غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

تقارير

زيارته الخامسة للمنطقة تكشف عن التوترات مع إسرائيل.. هكذا استهزأ نتنياهو بما قدمه بلينكن

تلقي زيارة وزير الخارجية الخامسة للمنطقة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، الضوء بشكل متزايد على التوترات الحادة بين أمريكا وإسرائيل، فكيف استهزأ نتنياهو بما قدمه بلينكن؟

إذ جاء بلينكن لإسرائيل هذه المرة بخطة أمريكية “غير مسبوقة” تشمل وقف الحرب على غزة، وتبادل الأسرى، وإقامة دولة فلسطينية، مقابل اعتراف وضمانات عربية، فكيف يرد نتنياهو؟ الإجابة على السؤال جاءت في تقرير لصحيفة The Economist البريطانية، عنوانه “إسرائيل تستهزئ بخطة سلام أمريكية غير مسبوقة”، يلقي الضوء على تفاصيل وكواليس زيارة وزير خارجية جو بايدن، أنتوني بلينكن، إلى المنطقة هذه المرة.

ما ملامح خطة أمريكا للسلام؟

نقلت الصحيفة البريطانية عن مسؤول أمريكي قوله إن الحرب الإسرائيلية على غزة ربما تمثل لحظة فارقة في الصراع في فلسطين، حيث إن المملكة السعودية السعودية توافق الآن على الاعتراف بالدولة اليهودية والتفاوض معها، إذا وافقت إسرائيل على تأسيس دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي هذا الإطار، هناك موافقة أيضاً على تقديم ضمانات أمنية عربية لإسرائيل بشأن العلاقات الدبلوماسية السلمية وغيرها، وموافقة أخرى على أن تساعد الدول العربية في إصلاح السلطة الفلسطينية لتصبح صالحةً لتولي السيطرة على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

هذه هي الرسالة التي حملها بلينكن لإسرائيل بعد زيارته شبه الجزيرة العربية، وهي الجولة الخامسة في المنطقة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. لكن بالنظر إلى رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن إسرائيل الآن هي التي ترفض هذه الرسالة، بحسب تقرير الإيكونوميست.

لكن الأفق في الشرق الأوسط يبدو محفوفاً بالمخاطر، حيث يتبادل حلفاء إيران إطلاق النار مع إسرائيل على نحو منتظم، وأولئك الحلفاء في سوريا والعراق واليمن يهاجمون القوات الأمريكية. وقبل زيارة بلينكن بيومين ضربت الصواريخ الأمريكية 85 هدفاً على الأراضي العراقية والسورية، لقوات تقول واشنطن إنها وكيلة لإيران في المنطقة. وبعد أشهر من الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، استشهد أكثر من 27 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما تسببت الحرب في تهجير أغلبية سكان القطاع، الذين يواجهون الآن المرض والجوع.

زيارته الخامسة للمنطقة تكشف عن التوترات مع إسرائيل.. هكذا استهزأ نتنياهو بما قدمه بلينكن

وتمثُل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية وتواجه اتهاماتٍ بالإبادة الجماعية. وفي أعين كثيرين، تعرضت سمعة الولايات المتحدة لضرر شديد وتلطخت بشدة بسبب دعم جو بايدن العسكري والسياسي لإسرائيل التي تقول إنها تريد تدمير حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”.

وبينما كان بلينكن يتنقل بين القصور العربية الفاخرة والمكاتب السياسية الإسرائيلية الرتيبة، سعى وزير الخارجية الأمريكي لتحويل الكارثة في غزة إلى فرصةٍ للسلام. وبدا أن المسؤولين الأمريكيين قد ابتهجوا بالأحاديث مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.

فقد أصبحت المملكة السعودية شريكةً مركزية في الاستراتيجية الدبلوماسية الطموحة للولايات المتحدة، ويتطلب هذا تأمين هدنة “ممتدة” للقتال في غزة، مع تبادل للأسرى والمحتجزين، ما قد يقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، وقبول إسرائيلي بدولة فلسطينية، واعتراف سعودي بإسرائيل، والتزامات أمنية أمريكية جديدة.

اقتناع بلينكن بالخطة “غير المسبوقة”

يبدو بلينكن مقتنعاً بأن اللحظة التي تعيشها إسرائيل اليوم، ليست أقرب إلى عام 1967، بل إلى فترة ما بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 والانتفاضة الفلسطينية في عامي 1987 و1991. ففي هذه الفترات، أدت الحرب والانتفاضة إلى معاهدة السلام مع مصر في عام 1979 واتفاقيات أوسلو في عام 1993 التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية.

ومع ذلك، فإن الطريق إلى اتفاق إقليمي ليس مضموناً على الإطلاق. فمن ناحية، يرتكز اتفاق الأسرى، وهو الخطوة الأولى الأساسية في الخطة الأمريكية على عناصر أعلن نتنياهو رفضها.

فقد جلب بلينكن إلى تل أبيب ما اعتقد أنه أخبار تبعث على الأمل على هذه الجبهة. وفي 6 فبراير/شباط، أخبره أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، أنه تلقى رداً من حماس على صفقة الأسرى التي صاغتها إسرائيل وأمريكا ومصر وقطر. لقد اعتبرت قطر الإجابة “إيجابية”، ورغم التحفظات بلينكن، إلا أنها قابلة للتطبيق من قِبَلِ الأمريكيين، لكن نتنياهو وصفها بأنها “وهمية”.

الحرب على غزة
جنود الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة/الأناضول

وإذا ما تم التوافق على البدء في تنفيذ الخطة، سيكون هناك الكثير من المساومة حول من سيُطلَق سراحه وبأي ترتيب. وتظل النقطة الشائكة الكبرى هي ما إذا كان العدوان الإسرائيلي سيتم استئنافه بعد الهدنة، وهو ما تصرح حكومة نتنياهو بأنه سيحدث، بينما تصر حماس على وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي من غزة.

وعلى الأرجح، بحسب تقرير الصحيفة البريطانية، سيكون الحل الوسط هو التوصل إلى اتفاق على مراحل. وتأمل الولايات المتحدة أن يساعد حتى التوقف المؤقت، قبل بداية شهر رمضان في أوائل شهر مارس/آذار، في تغيير عقلية الجانبين، ما يسمح لهما بالتفكير في “اليوم التالي”.

كيف يرد نتنياهو؟

كل هذا يسلط الضوء على موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن عن نيته القتال من أجل “النصر المطلق” ومعارضته لأي دولة فلسطينية. ويريد القادة العرب من الولايات المتحدة أن تمارس المزيد من الضغوط عليه. لكن في الوقت الحالي، ورغم الخلاف العام المتزايد، تزعم إدارة بايدن أن وقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل لن يؤدي إلا إلى تشجيع حماس وباقي أعداء إسرائيل.

في المقابل، شدد بلينكن على “أهمية اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين في غزة”، والسماح بدخول المزيد من الإمدادات الإنسانية. وفي الأول من فبراير/شباط، فرضت أمريكا أيضاً عقوبات على 4 مستوطنين يهود متهمين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين، وهو الأمر الذي انتقده نتنياهو ووصفه بأنه “إشكالي للغاية”.

ويعتقد بلينكن أن المنطقة على مفترق طرق. أحد الطريقين يؤدي إلى الخلاص، من خلال “مستقبل إيجابي وقوي للغاية” “يدمج دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل حقيقي في المنطقة ويلبي احتياجاتها الأمنية الأكثر عمقاً”، وأيضاً “يستجيب لتطلعات الشعب الفلسطيني” وحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة.

أما الطريق الآخر فيؤدي إلى الهلاك، مع استمرار القتال في غزة وتصاعد الحرب مع حلفاء إيران. ورغم أنه لم يوضح ذلك، يبدو بلينكن قلقاً بشأن احتمال تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة. ويتركز الفلسطينيون بشكل متزايد هناك، ويكمن الخطر في دفعهم عبر الحدود إلى سيناء. وفي محاولة لطمأنة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعرب بلينكن عن “رفض أمريكا لأي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة”.

إسرائيل
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – رويترز

تحث أمريكا إسرائيل على الموافقة على “مسار عملي ومحدد زمنياً ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية” كجزء من اتفاق رباعي الأطراف بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والمملكة العربية السعودية. وستعرض الولايات المتحدة معاهدة دفاعية مع المملكة السعودية وتكنولوجيا نووية مدنية. وستوافق السلطة الفلسطينية الضعيفة على الإصلاح.

ومن أجل تحسين الصفقة بشكل أكبر، تفكر بعض الدول العربية في تقديم “ضمانات أمنية” إضافية لإسرائيل. لم تُحدَّد هذه الضمانات حتى الآن، رغم أنه من غير المرجح أن تنطوي على معاهدة دفاع رسمية. ولا تمتلك دول الخليج جيوشاً كبيرة، ولا تريد أن تكون في طليعة المواجهة الأمريكية الإسرائيلية مع إيران. ولكن قد يكون هناك شيء أكثر مرونة في المستقبل القريب، بحسب الإيكونوميست.

تشمل الخيارات أيضاً المزيد من تبادل المعلومات الاستخبارية وإنشاء منطقة دفاع جوي مشتركة قوية. بل إن البعض يتحدث عن مناورات عسكرية مشتركة، وهو أمر غير معتاد. وقال بلينكن إن هذه الدول العربية “مستعدة للقيام بأشياء مع إسرائيل ومن أجلها لم تكن مستعدة للقيام بها في الماضي”.

علاوة على ذلك، تبدو الدول العربية مستعدة لمساعدة السلطة الفلسطينية في إصلاحها. وفي هذا الإطار، جاء اجتماع وزراء خارجية المملكة السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن مع مسؤولين من السلطة الفلسطينية في الرياض يوم 8 فبراير/شباط لمناقشة الحوكمة. وتشير بعض المصادر العربية إلى أن الأردن يمكن أن يساعد في تدريب قوات الأمن الفلسطينية، ويمكن للإمارات أن تساعد في تحسين إدارة السلطة الفلسطينية.

كانت الدول العربية قد أوضحت أنها لن ترسل قوات حفظ السلام إلى غزة إذا غادرها الإسرائيليون. ولن يدفعوا تكاليف إعادة بناء القطاع ما لم يكن هناك التزام إسرائيلي بإقامة دولة فلسطينية. ومع ذلك، يبدو أنهم يدركون أنهم بحاجة إلى تحمل مسؤولية أكبر فيما يتعلق بتسوية القضية الفلسطينية، أو باستغلال إيران وغيرها من الأطراف المتشددة الأمر لصالحها، تقول الصحيفة البريطانية.

في السر، يُقال إن نتنياهو أكثر مرونة مما يسمح به. فهل يستطيع أن يحمل نفسه على قول نعم للخطة الأمريكية؟ وإذا رفض فهل من سيحل محله سيكون أكثر استعداداً؟ لا بلينكن ولا أي شخص آخر متأكد من ذلك، بحسب الإيكونوميست.


اشتري وجبة شاورما لـ شخص 1 من طاقمنا، (ادفع 5 دولار بواسطة Paypal) | لشراء وجبة اضغط هُنا


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة