هرتسي هاليفي، وشهرته الجنرال الفيلسوف، هو رئيس الأركان الـ23 للجيش الإسرائيلي، وأول مستوطن يصل إلى هذا المنصب في تاريخ إسرائيل. تدرج في الرتب العسكرية منذ 1985، وشغل عدة مناصب عسكرية وأمنية حساسة، من أبرزها قيادة وحدة النخبة الخاصة “ساريت متكال”، وإدارة كلية القيادة والأركان، ورئاسة الاستخبارات العسكرية.
تصفه الدوائر المقربة بالرزانة والانعزالية، وبأنه عميق التفكير ولا يفصح عن مشاعره، ويحبذ الوقوف على هامش حلبات الصراع وليس في وسطها، كما أنه شديد العداء لإيران والفلسطينيين، وليس لديه رحمة في التعامل مع قطاع غزة والضفة الغربية.
المولد والنشأة
ولد هرتسي هاليفي في القدس في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 1967 لعائلة متدينة، وأخذ اسمه من اسم عمه “هرتسل”، المظلي الذي قُتل في حرب 1967. وقد جاء والده “حاييم شلومو” مهاجرا من روسيا، وهو من نسل الحاخام أفراهام يتسحاق كوك، مؤسس حركة الاستيطان الحديثة. بينما استقرت جذور والدته “تسيلا” في القدس منذ عدة أجيال.
ويعيش هاليفي في مستوطنة كفار ها أورانيم في الضفة الغربية المحتلة، غرب مدينة رام الله، وهو يهودي أرثوذكسي نشأ في بيت متديِن، وتوقف عن ارتداء الكيباه (القلنسوة اليهودية) خلال خدمته العسكرية، ولكنه صرح غير مرة أنه لا يزال ملتزم بدينه.
وهو متزوج من شارون هاليفي ولديه 4 أبناء، وشقيقه أمير هاليفي هو الرئيس التنفيذي لوزارة السياحة.
يمارس هرتسي الرياضة بانتظام، وخصوصا الجري والسباحة والعدو.
الدراسة والتكوين العلمي
درس هرتسي هاليفي في مدرسة هيملفارب الدينية الثانوية، وكان عضوا في كشافة تسوفيم الدينية.
وقد حصل هاليفي على شهادات في الفلسفة وإدارة الأعمال من الجامعة العبرية في القدس، ثم تابع دراساته العليا في الولايات المتحدة، حيث حصل على ماجستير في إدارة الموارد من جامعة الدفاع الوطني في واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية.
وبسبب دراسته للفلسفة لقبته وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية بـ”الفيلسوف”، ونقلت عنه صحيفة “نيويورك تايمز” قوله إن “الناس اعتادوا أن يقولوا إن إدارة الأعمال للحياة العملية والفلسفة للروح، ولكن على مر السنين وجدت أن الأمر عكس ذلك تماما، حيث أعتمد الفلسفة بشكل عملي أكثر”. ويستشهد بما يُنقل عن أفلاطون وسقراط من أن “الفلاسفة تحدثوا عن كيفية التوازن، وكيفية تحديد أولويات المبادئ بطريقة صحيحة”.
التجربة العسكرية
تم تجنيد هرتسي هاليفي في الجيش الإسرائيلي عام 1985، وانخرط متطوعا في وحدة المظليين، وفي عام 1987، أصبح قائد فصيلة، وقاد السرية المضادة للدبابات، التابعة للواء المظليين في عمليات عسكرية في جنوب لبنان، قبل أن يتقدم في مناصب قيادية مختلفة وصولا إلى وحدة “ساريت متكال” الخاصة، في العام 1993، حيث تولى قيادتها خلال الانتفاضة الثانية في 2001.
بقي في منصبه، قائدا لوحدة استطلاع النخبة “ساريت متكال”، مدة 3 سنوات، واستمر ترفيعه في الرُتَب العسكرية، حيث تولى قيادة لواء ميناشيه الإقليمي. وخلال حرب الفرقان (عملية “الرصاص المصبوب” كما يسميها الاحتلال) (2008-2009)، تولى هاليفي قيادة لواء المظليين 35، وكان نشاطه متمركزا في بيت حانون وبيت لاهيا ومنطقة العطاطرة.
وبين عامي 2009 و2011 شغل هاليفي منصب رئيس قسم العمليات التشغيلية، في وحدة إسرائيلية متخصصة بمتابعة ورصد جميع وسائل الإعلام العربية، في شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”.
وفي عام 2011 تم تعيينه قائدا للفرقة 91 “الجليل”، المسؤولة عن الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان وسوريا.
وفي عام 2013، تم اختياره لإدارة كلية الأركان والقيادة، حتى تعيينه رئيسا للاستخبارات العسكرية في سبتمبر/أيلول عام 2014، ثم رئيسا للقيادة الجنوبية في العام 2018، حيث أشرف على نشاط الجيش الإسرائيلي في غلاف غزة.
وفي عام 2021، تم تعيينه نائبا لرئيس الأركان، وفي 16 يناير/كانون الثاني 2023 تولى هرتسي هاليفي منصب رئيس الأركان الـ23 خلفا لأفيف كوخافي.
الوظائف والمسؤوليات
- شغل هرتسي هاليفي، خلال حياته العسكرية والمهنية وظائف ومسؤوليات منها:
- في 1992 عيِن قائدا لوحدة عوريف للمظليين.
- في 2001 أصبح قائد وحدة سايرت متكال النخبوية.
- في 2005 تولى قيادة لواء ميناشيه.
- في 2007 أصبح قائدا للواء المظليين.
- في 2011 تم تعيينه قائدا لتشكيلة الجليل.
- في 2014 أصبح قائد كلية القيادة والأركان، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية.
- في 2023 أصبح الرئيس الـ23 لهيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي.
التحديات والإخفاقات
اعترف هاليفي بأن قواته “أخطأت” بعجزها عن منع عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة.
وقال في حينه إن الجيش الإسرائيلي “مسؤول عن الدفاع عن البلاد ومواطنيها، وصباح السبت (7 أكتوبر)، في المنطقة المحيطة بغزة، لم نلتزم بذلك. سنتعلم ونحقق، ولكن الآن هو وقت الحرب”.
شارك هاليفي في عدة عمليات عسكرية، ولم يحقق الهدف في معظمها، ومنها عملية “اللدغة السامة” عام 1994، التي جرى خلالها اختطاف مصطفى الديراني، القيادي في حزب الله اللبناني، وذلك بهدف الحصول على معلومات عن مصير الطيار الإسرائيلي “رون أراد”، ولكن العملية لم تسفر عن تحقيق ذلك الهدف.
وفي العام نفسه، شارك في عملية تحرير الجندي “نخشون فاكسمان” الذي أسرته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفشلت العملية وانتهت بمقتل الجندي الأسير وقائد الوحدة العسكرية التي شاركت في العملية وجندي ثالث.
وكذلك شارك هاليفي في عمليات كوماندوز خلال اجتياح الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الانتفاضة الثانية عام 2002، وقاد عملية محاصرة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في رام الله، التي استهدفت إخضاعه ودفعه لتسليم مطلوبين إلى إسرائيل. إلا أن مخاوف أثارها هاليفي بشأن خطة للقبض على عرفات، دفعت إلى إلغاء العملية، ولم تحقق إسرائيل الهدف من الحصار.
وأثار تعيين هاليفي في منصب رئيس الأركان موجة من الانتقادات، والصراعات الداخلية بين الحكومة اليمينية المتطرفة والمعارضة، حيث كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يفضل تعيين إيال زمير، سكرتيره العسكري السابق. غير أن وزير الدفاع السابق بيني غانتس أصر على اختيار هاليفي.
يدعم هرتسي هاليفي التحالف الإسرائيلي الإستراتيجي مع ما يسميه “الكتلة السنية المسلمة المعتدلة في الشرق الأوسط”، وعلى رأسها السعودية، ويرى أن إيران هي المشكلة المستعصية الأولى التي تؤرق إسرائيل.