كشفت الفنانة التونسية هند صبري عن موقفها، لأول مرة، من استقالتها من منصب سفيرة النوايا الحسنة في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، الذي جاء تضامناً مع أهل غزة، بعد الحرب الذي تشنّها عليها قوات الإحتلال الإسرائيلي منذ ما يزيد على 4 أشهر متواصلة.
وكشفت صبري، في لقاء خاص ببرنامج “ET بالعربي” أن قرارها جاء بعد إحساسها أن هناك معايير مختلفة للإنسانية، والتي لا تطبق على أهل غزة، من أطفال ونساء وشيوخ.
لن أتاجر بالحرب على غزة.. هند صبري تصرح
وقالت هند صبري، في تصريحها الذي نُشر بتاريخ 10 فبراير/شباط 2023 من خلال البرنامج التلفزيوني المذكور: “حسيت في شرخ في العالم، وما زلت أشعر بنفس هذا الإحساس”.
ورداً على سبب اختفائها عن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بعد بداية الحرب، ردت صبري بالقول: “كلنا كعرب حسينا بنفس الأشياء، وأنا في بيان صحفي قلت إني لن أتاجر بهذا الموضوع، وبحترم جداً المنظمة التي كنت سفيرتها، واحترامي للناس اللي في الميدان ومجهودهم لي ما تغيرش، لأنو في ناس تشتغل في الميدان وبتجازف بأرواحها لازم يكون لهم احترام”.
وأكملت تصريحها: “كانوا دائماً يقولون لي هناك أمم متحدة، فكنت أقول لهم تخيلوا عالم من غير أمم متحدة، إحنا فعلاً وصلنا للعالم ده”.
تفاصيل ما بعد الاستقالة من منصب سفيرة النوايا الحسنة
تحدثت هند صبري، خلال نفس اللقاء، عن طريقة تقبل الأمم المتحدة لقرارها في الاستقالة، وقالت: “لم يكن أي اعتراض واحترموا قراري، واليوم هناك مليون طريقة لتقديم المساعدة، ويكون عندي حرية أكبر للمشاركة في فعاليات لم أكن قادرة على المشاركة فيها، لكن مفيش ضغينة من الناحيتين”.
وأضافت: “مشكورين أنهم نزلوا بيان في منتهى الاحترام، ومنتهى الامتنان للشغل، لأنه فعلاً ما يربطني بهم إلا كل خير، وهذا قرار شخصي أتحمل مسؤوليته اليوم وغداً وبعد غد”.
العجز يجرّ هند صبري إلى الاستقالة
يُشار إلى أن هند صبري استمرت في منصب سفيرة النوايا الحسنة في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لمدة 13 سنة كاملة.
وقدمت استقالتها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد مرور شهر على حرب غزة، وذلك تعبيراً منها عن غضبها مما يقع في القطاع، دون القيام بأي تدخل حقيقي يساعد على وقف استشهاد المدنيين، الذين يتعرضون للقصف بشكل يومي من طرف قوات الاحتلال.
وقد صرحت هند صبري، في بلاغ مطول لها، بأنها اتخذت هذه الخطوة بسبب إحساسها بالعجز لعدم قدرتها على القيام بأي عمل قادر على تحقيق أي نوع من التغيير.
وجاء في البلاغ: “أكتب هذا بقلب مثقل وحزن عميق، حيث قررت التخلي عن دوي كسفيرة للنوايا الحسنة في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وهو الدور الذي أعتز به وألعبه منذ سنوات”.
وأضافت: “خلال الأسابيع الماضية، شاهدت وشاركت تجارب زملائي المتفانين في برنامج الأغذية العالمي، لم يكن بوسعهم عمل إلا القليل في مواجهة آلة الحرب الطاحنة التي لم ترحم المدنيين، الذين يحاصرهم الموت”.
موقف هند صبري من أحداث غزة
وكانت هند صبري قد عبرت عن مدى حزنها وغضبها مما يحصل في قطاع غزة، خلال الأيام الأولى من الحرب، بعد “طوفان الأقصى”، وذلك عن طريق مشاركتها تدوينة مطولة عبر حسابها على أنستغرام باللغة الإنجليزية.
وكتبت في تدوينتها التي أرفقتها بصور للعلم الفلسطيني: “اليوم، الملايين من الناس يفقدون الثقة ليس فقط في الخرائط، ولكن في الإنسانية، أنا واحد منهم، أرفض أن أختار من سأحزن على أطفاله، الأطفال لم يسألوا لخوض الحروب، لماذا تجبرون العالم على الاختيار؟ لماذا يستحضرون الماضي المؤلم لأحد الأطراف وينكرون كل الماضي وكل المستقبل المحتمل على طرف آخر”.
ثم أضافت: “لا يمكن لأي إرهاب أن يزدهر مع المساواة. لكن ربما لا يريد البعض القضاء على الإرهاب، ربما يجد البعض أنه من المفيد لجداول أعمالهم، المشكلة الوحيدة هي أنهم ليسوا من يدفعون الثمن، ليسوا هم الذين يعيشون في خوف وبكاء وحزن، لم يكونوا كذلك أبداً، ولن يكونوا كذلك أبداً”.
وأكملت تدوينتها بالقول: “منذ يوم ولادتي وهي نفس الأحداث: القمع والظلم يؤديان إلى العنف، ويؤديان إلى الخوف، ويؤديان إلى الكراهية، ويؤديان إلى المزيد من العنف والمزيد من الكراهية، أنا وأعتقد أنني لست وحدي التي اخترت في كل مرة ألا أدع الغضب والظلم والعنف يُحرف بوصلتي الأخلاقية وتعاطفي مع كل النفوس المتألمة، وأنا اليوم في حالة ذهول أمام هذا التجاهل والتجريد من الإنسانية للشعب الفلسطيني إعلامياً”.
ثم ختمت ما كتبته قائلة: “إن الصمت المطبق ذريعة (الانتقام) السخيفة للتدمير الكامل لمنطقة بأكملها، موطن لأكثر من مليوني طفل وامرأة ورجل وصحفي وعاملين في المجال الإنساني في قطاع غزة المحاصر هو جريمة، إنها جريمة تقوض أي احتمال للسلام، لأنها إهانة ليس فقط لقيم الإنسانية والمساواة التي كنا نظن أنها موجودة، ولكنها أيضاً إهانة لذكائنا وذاكرتنا، وللتاريخ الحديث المشترك للملايين”.