أثار قرار مصري جديد حالةً من السخرية والجدل الواسعين عبر منصة إكس، تويتر سابقاً، بعد أن أعلن مسؤولون عن مشروع لوزارة الآثار المصرية لإعادة ترميم الكساء الخارجي لهرم منكاورع.
وفي منشورات عبر المنصة على مدى الأيام الماضية، تحت وسم “تبليط الهرم” اعتبر نشطاء أن القرار المصري بالمشروع الجديد ما هو إلا حيلة جديدة لكي يتم “اختلاس وإهدار أموال الدولة”، حتى وإن كان المشروع بمثابة تدمير لأحد أكبر مقدرات مصر التاريخية والأثرية.
جدل “تبليط الهرم” بين المتابعين في مصر
تحت تسمية “تبليط الهرم”، تداول رواد منصة إكس تعليقاتهم على الخبر، مستنكرين تخصيص ميزانيات من أموال الدولة لهذا المشروع، في حين يعاني المجتمع من حالة اقتصادية متردية، ووصول قيمة الجنيه المصري لأدنى مستوياته أمام الدولار.
ومن بين أبرز التعليقات على المشروع:
الرد الرسمي على جدل مشروع “تبليط الهرم”
من الجانب الرسمي، حاول المسؤولون المصريون توضيح أبعاد المشروع الجديد وجدواه المزعومة، فأوضح مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “الحكاية” على قناة (MBC Masr)، أن إطلاق رواد مواقع التواصل الاجتماعي على “الكساء الخارجي” للهرم الثالث تسمية “تبليط” غير دقيقة.
وأعلنت وزارة السياحة والآثار، عبر بعثة أثرية مصرية يابانية مشتركة، البدء في “مشروع دراسة وتوثيق البلوكات الجرانيتية”، التي تمثل الكساء الخارجي لهرم الملك منكاورع، والموجودة في منطقة أهرامات الجيزة، تمهيداً لإعادة تركيبها.
مشروع تركيب “بلوكات” جرانيتية وترميم الهرم
أوضح المسؤول، بحسب جريدة المصري اليوم، أن “الأهرامات كان لها كساء خارجي من الحجر الجيري، لافتاً إلى أن الهرم الثالث كان له كساء من الجرانيت، وهذا الكساء وقع وتناثر، ولم يتبقَّ إلا بعض الأحجار.
وأضاف: “هرم منكاورع من الأسرة الرابعة منذ 4000 سنة، وكان اتعمل فيه كساء لـ16 مدماك ولم يكمل باقي الهرم، والبلوكات اللي (التي) وقعت هنعمل الدراسة اللازمة لإعادتها لأصلها، لكن مش هنجلّد الهرم للآخر.. مفيش حاجة اسمها تبليط ولا نكمله للآخر”.
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن هناك لجنة علمية مكونة من عدد من العلماء، ستُعرض عليهم الدراسات كافة قبل البدء في التنفيذ.
وتابع وزيري في تصريحاته، أن المشروع سيسهم في رؤية هرم الملك منكاورع للمرة الأولى “كاملاً بالكساء الخارجي له، كما بناه المصري القديم”، لافتاً إلى أن البلوكات الجرانيتية للكساء الخارجي للهرم كانت حوالي 16 بلوكاً، لم يتبقَّ منها حالياً سوى 7 بلوكات فقط، وسيقوم المشروع بالعمل على دراستها وترميمها وتوثيقها وإعادة تركيبها.
وأضاف أن المشروع سيتم تنفيذه على مراحل عدة، خلال 3 سنوات، ليشمل أعمال رسم وتصوير الفوتوجرامتري، والتوثيق، ثم البدء الفعلي في أعمال إعادة “تركيب البلوكات الجرانيتية”.
بعثة مصرية يابانية مشتركة
بحسب صحف مصرية، بدأت وزارة السياحة والآثار، ممثلةً في المجلس الأعلى للآثار، من خلال بعثة أثرية مصرية يابانية مشتركة، برئاسة مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ويوشيمورا ساكوجي، في مشروع دراسة وتوثيق البلوكات الجرانيتية التي تمثل الكساء الخارجي لهرم الملك منكاورع، والموجودة بمنطقة أهرامات الجيزة؛ تمهيداً لإعادة تركيبها، وذلك “كما بناه المصري القديم”، وفقاً لتصريحات الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.
أزمة اقتصادية طاحنة
في غضون ذلك، يواجه الاقتصاد المصري متغيرات صعبة، أبرزها سقوط الجنيه المصري مقابل الدولار، والفجوة الهائلة بين السعر الرسمي والسوق السوداء، وتعثر الحكومة في سداد الديون، وخططها بتعويم العملة الوطنية، أمام تراجع عائدات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج.
إذ تعتمد مصر على 5 مصادر رئيسية للحصول على العملة الصعبة، تتمثل بالصادرات، وعائدات السياحة، وإيرادات قناة السويس، وتحويلات المغتربين، والاستثمارات الأجنبية، وجميعها تشهد تراجعاً في الإيرادات.
هذه المشاكل الاقتصادية كلها تتفاقم في وقت تجري فيه بعثة صندوق النقد الدولي مفاوضات عسيرة مع الحكومة المصرية، لإجراء المراجعة الأولى والثانية ضمن اتفاقهما للحصول على قرض قيمته 3 مليارات دولار، بعد أن تم إرجاء تلك الجولة لما يقرب من عام كامل، غير أنه يجد نفسه أمام متغيرات عديدة في مقدمتها تدهور سعر الجنيه المصري أمام الدولار.
تعد أبرز المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد المصري تراجع عوائد العملة الأجنبية، التي تساعده على اتخاذ خطوة تعويم الجنيه المصري، أو الوصول إلى سعر مرن للعملة المحلية، وفقاً لمطالب صندوق النقد الدولي، وبما يدعم التزام الحكومة بسداد ديونها الخارجية هذا العام 2024 والأعوام المقبلة.
يتزامن ذلك مع تراجع معدلات السياحة الداخلية في مصر، وأزمة البحر الأحمر التي تتأثر بها قناة السويس، وحرب غزة، ونهايةً بتراجع تحويلات المصريين في الخارج، بعد أن وصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى 65 جنيهاً مقابل 31 جنيهاً في البنوك الرسمية.