في عالم هوليوود الزاخر بالنجوم، لم يكن الطريق إلى الشهرة مفروشاً بالورود دائماً للعديد من الممثلين المعروفين. هؤلاء النجوم، الذين لمعت أسماؤهم في سماء السينما والتلفزيون، لم يولدوا نجوماً. في الواقع، اضطر الكثيرون منهم، خصوصاً الذين اكتسبوا الشهرة في مرحلة متأخرة من العمر، إلى المرور بمراحل عدة ومواجهة تحديات كبيرة قبل الوصول إلى عالم الأضواء، ليصبحوا ممثلين امتهنوا وظائف غريبة قبل الشهرة.
هذه القصص لا تتعلق بالممثلين الذين بدأوا مسيرتهم كأطفال، بل بأولئك الذين انطلقوا في رحلة الشهرة في سن العشرينات أو الثلاثينات، وأحياناً حتى بعد ذلك. قبل أن يستحوذ عليهم بريق هوليوود، كان عليهم البحث عن طرق متنوعة لكسب العيش وتسديد الفواتير.
لم يكن الأمر يتعلق فقط بالحصول على دور هنا أو هناك، بل بالمثابرة والصبر في مواجهة الصعوبات والفرص المحدودة التي قدمتها لهم صناعة الترفيه في بداياتهم.
دار العجزة وأنجلينا جولي
عندما كانت أنجلينا جولي شابة، كان لديها هدف غير عادي؛ إذ أرادت أن تصبح مديرة دار جنائز. هذه الرغبة الفريدة من نوعها للممثلة الشهيرة والناشطة في مجال حقوق الإنسان نشأت من تجربة شخصية مؤلمة في جنازة جدها، حيث شعرت هي وعائلتها بالاستياء من طريقة إقامة الجنازة وشعروا أن ذكرى جدها لم تُكرَّم كما ينبغي.
في مقابلة عام 2011 مع بوب سايمون لبرنامج “60 دقيقة”، عبّرت جولي عن مدى غرابة وكآبة هذا الطموح، واصفة إياه بأنه “غريب الأطوار”. ومع ذلك، كانت تجربة جنازة جدها لا تزال محفورة بعمق في ذاكرتها.
تحدثت جولي في المقابلة عن مدى استيائها من الجنازة وكيف أنها حتى فكرت في اقتراض الأموال من أفراد عائلتها لتبدأ مشروع دار جنائز خاصة بها، بهدف تغيير طريقة التعامل مع الموت في العصر الحديث. وأشارت إلى أنها كانت تعتبر هذا الطموح بمثابة خطة بديلة لها في حال لم تنجح في التمثيل.
من المثير للاهتمام كيف كانت تلك الفكرة جزءاً من خطط جولي المستقبلية، ولكن مع مسيرتها الناجحة في التمثيل، لم تحتج في النهاية إلى تحقيق ذلك الحلم. ومع ذلك، يظل من الممكن أن تقرر جولي يوماً ما تحقيق ذلك الحلم الفريد.
جوني ديب والتسويق الهاتفي
من بين أسماء ممثلين امتهنوا وظائف غريبة قبل الشهرة نجد جوني ديب، وذلك قبل أن يصبح نجماً عالمياً بفضل أدواره المميزة في أفلام مثل “Edward Scissorhands” وسلسلة “Pirates of the Caribbean”، كان لديه مجموعة متنوعة من الوظائف الغريبة والمتواضعة، خاصة خلال فترة نشأته في ولاية كنتاكي. لكن ربما كانت أغرب وظيفة له هي العمل كمُسوِّق عبر الهاتف لشركة أقلام.
في هذه الوظيفة، كان على ديب أن يقنع الغرباء بشراء أقلام فاخرة عبر الهاتف، وهي مهمة لم يكن جيداً فيها بشكل خاص. ليس هذا فحسب، بل كان يشعر بالذنب؛ لأنه كان يعتقد أنه يخدع الناس. وفي مقابلة أُجرِيَت معه بعد سنوات، استذكر ديب تلك الأيام قائلاً: “كنت أسوق الأقلام على الهاتف… كان عليّ اختلاق اسم وقصة لنفسي”.
ومع ذلك، ساعدته هذه التجربة في مسيرته التمثيلية؛ إذ كان عليه اختلاق أسماء وقصص لنفسه، مثل “إدوارد من كاليفورنيا”، وهو ما يُعتبر مهارة قيمة في التمثيل. يحتاج الممثلون إلى التفكير بسرعة وابتكار قصص خلفية وهويات مُختلَقة لشخصياتهم. كل هذه التجارب ساعدت ديب لاحقاً عندما واجه الكاميرا.
أما فيما يتعلق بمهنته في التسويق عبر الهاتف، فقد نجح ديب في إتمام عملية بيع واحدة فقط، وشعر بالحرج الشديد من ذلك لدرجة أنه طلب من العميل التراجع عن الشراء. هذه التجارب المبكرة -لا شكَّ- أضافت إلى تنوع مهاراته ومنحته فهماً أعمق للأدوار التي قام بتأديتها فيما بعد.
ممثلين امتهنوا وظائف غريبة قبل الشهرة .. براد بيت وزيّ الدجاجة
حسب موقع Listverse الأمريكي، قبل أن يضيء براد بيت شاشات السينما في أدوار بارزة مثل تلك في فيلم “Thelma & Louise” وغيرها، كانت له وظيفة مبتكرة للغاية: تميمة حظ لمطعم دجاج. نعم، لقد قرأتم ذلك بشكل صحيح. في أوائل مسيرته، وأثناء محاولته للنجاح في عالم التمثيل الصعب في هوليوود، كان بيت يحتاج إلى مصدر دخل ثابت ليتمكن من دفع فواتيره وتأمين قوت يومه.
في تلك الفترة، وجد بيت نفسه يعمل في مطعم El Pollo Loco، المشهور في لوس أنجلوس، حيث كان يرتدي زي الدجاجة لجذب الزبائن إلى المطعم. بالرغم من أن هذه الوظيفة قد تبدو محرجة، فإنها قدمت له الاستقرار المالي الذي كان يحتاجه، بالإضافة إلى الوقت اللازم للتحضير لأدواره التمثيلية.
كانت تلك التجربة بالنسبة لبراد بيت أكثر من مجرد وظيفة غير تقليدية، فقد علمته دروساً قيمة عن التمثيل. تمثلت هذه الدروس في أهمية الالتزام الكامل بأي دور يؤديه، وفن تسويق نفسه للجمهور، سواء كان ذلك في دور جدي على الشاشة الكبيرة أو كتميمة حظ في زي دجاجة.
ممثلين امتهنوا وظائف غريبة قبل الشهرة.. كريستوفر والكن مروِّض الأسود
كريستوفر والكن، المعروف بأدائه الفريد والمميز في هوليوود، لم يكن دائماً الوجه السينمائي المألوف الذي نعرفه اليوم. قبل أن يصبح مشهوراً بأدواره الغريبة والمميزة، كان لكريستوفر والكن وظيفة غير تقليدية للغاية: كان مروِّض أسود في سيرك متنقل.
في سن 16، حوالي عام 1959، ترك كريستوفر والكن، المولود في نيويورك، منزله والمدرسة واتجه لعالم ترويض الأسود. أُوكِلَت إليه لبؤة تُدعَى شيبا، وسرعان ما أصبح جزءاً من السيرك المتنقل، يقدم عروضاً في مدن مختلفة.
كريستوفر والكن، الذي يُعرف بحبه للقطط، وجد في هذا العمل فرصة فريدة. يتذكر كيف كان يدخل إلى القفص ويتفاعل مع اللبؤة بطريقة تعكس حبه واحترامه لهذه الحيوانات. وعلى الرغم من أنه لم يبقَ في هذه الوظيفة لفترة طويلة، إلا أنها كانت تجربة مهمة في حياته.
بعد أشهر قليلة في السيرك، استقال كريستوفر والكن والتحق بجامعة هوفسترا في لونغ آيلاند لفترة قصيرة، قبل أن يترك الدراسة الأكاديمية ويتجه نحو دراسة الرقص والتمثيل. وبعد إتمام دراسته في هذه المجالات، بدأ مسيرته الفنية في السينما والتلفزيون، حيث أصبح واحداً من أشهر وجوه الشاشة الفضية.
هيو جاكمان.. المهرج في حفلات أعياد الميلاد
قبل أن يصبح هيو جاكمان ممثلاً مشهوراً ويحصد الجوائز بفضل أدواره في أفلام “X-Men” ومواهبه المسرحية، كان يعمل كمهرج في حفلات أعياد الميلاد. هذه الوظيفة، التي قد تبدو متواضعة بعض الشيء، كانت جزءاً من حياته في شبابه.
كان جاكمان يُستأجَر لترفيه الأطفال في حفلاتهم. في البداية، لم تكن الوظيفة سيئة للغاية بالنسبة له؛ فقد كانت فرصة لكسب المال وممارسة مهارات الاستعراض والترفيه. كما تعلم خلال ذلك ألعاب الخفة ومهارات أخرى ذات صلة.
يتذكر جاكمان تلك الأيام قائلاً إنه كان ناجحاً جداً في الحفلات التي تضم أطفالاً صغاراً، حيث كان قادراً على القيام ببعض الحيل مثل اللعب بثلاثة أشياء في الهواء. لكن الأمور لم تكن دائماً سهلة، خاصةً عندما كان يُستأجَر لحفلات أعياد ميلاد الأطفال الأكبر سناً. في إحدى هذه الحفلات، فشلت إحدى حيل الخفة التي كان يؤديها، مما أدى إلى إحداث فوضى وإغضاب الوالدين.
ممثلين امتهنوا وظائف غريبة قبل الشهرة وماثيو ماكونهي
قبل أن يكتسب ماثيو ماكونهي شهرته كممثل، وفي أيام دراسته القانونية، حصل على منحة الروتاري التي فتحت له باب السفر حول العالم. واختار ماكونهي أستراليا كوجهته، حيث وجد نفسه في النهاية في بلدة صغيرة ومجهولة نسبياً تُدعى وارنرفيل، والتي تقع على طول الساحل المركزي لنيو ساوث ويلز.
في هذه البلدة الريفية، وجد ماكونهي نفسه يعمل في تنظيف أقنان الدجاج. وكانت هذه البلدة تتميز بطابعها الزراعي، حيث كان السكان إما يملكون مزارع أو يعملون فيها. وبالتالي، كان من المنطقي لماكونهي أن يقوم بعمل يدوي ويتأقلم مع طريقة الحياة هناك. ولحسن الحظ، كان العمل في تنظيف حظائر الدجاج يدر عليه ما يكفي من المال ليتمكن من الاستمتاع بركوب الأمواج وقضاء أوقات هادئة في الهواء الطلق خلال فراغه.
بعد سنوات، ينظر ماكونهي إلى تلك الفترة بكثير من الاعتزاز، حيث تركت أثراً مميزاً في شخصيته وأسلوبه. يتحدث ماثيو عن ذلك العام بعمق وتأثر، مشيراً إلى كيف غيّرت تلك التجربة حياته وكيف أسهمت في تكوين شخصيته وأسلوبه الفريد في الحديث. يصف كيف أن تلك السنة كانت فرصة للخروج من منطقة الراحة وتعلم الاعتماد على النفس. كما أن الانطوائية التي عاشها خلال تلك الفترة لعبت دوراً كبيراً في تحديد من هو اليوم، ويعتبرها واحدة من أفضل التجارب التي مر بها.
جيم كاري.. ممثلين امتهنوا وظائف غريبة قبل الشهرة
يُعرف جيم كاري بأنه أحد أبرز نجوم الكوميديا في العالم، وهو معروف بتفانيه في كل دور يلعبه، مع موهبته الفريدة في تقديم الأصوات وتعبيرات الوجه والانطباعات المتنوعة، بالإضافة إلى توقيته الكوميدي المثالي. لكن، قبل أن يصبح نجماً ساطعاً في سماء الكوميديا، مرّ كاري بمراحل صعبة في حياته، خاصةً خلال فترة طفولته وشبابه في تورونتو وضواحيها في الستينيات والسبعينيات.
في عام 1978، عندما كان كاري في السادسة عشرة من عمره، اضطر لترك المدرسة لمساعدة أسرته التي كانت تعاني من ضائقة مالية. لم يكن طريقه نحو النجومية سهلاً، حيث اضطر في فترة من حياته للعيش في خيمة. ولأكثر من عامين، عمل كبواب في مصنع لكسب قوت يومه، حيث قضى وقته في تنظيف المراحيض والأحواض.
ومع ذلك، لم يتوقف كاري عن صقل موهبته الكوميدية. في عام 1979، بدأ بتقديم عروض كوميدية في النوادي الليلية بمنطقة تورونتو. وبحلول نهاية عام 1980، استطاع أخيراً أن يكسب ما يكفي من المال من خلال الكوميديا، مما مكّنه من ترك وظيفته في المصنع. هذه البدايات المتواضعة والتحديات التي واجهها جيم كاري تعتبر جزءاً مهماً من قصة نجاحه، وتظهر كيف أن العزيمة والمثابرة يمكن أن تؤديا إلى تحقيق الأحلام حتى في أصعب الظروف.
المُزارعة تايلور سويفت
تايلور سويفت، المغنية الشهيرة التي باتت اليوم من أكثر المغنيات نجاحاً وربحاً في هوليوود، لم تكن دائماً في قمة النجاح المالي. في الواقع، لم تنشأ سويفت في بيئة ثرية؛ بل كانت قبل تحقيق الشهرة تعمل بجد في مزرعة متواضعة.
مسيرتها الموسيقية بدأت بخطوات متواضعة، لكن بفضل موهبتها وتفانيها، ارتفعت شهرتها بسرعة فائقة. في عام 2009، كسبت سويفت 18 مليون دولار، وفي العام التالي، تضاعف دخلها ليصل إلى 45 مليون دولار. وبحلول نوفمبر 2012، تجاوزت مبيعات ألبوماتها 26 مليون نسخة على مستوى العالم.
قصة تايلور سويفت تعتبر مصدر إلهام للعديد من الفنانين الطموحين والشباب الذين يسعون لتحقيق أحلامهم. تظهر مسيرتها كيف يمكن للعمل الشاق والمثابرة أن يقودا إلى النجاح الكبير، حتى لمن لم يولدوا في بيئة ثرية أو يتمتعوا بموارد مالية كبيرة في بداية حياتهم.