كشف تحقيق أجرته صحيفة The Observer أنَّ صناعة السيارات تجاهلت تحذيرات منذ أكثر من عقد من الزمن، من أنَّ تكنولوجيا تشغيل المركبات الحديثة دون مفتاح تهدد بزيادة سرقة السيارات، فيما زعم باحثون في مجالي القانون والحاسوبيات أنَّ المركبات العاملة دون مفتاح، وبرامج تشغيلها تتعرض “للتقويض” بسبب عدم كفاية الأمن.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 25 فبراير/شباط 2024، فقد حذرت الصناعة في بحث مفاده أنَّ أصحاب السيارات يمكن أن “يتوقعوا العثور على سياراتهم مسروقة في المستقبل، دون أية إشارة على محاولة اقتحام”.
قد ساهمت الزيادة في سرقة السيارات العاملة دون مفتاح في ارتفاع أسعار التأمين على السيارات ارتفاعاً قياسياً، حيث يواجه بعض قادة هذه المركبات الآن عروض أسعار تزيد على 2000 جنيه إسترليني (2536 دولاراً أمريكياً) سنوياً أو أكثر لتأمين سياراتهم. وقد سجلت حوادث سرقة السيارات في إنجلترا وويلز خلال عام ينتهي في مارس/آذار 2023، أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد من الزمن.
نتائج التحقيق حول سرقة السيارات
- يستغل اللصوص جهازاً خفياً في هيئة وحدة تحكم للألعاب – يُعرف باسم “المحاكي” – لسرقة المركبات في غضون 20 ثانية عن طريق محاكاة المفتاح الإلكتروني. ويستهدف طرازات هيونداي وكيا.
- وتُعرَض المعدات “الذكية” للبيع عبر الإنترنت بمبلغ يصل إلى 5000 جنيه إسترليني (6340 دولاراً أمريكياً)، وهي تسمح للصوص باختراق نظام حاسوب السيارة وبرمجة مفتاح جديد.
- تواجه الشرطة موجة من سرقات السيارات العاملة دون مفتاح في العديد من الأحياء، وتُغلَق بعض القضايا خلال أقل من 24 ساعة، حتى عندما تتوفر لقطات كاميرات المراقبة.
بين مطرقة السرقة وسندان تكاليف التأمين
في السياق، يقول محامي السيارات نيك فريمان: “كانت صناعة السيارات مهملة؛ لأنها حُذِّرَت عندما بدأت هذه التكنولوجيا الجديدة في الظهور. إنه وضع كارثي، حيث يتعين على الناس الاختيار ما بين تعريض سياراتهم للخطر أو تحمل أقساط تأمين مرتفعة بدرجة غير معقولة”.
فقد أعلنت شركة جاكوار لاند روفر عن استثمار بقيمة 10 ملايين جنيه إسترليني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لترقية أنظمة الأمان لطُرز السيارات التي يشيع سرقتها والمُصنَّعة بين عامي 2018 و2022.
يكشف تحقيق صحيفة The Observer عن سيارات أخرى بها ثغرات أمنية مماثلة، وفي الوقت نفسه أكدت شركة هيونداي في نهاية هذا الأسبوع، أنها “تعطي الأولوية” لمنع هجمات المجرمين على سياراتها “باستخدام أجهزة لتجاوز أنظمة قفل المفاتيح الذكية بشكل غير قانوني”.
وحذر تقرير صادر في عام 2011 أعده باحثون في جامعة كاليفورنيا وجامعة واشنطن من إمكانية تنفيذ هجمات على برمجيات السيارات الحديثة، وتوجيه “وحدة التحكم عن بُعد المُخترَقة في السيارة لفتح الأبواب وتشغيل المحرك”.
“سباق تسلح” ضد المجرمين
مع ذلك، تنفي جمعية مُصنّعي وتجار السيارات في بريطانيا فشل الصناعة في الناحية الأمنية، لكنها تقول إنها دخلت في “سباق تسلح” مع المجرمين المتخصصين في سرقة السيارات. وقال مايك هاوز، الرئيس التنفيذي للجمعية: “تقدم شركات صناعة السيارات باستمرار تكنولوجيا جديدة لتظل متقدمة عن المجرمين. وقد ساعد هذا الاستثمار في الحد من سرقة المركبات بدرجة كبيرة خلال الأعوام الثلاثين الماضية”.
كما أضاف هاوز: “بينما يواصل المُصنِّعون تعزيز أنظمة الأمان، فإنَّ الابتكار التكنولوجي وحده لا يمكنه منع جميع أنواع السرقات. ولهذا السبب يعمل القطاع عن قرب مع الشرطة وصناعة التأمين وأصحاب المصلحة الآخرين في مجال الأمن”.
من جانبها، تقول وزارة الداخلية البريطانية إنَّ جرائم سرقة السيارات عامةً، التي تشمل سرقة محتويات من السيارة، آخذة في الانخفاض. وقال متحدث باسم الشرطة: “نتوقع أن تأخذ الشرطة جرائم المركبات على محمل الجد، ولهذا السبب رحبنا بالالتزام الذي تعهدت به الشرطة في أغسطس/آب من العام الماضي بمتابعة جميع خطوط التحقيق المعقولة”.
كما أضاف المتحدث: “لقد أحرزنا تقدماً كبيراً في التصدي لجرائم المركبات، التي انخفضت بنسبة 39% منذ عام 2010. وستفرض الإجراءات الجديدة ضمن مشروع قانون العدالة الجنائية حظراً على الأجهزة الإلكترونية المُستخدَمة في سرقة المركبات”.