غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

ثقافة

تاريخها يمتد إلى أكثر من 8 آلاف سنة.. قصة مدينة النبطية التي استهدفها الاحتلال الإسرائيلي بالقصف

نتائج الثانوية العامة

عند كل حرب بين إسرائيل ولبنان تكون مدينة النبطيّة هدفاً للقصف الإسرائيلي المكثف، ففي التصعيد الحالي لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الجنوب اللبناني، استهدفت مدينة النبطية أكثر من مرة، إذ خلفت آخر الغارات الإسرائيلية على المدينة مقتل 4 لبنانيين وإصابة 3 آخرين من بينهم طفل.

وتشكّل مدينة النبطيّة واحدةً من أهم مدن لبنان والجنوب بشكلٍ خاص؛ وذلك نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وما فيها من معالم أثرية وسياحية وحضارية، وقربها من القلاع والحصون التاريخية والأثرية، وإطلالتها على مناطق واسعة داخل فلسطين المحتلة.

تقع النبطيّة عند منطقة تتوسط مدن وقرى سلسلة جبال لبنان الجنوبي، وهي حلقة وصل بين الساحل والجبل والداخل، تبعد حوالي 70 كلم عن بيروت وتطل عليها قلعة الشقيف التاريخية.

ويعود تاريخ مدينة النبطيّة إلى آلاف السنين، فقد مرت المدينة بعصور حجرية عدة، أقدمها العصر الحجري الذي كشفت عنه الحفريات والتي أثبتت أن عمر المدينة يعود إلى ما بين 8 آلاف و15 ألف سنة قبل الميلاد.

النبطية
مدينة النبطية تتوسط مدن وقرى سلسلة جبال لبنان الجنوبي، وهي حلقة وصل بين الساحل والجبل والداخل / مواقع التواصل

أصل تسمية النبطية

هناك اختلاف في أصل تسمية النبطية، إذ يشير بعض المؤرخين إلى أن اسم البلدة يعود إلى الكلمة الفينيقية التي تعني “المظهر”، بينما يشير الشيخ سليمان ظاهر إلى أن النبطيّة نسبة إلى نبط (الأنباط) والذين تركوا حضارة عريقة في مملكة بترا، جنوب شرق الأردن.

أما الباحث علي مزرعاني، مؤلّف كتاب “النبطيّة ذاكرة المكان والعمران”، فلفت إلى أن الاعتقاد السائد أن تسمية النبطيّة استُمدّت من اللغة العربية وهي تعني نبط الماء، أي تفجّر وسال، وذلك لوجود ينابيع مياه عديدة فيها.

معالم المدينة التاريخية

ما يجعل النبطيّة جزءاً أصيلاً من لبنان، هو أنها موطن لقلعة الشقيف، وهو معلم معماري لا ينبغي تفويته عند زيارة النبطيّة، وهو معروف أيضاً باسم شقيف أرنون، الذي يعني شقيف الصخرة.

ومن المعروف أن القلعة هي أكبر قلعة في لبنان، إذ قام الرومان ببنائها لأول مرة، وزاد الصليبيون في أبنيتها، كما قام الأمير اللبناني فخر الدين الثاني بترميمها في القرن السادس عشر.

وقلعة الشقيف مبنية على صخر شاهق “شير” يُشرف على نهر الليطاني وسهل مرجعيون ومنطقة النبطية من جهة أخرى، لكن هندستها التي تلتوي مع الجبل، وجدرانها المشيدة بالصخور المحلية تجعلها تبدو كأنها مخبأة بين الصخور فيما يُرى معلمها من على بعد مسافات طويلة.

مدينة النبطيّة
مدينة النبطية يعود تاريخها إلى آلاف السنين /ويكيبيديا

كما يوجد بالمحافظة معبد الهبارية، وهو معبد روماني قديم يعود تاريخ بنائه إلى القرن الأول الميلادي. يقع هذا المعبد في قرية الهبارية من قضاء حاصبيا.

ومن المعالم التاريخية الأخرى في هذه المدينة القديمة مسجدين تاريخيين. أحدهما بُنِيَ في القرن السادس عشر الميلادي وهو وسط المدينة، والآخر المعروف بمسجد النبي، والذي يرجع لفترة المماليك، ويقع في نبطية الفوقا.

وتنتشر المساجد في معظم أحياء المدينة ويتفاوت تاريخ إنشائها إلا أنها تتصف جميعها بصغر الحجم باستثناء المسجد الكبير وسط المدينة والملاصق لساحة البيدر الذي تُقام عليه مراسم العاشر من المحرم في كل عام.

وتعد المدينة نفسها وفية للتقاليد، إذ صارت تشتهر بسوقٍ أسبوعي يسمى سوق الإثنين، وهو المكان الذي يمكنك أن تجد فيه جميع سكان المدينة مجتمعين لتبادل السلع والمنتجات.

والنبطية هي مسقط رأس العديد من الشخصيات التاريخية اللبنانية، مثل أحمد رضا ومحمد جابر الصفا، وكلاهما من السياسيين والكتاب البارزين الذين أثروا بشكل كبير في لبنان والمنطقة العربية.

النبطيّة والاحتلال الإسرائيلي

تمتلك مدينة النبطية تاريخاً طويلاً مع مجازر وجرائم الاحتلال الإسرائيلي، ففي أثناء الغزو الإسرائيلي الأول للبنان، والمسمى بعملية نهر الليطاني والذي وقع في شهر مارس/آذار 1978، فرّ معظم سكان النبطيّة من منازلهم بسبب القصف الكثيف الذي طال المدينة.

وفي أعقاب الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982، كان للمدينة دورٌ في نشأة المقاومة اللبنانية، وذلك في أعقاب اغتيال الشيخ راغب حرب ودخول جيش الاحتلال إلى المدينة واجتياحها.

تاريخها يمتد إلى أكثر من 8 آلاف سنة.. قصة مدينة النبطية التي استهدفها الاحتلال الإسرائيلي بالقصف

وبعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 1985، أصبحت النبطية على حافة ما يسمى المنطقة الأمنية التي تعرضت لغارات وانتهاكات كبيرة، فطيلة فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان كانت المدينة عرضة للقصف والتفجيرات الإسرائيلية، كما أنها كانت جيباً من جيوب المقاومة اللبنانية ضد إسرائيل إلى غاية إعلان تل أبيب عن سحب جيشها من الجنوب اللبناني في 25 مايو/أيار عام 2000.


أسعى إلى تقديم برامج إذاعية متميزة تعكس التراث والثقافة العربية، خاصة التراث الفلسطيني الذي يحتل مكانة مميزة في قلوبنا. أقدم برامج شعبية وتراثية تسلّط الضوء على تراثنا الغني والمتنوع، واستضافة الشعراء والفنانين.

منشورات ذات صلة