طيار عسكري وسياسي ليبي، استقال من وظيفته العسكرية لينشغل بالتجارة قبل أن يعود لممارسة الشأن العام بعد الثورة الليبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي، فأصبح عضوا في المجلس العسكري لمصراتة ثم ناطقا باسمه، ووزيرا للداخلية ثم رئيسا للحكومة في طرابلس، لكنه لم يتمكن من الجلوس على كرسيها.
المولد والنشأة
ولد فتحي باشاغا يوم 20 أغسطس/آب 1962 في مدينة مصراتة شرق طرابلس وينتمي لقبيلة أولاد الشيخ.
الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الأولي في مسقط رأسه، وبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها برتبة ملازم ثان طيار مقاتل، واختير ضمن 5 ضباط لتدريب الطلبة بعد اجتيازه دورة لتدريب المدربين.
المسار المهني والسياسي
استقال من السلاح الجوي عام 1993 وعمل في تجارة استيراد السيارات، وعند اندلاع الثورة الليبية عام 2011 استدعي من طرف اللجنة القضائية التي استدعت الضباط العاملين والمستقيلين لتكوين مجلس عسكري، فكان ضمن المجلس العسكري لمصراته ورئيسا لقسم المعلومات والإحداثيات، ثم ناطقا باسم المجلس العسكري ليبدأ نجمه السياسي في البزوغ، حيث يعتبر البعض أن مهمة الناطق العسكري فتحت له علاقات واسعة وكانت “بداية الطريق”.
كان أحد داعمي عملية “فجر ليبيا”، وانتخب نائبا عن مصراته في انتخابات يونيو/حزيران عام 2014، إلا أنه قرر مقاطعة جلسات البرلمان ضمن مجموعة من النواب على خلفية إلغاء المحكمة العليا في طرابلس التعديل الدستوري الذي نتج عنه قانون الانتخابات.
في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018 عُين وزيرا للداخلية، ويعتبر البعض أن هذا التعيين جاء نتيجة تنامي دوره السياسي الذي أصبح بارزا، إضافة للثقل المعنوي الذي تُمثله المدينة التي ينتمي إليها (مصراته)، وهو ما ظهر جليا حين أغارت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على مدينة طرابلس حيث ظهرت كتائب مصراتة ووقفت خلف رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، الذي كان فتحي باشاغا وزيرا للداخلية في حكومته.
كان لباشاغا، حسب العديد من المتتبعين، دور بارز في الحفاظ على طرابلس من الوقوع تحت قبضة “قوات حفر”، وإن كان البعض وصفه حينها بأنه “رجل تركيا ورهانها في ليبيا” بسبب زياراته المتكررة إلى أنقرة.
بعد إمساكه بملف الداخلية تنامى دوره وبدأ في توجيه انتقادات حادة للفساد والميليشيات المسلحة، وخصوصا تلك التابعة للمجلس الرئاسي، وكتب على حسابه على منصة إكس أن “(الثوار) فقط هم مَن يساندون الدولة المدنية، ولا يعتدون على مؤسساتها، ويحمون الوطن والمواطن”، ولاقت تصريحاته ترحيبا واسعا ورفعت أسهمه.
محاولة اغتيال
تعرض موكب باشاغا يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2019 لإطلاق نار في مصراته من طرف ما قيل إنها قوة تابعة لخليفة حفتر بعد إعلان الأخير ما وصفه بـ”بالمعركة الحاسمة” للسيطرة على طرابلس.
أُوقف باشاغا عن العمل وزيرا للداخلية 20 أغسطس/آب 2020 وسط احتجاجات عرفتها طرابلس ليعاد لمنصبه بعد التحقيق في عملية إطلاق نار على المتظاهرين في طرابلس.
قدّم يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية ضمن 12 مرشحا للانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول قبل أن تؤجل.
أداء اليمين والأزمة السياسية
اختير باشاغا بالإجماع يوم 10 فبراير/شباط 2022 من طرف البرلمان رئيسا للحكومة خلفا لعبد الحميد الدبيبة، وكُلّف بتشكيل الحكومة التي أعلن أنها “ستكون بمشاركة الجميع” وأنه يتوقع من الحكومة التي يترأسها الدبيبة الالتزام بمبادئ الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة، ليرد الدبيبة أن المجلس الرئاسي هو المخول بتغيير الحكومة، معترضا على اختيار باشاغا من طرف البرلمان، مما فتح صفحة جديدة من الصراع السياسي في ليبيا.
أدى فتحي باشاغا يوم 3 مارس/آذار 2022 اليمين رئيسا للحكومة بحضور عدد من وزرائه أمام مجلس النواب بطبرق وحصل على 92 صوتا من أصل 166 نائبا.
لم يحضر بعض الوزراء تنصيبه وانسحب وزير الاقتصاد جمال شعبان قبل الجلسة مشككا في الثقة التي حصلت عليها الحكومة.
يوم 4 مارس/آذار 2022 أمر باشاغا مؤسسات البلد بعدم التعامل مع أي قرارات صادرة عن حكومة الدبيبة التي وصفها بأنها “منتهية الصلاحية”.
ويوم 16 مايو/أيار 2023 صوّت 70 نائبا من أصل 200 نائب في مجلس النواب في بنغازي على إيقاف باشاغا وإحالته للتحقيق في جلسة قال البعض إن الليبيين لم يشاهدوا مداولتها، ووصفها رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري بـ”القرار العبثي ” الذي صدر بطريقة مُريبة رغم اعتماده أصلا بطريقة “غير شفافة”.
تعليق عمل باشاغا وإحالته للتحقيق كان قبل شهر من الموعد النهائي الذي حددته الأمم المتحدة لجلب الأطراف الليبية للاتفاق على قانون يسمح بإجراء الانتخابات، غير أن البعض يرى أن رغبة الدبيبة وحفتر في التقارب فيما بينهما كان سببا في سقوط باشاغا.
لم تستطع حكومة باشاغا دخول طرابلس رغم دعمها من طرف خليفة حفتر وقواته، ما دعاه لإعلان حكومته من بنغازي، ليشتد لهيب الأزمة السياسية، خاصة بعد رفض الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.
وتحركت الأمم المتحدة لمحاولة احتواء الأزمة بين الأطراف الليبية لإدارة مفاوضات فشلت في الوصول إلى انتخابات توافقية تُنهي الأزمة، لتبقى ليبيا بحكومتين: حكومة فتحي باشاغا قبل إقالته ومقرها بنغازي وحكومة الدبيبة المعترف بها من طرف الأمم المتحدة وتُسيطر على كامل الغرب الليبي ومناطق واسعة جنوب البلاد.