منذ بداية الحرب على قطاع غزة، عقب “طوفان الأقصى” يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، برز عدد من الصحفيين والمصورين الشباب في المشهد الإعلامي، من خلال نقلهم الواقع المعاش في مختلف مدن القطاع، والأوضاع التي يعيشها المدنيون خلال عمليات القصف التي تنفذها قوات الاحتلال بشكل يومي، وترتب عنها ما يزيد عن 17 ألف شهيد، من بينهم أطفال ونساء.
إذ حرص هؤلاء الصحفيون الشباب، الذين كان بعضهم حديث التخرج، على مشاركة كل المعلومات والصور والفيديوهات الحصرية عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ليصبحوا بذلك مصدراً موثوقاً للأخبار، وأول من يلجأ إليه أي شخص يبحث عن المعلومة السريعة واليقينية من قلب الحدث.
فمَن أبرز هؤلاء الصحفيين والمصورين الشباب الذين اشتهروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الحرب على غزة؟ وكيف تمكنوا من تصدر المشهد الإعلامي بهذه السرعة؟
معتز عزايزة
بعمر 24، وبالرغم من أنه في بداية مشواره في عالم التصوير الصحفي، فإن معتز عزايزة تمكّن من جعل اسمه واحداً من بين أهم الأسماء التي يتم تتبعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بفضل نقله الصورة الواقعية عمّا يحدث في قطاع غزة، حيث كبر وترعرع.
إذ إن عزايزة عمل على نقل الأحداث إلى جميع أنحاء العالم، باعتماده على اللغة الإنجليزية في الحديث والكتابة على منشوراته، الشيء الذي زاد من انتشارها والتفاعل عليها، فقد كان يتابعه قبل بداية الحرب 250 ألف شخص، ليصبح العدد اليوم، وفي ظرف شهرين فقط، ما يزيد عن 16 مليوناً من جميع أنحاء العالم.
وقد ولد معتز عزايزة في مدينة دير البلح، الواقعة وسط قطاع غزة، سنة 1999، وقد تخرج في جامعة الأزهر في مدينة غزة سنة 2021، تخصص لغة إنجليزية، وعمل مراسلاً لقناة “abc نيوز” الأمريكية بعد ذلك.
وخلال الحرب على قطاع غزة فقد معتز 15 شخصاً من عائلته، جراء الغارات الجوية التي استهدفت منزله في دير البلح، إلا أنه مع ذلك استمر في نقل الحقائق التي يجهلها الكثيرون عن العدوان الإسرائيلي على جميع القطاع، خصوصاً الجرائم التي تنفذ في حق الأطفال.
بيسان عودة
من بين الأسماء الأخرى التي برزت بقوة خلال تغطية أحداث الحرب على غزة، نجد صانعة الأفلام والمدونة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الشابة بيسان عودة، البالغة من العمر 25 سنة فقط.
فقد كانت بيسان من بين الحريصين على نشر ونقل كل ما يدور من حولها من أحداث متعلقة بالحرب، وذلك من خلال برنامج حمل عنوان “يوميات تحت القصف”، وكذلك منشورات بالصوت والصورة من بين الركام وحطام المنازل، التي تم استهدافها من طرف الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى مقابلات مع نساء وأطفال، وعرض قصص إنسانية من وسط المعاناة.
إذ اختارت بيسان عودة نقل هذه الحقائق من خلال حسابين مختلفين، الأول ناطق باللغة الإنجليزية، ويتابعها فيه ما يزيد عن 3 ملايين شخص، أما الحساب الثاني فهو حديث، ينقل نسخاً مشابهة للفيديوهات السابقة، لكن فقط باللغة العربية، ليكون احتياطياً في حال تم استهداف الحساب الرئيسي بسبب المنشورات القوية التي نشرت عليه.
وقد ولدت بيسان عودة في مدينة بيت حانون، الموجودة في شمال غزة، على الحدود مع الأراضي المحتلة، وقد حصلت على شهادة البكالوريا في مجال إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية.
بالإضافة إلى عملها في مجال الإعلام، فإن بيسان تشغل منصباً في “صندوق الأمم المتحدة للسكان”، وهي عضو في منتدى أجورا للابتكار التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
كما أنها حاملة للقب سفيرة الاتحاد الأوروبي للنوايا الحسنة، وعملت سابقاً مع الاتحاد الأوروبي في مجال تغير المناخ.
عبد الرحمن بطاح
الصحفي الطفل عبد الرحمن بطاح، المشهور باسم عبود الغزاوي، واحد من بين أبرز الأسماء التي عملت على تغطية الأحداث في القطاع خلال الحرب، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقد عُرف هذا الطفل، ابن مدينة غزة بعفويته الكبيرة، وتلقائية أمام كاميرا التلفزيون، خلال عملية نقله للأحداث، التي كان تارة يتحدث عنها بطريقة طريفة، وتارة أخرى بطريقة محزنة ومبكية، والتي كانت دائماً ما تدخل فيها جملته الشهيرة “آيس كوفي”.
أما بداية فيديوهات عبود الغزاوي، متقمص دور الصحفي، فكانت دائماً تبدأ بجملة ارتبطت به، وفي ذهن كل من يتابعه، وهي “مِن هنا، ومن قطاع غزة، ننشر لكم آخر التطورات في البلاد”.
وقد تمكَّن عبد الرحمن، الذي كان عدد متابعيه في البداية لا يتعدى آلافاً قليلة، أن يصبح من المشاهير في غزة رغم الحرب، ووصل عدد متابعيه إلى ما يقارب المليونين ونصف المليون، في أقل من شهرين.
وبسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت المتواصل على قطاع غزة، فإن عبود يغيب بشكل مستمر على متابعيه، الذين يعبرون في كل مرة عن قلقهم، خوفاً من استشهاده، إلا أنه دائماً ما يعود من جديد بعد تمكنه من ربط هاتفه بالإنترنت مرة أخرى.
ويبلغ عبود من العمر 17 سنة فقط، ولد وترعرع في مدينة غزة وسط القطاع، وقد كان حلمه منذ الصغر أن يكون صحفياً، ليكون بذلك صوتاً من الأصوات القادرة على نقل وحشية الاحتلال الإسرائيلي وحقيقة ما يعيشه أبناء بلده في كل فلسطين.
بلستيا العقاد
رغم سنها الصغيرة فإن الصحفية الشابة بلستيا العقاد كانت من بين الأصوات القوية التي صدحت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب زملائها الآخرين، من أجل نقل واقع العدوان الإسرائيلي ووحشيته بحق المدنيين في قطاع غزة.
ورغم أن أغلب منشوراتها كانت من قلب الحرب، حيث أصوات القذائف والصواريخ قوية، وتغطي على أي صوت آخر، فإن بلستيا كانت حريصة على نشر المشهد الحقيقي كما هو، دون إدخال أي تعديلات من الممكن أن تغير من معناه.
وُلدت بلستيا العقاد، البالغة من العمر 22 سنة، في مدينة خان يونس، جنوب القطاع، حصلت على البكالوريوس في علوم الفنون من جامعة شرق البحر المتوسط في قبرص التركية.
دخلت عالم التواصل الاجتماعي من خلال حسابها على إنستغرام، حيث كانت تنشر مقاطع فيديو عن السفر والسياحة، إلا أنها بعد الحرب على غزة حولت حسابها إلى منصة للأخبار الرسمية والحصرية، من قلب الحدث.
وقد حرصت بلستيا بدورها على نشر مقاطع فيديو عديدة، وهي تتحدث اللغة الإنجليزية التي تجيدها بطلاقة، من أجل إيصال صوتها لأكبر عدد من الناس، الشيء الذي تُرجم في عدد المتابعين، الذي تخطَّى مليوني شخص منذ بداية الأحداث.
ومن بين التصريحات التي أدلت بها العقاد، قالت “لقد شهدتُ العديد من الاعتداءات سابقاً، وكذلك الانتفاضات، ولكن ما أشهده اليومَ هو نسخة مُحدَّثة”، وذلك في إشارة منها إلى الحصار الذي تعيشه غزة منذ 17 سنة، والذي عاشته بشكل شخصي منذ كانت طفلة.
صالح الجعفراوي
ناشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنشد، ومراسل، إنه الشاب الفلسطيني صالح الجعفراوي، ابن مدينة غزة، الذي وجد اسمه ضمن القائمة الحمراء للاغتيال، التي تكشف استهداف قوات الاحتلال لأشخاص معينين من أجل قتله، لإزعاجهم لهم كونهم صوتاً قوياً ومؤثراً.
إذ إن الجعفراوي، ومنذ بداية الأحداث على غزة، والقصف المستمر على جميع مدن القطاع، كان واحداً من بين الصحفيين المصورين الشباب الذين عملوا على نقل الواقع من قلب المستشفيات، والمناطق التي يتم قصفها من طرف قوات الاحتلال.
وقد كان صالح الجعفراوي يصور مقاطع مختلفة من مستشفى الشفاء، في الوقت الذي كان يصل إليه مئات الجرحى في وضعيات حرجة جداً، من أجل تلقي العلاج بإمكانيات بسيطة جداً ومحدودة.
إلا أنه أعلن بعد ذلك عن مغادرته المستشفى، بعد إعلان استهدافه بهدف اغتياله، كونه يشكل تهديداً وإزعاجاً للمحتل، بسبب ما ينشره عبر حسابه، الذي تم توقيفه من طرف إدارة إنستغرام بعد فترة من الحرب.
بالرغم من التهديد الصريح لحياته فإن صالح الجعفراوي، البالغ من العمر 25 سنة، أنشأ حساب إنستغرام جديداً، وأكمل مساره في نشر الواقع والحقائق حول قطاع غزة.
كما أنه أصدر أغنية خاصة، تحمل عنوان “وينك يا إنسانية”، تم تصويرها خلال فترة الهدنة، التي استمرت 6 أيام فقط، كاشفاً مدى الدمار الذي لحق بقطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلي.