بالتأكيد تتذكرون من حياة الفنان غسان مطر الفنية جملته الشهيرة “اعمل الصح”، أو ظهوره بدور الشرير بعدد من أشهر الأفلام المصرية. لكن هل تعرفون من قصة حياة الفنان غسان مطر الفلسطيني الذي تشرب المصرية اغتيال عائلته في المخيمات، واضطراره لإخفاء هويته؟
قصة حياة الفنان غسان مطر الفلسطيني الذي انتقل من السياسة للفن
يحل اليوم، الثلاثاء 27 فبراير/شباط، ذكرى وفاة الفنان غسان مطر الفلسطيني الذي توفي بعد صراع طويل مع المرض في العام 2015.
اشتهر مطر بدور الشرير المضحك ذي الحضور الخفيف، فلم يؤدّ دور الشرير الذي يكرهه الجمهور من سوء شره، بل يحبه لخفة ظله وتمكنه من الجمع بين الاثنين بخفة.
اسمه ليس “غسان مطر”
قد يعتقد كثيرون أن غسان مطر الذي أتقن العربية ومثل في عشرات الأفلام المصرية هو مصري الميلاد والجنسية، لكن في الحقيقة هو فلسطيني الأصل، واسمه الحقيقي أيضاً مختلف عما نعرفه، إذ إن اسمه الحقيقي هو عرفات داوود.
ولد عرفات داوود حسن المطري في 8 ديسمبر/كانون الأول 1938 في مدينة يافا الفلسطينية، وعاش هناك حتى نكبة 1948. وروى مطر في لقاء أجراه قبل وفاته أن قصف مدينته يافا في العام 1948، ثم جريمة دير ياسين، دفعا عائلته للنزوح من فلسطين إلى لبنان، وتحديداً مخيم البداوي بشمال لبنان.
حياة الفنان غسان مطر الفلسطيني أو عرفات داوود قبل أن يغير اسمه كان منخرطاً في الساحة السياسية؛ إذ كان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني وفي المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان مطر يعتبر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات هو الأب الروحي له.
أراد مطر الانضمام إلى جيش التحرير الفلسطيني، لكن أوراقه رُفضت بسبب حادثة قديمة حينما تعرض للسجن في الـ16 من عمره، إذ اتهم بتشجيعه شخصاً على تفجير خطوط نفط في طرابلس.
زواج غسان مطر
تزوج مرتين، تعرضت زوجته الأولى للاغتيال، فيما تزوج زوجته الثانية لاحقاً حتى وفاته.
تعرضت والدة غسان مطر وزوجته وابنه جيفارا للاغتيال في قصف خلال “حرب المخيمات” (1984–1990) حينما كانت لا تزال عائلته تعيش في لبنان.
اتهم مطر نظام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد بقصف عائلته “انتقاماً منه لانخراطه في أنشطة المقاومة، حينما كانت الفصائل منقسمة، وكونه كان معلقاً سياسياً خلال الحرب”، وذلك حسب ما قاله خلال لقاء له على قناة Dream 2 المصرية.
بينما علم بخبر اغتيال باقي أفراد عائلته بخبر من إذاعة “مونت كارلو”، في السابعة من صباح يوم القصف، ولم يصدق نفسه في بادئ الأمر، لكنه علم لاحقاً بنجاة بناته الثلاث ووجودهن عند السياسي اللبناني نبيه بري، الذي ترأس مجلس النواب لاحقاً.
وقال في لقاء تلفزيوني سابق له مع الإعلامية منى الشاذلي إنه تماسك فقط بعد خبر اغتيال عائلته لأجل بناته، إذ قال: “جيفارا كان ابناً جميلاً حزنت عليه بشدة”.
ثم تزوج مرة أخرى من الممثلة سما مطر ودام زواجه لـ13 عاماً، وظلت معه حتى توفي بالسرطان في 27 فبراير/شباط 2015.
كانت زوجته تعرف بإصابته بالسرطان، لكنها أخفت عنه الخبر خوفاً عليه، إذ قالت في لقاء تلفزيوني سابق إن “رحلتهما الفنية أحببتهما في بعضهما”، وكانت تحبه حباً شديداً؛ لدرجة أنها لم تصدق خبر وفاته.
انتقال غسان مطر إلى الساحة الفنية
انتقل مطر بعد ذلك للعيش في مصر، وتحول من الساحة السياسية إلى الساحة الفنية. حيث تولى مناصب فنية بالتزامن مع عمله بالتمثيل، إذ أصبح نائب رئيس اتحاد الفنانين العرب.
لكنه لم ينسَ فلسطين بعمله الجديد، إذ قام بتأليف عمل فني فلسطيني في العام 1969، بفيلم “كلنا فدائية” ثم فيلم “الثائر” الذي اعتبر أول فيلم فلسطيني من تأليفه.
أما بالنسبة لبدايته الفنية فكانت من خلال التلفزيون المصري، حيث شارك في مسلسل “دائرة الضوء”، فيما كان أول أعماله السينمائية “الخليفة العادل عمر بن الخطاب” فى بداية الستينات، وشارك في العمل بأكثر من 119 عملاً فنياً، حسب موقع “السينما.كوم”.
وقد اشتهر غسان مطر بجمل مثل “اعمل الصح”، و”باي باي يا كوتش” من فيلم “لا تراجع ولا استسلام” مخاطباً الممثل المصري أحمد مكي.
وكما تقول الجملة الشهيرة إن المخرجين حصروه بأدوار الشر، وذلك بفضل ملامحه وطبقة صوته القوية، لكن هذا لم يزعجه؛ إذ قال إن هذا لا يمنع أن “يحمل في داخله كل معاني الإنسان الطيب والذي يشعر بمعاناة الآخرين”.
وبشكلٍ عام، يعد من أبرز الأعمال الفنية التي شارك بها كانت: فيلم “الأبطال” أمام الممثل المصري فريد شوقي وأحمد رمزي، وفيلم “الطريق إلى إيلات”، وفيلم “عوكل”، و”أبناء الشيطان”، و”عيال حبيبة”، وأحلام الفتى الطائش”، و”أمير البحار”، و”العيال هربت”، و”علقة موت”، وأعمال أخرى.