غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

الموسوعة

حسن البنا.. مؤسس جماعة الإخوان المسلمين

نتائج الثانوية العامة

حسن البنَّا، مؤسس ومرشد جماعة الإخوان المسلمين في عشرينيات القرن العشرين. ولد عام 1906، أنشأ وقاد تشكيلات عسكرية لمواجه الاحتلال البريطاني لمصر وللدفاع عن فلسطين. وتم اغتياله في 12 فبراير/شباط 1949، وعمره آنذاك لا يتجاوز 43 عاما.

المولد والنشأة

وُلِد حسن البنَّا، في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1906، ببلدة المحمودية في محافظة البحيرة شمال مصر.

كان أكبر إخوته الستة (4 أولاد وبنتان) لعائلة ريفية عملت بالزراعة في قرية شمشيرة، وغادرها والده عام 1903 لحفظ القرآن والدراسة تحقيقا لرغبة جدته.

نشأ الطفل -الذي ولد بغرفة أطلق عليها “الدكة”- في بيت كان رَبُّه من علماء الحديث، وله فيه كتب وشروحات، وكان مأذونا شرعيا وإماما وخطيبا وحرفيا في إصلاح الساعات، التي ولع بها الابن ومارسها إلى جانب تجليد الكتب.

مرت بالصبي الصغير أحداث كانت تتابعه فيها “عناية الله” كما حكى والده، إذ صُرِف عنه أذى أفعى في المَهد، وحماه سلم حين سقط عليه سقف البيت، والتقطته سيدة من ساحل قناة للري ألقى فيها نفسه خوفا من كلاب رَوّعَتْه.

ونجا من اعتداء أحد زملائه في الدراسة، تملكه الحسد منه فصب عليه وهو نائم زجاجة صبغة يود، كما ذكر جمال البنا في كتابه “خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه”.

كان “ابن الساعاتي” متوسط القامة وكان له “جسم تَعوَّد الخشونة على ضآلته، وأَلِف المشقة على نحافته”، كما وصف نفسه، كما كان يجيد الرماية والسباحة، ويقطع على قدميه مسافات طويلة.

 

 

اكتسب من أبيه الصرامة والدقة والمسؤولية، إذ كان يَخُصّه بقضاء كثير من المهام، ومن والدته “أم السعد” ورث ملامح الوجه وجانبا كبيرا من العناد إذا انتهى إلى قرار.

في عام 1923، تزوج أثناء إقامته في الإسماعيلية من ابنة حسن الصولي (أحد وجهاء الإسماعيلية)، وأنجب 5 بنات، وابنا واحدا كان في الـ14 من عمره عند اغتيال والده، وفيما بعد أصبح محاميا وعضو مجلس الشعب عام 1987.

يقرن اسم البنَّا بواحد من 5 ألقاب: “الشيخ” (لقب خريجي دار العلوم)، “الأفندي” (لقب لاحق للخريجين)، “الإمام” الذي كان يضاف له غالبا وصف “الشهيد” أو “المرشد العام” (اللقب الذي اختاره لنفسه).

وكان ابن مؤلف مصنف “الفتح الرباني”، متمسكا بزي الشيوخ، وهي الجبة والعمامة، وقبيل تخرجه ارتدى البدلة والطربوش نزولا على رأي ناظر دار العلوم.

الدراسة والتكوين

ظهرت على الصبي نَجابة مبكرة، فعَنِيَ والده بثقافته الإسلامية، ووجهه إلى دراسة المذهب الحنفي، فيما وزع على إخوته دراسة باقي المذاهب الفقهية.

تشير المعلومات عن سنوات تعليميه الأولى إلى أنه تنقل بين أكثر من كُتَّاب، فعَهِد به والده إلى “مدرسة الرشاد الدينية” 4 سنوات، وفي رعاية صاحبها محمد زهران الكفيف، حفظ نصف القرآن بين الثامنة والـ12 من عمره.

عندما غادر أستاذه المدرسة التي كانت تعدّ دار علم ومعهد تربية، أكمل الحفظ بالمنزل وفاء بوعد قطعه على نفسه لوالده.

 

 

والتحق بمدرسة إعدادية أنشأتها الحكومة حينئذ على نظام المدارس الابتدائية اليوم، لكن اللغات الأجنبية لم تكن ضمن منهاجها، الذي توسع في دراسة اللغة العربية والدين.

في سن الـ14 التحق بمدرسة المعلمين الأولية في دمنهور عام 1920، وهو دون السن القانونية بنحو نصف سنة، لأجل التأهل بعد 3 سنوات ليكون معلما، وكان ترتيبه الأول بين الناجحين عام 1924.

لكن الفتى فضل إتمام دراسته، وتمسكت والدته بذلك وباعت بعض “مجوهراتها” عندما ضاقت موارد الأسرة. فانتقل إلى القاهرة والتحق بدار العلوم بعد أن نجح بتفوق في امتحان القبول، مختزلا بذلك 4 سنوات من الدراسة التأهيلية للقسم العالي بها.

وكان من نصيبه أن تلقى ما كان مقررا بالدار منذ تأسيسها عام 1872، من علوم اللغة والأدب والشريعة والجغرافيا والتاريخ، ثم ما أضيف لها عام 1920 من مواد علم الحياة ونظم الحكومات، مع توسع في نظام الحكومة المصرية، ودروس أخرى في مناهج التربية العلمية والعملية وفي الاقتصاد السياسي، أضيفت عام 1924.

كان الطالب الصغير الأول في دفعته بامتحان التخرج في يونيو/حزيران 1927، عندما تَحصّل على دبلوم دار العلوم.

ذكر في مذكراته، أنه تقدم للامتحان بمحفوظات بلغت 18 ألف بيت شعري ومثلها من المنثور، فضلا عن متون الإعراب والنحو والتوحيد والميراث والمنطق والفقه.

 

 

الحياة المهنية

في يوم 20 سبتمبر/أيلول1927، عُيّن بوزارة المعارف مُدرِّسا للغة العربية في المدارس الابتدائية الأميرية في الإسماعيلية (مدرسة طه حسين حاليا).

ونقل إلى مدرسة عباس الأول بالقاهرة عام 1941، قبل أن ينقل لمدة شهرين إلى مدرسة قنا الابتدائية، ودَرَّس بها أيضا الخط العربي، رغم أن خطه بشهادته لم يكن جميلا ولا مقروءا.

ثم أعيد إلى القاهرة وظل بها إلى أن استقال من وظيفته في مايو/أيار1946، بعدما قضى في التدريس نحو 19 سنة، وكان قد بلغ يومها الدرجة الخامسة “بحكم قانون الموظفين المنسيين”.

وبناء على قرار لجنة المعاشات الخاصة تحت رقم 78/3/650، لم تُقيِّد وزارة المالية له أو لورثته معاشا أو مكافأة، وفق ما ذكر إبراهيم البيومي.

كان مراسلا لمجلة الفتح التي أشرف على تحريرها محب الدين الخطيب، ونشر بها أول مقال له عام 1928 بعنوان “الدعوة إلى الله”. وأصدر مجلة الشهاب الشهرية للدراسات الإسلامية، وظل يجني من مواردها ما يوازي راتبه الحكومي.

وكان مشرفا وكاتبا في مجلة “الإخوان” الأسبوعية، ومجلة “النذير” الأسبوعية، ثم مجلة المنار الشهرية، وكذلك مجلة “الإخوان” النصف شهرية عام 1942، والتي تحولت إلى أسبوعية عام 1946، ثم إلى يومية، حيث نشر بها آخر مقال قبل اغتياله بعنوان “بين المنعة والمحنة”.

 

 

التطور الاجتماعي والسياسي

تلقى البنَّا تكوينه الاجتماعي والسياسي من مصادر متعددة ومختلفة، كانت تأثيراتها عليه متزامنة حتى نهاية حياته، ويمكن اختزالها في 3 مراحل:

المرحلة الأولى: تشكلت معالمها في مطلع حياته، بدءا من “مدرسة الرشاد الدينية”، وفي كنف أستاذها محمد زهران -وصفه بـ”الألمعي والذكي العالم التقي”-، وفيها تعلم التأثير في السامعين وأسلوب التعامل مع الطلاب.

وفي الـ14 من عمره، اتصل بـ”الطريقة الحصافية” وأخذ عن مؤسسها التصوف أسلوبا ومنهجا في التربية، وتوسعت دائرة اتصاله ومعرفته بالمحيط الاجتماعي.

وخلال ملازمته لوالده بدكان إصلاح الساعات، تعلم الدقة والصبر والنظام، وأفاد من مناقشات ومحاورات جلسائه من أهل العلم، فيما تعرف على عالم الكتب، وقرأ في الدين والفقه والحديث والنحو، بمكتبتي والده وشيخه محمد زهران، والمكتبة السلفية لمحب الدين الخطيب.

المرحلة الثانية: وتمثلت في نظام التعليم الرسمي على اختلاف مراحله، إذ اتسعت معرفته بأنماط الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، بعد أن تدرج من محيط المحمودية المحدود إلى الأوسع نسبيا في دمنهور، ثم وَفد على قاهرة العشرينيات الموسومة بالصراعات الحزبية والتيارات العلمانية وبالاتجاه نحو المدنية الحديثة.

خلال هذه الفترة، تأثر بمن عاصرهم من العلماء والقيادات الفكرية إما بقراءة مؤلفاتهم أو بالالتقاء بهم شخصيا والجلوس إليهم ومحاورتهم، أو ممن تتلمذ على أيديهم، وأبرزهم محمد عبد المطلب الملقب “حجة الأدب واللغة”، وأحمد يوسف نجاتي.

 

 

المرحلة الثالثة: التحق الفتى معلما بالإسماعيلية، وكانت تحت السيطرة الكاملة للاحتلال الإنجليزي، وفي هذه المرحلة وهب الشاب حياته للدعوة، فمن المدرسة إلى المسجد يلقي خطبا ومواعظ، ومن المسجد إلى المقاهي يتحدث ويخطب ويناقش.

وأحصى أنور الجندي في مؤلفه “حسن البنا الداعية الإمام والمجدد الشهيد”، نحو30 ألف خطبة ألقاها، وجلسات عقدها بمثل ذلك العدد، في 17 عاما.

وقد عاصر أهم أحداث النصف الأول من القرن العشرين بمعطياتها المختلفة، مثل الأوضاع السياسية المضطربة، وانهيار الدولة العثمانية وإلغاء الخلافة، والحرب العالمية الثانية، وظهور حركات التحرر والاستقلال، وكان ذلك عاملا رئيسا في استنهاض جهوده الفكرية والحركية.

الانخراط في العمل العام

كان البنَّا -الذي وصفه سيد قطب بأنه “سيد البناء”- في كل مرحلة من حياته يبادر إلى العمل الجماعي، في مواجهة الوضع الجديد الذي يصطدم به تلميذا وطالبا ثم معلما.

شارك وهو صبي يافع بمظاهرات الثورة المصرية عام 1919، ونظم الشعر الوطني. ورشحه زملاؤه رئيسا لـ”جمعية الأخلاق الأدبية” التي تشكلت في الإعدادية، ثم دفعهم الحماس لإنشاء أخرى خارج حدود المدرسة باسم “جمعية منع المحرمات”.

حين كان طالبا في دمنهور، عمل على إنشاء “الجمعية الحصافية الخيرية”، وتركز نشاطها أساسا في مقاومة الإرساليات التبشيرية. وعام 1923، انضم إلى “جمعية مكارم الأخلاق” وكانت الوحيدة بالقاهرة في ذلك الوقت.

 

 

وفي عام 1927، شارك في إنشاء “جمعية الشبان المسلمين”، وكان من أهدافها الأساسية مقاومة المد التبشيري والموجة الإباحية والإلحادية.

في مارس/آذار 1928، أسّس المدرس الوافد على الإسماعيلية، وهو في الـ22 من عمره، جمعية “الإخوان المسلمين”، وكان المرشد العام لها.

واعتبرت حركة إصلاحية في واقع اجتماعي، كان يشعر فيه بالخطر على الدين والأخلاق، وفي سياق الدعوة التي قادها زار حوالي 3 آلاف قرية من قرى مصر 4 آلاف أنداك.

أدى البنا، دورا استثنائيا في توجيه وقيادة مرحلة تأسيس الجماعة من 1928 إلى1937، ثم مرحلة العمل السياسي من عام 1938 إلى 1948.

وركزت الجماعة جهودها آنذاك في قضيتين كبيرتين هما، القضية الوطنية المصرية، والقضية الفلسطينية، حيث أنشأ البنَّا وقاد تشكيلات فدائية عسكرية لمواجهة الاحتلال البريطاني لمصر، والدفاع عن فلسطين في حرب 1948.

مرت الجماعة تحت قيادة مؤسسها وصاحب نظريتها التنظيمية، بمراحل متعاقبة. وكما تهيأت لها سبل النجاح، واجهتها المحن، ووقفت في طريقها الكثير من العقبات.

فمنذ أن بدأت وإلى حين وفاته، تعاقب على الحكم في العهد الملكي لمصر 12 رئيسا للوزراء، كانت علاقته بهم غير مستقرة، وتتفاوت من حيث درجة المواجهة.

ورشح نفسه للانتخابات البرلمانية مرتين، الأولى عام 1942، والثانية عام 1945، وتنازل عن الترشيح بطلب من الحكومة حينئذ.

وجاء العام 1946 حاملا معه ذروة أحداث سياسية واضطرابات في ظل الاحتلال الأجنبي للبلد والتبعية، أدت في النهاية إلى إعلان رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي حل جماعة الإخوان المسلمين، ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها، في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 1948.

المؤلفات

صدر القسم الأكبر مما كتبه ونشره حسن البنَّا تحت عنوان “من تراث الإمام البنَّا ” في 15 مجلدا بين سنتي 2004 و2006.

ويضم المجلد الخامس عشر رسائله الـ23، أولها “رسالة بين الأمس واليوم”، وآخرها “قضيتنا بين يدي الرأي العام المصري والعربي والضمير العالمي”. ومن أهم ما كتبه:

 

 

  • “مذكرات الدعوة والداعية”، تغطِّي جزءا من مراحل حياته إلى حدود عام 1942، وذكر جامع مذكراته، أنه وجدها في جريدة الإخوان المسلمين في حوالي خمسمائة عدد، ابتداء من العدد 374 الصادر في 21 يوليو/تموز 1947 حتى أوقفت الجريدة عن الصدور. وهي مذكرات بديلة عن الأولى التي قال البنَّا إن معظمها ضاع عام 1943 عندما صادرتها النيابة العامة.
  • كما خلف يوميات غير منشورة، بعضها لدى نجله أحمد سيف الإسلام، وفق ما ذكر شقيقه جمال، في كتابه “خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه”.
  • “مقاصد القرآن الكريم”، كتاب جمع مقالات كتبها على صفحات الجرائد والمجلات، وبعضها ألقاها خطبًا أو محاضرات، وبعضها كان في بعض الكتيبات الصغيرة.
  • “الإيضاح لمباحث الاصطلاح”، جمع مقالات في علم مصطلح علم الحديث نشرها في مجلة “الشهاب” على مدى خمسة أعداد.

وله كتب أخرىمثل:

  • المأثورات.
  • نظرات في كتاب الله.
  • الله في العقيدة الإسلامية ورسائل أخرى.
  • قضيتنا ودعوتنا.
  • مقدمة في التفسير وتفسير الفاتحة.
  • العقائد.
  • نظرات في التربية والسلوك.
  • كيف نفهم الإسلام
  • أحاديث الجمعة (3 أجزاء)

الاغتيال

اغتيل حسن البنَّا يوم 12 فبراير/شباط 1949، أمام مقر جمعية الشبان المسلمين، وفارق الحياة متأثرا بست رصاصات أطلقت عليه، ولم ينقع نقله |إلى مستشفى القصر العيني في وقف نزيفه، وكان عمره آنذاك لا يتجاوز 43 عاما.

دُفن بمدافن الإمام الشافعي تحت تشديدات أمنية، وحملت نعشه زوجته وابنتاه، ولم يُصَلِّ عليه في جامع قيسون غير والده، وظلت الشرطة تحرس قبره مدة 6 شهور.

حُفِظ التحقيق، وقُيدت القضية ضد مجهول، حتى قيام ثورة يوليو/تموز 1952، إذ قُبض على المتهمين وصدرت في حقهم أحكام تفاوتت بين الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة.

وقال القاضي في حيثيات الحكم، إن قرار اغتيال البنَّا اتخذنه الحكومة السعدية في عهد إبراهيم باشا عبد الهادي رئيس الوزارة، وتم ذلك بمباركة البلاط الملكي.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة