غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

تقارير

بعدما كانت رمزاً للهيمنة لـ100 عام.. لماذا أصبحت أسطورة حاملات الطائرات الأمريكية تتلاشى سريعاً؟

نتائج الثانوية العامة

تُشكِّل التكنولوجيا الصينية العسكرية المتقدمة تهديداً كبيراً لـحاملات الطائرات الأمريكية، الأمر الذي يثير مخاوف بشأن تعرُّضها لخطر في أي صراع محتمل. وقد يعتمد النشر الجغرافي لحاملات الطائرات الآن على المشاعر العامة والأهمية المُتصوَّرة للصراعات.

وتُعتبر حاملات الطائرات من أدوات فرض النفوذ الجيوسياسي، وهكذا استخدمتها واشنطن طوال الوقت بامتلاكها أكبر عدد من حاملات الطائرات في العالم الآن (11 حاملة). وستسعى الدول -مثل الصين- إلى التفوق عليها، أو البحث عن سبل للقضاء عليها طالما ظلت تؤدي هذا الدور بفاعلية.

وبينما برهن شكل حاملات الطائرات على مرونته الكبيرة، رغم دخولها في الخدمة منذ نحو 100 عام، لكن في وقتٍ ما مستقبلاً لن تبقى حاملات الطائرات قادرةً على إلحاق الضرر الكافي لتبرير نقاط ضعفها. ولا نعلم متى سيأتي ذلك اليوم، لكننا سنعرفه حتماً حين تتعرض إحدى ممتلكات البحرية الكبرى للدمار.

إعادة النظر في حاملات الطائرات الأمريكية.. مواطن الضعف في تنافس القوى العظمى

تقول مجلة The National Interest الأمريكية إن الولايات المتحدة تجنَّبت الصراع المباشر مع القوى العظمى والمتوسطة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. لكنَّ الولايات المتحدة اشتبكت خلال نفس الفترة، وبصورة مستمرة، مع خصوم أقل قوة، مثل شمال فيتنام والعراق وأفغانستان. وكانت النتيجة هي وجود جمهور وقيادة عسكرية يُؤثِرون الابتعاد عن مصاعب وأهوال صراع القوى العظمى.

في الوقت نفسه كدَّست الولايات المتحدة أكبر أسطول من حاملات الطائرات المتقدمة في العالم. وأصبحت حاملات الطائرات الفائقة، التي يُكلِّف بناء الواحدة منها عدة مليارات من الدولارات ويستغرق سنوات، رمزاً للهيمنة الأمريكية العالمية وأداة عملية لتوسُّع القوة الجوية الأمريكية.

لكن مع بناء أمريكا حاملات الطائرات الفائقة وتجنُّب الصراع مع القوى العظمى والمتوسطة، ظهرت فكرة لا شعورية بأنَّ حاملات الطائرات لا تُقهَر.

لم تخسر الولايات المتحدة أي حاملة طائرات حديثة قط، لكن مؤخراً مع تطوير وتكديس الخصوم (لاسيما الصين) لأسلحة قادرة على إلحاق الضرر بالحاملات الأمريكية، بات المراقبون مجبرين على إعادة النظر في تعرض حاملات الطائرات للخطر، وما يتصل بذلك من قابلية نشر حاملات الطائرات.

ما الخطر الذي يواجه حاملات الطائرات الأمريكية؟

تعمل حاملات الطائرات بالطاقة النووية، وهي قادرة على العمل إلى أجل غير مسمى، وتحمل ما يصل إلى 5 آلاف بحار و100 طائرة على متنها. وبذلك أصبحت حاملات الطائرات بمثابة مدينة حديثة وقاعدة جوية عائمة. مع ذلك تبقى حاملة الطائرات مجرد سفينة ذات هيكل ومسامير ومقدمة ومؤخرة. والسفن قابلة للغرق، لاسيما عند استهدافها بأسلحة مُصمَّمة خصيصاً لإغراق السفن.

وقد طوَّر خصوم أمريكا، خصوصاً الصين، تكنولوجيا من المرجح على نحو متزايد أن تُغرِق حاملات الطائرات الأمريكية. وأشرف الرئيس شي جين بينغ على واحد من أكثر مشروعات بناء السفن طموحاً في تاريخ العالم، وتوسَّعت في إطاره البحرية الصينية لتضم غواصات هجوم وسفن سطح متنوعة يمكنها إلحاق الضرر بالحاملات الأمريكية.

وتوُسِّع الصين أيضاً أسطولها من حاملات الطائرات، وهي تبني الآن حاملة الطائرات الرابعة، والتي قد تُطلِق طائرات قادرة على استهداف الحاملات الأمريكية في نوع من الصراع بين حاملات طائرات لم تشهد الولايات المتحدة مثله منذ الحرب العالمية الثانية في مسرح المحيط الهادئ.

وتُعَد الطائرات التي قد تُطلقها الصين من حاملات الطائرات متطورة على نحوٍ متزايد، وقادرة أكثر فأكثر على تجاوز الخطوط الدفاعية والنجاح في توجيه ضربة.

لكنَّ الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنَّ الصين كدَّست صواريخ متوسطة المدى (كانت الولايات المتحدة حتى وقت قريب محظورة من امتلاكها بموجب التزامات تعاهدية) وطوَّرت صواريخ فرط صوتية (لا يمكن للولايات المتحدة حتى الآن إنتاجها أو الدفاع عن نفسها منها). ويمكن استخدام ترسانة الصواريخ الصينية متوسطة المدى أو الفرط صوتية لاستهداف حاملات الطائرات الأمريكية وتحقيق نتائج قاتلة.

المغزى هو أنَّ حاملات الطائرات الأمريكية ستكون على الأرجح عرضة للخطر في أي صراع مباشر مع قوة عظمى مثل الصين.

كيف يمكن محاكاة إغراق الصين لحاملات الطائرات الأمريكية؟

كانت الصين تشيِّد على مدى العقدين الماضيين دفاعاتها البحرية. إنها تحوز الآن ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز البرية والبحرية والجوية التي تستهدف السفن.

وتقول مجلة Vanity Fair الأمريكية إنه في ضربة واحدة، تستطيع الصين إطلاق أسراب من مئات الصواريخ المتطورة الفرط صوتية، التي تسافر بسرعةٍ أسرع من أضعاف سرعة الصوت وعلى مدى آلاف الأميال. في الوقت الراهن يعتقد كثير من المحللين أن حاملات الطائرات الأمريكية والسفن الكبيرة الأخرى التي تؤدي مهامها في سواحل بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، لن تصمد أمام هجوم مثل هذا.

يقول المخططون العسكريون الصينيون إن العامل الرئيسي في نجاح الصين يكمن في أوجه الضعف التي تعتري حاملات الطائرات الأمريكية. ففي خطاب نُشر على نطاق واسع، في 20 ديسمبر/كانون الأول 2018، وضع اللواء المتقاعد في جيش التحرير الشعبي الصيني، لو يوان، استراتيجية حرب معقولة للتعامل مع الخصم الأمريكي، الذي وصفه بأنه “نمرٌ من ورق”.

وتحدثت سارة كيرشبيرجر، رئيسة مركز استراتيجية وأمن آسيا والمحيط الهادئ بمعهد السياسة الأمنية في جامعة كيل، عن سيناريو وصفته بأنه النسخة الثانية من هجوم بيرل هاربر، دعا فيه لو، وهو نائب أمين عام أكاديمية جيش التحرير الشعبي الصيني للعلوم العسكرية، لإحداث “خرق” في مواطن قوة الولايات المتحدة عن طريق تنفيذ ضربة استباقية، وتحديداً ضد حاملات الطائرات الأمريكية. وفي واقع الأمر تدربت الصين على تصويب صواريخها المضادة للطائرات نحو نماذج تحاكي حاملات الطائرات.

شرح لو ما يعتقد أنه سيحدث: “تخبرنا التجربة التاريخية بأن أكثر ما تخشاه الولايات المتحدة هو خسارة الأرواح… إذا أغرقنا واحدة من حاملاتها سوف يسبب هذا خسائر في الأرواح تساوي 5000 فرد، وإذا أغرقنا اثنتين سوف تكون الخسائر 10 آلاف فرد… ألا تعتقدون أن أمريكا ستصير خائفة؟” وأشار ضمنياً إلى احتمالية انسحاب أمريكا بعد مثل هذه الخسارة.

تقول سارة، وهي خبيرة في القوات الدفاعية البحرية للصين، إن المنظومات الدفاعية الخاصة بالسفن الأمريكية لا تقدر في الوقت الراهن على الأرجح أن تتصدى لهجوم من أسراب الصواريخ الأسرع من الصوت.

هل بات نشر حاملات الطائرات الأمريكية مقتصراً على المناطق الآمنة نسبياً فقط؟

أمضت الولايات المتحدة عقوداً عدة في نشر حاملات طائراتها على مستوى العالم دون الكثير من الخوف بشأن سلامة الحاملات، لكن قد يتم في الوقت الراهن تحديد سلامة الحاملات جغرافياً.

ويُرجَّح أن يعتمد نشر الولايات المتحدة لحاملاتها في مناطق تُعتَبَر الحاملة فيها في خطر كبير على مشاعر الجمهور وطبيعة الصراع.

وإذا لم يكن الجمهور الأمريكي غير مهتم كثيراً بالصراع، أو أنَّ السكان منقسمون، أو غير مبالين، أو متشككون، (كما كانوا في فيتنام أو العراق أو أفغانستان)، فإنَّ المخططين الحربيين الأمريكيين سيكونون أقل احتمالاً للمخاطرة بغرق حاملة طائرات. وإذا ما كان الجمهور غير داعم تماماً لصراعٍ ما، فقد ترغب الولايات المتحدة بإعادة تقييم ضرورة المشاركة في ذلك الصراع.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة