غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

تقارير

“العدل الدولية” تبدأ النظر بـ”العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي”.. ماذا يعني ذلك؟

نتائج الثانوية العامة

بدأت محكمة العدل الدولية، الإثنين 19 فبراير/شباط 2024، جلسات الاستماع بشأن “العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967″، على أن تستمر الجلسات أسبوعاً، بمشاركة 52 دولة، و3 مؤسسات؛ هي جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي. فما هي هذه القضية؟ وماذا يمكن أن يترتب عليها؟

فتوى قانونية بشأن “ماهية الاحتلال”.. ماذا يعني ذلك؟

في نوفمبر من عام 2022 أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن لجنة مختصة في الأمم المتحدة اعتمدت طلب فلسطين حول فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية، بشأن “ماهية الاحتلال الإسرائيلي”، وهو ما سعت تل أبيب إلى عرقلته. ووصف بيان صادر عن وزير الخارجية والمغتربين، رياض المالكي، الخطوة التي تمت حينها بـ”اختراق دبلوماسي وقانوني فلسطيني”.

وصرحت الأمم المتحدة حينئذ بأن محكمة العدل الدولية في لاهاي ستحكم بخصوص “الاحتلال الإسرائيلي المستمر”، وقد صوتت 98 دولة لصالح القرار، بما في ذلك تركيا ومصر وأيرلندا والمغرب وبولندا وأوكرانيا والإمارات العربية المتحدة، فيما عارضت 17 دولة القرار، بما في ذلك كندا والولايات المتحدة وجمهورية التشيك وألمانيا.

ورحّب المالكي بـ”التصويت الجامع” للدول الأعضاء في الأمم المتحدة لصالح “قرار الممارسات الإسرائيلية والأنشطة الاستيطانية التي تؤثر في حقوق الشعب الفلسطيني”. مشيراً إلى أن الطلب الفلسطيني هو “الإجابة عن السؤال حول طبيعة وشكل هذا الاحتلال طويل الأمد، وغير القانوني، وجرائمه”.

كما أشار إلى أن الطلب تضمّن “ضرورة تحديد مسؤوليات وواجبات إسرائيل، وسلطة الاحتلال غير الشرعي، والمجتمع الدولي ككل، والأطراف الثالثة، والمنظمة الأممية، في إنهاء هذه الظاهرة (الاحتلال)”. وقال المالكي حينها إن هناك حاجة إلى “اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذا الظلم التاريخي بحق الشعب الفلسطيني، والمتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي”.​​​​​​​

ما أهمية هذه القضية التي تنظر بها محكمة العدل الدولية اليوم؟

من المقرر أن تصدر المحكمة في وقت لاحق رأياً استشارياً حول العواقب القانونيّة الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، نتيجة لاحتلالها الطويل الأمد واستيطانها وضمها الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وكيفية تأثير سياسات وممارسات إسرائيل المشار إليها على الوضع القانوني للاحتلال، والتبعات القانونيّة التي تنشأ بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة من هذا الوضع.

وعلى الرغم من تجاهل إسرائيل للقضية، إلا أنها قد تزيد من الضغوط السياسية بشأن حربها المستمرة في قطاع غزة، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 30 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة في القطاع، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ورغم صدور العديد من القرارات الأممية التي تدين الاحتلال، والتي ظل على الدوام يضرب بها عرض الحائط، فإن إسرائيل أبدت انزعاجها الشديد من هذا القرار الذي تم التصويت عليه عام 2022، وسعت إلى عرقلة مساعي السلطة الفلسطينية لإلزام محكمة العدل الدولية في لاهاي، بإبداء رأيها القانوني بخصوص شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي باتت الانتقادات الدولية تتصاعد ضده، وباتت تصفه العديد من المنظمات الدولية بأنه نظام فصل عنصري “أبرتهايد”.

وأفاد تقرير أوردته القناة الـ13 الإسرائيلية، في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بأن المسؤولين في تل أبيب يتخوفون من رأي المحكمة غير الملزم من الناحية القانونية، ويرون أن لهذه الخطوة تبعات دبلوماسية ودولية “ذات أهمية خاصة” قد تكون ضارة لإسرائيل، ومن شأنها أن تعرّض قادة قوات الأمن الإسرائيلية لخطر الملاحقة القانونية.

من جهتها، تقول القناة 12 العبرية، إن هذا القرار سيكون إشكالياً بالنسبة لإسرائيل، فهذه ليست سوى الخطوة الأولى، ومن هنا ستنتقل الكُرة إلى الموافقة النهائية في الجلسة العامة للأمم المتحدة، ثم إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، وهو ما يحدث بالفعل الآن.

وأجرت القناة 12 مقابلة مع البروفيسور إلياف ليبليخ، الخبير في القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة تل أبيب، الذي شرح لها قيمة هذا التوجّه، وقال: “محكمة العدل الدولية لديها نوعان من القضايا التي تناقشها، إحداها دولة ضد دولة، والوضع الآخر الذي تناقشه هو إعطاء رأي استشاري، ويمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة إحالة المسائل القانونية إلى محكمة العدل الدولية للحصول على رأي استشاري”. وتابع حديثه بالقول: “من الواضح أن القرار في الرأي الاستشاري ليس ملزماً قانوناً بشكل مباشر، إنه رأي استشاري”.

رأي استشاري لكن قد تكون له تبعات أخرى 

تقول القناة 12، إنه من الناحية العملية، فإن عدداً كبيراً من الدول يتبنى مبادئ وقرارات المحكمة في الرأي الاستشاري، ويتمتع بمكانة عالية للغاية باعتباره بياناً للوضع القانوني، لذلك يقول ليبليخ: “من المهم أن نفهم ما طلبوه هنا، إنهم يطرحون على المحكمة سؤالين: الأول: ما التداعيات القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، من الاحتلال المستمر، من المستوطنات والاستيطان في الأراضي المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك التغيير في الوضع الديموغرافي ومكانة القدس، واعتماد تشريعات وإجراءات تمييزية أخرى؟”.

أما بالنسبة للسؤال الثاني برأي ليبليخ: “كيف تؤثر جميع الأفعال المنسوبة لإسرائيل في السؤال الأول على الوضع القانوني للاحتلال نفسه، وما الأهمية القانونية تجاه دول في الأمم المتحدة فيما يتعلق بهذا الوضع القانوني؟”. يوضح الخبير الإسرائيلي بالقول إن “القانون الدولي هو عملية إجرائية، ليس الأمر أن مثل هذا الرأي سيؤدي إلى حقيقة أنه ستكون هناك قوة تدخل لتحرير الشعب الفلسطيني حالياً، إنه لا يعمل بهذه الطريقة، ولكن أولاً وقبل كل شيء يخلق نوعاً من الرواية التاريخية التي ستظل موجودة إلى الأبد”.

مضيفاً أن “إسرائيل محتلة غير شرعية، تنتهك حق تقرير المصير، هذا الشيء يضر بالشرعية ومكانة الدول. وهذا يسمح للجهات الفاعلة في المجتمع المدني والدول والمنظمات باستخدامه كنقطة انطلاق ضد إسرائيل، وسيصبح نقطة هجوم قانونية مقبولة في العديد من المنتديات، وستشكل ردود فعل قاسية للسفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، وآخرين، لذا يجب أن ندرك أن هناك شيئاً ما تخسره هنا”.

ويرى ليبليخ أن “سبب حدوث ذلك الآن من قبل السلطة، هو أنه في السنوات الأخيرة قررت الحكومات الإسرائيلية بشكل علني أنها سوف تسيطر على الأراضي إلى الأبد، وربما حتى تضمها دون إعطاء شيء للفلسطينيين. لذلك عزز هذا الخطاب بشكل كبير قدرة الفلسطينيين على المجيء للمحكمة الدولية والمطالبة بهذا القرار”.

ليست “الفتوى القانونية” الأولى التي يطلبها الفلسطينيون

واستولت إسرائيل على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وهي مناطق في فلسطين تريد السلطة الفلسطينية في رام الله إقامة دولة فيها، في حرب عام 1967. وانسحبت من غزة عام 2005، لكنها لا تزال تسيطر على حدودها إلى جانب مصر.

وهذه هي المرة الثانية التي تطلب فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية، المعروفة أيضاً باسم المحكمة العالمية، إصدار رأي استشاري أو فتوى قانونية تتعلق بالأرض الفلسطينية المحتلة. ففي يوليو/تموز 2004، خلصت المحكمة إلى أن الجدار العازل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية ينتهك القانون الدولي ويجب تفكيكه، رغم أنه لا يزال قائماً حتى يومنا هذا.

وتعتبر إجراءات الرأي الاستشاري منفصلة عن قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا في المحكمة الدولية ضد إسرائيل بسبب انتهاكاتها في غزة لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. وفي أواخر يناير/كانون الثاني، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل في تلك القضية ببذل كل ما في وسعها لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة