تقدمت نائبة مصرية بطلب إحاطة عاجل إلى البرلمان بشأن تشديد إجراءات وقواعد تشغيل السائقين في تطبيقات وسائل النقل الذكي، على خلفية واقعة “فتاة الشروق” التي اتهمت سائق أجرة بمحاولة التحرش بها واختطافها.
وشغل الحادث الرأي العام في مصر، وانتشر وسم “فتاة الشروق” على منصات التواصل الاجتماعي، إثر اتهام فتاة تدعى حبيبة الشماع سائق “أوبر” بمحاولة خطفها بمدينة الشروق، شرقي العاصمة القاهرة.
وتسبب الحادث الذي وقع على طريق القاهرة ـ السويس، في سقوط الشماع من السيارة، وإصابتها بنزيف داخلي وعدة كسور وجروح وسحجات، حيث نقلت إلى المستشفى بعد فقدانها الوعي.
وقالت صحيفة “المصري اليوم” المحلية، الأحد 25 فبراير/شباط 2024، إن النائبة بمجلس النواب أمل سلامة “تقدمت بطلب إحاطة عاجل إلى رئيس الوزراء، بشأن تشديد الإجراءات والقواعد اللازمة لتشغيل السائقين في تطبيقات وسائل النقل الذكي العاملة في مصر (أوبر-إن درايف-ديدي)، وما يستجد من شركات”.
وأكدت النائبة أن وسائل النقل الذكي “لم تعد آمنة، بعد تكرار الاتهامات بالتحرش ومحاولة الاختطاف”، مشيرة إلى أن تلك الشركات “تسمح بتشغيل من لديهم أحكام جنائية، ويتعاطون المواد المخدرة”.
وحسب بيان لوزارة الداخلية أمس السبت، “أفاد أحد شهود الواقعة، بأنه أثناء سيره بطريق السويس شاهد المصابة وهي تقفز من باب سيارة خلفي كانت تستقلها أثناء سيرها”.
وأضاف الشاهد أنه “توقف لمساعدتها، وأبلغته أنها كانت تستقل سيارة تابعة لأحد تطبيقات النقل الذكي، ولدى محاولة قائد السيارة معاكستها قفزت من السيارة خشية تحرشه بها، وتم نقلها للمستشفى عقب ذلك”، وفق البيان.
وأوضحت الوزارة أن “السائق له سجل جنائي، وتم ضبطه وبمواجهته أقر أنه عند قيامه بغلق نوافذ السيارة ورش معطر فوجئ بقيام الفتاة بالقفز من السيارة، فاستكمل سيره، ولم يتوقف خشية تعرضه للإيذاء”.
وفي تعليقها على الواقعة، قالت دينا عمر، والدة الفتاة، في مداخلة تلفزيونية “ابنتي تسكن في (مدينة) مدينتي، ونزلت من البيت، واتصلت بي وقالت لي إنها ركبت أوبر للذهاب إلى منطقة التجمع، وأثناء المكالمة كنت أسمعها بصعوبة، لأن السائق كان يشغل الموسيقى بصوت مرتفع جدا، وكان في خناقة (مشاجرة) مع شخص آخر على الهاتف”.
وأضافت خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “الحكاية” مساء أمس السبت، “عندما طلبت منه حبيبة خفض صوت الموسيقى كان السائق غاضبا، وتلفظ بكلمات مريبة، وبعد نحو ساعة اتصل بي أصدقاؤها ليبلغوني أن حبيبة عملت حادثة (أصيبت) و(تم نقلها) إلى مستشفى الشروق العام”.
وقالت الأم إنها قابلت الشخص الذي أنقذ ابنتها في المستشفى، والذي أشار إليها أنه شاهد الشماع تسقط من سيارة أجرة، وعندما اقترب منها قالت له إن السائق كان يريد اختطافها “ثم أصيبت بتشنجات وفقدت الوعي. ابنتي لم تفق من الغيبوبة حتى الآن منذ وقوع الحادث الأربعاء الماضي، بسبب الإصابات التي لحقت بها، ومنها النزيف على المخ”.
وفسرت الأم قفز ابنتها من السيارة بأنها تعرضت لموقف صعب قائلة “خوفها من الخطف هو الذي دفعها لذلك”، فيما وصفت بيان شركة الأجرة بأنه “كله كذب”، نافية تواصل أي من مسؤولي الشركة معها.
وكانت شركة “أوبر مصر” عبرت عن حزنها العميق إزاء الحادث، مؤكدة تعاونها مع سلطات التحقيق للتأكد من اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة.
وقال المتحدث الرسمي للشركة في مصر لصحيفة “القاهرة 24” إن “الفريق المختص بالاستجابة للحوادث لدينا على تواصل مع أسرة الراكبة، وإن أوبر تلتزم دائما بتوفير رحلات آمنة وموثوقة للركاب، وتحظر إرشادات مجتمع أوبر أي عنف أو سلوك غير لائق، ويتم التعامل مع أي تصرف من هذا النوع بكل جدية”.
ودخلت شركة “أوبر”، ومقرها الولايات المتحدة إلى مصر في عام 2014، حيث تعمل سيارات الشركة في 10 مدن، بالإضافة إلى القاهرة، وظلت تهيمن على السوق المصري قبل دخول شركات عالمية جديدة لخدمات نقل الركاب في عام 2020.
ورغم ذلك تعد مصر إحدى أكبر 10 أسواق لـ”أوبر” على مستوى العالم، إذ قدرت قيمة سوق خدمات نقل الركاب في مصر بنحو 922 مليون دولار في عام 2020، وفقا لتقرير نشرته مؤسسة الهندية الأميركية “غراند فيو” للأبحاث والاستشارات.
وتوقعت المؤسسة أن تنمو القيمة السوقية لشركة أوبر في مصر بمعدل نمو سنوي مركب قدره 15.8% من عام 2021 إلى عام 2028.
وأرجع التقرير هذا التوسع المتوقع إلى الازدحام المروري المتزايد في البلاد، وارتفاع طلب المستهلكين على خدمات مشاركة السيارات، والنمو في انتشار الإنترنت واستخدام الهواتف الذكية لحجز الرحلات.
دعاوى قضائية ومظاهرات
في الفترة بين 2009 و2016، دفعت “أوبر” غرامات 161.9 مليون دولار في الدعاوى المتعلقة بالسلامة، وبعد مرور عام واجهت الشركة دعوى قضائية جماعية في أميركا، كانت تتهم الشركة “بمنح مرتكبي الاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي والعنف الجسدي إمكانية الوصول إلى الآلاف من الضحايا الضعفاء في جميع أنحاء البلاد”.
وفي عام 2019، واجهت “أوبر” دعوى قضائية أخرى، واضطرت لدفع 10 ملايين دولار لسيدة إثر اعتداء سائق “أوبر” عليها جنسيا.
وفي عام 2022، رفعت أكثر من 550 امرأة في الولايات المتحدة الأميركية دعوى قضائية ضد شركة “أوبر” للمواصلات بتهم تتعلق بالتحرش والاعتداء الجنسي من قبل سائقي الشركة.
ووفق الدعاوى، فإن المشتكيات بلّغن عن حوادث تعنيف واعتداءات في عدد من الولايات الأميركية، في حين أودعت الشكاوى لدى المحكمة العليا في سان فرانسيسكو حيث يقع مقر الشركة الرئيسي.
وجاء في موضوع التهمة أن الشركة كانت على علم منذ 2014 أن سائقيها يعتدون جنسيا ويغتصبون الراكبات. ولكن الاتهام يزعم أن “أوبر” أعطت “الأولوية للنمو بدل السلامة”.
وحظرت دول أوروبية “أوبر”، وعلى رأسهم بريطانيا التي رفضت منح الشركة ترخيصا جديدا للعمل في لندن، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والأمن، واضطرت الشركة للتوقف عن العمل في الدانمارك والمجر وبرشلونة الإسبانية، كما علقت عملياتها في المغرب مع التزامها بالقوانين المحلية.