غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

الموسوعة

البيان الشيوعي لكارل ماركس وفريدريك إنغلز.. نص وراء معظم ثورات العالم

نتائج الثانوية العامة

كتيب سياسي ثوري يحلل صراع الطبقات ومشاكل الرأسمالية، نشره الفيلسوفان الألمانيان كارل ماركس وفريدريك إنغلز عام 1848 بلغتهما، ليصبح من أهم الوثائق السياسية على الإطلاق، إذ كان الملهم للعديد من الثورات حول العالم، وله ثاني أكثر الكتب مبيعا في العالم بعد الكتاب المقدس.

السياق

شهدت أوروبا بين عامي 1789 و1848 ما عرف بـ”الثورة المزدوجة”، فسياسيا كانت فرنسا بين عامي 1789 و1799 على موعد مع ثورتها الكبرى، التي أنهت النظام الملكي وأعلنت الجمهورية الأولى يوم 21 سبتمبر/أيلول 1792، كما كان من أبرز نتائجها إقرار المساواة وحرية التعبير حقا لكل فرنسي.

في الوقت ذاته خلفت الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا نهاية القرن الـ18 وبداية القرن الـ19 طبقة دنيا من العمال الذين عاشوا في ظروف عمل مضنية، في حين حقق أصحاب المصانع أرباحا طائلة.

أدت كل هذه العوامل لحالة استقطاب حاد داخل المجتمع نشأت عنها طبقتان متعارضتي المصالح هما: البرجوازية (أصحاب رأس المال) والبروليتاريا (العمال).

ونتيجة لكل هذا، ومع ازدياد أعداد عمال المصانع وتعاظم معاناتهم برزت إلى الوجود حركة عمالية منظمة للدفاع عن حقوق العمال والمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية تدعى الاشتراكية، وكانت المؤسسة لمفهوم النضال العمالي بدعوتها إلى الانتقال من مجتمع رأسمالي تتركز فيه الثروة في أيدي أقلية، إلى مجتمع تتوزع ثرواته بشكل عادل، ويعيش فيه الجميع في مساواة ورفاه.

كما تبلورت الشيوعية في الوقت ذاته كشكل من أشكال الاشتراكية مع وجود اختلاف بينهما، فالاشتراكية تهدف فقط إلى إضفاء الطابع الاجتماعي على الإنتاج، في حين أن الشيوعية تهدف إلى إضفاء الطابع الاجتماعي على كل من الإنتاج والاستهلاك.

غلاف البيان الشيوعي
إحدى ترجمات كتاب “البيان الشيوعي” إلى اللغة العربية

ظروف ألمانيا

كانت ألمانيا في ذلك الوقت تشهد عهدا ذهبيا في مجال العلم والفلسفة، رغم تأخرها الاقتصادي عن بقية الدول الأوروبية إضافة إلى ضعفها السياسي، وكان جورج فريديريش هيغل هو الاسم الفلسفي الأبرز فيها، فتأثر بفلسفته كل من إنغلز وماركس اللذين تعرفا على بعضهما في العاصمة الفرنسية باريس عام 1844.

وتوطدت علاقة الشابين لنشاطهما ونضالهما المشترك في سبيل نصرة العمال وتحقيق الشيوعية، فانضما لعصبتها وتشاركا في كتابة بيان الحزب الشيوعي، وقدما مسودته إلى المناقشة في المؤتمر الأول للشيوعيين الذي عقد بالعاصمة البريطانية لندن في يونيو/حزيران 1847.

طُلب منهما اعتماد هذه المسودة من أجل صياغة وثيقة نهائية نظرية وعملية يلتزم بها جميع الشيوعيين، وتقرر تسميتها خلال المؤتمر بـ”البيان الشيوعي”.

كما تم الإعلان عن الهدف الجديد للعصبة الشيوعية متمثلا بـ”الإطاحة بالبرجوازية وإقامة سلطة البروليتاريا وإلغاء النظام الاجتماعي البرجوازي القائم على التناقضات الطبقية، واستبداله بنظام اجتماعي تزول فيه الطبقات والملكية الفردية”.

وقررت في مؤتمرها الثاني في 28 نوفمبر/تشرين الثاني إلى الثامن من ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته إصدار بيان بأهدافها وكلفت ماركس وإنغلز بصياغته.

فقرر الأخير التخلي عن مشروعه الذي سُمي لاحقا “تعاليم الماركسية” أو “تعاليم الشيوعية”، وكتب إلى ماركس قائلا “فكر قليلا في إعلان مبادئ العصبة، الأفضل -برأيي- التخلي عن شكل التعاليم وتسميته “البيان الشيوعي”..، سأحمل معي النص الذي أعددت، لكنه سردي محض، ومصوغ بطريقة بائسة ومكتوب على عجل”، وبناء عليه، وضع ماركس منفردا الصيغة النهائية للبيان في فبراير/شباط 1848، ليعد تعريفا جديدا للشيوعية.

Flags of Russia and the self-proclaimed Donetsk People's Republic wave in the wind near a monument to Soviet state founder Vladimir Lenin during snowfall in the rebel-held city of Donetsk, Ukraine January 24, 2022. REUTERS/Alexander Ermochenko
البيان ظل مرجعا أساسيا للشيوعيين على مدار السنين وكان ممن اتخذه دليلا الروسي فلاديمير لينين (رويترز)

الهدف من البيان

هدف البيان لشرح المعتقدات الشيوعية الجديدة، فخلص إلى أن الرأسمالية لا تقدم للإنسانية إمكانية تحقيق الذات، بل تضمن بدلا من ذلك أن يعاني البشر من التقزم والعزلة بشكل دائم.

وأشار إلى أن الصراع الطبقي ينشأ في المجتمعات الرأسمالية بسبب التناقضات بين المصالح المادية للبروليتاريا المضطهدة والمستغلة، والبرجوازية الحاكمة التي تمتلك وسائل الإنتاج، ويؤدي إلى فترة من الأزمات قصيرة الأمد، وفي فترات الأزمات العميقة يمكن لمقاومة المضطهدين أن تبلغ ذروتها بثورة بروليتارية تؤدي حال انتصارها إلى إنشاء نمط الإنتاج الاشتراكي القائم على الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج “كل حسب مساهمته”.

كما رأى أن الرأسمالية من الممكن أن تتدمر وتندثر حال توحدت البروليتاريا، وتنبأ بثورة وشيكة في أوروبا ستؤدي إلى ظهور الشيوعية، وهو مجتمع غير طبقي يكون فيه “التطور الحر لكل فرد هو شرط التطور الحر للجميع”.

واقترح البيان الشيوعي السياسات الانتقالية التالية:

  • إلغاء الملكية الخاصة في الأرض والميراث.
  • إدخال ضريبة دخل تصاعدية.
  • مصادرة ممتلكات المتمردين.
  • تأميم قطاعات الائتمان والاتصالات والنقل.
  • التوسع والتكامل بين الصناعة والزراعة.
  • إنفاذ الالتزام العالمي بالعمل.
  • توفير التعليم الشامل وإلغاء عمالة الأطفال.

وانتهى بدعوة للتضامن بين البروليتاريين، تحت الشعار المعروف “يا عمال العالم اتحدوا، ليس لديكم ما تخسرونه سوى قيودكم”، كونهم جميعا أصحاب مصلحة واحدة.

البيان الشيوعي لكارل ماركس وفريدريك إنغلز.. نص وراء معظم ثورات العالم
صورتا ماركس وإنغلز في بكين بميدان تيانانمين يوم 29 أبريل/نيسان 1986 قبل يومين من احتفالات عيد العمال (الفرنسية)

النتائج

دخل البيان الشيوعي إلى وجدان القوى العاملة كما لم يفعل أي عمل أو خطاب سياسي آخر، إذ دبّت الروح الثورية في قلوبهم فور إعلانه، وتصاعدت تهديداتهم للطبقة البرجوازية في أوروبا، فنزلوا إلى الميادين للمطالبة بتحقيق كل ما ورد فيه، فأخذ نضال هذه الطبقة إلى مرحلة غير مسبوقة أرقت غيرهم.

كما تزامن مع فترة “الربيع الأوروبي”، وهي ثورات بدأت من شبه الجزيرة الإيطالية عام 1847 نتيجة لتراكم العوامل السياسية والاقتصادية الصعبة، فامتدت إلى باريس وفيينا وميلانو وروما والبندقية وبرلين وميونخ وكولن وفرانكفورت وكوبنهاغن وبودابست وغيرها.

فشلت بعض الثورات بينما نجحت أخرى وقتيا، فتغير نظام الحكم في فرنسا، وأسقطت حكومة لويس فيليب الملكية، ثم تم تشكيل حكومة مؤقتة، اختير بعدها لويس نابليون للحكم، كما أدت الثورة في ألمانيا والنمسا إلى تحرير العبيد، بيد أنهم استمروا في العمل بأجور زهيدة.

ورغم ذلك ضل البيان مرجعا أساسيا لكل الشيوعيين، ومنهم الروسي فلاديمير لينين، الذي آمن بالبيان (سمي لاحقا “النظرية الماركسية”) وأسهم في تطويره، ورأى أن النظام الاشتراكي والقضاء على الملكية الخاصة هما الطريق الأنجع لتحقيق العدالة الاجتماعية، ثم قاد عام 1917 “الثورة البلشفية” التي أطاحت بالنظام القيصري في روسيا، ومهدت لتأسيس الاتحاد السوفياتي.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة