مرَّ أكثر من 12 عاماً على صفقة شاليط، التي تعتبر أكبر صفقة في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي وحماس، والتي تمّت في 11 أكتوبر/تشرين الأول سنة 2011، وذلك من أجل الإفراج عن أحد الجنود الإسرائيليين في سجون حركة المقاومة الفلسطينية حماس.
هذه الصفقة تعتبر أضخم عمليات تبادل أسرى عربية- إسرائيلية، وكانت فريدة من نوعها بسبب استمرار الفلسطينيين في الاحتفاظ بالجندي الإسرائيلي كأسير لمدة تقارب 5 سنوات، على الرغم من خوض إسرائيل حربين على قطاع غزة.
ما هي صفقة شاليط؟
في أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلال سنتي 2008 و2009، شهدت المنطقة صفقة بارزة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، ما أدى إلى تسليم الحركة شريط فيديو قصيراً يظهر فيه الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وهو على قيد الحياة.
تعرف هذه الصفقة باسم “صفقة شريط شاليط”، حيث تم تحقيقها من خلال إفراج الاحتلال عن 20 أسيرة فلسطينية من سجونه. الأسيرات الفلسطينيات اللاتي تم الإفراج عنهن كنَّ من تنظيمات متنوعة، كما تميزت صفقة الإفراج بوجود 19 أسيراً من الضفة الغربية وأسيرة واحدة مع طفلها من قطاع غزة.
تُجسد صفقة شاليط لحظة فارقة في تاريخ المنطقة، حيث تمثل رمزاً لمحاولات إحلال السلام وتحسين العلاقات بين الأطراف المتحاربة، مع إيمان العديد من الفلسطينيين بأن هذه الخطوة قد ساهمت في تخفيف حدة التوترات وفتح آفاق مستقبلية للتفاوض.
شملت صفقة شاليط إطلاق سراح 1027 أسيراً فلسطينياً من جانب إسرائيل مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من قبل حماس. تم الإعلان عن توصل الطرفين إلى هذه الصفقة في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2011 بوساطة مصرية.
كما يُعتبر هذا الاتفاق الأول من نوعه في تاريخ القضية الفلسطينية الذي تمت فيه عملية الأسر والاحتجاز والتفاوض داخل أرض فلسطين.
التفاصيل الخاصة بصفقة شاليط
أبرمت حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي اتفاقاً يسمى صفقة شاليط، وينص على تسليم الجندي “جلعاد شاليط”، الرقيب الذي تم اعتقاله خلال عملية “الوهم المتبدد”، في تاريخ 25 يونيو/حزيران 2006، والتي نفذها تحالف من كتائب الشهيد عز الدين القسام، وألوية الناصر صلاح الدين، وجيش الإسلام، والتي استهدفت مواقع للجيش الإسرائيلي على الحدود الشرقية لمدينة رفح، مقابل إطلاق سراح 1027 أسيراً فلسطينياً من سجون إسرائيل.
وتشمل صفقة شاليط جميع الأسيرات الفلسطينيات، بمن في ذلك الصحفية الأردنية أحلام التميمي، وتشمل أيضاً قيادات فلسطينية محكوماً عليها بعقوبات طويلة في السجون الإسرائيلية.
وفي إطار الصفقة، تم إطلاق سراح أقدم سجين فلسطيني، وهو محمد أبو خوصة، ومجموعة من الأسرى من مختلف الفصائل الفلسطينية.
ورغم أن صفقة شاليط لا تتضمن القيادات البارزة مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبد الله البرغوثي وحسن سلامة، فإنها تعد أكبر ثمن دفعته إسرائيل في مقابل جندي واحد. وأثارت الصفقة جدلاً واسعاً، خاصةً في ظل تحذيرات بشأن الأمان والجوانب العسكرية المتعلقة بها.
في السياق ذاته، قامت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بإرسال عشرات السيارات رباعية الدفع إلى معبر رفح لتسليم شاليط. وبينما دخل شاليط إلى الجانب المصري من المعبر، احتفلت حماس بإطلاق نصف الأسرى، في انتظار الإفراج عن النصف الثاني.
كما شهدت الحافلات التي نقلت الأسرى المحررين إلى معبر رفح لحظات من البهجة والترحيب بمشاركة مختلف ألوان الطيف الفلسطيني.
تجدر الإشارة إلى أن صفقة شاليط، رغم أهميتها الاستراتيجية، لا تشمل بعض القيادات الفلسطينية البارزة. وفي تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصف قرار الموافقة على الصفقة بأنه أصعب قرار اتخذه في حياته، نظراً للتحديات الأمنية والعسكرية المرتبطة بها.
من هو جلعاد شاليط؟
ولد جلعاد شاليط في مدينة نهاريا في 28 أغسطس/آب 1986 لعائلة من أصول فرنسية استوطنت في فلسطين قبل عدة عقود. ترعرع جلعاد في بلدة “متسبيه هيلاه” في الجليل الغربي، حيث كان الثاني من بين ثلاثة أولاد.
تأثرت حياته بشكل كبير في يوليو/تموز 2005 عندما جند للخدمة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأدى خدمته في سلاح المدرعات. ثم جاءت لحظة السقوط عندما أسرته المقاومة الفلسطينية في 25 يونيو/حزيران 2006. أسره مقاتلون تابعون لـ3 فصائل فلسطينية مسلحة، وهو ما أطلق عليه اسم “عملية الوهم المتبدد”.
عملية الأسر لم تكن مجرد حادث عابر، بل كانت عملية مدروسة استهدفت قوة إسرائيلية مدرعة على الحدود بين رفح الفلسطينية بالأراضي المحتلة من قبل إسرائيل. بفضل نفق أرضي سبق أن حفره المقاتلون، الذين نجحوا في مباغتة قوة الاحتلال الإسرائيلية، ما أدى إلى مقتل جنديين وأسر جلعاد شاليط ونقله إلى قطاع غزة.
منذ تلك اللحظة، شهدت المنطقة جهوداً متواصلة للبحث عن شاليط ومحاولات لتحريره. ورغم عدم معرفة مكان وجوده، أرسلت كتائب القسام شريطاً صوتياً بصوته يعبر فيه عن تدهور حالته الصحية واستيائه من عدم استجابة الحكومة الإسرائيلية لمطالب القسام.
منذ أسره، طالبت حركة حماس بإطلاق سراح شاليط مقابل الإفراج عن أكثر من 1000 سجين فلسطيني ورفع الحصار عن غزة، ورغم ذلك، رفضت الحكومات الإسرائيلية تلك الشروط، مستندة إلى رفضها للتعامل مع من تصفهم بـ”فلسطينيين ملطخين بدماء إسرائيلية”.
إلا أنه في النهاية تم الاتفاق الذي أطلق عليه صفقة شاليط أو وفاء الأحرار في فلسطين، والتي تعتبر أكبر صفقة لتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.