكاهة فحسب، فرُواد هذه الصفحات يدعمون المنتخبات التي تُواجه مصر، والحال ليس محصوراً على تلك الصفحات فحسب، بل هناك كثير ممن يدعمون المنتخبات نفسها ضد المنتخب المصري، ومن المصريين كذلك.

لكن إذا عُدنا مؤخراً إلى الإجابات المنطقية لهذا الظاهرة؛ فسنجد على الأرجح أن الإجابة لدى لاعبي المنتخب المصري أنفسهم، وعلى رأسهم قائدهم الذي كان من المفترض أن يقود الشعب كله نحو مؤازرة ودعم المنتخب الوطني؛ محمد صلاح.

كان الشعب المصري دائماً مسانداً وداعماً بصورة مستمرة لمنتخب مصر، في أي مكان يذهب إليه، وفي كل بطولة يلعب فيها، ولعل أبرز فترات هذا الدعم كانت في فترة المدرب المصري حسن شحاتة وجيله التاريخي الذي حقق لقب بطولة كأس الأمم الأفريقية في ثلاث نسخ متتالية، وقدم مشاركة استثنائية في بطولة كأس القارات عام 2009 بجنوب أفريقيا.

بالمثل، وبعد الهزيمة الكبيرة التي تلقاها المنتخب المصري أمام منتخب غانا في تصفيات كأس العالم عام 2014 في البرازيل بسداسية في غانا، وقف محمد صلاح في مشهد مؤثر مع النجم محمد أبو تريكة والأخير يُواسيه ويأتمنه على قيادة هذا الحلم المصري الذي أخفق فيه جيل أبو تريكة كله على مدار السنوات.

حمل محمد صلاح لواء هذه الأمانة، وتحول الشعب كله إلى مناصر للنجم الذي خرج من المقاولون العرب إلى صفوف بازل السويسري، ومن بازل إلى تشيلسي.. وبقية القصة معروفة طبعاً.

لكن الأمور اختلفت، يوم أن تحول محمد صلاح نفسه إلى مُجنس مصري يصل إلى المنتخب بحراسة مشددة، وأسطول كامل من الدعم، سواء كان إعلامياً أو حتى عبر الحراسة التي ذكرناها، رسم محمد صلاح لشعبه أن الوصول إلى منتخب مصر بمثابة فترة احتراف، وأن فترة مكوثه في ليفربول هي وطنه الحديث أو المستحدث.

وبدأت تصريحات صلاح، المصري الذي أحبه الشعب، تتغير وتتلون بتلون قوام المنتخب، حتى وصلنا إلى بطولة عام 2019 في كأس الأمم التي لُعبت بمصر، والتي بدا فيها أن المنتخب المصري لا يمتلك فرصة أفضل من تلك التي في أرضه وبين جماهيره لتحقيق لقب تغيب عن خزائنه لتسع سنوات كاملة.

لكن تفاقمت الأزمة بين الأنصار والعناصر الخاصة بالمنتخب في هذه الفترة لعدة أسباب؛ أولها بكل تأكيد هو الحوادث الخارجة التي فعلها لاعبو المنتخب وعلى رأسهم عمرو وردة، وثانيها دعم محمد صلاح وأحمد المحمدي لهذا الموقف والدفاع عن عمرو وردة وإعادته للمنتخب، وبين هذا كله كان لاعبو المنتخب يحتفلون بالأهداف ناظرين إلى الجماهير الحاضرة في المدرجات بطريقة كأنهم يتنصرون لنضالهم من أجل الرفيق عمرو وردة.

تزايدت حالة الشقاق بين محمد صلاح وجماهير المنتخب المصري أكثر وأكثر، حين خرج محمد صلاح بطريقة مُخزية من البطولة، وذهب في لقاء صحفي مع مذيعة سألته عن موقفه من عمرو وردة، وكان رد محمد صلاح أنه لم يقصد ما تم الإشارة إليه، وأن عمرو وردة بحاجة إلى علاج مما يفعله؛ إذن فهُنا حديث، وهناك حديث آخر.

وفقد محمد صلاح كافة الأسهم المنطقية بالنسبة له، رغم تزايد حالة الدعم والحب التي كان عليها الناس معه في ليفربول ومن خلف الشاشات في المقاهي التي تضبط ساعاتها لاستقبال كل مباريات ليفربول من أجله.

خسر المنتخب المصري نهائي بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 2017 في الجابون ضد الكاميرون، ولم يكن صلاح مُلاماً حينها، وخسر نهائي كأس الأمم الأفريقية عام 2021 في الكاميرون ضد السنغال، وكان صلاح أبرز فريسة بالنسبة للساخطين على الخسارة الثانية.

إذا قدم المنتخب المصري مباريات كبيرة، بدافع وحماسة وندية لكل الخصوم، الأفارقة منهم والعرب؛ فستجد الشعب يدعمهم ويهتف لهم، لكن مشكلة الخلاف المصري الشعبي مع المنتخب نفسه أن المنتخب لا يستشعر ما يمر به الناس ولو شعر فإنه يتخذه عليهم!

نفهم جيداً أن الموقف من محمد صلاح لم يعد مجرد موقف كروي، بل امتداد لمواقف كثيرة سيئة أصدرها محمد صلاح بحق نفسه دون أن يقوده إليها أو يُرغمه عليها أي إنسان، وهو ما أثار حفيظة كثير من الأنصار الذين انقلبوا ضده.

ولعل أبرز ما كان منه، هو صمته الشديد ناحية القضايا العربية، بالتحديد التي يزعم محبوه أنه بحاجة إلى التدقيق والتركيز قبل الحديث عنها؛ لكيلا يخسر أي شيء، ويستمر في حالة المماطلة تلك لأيام وربما لأسابيع حتى يخرج بشيء مُشوه تماماً، لكن في الوقت نفسه لا نراهم حين يتحدث محمد صلاح عن الأحداث والقضايا الغربية في نفس اليوم والليلة من حدوثها!

Shutter Stock/ محمد صلاح

لم يكن الوضع الاقتصادي لمصر قط حاجزاً لمشاهد مباريات المنتخب، مهما كان الوضع، لكن من الواضح أن حالة الغضب الشعبي الكبير ضد هذا المنتخب، من جيل محمد صلاح بالتحديد، قد تحول إلى ما يُشبه الثورة المضادة لنجم أرادوا له أن يكون مثلهم تماماً، لكنه اتخذ أن يتنكر لهم بل ويلومهم أحياناً.

لذلك، ليس الأمر غريباً أن تُشاهد مصرياً يدعم المنتخبات التي تلعب ضد منتخب مصر حالياً، ويتمنى للمنتخب الهزيمة، لكنه يفرح بشدة لأداء لاعبين مثل: مصطفى محمد وعمر مرموش ومحمود حسن تريزيجيه، الذين يلعبون رفقة المنتخب بمستويات تجعلك تنسى أنهم يحترفون خارج مصر أو مروا بتجربة الاحتراف في حد ذاتها.

ومن هُنا نفهم أن الخلاف ليس خلافاً طبقياً ولا غيره؛ وإنما أصل الخلاف في أن نجم المنتخب وقائده، واللاعب الذي لم نمتلك مثله من قبل، أصبح عالة على قلوب الناس بشكل واضح، وليس عالة على قوام المنتخب نفسه، وإنما بات الحديث عنه بمثابة ثقل شديد، والدفاع عنه يحتاج إلى تبرير جديد سيبدو سخيفاً مهما كان منطقياً أو حاول صاحبه أن يُمنطقه.

ومن الواضح أن محمد صلاح كذلك قد خسر ميزة الدعم الجماهيري الكبير، الذي لم يحسبه بالشكل الصحيح والسليم رغم أسطوريته الكبيرة في عالم اللعبة، وأصبح صلاح، من بين كل النجوم الذين مروا على منتخب مصر؛ أكثر من انقلب الناس ضده، لدرجة أنك ستجد أناساً يفرحون بإصابته مثلما حزنوا على إصابته مع ليفربول بفعلة سيرجيو راموس في نهائي دوري أبطال أوروبا، ورغم سوء الفعلين، فإن محمد صلاح نفسه هو من عادى الناس وجعلهم يشعرون بأن من حزنوا عليه لا يُشبهون أبداً من يشمتون فيه لكل إخفاق حالياً.


مُهمّتي متابعة وتغطية الأحداث الرياضية المحلية والعربية والعالمية. أقوم بمتابعة تحركات اللاعبين والمدربين وتحليل تأثيرها على الفرق والبطولات. ومتابعة أهم البطولات والمسابقات الرياضية حول العالم.

منشورات ذات صلة