غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

تقارير

معركة التحكم بالمساعدات.. لسان بحري عائم شمال غزة ورصيف مؤقت خرساني في خان يونس جنوباً، ما الغرض منهما؟

نتائج الثانوية العامة

تظهر الصور الميدانية الحديثة في قطاع غزة، وأخرى عبر الأقمار الصناعية، أعمال بناء وحفر في منطقتين مختلفتين على شاطئ غزة، الأمر الذي كشفت سببه مصادر خاصة لـ”عربي بوست”، موضحة أن الأولى يتم فيها إنشاء لسان بحري فيها شمال غزة بمنطقة البيدر، فيما الثانية عبارة عن رصيف مؤقت لاستقبال السفن الكبيرة في خان يونس (جنوباً).

كلا المشروعين المتعلقين بالمساعدات إلى غزة بحراً تقوم عليه الشركة الأمريكية الخيرية “وورلد سنترال كيتشن” World Central Kitchen، أو المطبخ المركزي العالمي، بتمويل أمريكي-إماراتي.

بحسب مصادر “عربي بوست” في هذا التقرير، فإن الغرض من إنشاء المشروعين البحريين، مرتبط بـ”التحكم بمن يملك المساعدات، ويقوم بتوزيعها”.

معركة التحكم بالمساعدات.. لسان بحري عائم شمال غزة ورصيف مؤقت خرساني في خان يونس جنوباً، ما الغرض منهما؟

لسان بحري عائم شمال غزة

بحسب مصادر من حكومة رام الله، لـ”عربي بوست”، فإن الشركة المعروفة اختصاراً “WCK” المختصة بتوفير الطعام للسكان الذين يعانون من الأزمات، حصلت على ترخيص بالفعل لإنشاء لسان بحري من وزارة النقل، من أجل إنزال المساعدات البحرية القادمة من قبرص عبر سفينة Open Arms، بمنطقة البيدر شمال غزة.

تواصل “عربي بوست” مع وزارة النقل الفلسطينية، التي رفضت من جانبها التعليق على هذا الأمر.

السفينة Open Arms التي تحمل المساعدات إلى غزة بحراً وصلت بالفعل إلى شاطئ غزة الجمعة 15 مارس/آذار 2024، بحسب ما أعلنته المنظمة الأمريكية، ورصدته مواقع تتبع السفن.

معركة التحكم بالمساعدات.. لسان بحري عائم شمال غزة ورصيف مؤقت خرساني في خان يونس جنوباً، ما الغرض منهما؟

أفادت المؤسسة World Central Kitchen في بيان أرسلته لـ”عربي بوست”، خلال مراسلتها عبر البريد الإلكتروني، بأنها “تعمل بشكل وثيق مع دولة الإمارات لجعل الخيار البحري ممكناً، من خلال إنشاء لسان بحري، وهو أمر بالغ الأهمية لدرء كارثة الجوع التي تتكشف في غزة، وفق قولها.

وقالت إن الطواقم التابعة لها تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع منذ 6 مارس/آذار 2024، في هذا المشروع على شاطئ غزة.

أظهرت كذلك صور الأقمار الصناعية التي نشرتها شركة “ماكسار” للتكنولوجيا الخميس 14 مارس/آذار 2024 صوراً التقطت عبر الأقمار الصناعية قالت إنها تعود إلى 11 و12 و13 مارس/آذار الحالي، تبين أعمال حفر وإنشاءات على الرمال  لإنشاء رصيف على شواطئ الساحل الجنوبي لمدينة غزة.

بحسب بيان المطبخ المركزي العالمي لـ”عربي بوست”، فإنها أطلقت على الجهد البحري على شاطئ غزة اسم “Operation Safeena”، وتعني السفينة باللغة العربية.

أما عن طول اللسان البحري العائم، فإنه وفقاً لـ”القناة 12” العبرية، من المتوقع أن يبلغ حوالي 550 متراً، متصلاً بالشاطئ.

رصيف بحري مؤقت بخان يونس

أما في خان يونس جنوب غزة، فإنه يتم العمل على إنشاء رصيف بحري من الخرسانة، يكون مؤقتاً، وذلك لاستقبال السفن الكبيرة.

بدأ العمل فيه منذ 10 مارس/آذار 2024، بالمعدات والطاقم في الموقع، بحسب WCK، وستكون مساحته ممتدة على طول 60 متراً من شاطئ خان يونس.

في حين أعلن متحدث وزارة الدفاع الأمريكية باتريك رايدر، أن بناء الميناء المؤقت الذي تخطط الولايات المتحدة لإنشائه قد يستغرق 60 يوماً.

معركة التحكم بالمساعدات.. لسان بحري عائم شمال غزة ورصيف مؤقت خرساني في خان يونس جنوباً، ما الغرض منهما؟

ما الغرض منهما؟

كشف مصدر مسؤول في بلدية غزة، لـ”عربي بوست”، عن أن الغرض من إيصال المساعدات بحراً إلى غزة، “التحكم بمن يملك المساعدات ومن يقوم بتوزيعها إلى الناس، لا سيما أن المساعدات إلى غزة التي تدخل من خلال معبر رفح البري، تكون بالتنسيق مع حكومة غزة، وهذا ما لا يريده الاحتلال”.

عن آلية توزيع المساعدات القادمة من البحر، قال نها ستكون من خلال مراكز المؤسسة الأمريكية “المطبخ المركزي العالمي” (WCK)، بعيداً عن إدارة القطاع الحالية المتمثلة بحكومة حماس.

وقال إن هناك نحو 65 مركزاً تابعاً لهذه المؤسسة منتشرة في قطاع غزة منذ بداية الحرب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي ستقوم كوادرها بإنزال وتحميل وتوزيع المساعدات عبر مراكزها في شمال غزة، حيث سيطرة الحكومة المحلية هناك قوية.

أشار أيضاً إلى أن مؤسسة “WCK” تقوم حالياً بفتح مزيد من المراكز يبلغ عددها 35 مركزاً جديداً استعداداً لاستقبال المساعدات القادمة بحراً مستقبلاً بعد افتتاح الممر البحري من قبرص إلى غزة.

أما في خان يونس، فقال إن عملية توزيع المساعدات ستتم أيضاً من خلال كوادر المؤسسة الأمريكية “WCK” بتأمين ومساعدة من المحسوبين على القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، المقيم في الإمارات.

ولفت إلى أن منطقة خان يونس، هي مسقط رأس دحلان، ويحظى فيها بظهير موال له هناك، في حين لم يتسن لـ”عربي بوست” التأكد من صحة هذه المعلومات من مصدر مستقل.

اقرأ أيضا: فضائح وتجاهل للسلامة و”فساد”.. “عربي بوست” تتبع مؤسسة World Central Kitchen

التحكم بالمساعدات البحرية لغزة

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ذو الفقار سويرجو، لـ”عربي بوست” هدفاً آخر وراء السماح بدخول المساعدات إلى غزة بحراً “لاستبعاد أي إمكانية لعودة سيطرة حماس على القطاع، والضغط على مصر التي ترفض حتى الآن المشروع الأمريكي الإسرائيلي في إعادة توطين الفلسطينيين في منطقة سيناء”.

وقال إن هناك هدفاً آخر، متعلّقاً بمرحلة ما بعد الحرب، من خلال الضغط على العائلات والعشائر الفلسطينية في غزة، بما يتعلق بإدارة القطاع بعيداً عن حماس.

اتفق مع ذلك الخبير بالشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، الذي قال لـ”عربي بوست”، إن “وجود ممرات مائية خارج الخط المباشر مع مصر، عملية تهدف إلى التواصل مع السكان مباشرة بعيداً عن أي طرف عربي”.

أوضح كذلك أن وصول المساعدات إلى غزة بحراً يتطلب تنسيقاً لعمليات توزيعها، ما يفتح المجال أمام المنظمات الأممية والأمريكية للتواصل مع السكان مباشرة نيابة عن واشنطن وتل أبيب، لتنسيق دخولها وتوزيعها بين الناس، مستغلة حالة عدم الرفض لدخول المساعدات بحراً من قبل حماس، التي ترى الحاجة الملحة لحصول السكان على الإغاثة الإنسانية العاجلة.

لكنه رأى أيضاً أن اللجوء إلى هذه الطريقة هو عملية بحث عن نصر إسرائيلي لحظي آني، لأن دخول المساعدات إلى غزة هو حدث آني، وتوزيعها يحتاج إلى جهة ذات موثوقية لدى الناس.

اقرأ أيضاً: لماذا إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بحراً وجواً، رغم وجود معبر رفح البري؟ محللون يجيبون

عن موقف السلطة الفلسطينية من إدخال المساعدات إلى غزة بحراً، رحبت به، لكنها شددت على “ضرورة التنسيق معها بشأن إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة”.

وقالت الخارجية الفلسطينية، 13 مارس/آذار 2024، إن “آلية إدخال المساعدات إلى غزة وتوزيعها يجب أن تتم بالتنسيق الكامل مع القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني (تقصد السلطة الفلسطينية)، ومن خلال الآليات الدولية المعتمدة وغير القابلة للاستبدال كالأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني والمؤسسات الدولية ذات الصلة”.

لماذا في شمال غزة وخان يونس معاً؟

يأتي الاختلاف الجوهري بين المشروعين في شمال غزة وخان يونس، بأن الأول لسان بحري عائم، لاستقبال عاجل للمساعدات البحرية المرسلة، التي سترسل من قبرص إلى القطاع، والتي تحملها مؤسسة “WCK”.

أما الثاني، فهو رصيف بحري مؤقت، مخصص لاستقبال السفن الكبيرة التي ستحمَّل بالمساعدات الدولية والأممية عبر البحر، التي لا يمكنها بالوقت الحالي أن ترسو على شواطئ غزة غير المؤهلة لذلك بعد.

ففي خان يونس رصيف بحري طويل، لكنه لقوارب الصيد الصغيرة، في حين يمكن تحويله إلى رصيف بحري مؤقت، الأمر الذي شرعت فيه “وورلد سنترال كيتشن”، بحسب ما أكدته لـ”عربي بوست” بأنها تقوم به منذ 10 مارس/آذار 2024.

وظهرت صور لها نشرتها وكالة “رويترز” 13 مارس/آذار 2024، لمواقع بناء الرصيف البحري، حيث يقوم عمال فلسطينيون يعملون لصالح WCK بنقل مكعبات خرسانية وتجهيزات لبناء الرصيف البحري.

مصادر فلسطينية في غزة، أفادت لـ”عربي بوست”، بأنه وفق اطلاعها، فإن إقامة لسان بحري في شمال غزة ورصيف مؤقت في خان يونس، مرتبط بـ3 مراحل من حيث تنفيذ مشروع وصول المساعدات إلى غزة بحراً.

وهي:

  • المدى القصير: نقل مساعدات إلى غزة بواسطة سفن شحن كبيرة وتفريغها عبر سفن الإنزال في شمال غزة، بالتنسيق مع شركات محلية، عبر إقامة لسان بحري.
  • المدى المتوسط: إنشاء رصيف بحري مؤقت في منطقة خان يونس، لتفريغ ناقلات البضائع.
  • المدى البعيد: تدشين ميناء مغلق في المنطقة لم يتم الاتفاق بعد على مكانه، وقد يكون في شمال غزة أو خان يونس.

وأوضحت المصادر أن المشروع تم بناءً على تعليمات الإدارة الأمريكية، وبتمويل منها ومن الإمارات.

يشار إلى أنه لا يوجد في مدينة غزة (شمالاً) سوى ميناء صيد صغير فيها، غير ملائم للسفن الكبيرة، وكذلك الأمر بالنسبة لخان يونس (جنوباً)، التي فيها رصيف طويل يمتد في البحر تستخدمه عادة قوارب الصيد الصغيرة.

كما أن معظم ساحل غزة شواطئ رملية، لا تستطيع السفن الكبيرة الاقتراب منها دون تجريفها.

للتغلب على هذا الأمر، عرضت بريطانيا، سفناً برمائية قادرة على الوصول إلى ساحل القطاع دون الحاجة إلى بنية تحتية خاصة، بحسب ما أكدته هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية “بي بي سي”.

يذكر أنه في خطاب “حالة الاتحاد”، الجمعة 8 مارس/آذار 2024، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه أصدر تعليماته للجيش بإنشاء ميناء مؤقت قرب ساحل غزة، مبيناً أن المزيد من المساعدات إلى غزة ستدخل بحراً عبر الميناء دون أن تطأ أقدام الجنود الأمريكيين أرض غزة.

وأعلن رئيس قبرص الرومية نيكوس خريستودوليدس، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اقتراب فتح ممر بحري لنقل المساعدات إلى غزة.

مع دخول الحرب على غزة شهرها السادس، ما زال سكان القطاع خصوصاً مناطق الشمال والوسط، يعانون من المجاعة التي حصدت حتى الآن نحو 30 شخصاً أغلبهم من الأطفال، بسبب الجفاف وسوء التغذية جراء الحصار الإسرائيلي.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة