غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

تقارير

خبراء الأمم المتحدة يقولون إن “المجاعة في غزة قريبة”.. فما معنى ذلك في المعايير الدولية؟

نتائج الثانوية العامة

أظهرت عملية تسليم المساعدات التي انتهت بمجزرة هذا الأسبوع في شارع الرشيد شمال غزة، مدى الكارثة التي يمر بها سكان قطاع غزة، حيث قتلت إسرائيل العشرات من الفلسطينيين بعدما تجمع عدة آلاف حول قافلة نادرة من شاحنات المساعدات. ومع الانخفاض السريع في عدد المساعدات التي تُسلَّم إلى غزة ومعاناة الفلسطينيين للعثور على الغذاء، يحذر العاملون في المجال الإنساني ومسؤولو الأمم المتحدة من أن مجاعة وشيكة في جميع أنحاء القطاع.

وبالنسبة لجماعات الإغاثة والأمم المتحدة، فإن تحديد وجود مجاعة رسمياً هي “عملية تقنية”. ويتطلب الأمر تحليلاً من الخبراء، ولا يمكن الإعلان عنه إلا من السلطات الحكومية وكبار مسؤولي الأمم المتحدة. إذن كيف تُعرَّف المجاعة، وماذا يقول الخبراء عن شدة الجوع في غزة؟ نقدم فيما يلي نظرة فاحصة.

ما هي المجاعة؟

خبراء انعدام الأمن الغذائي الذين يعملون على التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، المعروف اختصاراً بـ(I.P.C)، وهي مبادرة تسيطر عليها هيئات الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الكبرى، يحددون المجاعة في منطقة ما على أساس ثلاثة شروط:

  • يواجه ما لا يقل عن 20% من الأسر نقصاً حاداً في الغذاء.
  • يعاني ما لا يقل عن 30% من الأطفال من سوء التغذية الحاد.
  • يموت ما لا يقل عن شخصين بالغين أو 4 أطفال من كل 10.000 شخص كل يوم بسبب الجوع أو مرض مرتبط بسوء التغذية.

خبراء الأمم المتحدة يقولون إن “المجاعة في غزة قريبة”.. فما معنى ذلك في المعايير الدولية؟

ما الدول التي سبق تصنيف المجاعة فيها؟

منذ تطوير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي في عام 2004، استُخدِم لتحديد المجاعة في دولتين فقط: وهما الصومال في عام 2011، وفي جنوب السودان في عام 2017. وفي الصومال، مات أكثر من 100 ألف شخص قبل إعلان المجاعة رسمياً.

وأعرب محللون في التصنيف عن قلقهم البالغ إزاء انعدام الأمن الغذائي في اليمن وإثيوبيا، المرتبط بالحروب الأهلية في هذين البلدين، لكنهم قالوا إنه لا تتوفر معلومات كافية من الحكومات لإصدار تقييم رسمي.

وقد حفز تصنيف المجاعة في الصومال وجنوب السودان المجتمع الدولي للتحرك وجمع تبرعات كبيرة. ويشير عمال الإغاثة وخبراء الجوع إلى أنَّ أزمة الجوع في غزة خطيرة بالفعل، سواء وفق تصنيف المجاعة أو بدونه، وهناك حاجة إلى توجيه المساعدات بسرعة.

وقال عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي: “بالنسبة لي، من المهم القول إنه من الناحية الفنية، لم نحقق شروط المجاعة، وبصراحة لا نريد الانتظار لتوافر تلك الشروط؛ لذا يرجى المساعدة، وعلى الفور”.

المجاعة في غزة / رويترز
المجاعة في غزة / رويترز

كيف تقيم الأمم المتحدة المجاعة في غزة الآن؟

يكافح الفلسطينيون، وخاصة في الشمال، ضد المجاعة ويتجمعون بانتظام قرب شاحنات المساعدات القليلة نسبياً التي تدخل المنطقة رغم أن بعضها تقصفها إسرائيل. وتقول جماعات الإغاثة وغيرها إن الناس يعانون من الجوع الشديد لدرجة أنهم يلجأون إلى تناول أوراق الشجر وعلف الحيوانات وبقايا الطعام.

وأصدر التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أول تقاريره بشأن غزة في ديسمبر/كانون الأول، وخلُص فيه إلى أن جميع سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي وصل لمستوى كارثي أو أسوأ. وعلى الرغم من أن التصنيف ذكر أن غزة لم تعبر بعد عتبة المجاعة، إلا أنه حذر من أن وصول خطر الجوع لمستوى المجاعة سيزداد إذا لم تتوقف الحرب.

وقالت مجموعة الخبراء التابعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إنهم يعملون الآن على تحليل ثانٍ للأمن الغذائي في القطاع.

ما هي عواقب وقوع المجاعة في غزة؟

اعتمد التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي في تقريره الصادر في ديسمبر/كانون الأول على بيانات متاحة للعامة من منظمات الإغاثة الدولية والمحلية في غزة، التي ذكر الخبراء أنها تفي بمعايير التصنيف المنهجية. لكن الخبراء أشاروا إلى أنهم يفتقرون إلى البيانات الحديثة حول مدى تفشي سوء التغذية الحاد.

وأضافوا أنَّ الحصول على هذه البيانات أمر صعب للغاية في منطقة الحرب ويشكل عبئاً على العاملين في مجال الرعاية الصحية المُثقَلين بمهام الرعاية الأخرى بالفعل.

وقال كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، عارف حسين، إنَّ معايير المنظمة صُمِّمَت في الأصل لمعالجة المجاعة المرتبطة بالطقس والتغير المناخي، وليس الأزمات المماثلة التي يشهدها قطاع غزة. وأشار إلى أنَّ معظم أزمات الجوع الشديدة في التاريخ الحديث كانت ناجمة عن الصراعات وليس المناخ.

وفي حين يتولى خبراء التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إجراء التحليلات اللازمة لرصد المجاعات، يقع على عاتق السلطات الحكومية والأمم المتحدة الإعلان رسمياً عن حدوث أية مجاعة.

وفي بعض الحالات، ترددت البلدان في فعل ذلك. ففي عام 2022، أعرب الرئيس الصومالي عن معارضته لإعلان المجاعة خلال أزمة الجوع الشديدة الناجمة عن الجفاف. وفي عام 2021، عرقلت إثيوبيا إعلان المجاعة في منطقة تيغراي من خلال فرض ضغوط شديدة، وفقاً لمسؤول كبير في الأمم المتحدة.

وبالنسبة للأمم المتحدة، من غير الواضح على وجه التحديد ما هي السلطة التي يمكنها إعلان المجاعة في غزة. ويقول خبراء التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إنَّ العملية تشمل عادةً الحكومة في بلد ما ومسؤولها الأعلى في الأمم المتحدة. وأضافت أنَّ تحديد من له تلك السلطة في غزة يقع خارج نطاق المنظمة.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة