تفيد تقارير بأنَّ الصين تبني حاملة طائرات رابعة، وهو ما يجعلها صاحبة ثاني أكبر قوة حاملات طائرات بعد الولايات المتحدة. ويقول تقرير بوسائل الإعلام الرسمية في هونغ كونغ إنَّه سيكون هنالك إعلان “قريب” بشأن سفينة سطح جديدة، إلى جانب الإعلان عن التفاصيل الفنية. وقد تكون حاملة الطائرات الرابعة هي أول سفينة سطح صينية تعمل بالطاقة النووية، الأمر الذي يمثل إنجازاً رئيسياً في تطوير السفن والمفتاح نحو إبراز القوة العسكرية الصينية في الخارج.
هل ستكون حاملة الطائرات الصينية الرابعة تعمل بالطاقة النووية؟
وأعلنت البحرية الصينية في 6 مارس/آذار 2024 أنها بصدد تطوير حاملة طائراتها الرابعة لمنافسة الأسطول الأمريكي في غرب المحيط الهادئ. وقال المفوض السياسي لبحرية جيش التحرير الشعبي الصيني، يوان هوازي لصحيفة South China Morning Post إن التقدم يسير على الطريق الصحيح في بناء حاملة الطائرات الجديدة٬ مضيفاً أن الجمهور سيكتشف قريباً ما إذا كانت الحاملة الجديدة ستعمل بالطاقة النووية، تماماً مثل بعض السفن الحربية الأكثر تقدماً لدى البحرية الأمريكية.
وحتى الآن، تمتلك القوات البحرية الأمريكية والفرنسية فقط حاملات تعمل بالطاقة النووية٬ وهذا يسمح لهم بتنفيذ المهام لفترات طويلة دون التزود بالوقود. ويأتي إعلان بكين هذا٬ بعد عامين تقريباً من إطلاق الصين حاملة الطائرات الثالثة، فوجيان.
وسأل صحفي لدى صحيفة Hong Kong Commercial Daily المملوكة للدولة، نائب الأدميرال والمفوض السياسي للبحرية الصينية، يوان هوازي، عما إن كانت حاملة الطائرات الصينية الرابعة ستعمل بالطاقة النووية أم لا، وما سيكون اسمها. ليبتسم هوازي ويقول إنه سيكون هنالك “إعلان قريباً”. وقال أيضاً إنَّه لا توجد عوائق فنية في بناء الحاملات الجديدة، وإنَّه لا توجد أي تأخيرات.
والمفوض السياسي هو منصب مُكلَّف على وجه الخصوص بضمان غرس الفكر السياسي “الصحيح” في القوات المسلحة والقضاء على المشاعر المضادة. ولا يوجد نظير لهذا المنصب في الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلنطي (الناتو) أو اليابان، أو الجيوش الأخرى ذات التوجه الغربي. ونظراً لكون وظيفة يوان برمتها تتعلَّق بالتأكُّد من منح الشعب المعلومات الصحيحة وإخماد الشائعات، فيبدو مستبعداً أنَّه قد يُلمِّح إلى وجود حاملة طائرات رابعة قادمة تعمل بالطاقة النووية ما لم تكن هناك واحدة قادمة بالفعل٬ كما تقول مجلة Popular Mechanics الأمريكية.
وإذا كانت الصين تنوي مقارعة البحرية الأمريكية في الجانب التكنولوجي، فإنَّ الحصول على حاملات طائرات تعمل بالطاقة النووية أمر ضروري في نهاية المطاف.
ما هي حاملات الطائرات الصينية وما قدراتها؟
تملك الصين ثلاث حاملات طائرات، هي: Liaoning، وShandong، وFujian. وبدأت حاملة الطائرات Liaoning (لياونينغ) مسيرتها باعتبارها حاملة في البحرية السوفييتية، لكنَّ الاتحاد السوفييتي انهار قبل التمكُّن من إكمالها.
وجرى بيع الهيكل غير المكتمل في عام 1998 إلى رجل أعمال من هونغ كونغ، وكانت نيته المعلنة هي تحويلها إلى ملهى عائم، لكنَّها نُقِلَت إلى بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني، الذي أدخلها الخدمة في عام 2012 وطورها باعتبارها حاملة طائرات. وتستخدم لياونينغ منحدر إقلاع أقل كفاءة بدلاً من مجانيق الإقلاع المُستخدَمة في حاملات الطائرات.
أما حاملة الطائرات Shandong (شاندونغ)، التي دخلت الخدمة في 2019، فتستخدم هي الأخرى منحدرات إقلاع، وجرى بناؤها من الصفر باعتبارها اختباراً لقدرة الصين على بناء حاملات الطائرات.
وأخيراً٬ بُنيَت Fujian (فوجيان)، التي لم يكتمل بناؤها إلا مؤخراً، دون منحدر إقلاع، وتفيد تقارير بأنَّها تستخدم بدلاً من ذلك نظام إقلاع طائرات إلكترومغناطيسي مشابهاً لنظام إقلاع الطائرات الإلكترومغناطيسي المُستخدَم على متن حاملات الطائرات الأمريكية من طراز Ford-class.
حققت كل حاملة من حاملات الطائرات الصينية السابقة إنجازات مهمة جديدة، لكن حتى أحدثها لم تصل إلى مستوى التكنولوجيا الأهم في مجال حاملات الطائرات: العمل بالدفع النووي. وتمنح الطاقة النووية لحاملات الطائرات مدًى لا محدود تقريباً، الأمر الذي يسمح لها بالإبحار آلاف الأميال وعدم الحاجة إلا لحمل الطعام والذخيرة من أجل شن العمليات القتالية.
ما أهمية امتلاك حاملات طائرات بالنسبة للصين وهل تتجاوز ما لدى أمريكا؟
تقول مجلة Popular Mechanics الأمريكية إن الصين ستبني على الأرجح عدة حاملات طائرات أخرى. ولا يعني وجود ثلاث أو أربع حاملات طائرات أيضاً أنَّ العديد منها سيكون متاحاً في أي وقت من الأوقات. فحاملات الطائرات، شأنها شأن السفن الحربية الأخرى، تعاني من “مشكلة الثلاثة”: فمقابل كل سفينة موجودة بالبحر، هنالك سفينة أخرى عادت للتو من البحر، وسفينة ثالثة إمَّا في الحوض الجاف (تخضع للصيانة) أو تستعد للإبحار. ويعني هذا عملياً انَّه لكل ثلاث حاملات طائرات لدى الدولة، لا يمكنها أن تضمن وجود إلا حاملة واحدة في البحر طوال الوقت، مع إمكانية إضافة اثنتين في حالات الطوارئ.
وإن كانت الصين عازمة على مقارعة البحرية الأمريكية، فلابد أن تبني نفس القدر من حاملات الطائرات العاملة بالطاقة النووية التي يُشغِّلها أسطول المحيط الهادئ الأمريكي. ويعني ذلك وجود سبع حاملات طائرات لمضاهاة حاملات الطائرات الأمريكية Nimitz، وVinson، وRoosevelt، وLincoln، وWashington، وStennis، وReagan.
حاملات الطائرات الصينية.. بكين تخطط لعالم ما بعد أمريكا
تقول مجلة National Interest الأمريكية إن الصين تعتقد يقيناً أن أيام الولايات المتحدة، باعتبارها القوة المهيمنة في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، باتت معدودة، وتتحرك بكين بناء على هذا الاعتقاد، فلا يخطط قادتها لهزيمة الأمريكيين في القتال فحسب، بل يخططون أيضاً لعالم ما بعد أمريكا.
فهم يعتزمون استخدام حاملات الطائرات لفرض إرادتهم على جيرانهم العنيدين، بالطريقة التي يعتقدون أن الأمريكيين يستخدمون حاملاتهم بها الآن، لكنهم لا يخططون لفعل ذلك إلا بعد أن يتأكدوا أنهم تمكنوا من قمع التهديد الأمريكي.
ولأن الصين باتت تتمتع بحرية أكبر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ستنشر كل أسلحتها لتقليص النفوذ الأمريكي الذي استمر لعقود، وسيطر على البحار والمحيطات. ولو نشر الصينيون حاملات طائراتهم لتعزيز غزوهم الحتمي لتايوان، فمن المرجح ألّا يفعلوا ذلك إلا حين يتأكدون من إضعاف القوات الأمريكية بالقدر الكافي، كما تقول المجلة الأمريكية.
يعتقد الصينيون أن بإمكانهم التغلب على حاملات الطائرات الأمريكية المكلِّفة بصواريخ أرخص بكثير وأسهل في إنتاجها. ولأن حاملات الطائرات هي القلب النابض لاستراتيجية نشر القوة البحرية الأمريكية، فإما بخسارة هذه الحاملات أو عدم نشرها خوفاً من خسارتها، سيضطر الأمريكيون إلى قبول أي نموذج جديد تريد بكين فرضه على منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وبعبارة أخرى؛ الأمريكيون إما سيخسرون حرباً خسارةً كاملة، أو سيسعون إلى التوصل إلى تسوية مع الصين تسمح لبكين بالاستيلاء على تايوان.
وفور أن تتمكن الصين من تايوان يصبح بوسعها نقل محيطها الدفاعي بشكل كامل إلى سلسلة الجزر الأولى، التي تمتد من اليابان عبر تايوان وصولاً إلى الفلبين. ومن هناك، يمكن لبكين أن تضغط بقوة على سلسلة الجزر الثانية، وتتمكن في نهاية المطاف من تحريك ونشر قوتها في السلسلة الثالثة وما بعدها، وبالتالي فما تريده الصين من حاملات الطائرات استعراض القوة والهيبة التي تمنحهما إياها، وليس لحرب حول تايوان مع الولايات المتحدة.
القوة المتنامية للبحرية الصينية تخيف أمريكا
تقرّ واشنطن بأن تطور البحرية الصينية وتوسعها يتسارع بشكل لم تكن تتخيله الولايات المتحدة الأمريكية وهو أمر مقلق، حيث يقول تقرير صادر عن مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية (CSBA) المتخصص في سياسة الدفاع الأمريكية وتخطيط القوة والميزانيات، إنه يمكن أن تدخل بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني عدداً أكبر من السفن الحربية في الخدمة، مما كان متوقعاً.
ويقول التقرير إنه بحلول عام 2030 يمكن أن تمتلك البحرية الصينية 10 غواصات للصواريخ الباليستية و5 حاملات طائرات على الأقل، ناهيك عن مئات القطع البحرية التي تجاوزت ما لدى البحرية الأمريكية.
توضح الوثيقة التي تم إصدارها عام 2022 أنه بحلول عام 2030، يمكن أن يكون لدى الصين ما يصل إلى 10 غواصات للصواريخ الباليستية وما مجموعه 5 حاملات طائرات. وبحسب مركز التقييمات الاستراتيجية، فإن الإسقاط العام لهذه الإحاطة يشير إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني لديه الموارد اللازمة لمواصلة تحديثه خلال عشرينيات القرن العشرين.
ويضيف التقرير أن الجيش الصيني يمكنه “الحفاظ على قواته الدفاعية الإقليمية وتوسيعها وتحسينها، بما في ذلك الطائرات المقاتلة قصيرة المدى والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز الأرضية والفرقاطات وقوارب الصواريخ وغواصات الديزل والكهرباء.
كما يمكن للجيش الصيني أن يواصل بناء مجموعة من المنصات الكبيرة للعمليات الكبرى، بما في ذلك حاملات الطائرات والطرادات والمدمرات والسفن اللوجستية والقاذفات الاستراتيجية وطائرات النقل والتزود بالوقود الاستراتيجية.