غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

الموسوعة

نظام “آموك”.. تيارات مائية تدور لحفظ توازن المناخ في كوكب الأرض

نتائج الثانوية العامة

الاسم العلمي لدوران انقلاب خط الطول الأطلسي (آموك) يعتبر جزءا كبيرا من النظام العالمي لتيارات المحيطات، الذي يعتمد على جلب المياه الدافئة من المناطق الاستوائية شمالا إلى شمال المحيط الأطلسي، ويضمن توازن المناخ العالمي. في بداية 2024 برزت تحذيرات من تباطؤ نظام “آموك” بفعل التلوث الذي يحدث بدوره كارثة مناخية في الكوكب. 

عوامل وأسباب

تعتمد عملية دوران مياه المحيط على العديد من التيارات، مثل ظاهرة المد والجزر، التي يرتفع فيها منسوب المياه على شواطئ المحيطات والبحار بسبب جاذبية القمر للمياه على الأرض وبشكل أقل بسبب جاذبية الشمس، كما تتأثر أيضا التيارات السطحية بالرياح.

في المقابل هناك تيارات تحدث من السطح إلى القاع في عملية بطيئة جدا محملة بتغييرات في الملوحة ودرجة حرارة المحيط ويطلق عليها “الدوران الحراري الملحي”، وجميع هذه التيارات تنقل في “حزام ناقل عالمي”.

يعتمد نظام “آموك” على عوامل عديدة منها اختلافات في درجات الحرارة، ومحتوى الملح، وكثافة الماء. فعندما تتدفق المياه الدافئة القريبة من السطح شمالا نحو القطبين فإنها تبرد وتشكل الجليد البحري، وتترسب نسبة كبيرة من الملح في مياه المحيط.

ومن المعروف أن انخفاض درجات الحرارة ووجود كميات كبيرة من الملح يجعل الماء أكثر كثافة، مما يؤدي إلى غوص هذه المياه الكثيفة في أعماق المحيط.

تمضي المياه الكثيفة إلى الأعماق باتجاه الجنوب في حركة بطيئة على مسافة كيلومترات تحت السطح ثم تعود مرة أخرى نحو السطح وتسخن ضمن عملية تسمى “تقلب المياه” لتصبح الدورة كاملة.

نظام
ارتفاع درجة الحرارة يؤدي لانحسار المطر الناتج من ذوبان الجليد عند القطبين مما يؤدي لجفاف جنوب أفريقيا (ماكس بيكسل)

نظام “آموك” وتوازن المناخ

تحافظ هذه العملية العالمية على توزيع الحرارة والطاقة حول الأرض من المناطق المدارية إلى المناطق الواقعة أقصى شمال منطقة المحيط الأطلسي.

ولنظام “آموك” دور هائل في الحفاظ على اعتدال المناخ الأوروبي، إذ تتألف هذه التيارات من تدفق كبير من المياه المدارية الدافئة إلى شمال المحيط الأطلسي، وإتاحة الفرصة للمناطق الاستوائية بفقدان الحرارة الزائدة، مع إمكانية العثور على تيارات مشابهة قادمة من الشمال تقوم بتقليب مياه القطب الجنوبي في نصف الكرة الجنوبي.

ويضمن النظام تحويل المياه السطحية إلى تيارات محيطية عميقة متجهة جنوبا في أقصى خطوط العرض الشمالية، ويتيح النظام نقل المياه السطحية الإضافية شمالًا من المناطق الاستوائية.

ولذلك فإن نظام “آموك” يلعب دورا كبيرا في وضع المناخ الحالي المعتدل نسبيا في منطقة شمال المحيط الأطلسي، كما له أهمية كبيرة في ضمان اختلاط محيطات العالم باستمرار.

تعد دورة نظام “آموك” بطيئة للغاية، وتستغرق حوالي 1000 عام للمتر المكعب من الماء لإتمام رحلتها حول الحزام الناقل، رغم تباطؤ حركة الدورة فإن هناك مخاوف من احتمال زيادة هذا التباطؤ أو توقفه تماما.

مخاوف وتداعيات

هناك قلق شديد بشأن المناخ في حال انهيار هذا النظام، الذي يؤثر على تباطؤ الحزام الناقل لتيارات المحيطات، والذي يدفع المياه الدافئة من المناطق الاستوائية إلى شمال المحيط الأطلسي.

استمرار النظام في التباطؤ قد يدفع إلى تأثيرات مناخية في غاية الخطورة، ومع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب فإن المياه العذبة الناتجة من ذوبان الجليد عند القطبين قد تؤدي إلى انحسار المطر، مما يدفع إلى جفاف شديد في جنوب أفريقيا.

نظام
استمرار نظام “آموك” في التباطؤ قد يدفع إلى تأثيرات مناخية في غاية الخطورة (شترستوك)

وتشير دراسة بحثية نشرت في مجلة “نيتشر كلايمت تشانج” عام 2022 أن انهيار نظام “آموك” قادر على أن يحول المناخ العالمي إلى وضع شبيه لظاهرة “النينو”، التي بدورها تؤدي إلى هطول الأمطار الغزيرة التي قد تسبب الفيضانات على شرق أستراليا وموجات جفاف شديدة تتسبب في حرائق الغابات جنوب الولايات المتحدة.

وأكد مؤلفو الدراسة أن مراقبة نظام “آموك” كانت بشكل مستمر منذ عام 2004 لملاحظة حركة التيارات دون أي تدخل بشري يؤثر على المناخ، وأثبتت القياسات أن النتائج تختلف عامًا بعد عام، وتتوقع الدراسة الانهيار الكامل للنظام عام 2050 أو في وقت مبكر من عام 2025.

ويحذر العلماء من خطورة انهيار نظام “آموك” ويقولون إنه عرضة للانهيار خلال بضعة عقود إذا استمر العالم في ضخ التلوث، وهو ما من شأنه أن يكون كارثة بيئية على العالم بأسره، إذ ستتعرض أجزاء من أوروبا إلى شتاء قارس وارتفاع في مستويات سطح البحر.

مع ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد، يحدث تدفق شديد للمياه العذبة، مما يقلل من كثافة الماء وبدورها تدفع إلى عذوبة شديدة في المياه أو دفئها بصورة عالية أو كليهما، وبذلك يتوقف عمل الحزام الناقل.

وتشير الدراسة إلى ذوبان الجليد في بركة ألتندرا بجزيرة غرينلاند، مما يقوي احتمال ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل خطير.

منذ أكثر من 12 ألف عام توقف الحزام الناقل، حيث تسبب الذوبان السريع للأنهار الجليدية التي أدت إلى توقف نظام “آموك”، ونتجت عنه تقلبات مناخية شديدة في نصف الكرة الشمالي.

تدني ملوحة مياه المحيط بسبب زيادة الأمطار وذوبان الجليد في غرينلاند قد يوقف تيار شمال الأطلسي مؤقتا (بيكسهير)
انهيار نظام آموك سيؤدي لارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد (بيكسهير)

أصدرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة عام 2019 تقريرا يتوقع عجز نظام “آموك” خلال القرن الـ21 ، لكنه لا يرجح الانهيار الكامل للنظام قبل عام 2100.

ويؤكد بيتر ديتلفسن، أحد معدي التقرير وأستاذ الفيزياء بجامعة كوبنهاغن، أن العلماء حللوا درجات الحرارة لسطح المياه في شمال المحيط الأطلسي جنوب غرينلاند على مدار 150 عاما بين عامي 1870 و2020، مما دفعهم إلى الشعور بالقلق والتنبؤ بانهيار نظام “آموك” مبكرا قبل عام 2095.

ويدعو التقرير إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لخفض مستويات التلوث في العالم للمحافظة على مستويات دوران انقلاب خط الطول الأطلسي.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة