يتوجه المزيد من النخبة الروسية أو الأولغارشيين والشركات المملوكة للدولة إلى إدارة شركات عسكرية خاصة وتجنيد وتدريب كتائبهم الخاصة للمشاركة في حرب روسيا في أوكرانيا. في هذا التقرير نستعرض أحدث هذه الشركات التي يحارب مقاتلوها في أوكرانيا.
النخبة الروسية تبني شركاتها العسكرية الخاصة
أفادت تقارير بأنَّ الملياردير الروسي فيكتور شندريك، رئيس قسم الأمن في السكك الحديدية الروسية، يدعم مفرزة من المقاتلين الروس مكونة من مجموعة من مشجعي كرة القدم تسمى “إسبانيولا”، وفقاً لموقع iStories.
وشندريك مقرب من الأخوين روتنبرغ، أركادي وبوريس روتنبرغ، وهما مليارديران روسيان آخران صديقان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ فترة طويلة، اللذان يقال إنهما مهتمان بامتلاك شركتهما العسكرية الخاصة. وصرحت مصادر لموقع iStories بأنَّ إسبانيولا تأسست في العام الماضي، لكن شندريك بدأ مؤخراً في رعاية المجموعة.
لكن إسبانيولا ليست مجرد مجموعة أمنية؛ فهي جزء من الشركة العسكرية الخاصة Redut، التي تديرها وزارة الدفاع الروسية، ولديها قدراتها الخاصة من القنص والاستطلاع والهجوم، وفقاً لموقع iStories.
وسيطر حزب بوتين “روسيا المتحدة” على الشركة العسكرية الخاصة العام الماضي، وفقاً لتقييم استخباراتي من مديرية الاستخبارات الرئيسية التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية. وبحسب تقييم المخابرات، تقاتل كتيبة من إسبانيولا في أوكرانيا.
المرتزقة والقوات الخاصة تمثل أداة أساسية للكرملين في الحرب
وعلَّق شون ماكفيت، الخبير البارز في شؤون المرتزقة، لصحيفة موقع The Daily Beast الأمريكي قائلاً إنَّ هذه الكتيبة هي مجرد مثال واحد على مدى الأهمية المحورية التي توليها روسيا للشركات العسكرية الخاصة٬ حتى بعد وفاة رئيس مجموعة فاغنر السابق، يفغيني بريغوجين. وقال ماكفيت: “لا يزال المرتزقة والقوات الخاصة تمثل أداة أساسية للكرملين في الحرب”.
وشندريك والأخوان روتنبرغ ليسوا الوحيدين الذين يدعمون شركات عسكرية خاصة تُرسَل بعد ذلك إلى أوكرانيا.
فقد ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، في وقت سابق، أنَّ شركة غازبروم، شركة الطاقة المملوكة للدولة الروسية، تعمل على تطوير العديد من الشركات العسكرية الخاصة خلف الكواليس.
وأعطى رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين شركة “غازبروم نفط”، وهي شركة نفطية تابعة لشركة غازبروم، الإذن بإنشاء مجموعة أمنية خاصة لبنيتها التحتية، وكُلِّفَت المجموعة الأمنية بحماية الكيانات المرتبطة بشركة غازبروم.
لكن منذ ذلك الحين، ظهرت لقطات فيديو على الشبكات الاجتماعية لمقاتلين من إحدى هذه الكتائب، تسمى كتيبة بوتوك أو “السيل”، يقاتلون في أوكرانيا. وبحسب التقارير، أرسلت موسكو المجموعة لدعم مجموعة فاغنر أثناء مهاجمتها باخموت في أوكرانيا.
وقد انضمت وكالات روسية أخرى إلى هذا العمل أيضاً؛ إذ تدعم وكالة الفضاء الروسية روسكوزموس “كتيبة Uran” منذ العام الماضي على الأقل، وفقاً لصحيفة The Financial Times. ومن خلال مركز تدريب في منطقة بسكوف، تركز الكتيبة على تدريب الرماة والقناصين ومقاتلي المدافع الرشاشة والطواقم الطبية ومشغلي الطائرات بدون طيار وأطقم الهاون، وفقاً لموقعها على الإنترنت.
وتركز حملات التجنيد على تحقيق النصر لبوتين في الحرب في أوكرانيا. ويبرز الموقع عبارة: “مهمتك الرئيسية هي البقاء على قيد الحياة والعودة بالنصر”. ويشير أحد مقاطع فيديو التجنيد إلى أنَّ “شركة روسكوزموس الحكومية تدعوكم للانضمام إلى كتيبة المتطوعين Uran حيث ستخضعون للتدريب لتحقيق النصر في هذه الحرب العظيمة”.
مكافآت ضخمة لتحفيز المقاتلين في الشركات الأمنية الروسية الخاصة
وتدعم الكتيبة نداءها الحاشد بمكافآت ضخمة لتحفيز المقاتلين المحتملين على الانضمام. وعند الانضمام، يحصل المقاتلون على 100 ألف روبل (1104 دولارات أمريكية)، بالإضافة إلى راتب شهري قدره 100 ألف روبل (1104 دولارات أمريكية) ودفعة شهرية أخرى من الجيش الروسي. ويحصلون أيضاً على تأمين على الحياة بقيمة 4 ملايين روبل (44160 دولاراً أمريكياً)، بحسب الموقع الإلكتروني للكتيبة.
وكان بريغوزين، مؤسس فاغنر، قد انتقد في السابق الميليشيات الخاصة الأخرى التي غامرت بالدخول إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا، وانتقدها لافتقارها إلى التدريب المناسب.
وقال بريغوزين العام الماضي، قبل أشهر من وفاته في حادث تحطم طائرة: “هؤلاء الأشخاص الذين لديهم المال يعتقدون أنَّ تشكيل شركات عسكرية خاصة صار موضوعاً رائعاً. لذلك، بدأوا في الانتشار: غازبروم طوَّرت بوتوك، وهناك شركة بوكاريف التابعة للملياردير أندريه، وشركة Redut العسكرية”.
لكن بالنسبة لموسكو، فإنَّ انتشار الأولغارشيين الروس ورجال الأعمال الأثرياء والشركات الروسية التي ترعى الشركات العسكرية الخاصة يسمح لبوتين بالاعتماد على جهود تجنيد المرتزقة وتجنب بدء تعبئة عسكرية لا تحظى بشعبية بينما يواصل شن حرب الاستنزاف في أوكرانيا.
جزء أساسي من خطة بوتين الحربية الخاصة
وقال الخبير البارز في شؤون المرتزقة شون ماكفيت لصحيفة The Daily Beast إنَّ الاتجاه الناشئ للشركات العسكرية الخاصة في جميع أنحاء روسيا هو المفتاح للمضي قدماً في خطة بوتين الحربية.
وأضاف: “لقد اعتادوا استخدامها للتدخل في أفريقيا وسوريا وفي الوقت نفسه الاستمرار في نفي مسؤوليتهم عن التدخل… لكنهم يستخدمونها الآن لأنها وسيلة يلجأ إليها بوتين لإخفاء التكاليف الحقيقية للحرب عن الروس العاديين”.
وتابع ماكفيت: “يحتاج بوتين إلى قوة محركة في الوقت الحالي بينما ينخرط في استراتيجية الاستنزاف ضد أوكرانيا، وهؤلاء المرتزقة يمكن التخلص منهم؛ ولهذا السبب فإنه يلجأ إلى جميع أصدقائه من القلة الحاكمة”.
ولطالما حذر المسؤولون في الولايات المتحدة وأوكرانيا من أنَّ التأخير في إمدادات الأسلحة إلى كييف من الدول الغربية قد لا يدعم دفاعها ضد روسيا، التي تعزز جهودها الدفاعية والتجنيد في الحرب. ويحقق القائمون على التجنيد الروس ما يقرب من 85% من أهداف التجنيد المخصصة لهم؛ مما يشير إلى أنَّ روسيا قد تكون قادرة على الحفاظ على جهودها الحربية حتى عام 2025، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة.
أما الأوليغارشية الروسية فهي على الأرجح تتجه لتمويل الشركات العسكرية الخاصة في محاولة لحماية أصولها الخاصة في حالة ظهور اضطرابات في روسيا في المستقبل.
وقال ماكفيت: “في مكان مثل روسيا، التي تعتبر دولة مافيا، يعد توفير الأمن دائماً رهاناً جيداً. واتجهت الأوليغارشية وغيرهم هناك في البداية لامتلاك مثل هذه الشركات لصالح راعيهم بوتين، لكنني أعتقد أنهم يمتلكونها الآن لأنفسهم أيضاً… فهي بمثابة رهانات تحوّط”.