لا شكّ أن الأسئلة التطفلية التي يستفسر أصحابها عن الأمور الشخصية التي لا يرغب الشخص في التصريح عنها، مثل الدخل المادي، والحياة العاطفية، أو حتى الوضع الصحي، عادةً ما تكون غير مريحة وتشكّل مصدر قلق لعديد من الأشخاص.
سعياً لحلّ هذه المشكلة والتخلص من ضغوطها قام بعض الشباب الصينيين العائدين إلى وطنهم للاحتفال بالعام القمري الجديد، في نهاية هذا الأسبوع، بتطوير لعبة محادثة ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي، لتدريبهم على التفاعل الاجتماعي خلال الحدث الأكثر رعباً على مدار السنة: الاستجواب على مائدة العشاء من قِبل الأقارب الفضوليين وفقاً لموقع CHANNELNEWSASIA.
اللعبة تعلمك الردّ على الأسئلة
وتعتمد اللعبة الجديدة على برنامج الدردشة الآلي المبني على الذكاء الاصطناعي لمحاكاة مجموعة متنوعة من الأسئلة المثيرة للتوتر، التي قد يواجهها الشباب خلال تواصلهم مع أقاربهم أو دائرة معارفهم بشكل عام، مثل سؤال “هل لديك شريك حالياً؟” أو “متى تفكر في الزواج؟” أو “كم كان دخلك العام الماضي؟”.
وقد تم تطوير ها في إطار مسابقة تحدٍّ في غضون 24 ساعة فقط، من قِبل مجموعة من الطلاب.
وتتضمن عشر شخصيات من العائلة، كل واحدة منها تمثل مستوى مختلفاً من التطفل في الأسئلة، يتعيَّن على اللاعبين الصمود أمام أسئلة الأعمام الثمانية قبل الوصول إلى المستوى الأصعب، الذي يتمثل في أسئلة الوالدين.
قد يُعتبر اللاعبون “أنانيين” أو يُتهمون بـ”التخلي عن الأسرة” إذا كانت ردودهم غير ملائمة للغاية، فيما يتعلق بالعمل أو مشاريع الزواج، لكن العمات الافتراضيات يمكن أن يقدمن لهم نصائح مفيدة أيضاً، مثل “كن حذراً أثناء القيادة” أو “ابقَ دافئاً”.
ووفقاً لوانغ زيو، أحد مطوري اللعبة، فإن الناس في البداية كانوا يعتقدون أنها قد صمّمت لمهاجمة أفراد عائلاتهم، لكن فيما بعد أدركوا قيمة استخدامها كوسيلة لتعزيز التواصل والسعادة بين أفراد العائلة.
مصممة للتواصل بين الأجيال
تم تصميم اللعبة بهدف مساعدة الأشخاص في التواصل الفعال بينهم، وهو ما يؤكده وانغ زيوي (21 عاماً)، أحد مطوري اللعبة، حيث تتمحور فكرتها أساساً حول تعزيز العلاقات الأسرية لدى الشباب، وخاصةً خلال العام الصيني الجديد.
وتعتبر وسيلةً للتعبير عمّا يراود الشباب بحرّية، وهي توفر فرصة للاعبين للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بشكل آمن وافتراضي أمام أفراد العائلة.
ويقول شي هونغ جي، مسؤول المنتجات: “قبل ذلك، كان من الصعب التعبير عن الأفكار والمشاعر بحرية، ما قد يؤدي إلى تراكم التوترات والضغوط، والآن بفضل الذكاء الاصطناعي يمكننا التحدث بحرية وبثقة مع العائلة”.
ردود فعل المستخدمين
أشار بعض المستخدمين إلى أنهم شعروا بالتوتر خلال اللعب ، ما يظهر أنها تمثل تجربةً واقعية للغاية، كما أوضح أحدهم على منصة التواصل الاجتماعي “شاوهونغشو” Xiaohongshu.
ووجد بعض الأشخاص أنفسهم يعيشون تجارب مشاعر جديدة خلال هذه اللعبة، حيث يمكن لبعضهم الشعور بالراحة أو التأثر بشكل عميق على سبيل المثال، عبّر أحد اللاعبين عن شعوره بالراحة مع “والدته” الافتراضية، وذلك لأنه لم يستطع العودة إلى محافظته في تلك السنة، ما جعله يشعر بالتأثر والحنين عند التحدث معها.
وتحدّث لاعب آخر عن مشاعره بتأثر، حيث فقد والده منذ 14 عاماً، وقد بكى طوال الليل بعد التجربة ، بعد أن مر وقت طويل منذ إجرائه محادثة مماثلة مع شخص قريب منه.
وتظهر هذه التجارب كيف يمكن للعبة أن تثير المشاعر وتجلب الراحة أو التأثر للاعبين، وتمثل تجربة واقعية قد تعيد إحياء ذكريات وعواطف من الماضي لديهم.
اللعبة تحقق نجاحاً باهراً
حققت اللعبة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لمحاكاة التواصل الاجتماعي بين الأجيال، نجاحاً هائلاً بمشاركة أكثر من ثلاثة ملايين شخص في الأسبوع الأول لإطلاقها في نهاية يناير.
وقد استُخدمت لتمثيل “الاستجواب” التقليدي الذي يتعرض له الشباب من أسرهم، ما أدى إلى ارتفاع شعبيتها بشكل كبير، حتى وصل الأمر إلى تعطل خوادم المعلوماتية الخاصة باللعبة نتيجة الإقبال الكبير عليها.
يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في تسهيل حياتنا في العديد من الجوانب، فهو يقدم حلاً للعديد من التحديات والمشاكل التي نواجهها يومياً، سواء في مجال الصحة، أو العمل، أو الترفيه، أو غيرها.. ومن خلال تطبيقاته المتنوعة يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا في تحسين التنبؤات واتخاذ القرارات بشكل أفضل، في مجموعة متنوعة من المجالات.
ولكن رغم فوائده، يجب أن نأخذ في الاعتبار التحديات والمخاوف المحتملة لهذا الذكاء، مثل المواضيع المتعلقة بالخصوصية والأمان؛ لذلك من المهم استخدامه بشكل مسؤول وأخلاقي، وضمان أن يكون له تأثير إيجابي على حياة الناس والمجتمع بشكل عام.