منذ فجر التاريخ حدثت العديد من الحروب، التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، وخاصة الأطفال، إلا أن هناك بعض الحروب التي تجاوز عدد القتلى الأطفال فيها الآلاف، من بين آخر الحروب التي حدثت في عالمنا نجد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي انطلقت بعد طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
سنذكر في فقرات هذا المقال أكثر الحروب التي مات فيها أعداد كبيرة من الأطفال خلال القرن الحادي والعشرين.
عدد الأطفال القتلى في حرب سوريا
سنة 1993، وقَّعت سوريا على اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولين الاختياريين المتعلقين ببيع الأطفال وتوريطهم في أعمال الدعارة والإباحية والمشاركة في النزاعات المسلحة في عام 2002.
أما في ظل النزاع المستمر منذ عام 2011، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن قوات النظام السوري قتلت 22 ألفاً و981 طفلاً إلى حدود شهر مارس/أيار 2023، حيث كانت غالبية هذه الحوادث نتيجة للقصف الجوي العشوائي باستخدام البراميل المتفجرة وأسلحة أخرى.
وفي إطار الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري، يعاني ما لا يقل عن 3.5 ألف طفل من هذا النوع من الانتهاكات.
تشير البيانات أيضاً إلى أن 190 طفلاً قُتلوا بسبب التعذيب على يد قوات النظام السوري. وفيما يتعلق بالتعليم، تم توثيق هجمات على ما لا يقل عن ألف مدرسة، مما يؤثر سلباً على حق الأطفال في التعليم.
يُظهر النظام أيضاً توريد الأطفال للمشاركة في النشاطات العسكرية، حيث تم تجنيد الأطفال في صفوف القوات غير الرسمية واشتراكهم في العمليات العسكرية. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يشكل الأطفال قرابة 46% من النازحين في المخيمات.
حرب اليمن والأطفال
في تقرير صادر عن اليونيسف، أظهرت إحصاءات مأساوية ارتفاع أعداد ضحايا حرب اليمن بين الأطفال إلى 11 ألفاً، من بينهم أكثر من 3700 قتيل، وارتفاع أعداد الأطفال المجندين إلى نحو 4 آلاف، بما في ذلك 91 فتاة.
بعد 8 سنوات من النزاع الدائر بين جماعة الحوثيين والحكومة، يواجه اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم، مع تأكيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنّ الأطفال هم الأكثر تأثراً.
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، إن “الحياة صارت صراعاً من أجل البقاء بالنسبة للأطفال”، حيث فقد الآلاف حياتهم، ومئات الآلاف الآخرين معرضون لخطر الموت.
وفقاً لإحصاءات اليونيسف، قتل وأصيب أكثر من 11 ألف طفل منذ بداية النزاع في مارس/آذار 2015، مع تصاعد النزاع وتدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية.
التقرير أشار إلى أن الأعداد الفعلية ربما تكون أعلى بكثير من الأرقام المسجلة، وتحث المديرة التنفيذية على تحديث هدنة عاجلة كخطوة إيجابية.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، تم تجنيد قرابة 4 آلاف طفل، من بينهم 91 فتاة داخل الجيوش، فيما تعرض 47 طفلاً لعنف جنسي مرتبط بالنزاع. كما تعرضت منشآت تعليمية وصحية لأكثر من 900 هجوم.
ومنذ 8 سنوات، يحتاج أكثر من 23.4 مليون شخص، بينهم 12.9 مليون طفل، إلى مساعدة إنسانية وحماية، ويواجه اليمن أزمة تعليمية حادة. اليونيسف تحتاج إلى 484.4 مليون دولار للاستجابة للأزمة الإنسانية خلال سنة 2023.
حرب جمهورية الكونغو الديمقراطية
حسب ما نشره موقع الأمم المتحدة في شهر سبتمبر/أيلول 2023 وبسبب أن أعمال العنف ضد الأطفال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وصلت إلى مستويات “غير مسبوقة”. تبرز من بين هذه الأعمال الفظيعة حادث تحويل رضيعتين توأمين إلى كمين مفخخ، حيث تم إنقاذها في اللحظة الأخيرة.
في مؤتمر صحفي عُقد في جنيف، أكد غرانت ليتي، مسؤول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أن الوضع في الكونغو الديمقراطية قد يكون “أسوأ مكان في العالم” بالنسبة للأطفال، نتيجة للجرائم والاغتصاب والتجنيد القسري.
وأشار إلى أن البلد يشهد أكبر عدد من الانتهاكات الخطيرة ضد الأطفال في العالم خلال النزاعات المسلحة. لتوضيح وحشية الحالة، أوضح ليتي قصة رضيعتين توأمين تم العثور عليهما تحت ثياب موصولة بحزام ناسف.
في إقليم شمال كيفو، قام مقاتلون في القوات الديمقراطية المتحالفة، ميليشيا إسلامية تدين بالولاء لتنظيم الدولة الإسلامية، بتحويل الطفلتين إلى كمين بعد قتل عائلتهما بأكملها، فيما أشار إلى أنه يتم يومياً اغتصاب وقتل الأطفال، بالإضافة إلى خطفهم وتجنيدهم من قِبل مجموعات مسلحة. وشدد على أن المعلومات المتاحة تمثل فقط “الرأس الظاهر من جبل الجليد”.
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، سُجل في إقليم شمال كيفو أكثر من 38 ألف حالة عنف جنسي ضد الأطفال ما يسبب الوفاة عند البعض منهم، بزيادة نسبتها 37٪ مقارنة بنفس الفترة من عام 2022.
الأطفال الضحايا في حرب أفغانستان
تعتبر حرب أفغانستان من بين أكثر الحروب في العالم التي راح فيها العديد من أرواح الأطفال في العالم على مدار العشرين سنة الماضية، فحسب تقرير نشرته وكالة الأناضول تعرض ما لا يقل عن 33 ألف طفل للقتل خلال القرن الحالي، أي بمعدل طفل كل 5 ساعات.
وفقاً لنفس التقرير، فإن العدد الفعلي للأطفال الذين أصيبوا ضحايا للنزاع في أفغانستان يمكن أن يكون أكبر بكثير من التقدير الرسمي البالغ قرابة 33 ألف طفل. وأوضحت أن هذا العدد لا يشمل الأطفال الذين فارقوا الحياة بسبب الجوع والفقر والأمراض خلال هذه الفترة.
في سياق متصل، ناشدت منظمة الأمم المتحدة المجتمع الدولي ضرورةَ إنقاذ الطفولة في أفغانستان وتقديم الدعم العاجل للأطفال المتأثرين. يأتي هذا في ظل استيلاء حركة “طالبان” على مطار حامد كرزاي الدولي في كابل، بعد انسحاب القوات الأمريكية وانتهاء المهلة في 31 أغسطس/آب.
وكانت الحركة قد قامت بتوسيع سيطرتها في البلاد منذ مايو/أيار 2021، وفي أواخر أغسطس/آب، استولت على معظم المناطق الرئيسية خلال 10 أيام.
حرب جنوب السودان
ووفقاً لتقرير نشرته المنظمة حول أوضاع الأطفال في جنوب السودان، فإن الجماعات المسلحة قامت بتجنيد حوالي 16 ألف طفل منذ بداية الحرب الأهلية في ديسمبر/كانون الأول 2013، التي اندلعت بين قوات الرئيس سلفاكير ميارديت وتلك الموالية لنائبه السابق رياك مشار.
وكشف التقرير عن وجود أكثر من 750 ألف طفل نازح داخل جنوب السودان، بينما يعيش أكثر من 320 ألفاً خارج حدود البلاد كلاجئين، وحوالي 13 ألف طفل في عداد المفقودين.
فيما تشير منظمات حقوق الإنسان إلى أن القرى تتعرض لهجمات من قِبل الجماعات المسلحة، حيث يتم اختطاف الأطفال بشكل متكرر تحت تهديد السلاح لإجبارهم على الانضمام إلى صفوفها.
وأكدت اليونيسف أن حوالي نصف أطفال جنوب السودان لا يتابعون دراستهم، مما يمثل أعلى نسبة في العالم، وصفت الأمم المتحدة الأزمة التي يعيشها جنوب السودان بأنها “صاعقة”.
وفي تصريح لجاستن فورسيث، نائب المدير التنفيذي لليونيسف، أشار إلى أن الحلم الذي كانوا يتشاركونه لأطفال جنوب السودان أصبح اليوم كابوساً، خاصة في هذه المرحلة المحفوفة بالمخاطر في تاريخ الدولة الصغيرة.
وأظهر تقرير يونيسف أن حوالي 250 ألف طفل في جنوب السودان يعانون من نقص حاد في التغذية، مكررة الدعوة إلى تحسين الأوضاع الإنسانية في البلاد.
الحرب الإسرائيلية على غزة
تعتبر الحرب الأخيرة على قطاع غزة والتي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول من بين أكثر الحروب خلال القرن 21 التي استشهد فيها العديد من الأطفال.
داخل قطاع غزة، الذي يظل معزولاً عن العالم بفعل حصار شبه كامل عليه من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي، شنت الغارات الجوية الإسرائيلية هجمات مدمرة تسببت في تدمير أحياء بأكملها، حيث شملت الأضرار منازل ومدارس ومساجد.
أفادت منظمة إنقاذ الطفولة بأن أكثر من مليون طفل يعيشون في غزة يواجهون حصاراً، حيث يفتقرون إلى مأوى آمن يمكنهم اللجوء إليه. حذرت المنظمة من تداول الآثار المدمرة لنقص الأدوية وانقطاع التيار الكهربائي، مما يؤثر سلباً على البنية الصحية الأساسية في القطاع.
إلى غاية اليوم استشهد أكثر من 8 آلاف طفل داخل قطاع غزة في مدة لا تتجاوز 3 أشهر وتعتبر الأسرع في عدد وفيات الإطلاق خلال السنوات الأخيرة الماضية.