بعد يوم طويل من الجهد البدني والذهني، من الطبيعي أن تتوقع أن تغفو بسرعة حالما تلامس رأسك الوسادة. ومع ذلك، قد تجد نفسك في حالة من الأرق، تتقلب في فراشك لساعات دون القدرة على النوم، رغم شعورك الشديد بالتعب. فما سبب حرمانك من النوم؟
الميلاتونين والساعة البيولوجية
الساعة البيولوجية قد تكون المفتاح الرئيسي وراء عدم قدرتك على النوم، إلى جانب بعض العوامل الأخرى.
إيقاع ساعتك البيولوجية: يشرح اختصاصي النوم الدكتور كريستوفر وينتر، في مقابلة مع موقع هيلث لاين، أن إيقاع الساعة البيولوجية يعمل كنظام ضبط داخلي يعتمد على تعاقب الليل والنهار لتنظيم وظائف الجسم مثل درجة الحرارة، التمثيل الغذائي، والنوم، وإفراز الهرمونات، بما في ذلك هرمون الميلاتونين، الذي يلعب دورا مهما في النوم.
خلال ساعات النهار، تبقى مستويات الميلاتونين منخفضة. وعندما يحل الظلام، يبدأ الجسم في زيادة إنتاجه، ليصل إلى ذروته بين الساعة الثانية والرابعة صباحا، ثم يبدأ في الانخفاض مرة أخرى. لذا، إذا كنت تشعر بالإرهاق ولكن لا تستطيع النوم، فقد يكون السبب هو اضطراب في إيقاع ساعتك البيولوجية.
القيلولة غير الصحيحة
قد تكون القيلولة في أثناء النهار مفيدة إذا تمت بشكل صحيح، ولكن عندما تحصل على فترة القيلولة بطريقة غير ملائمة، قد يؤدي ذلك إلى صعوبة في النوم ليلا رغم الشعور بالتعب. ومن الأخطاء الشائعة في القيلولة، النوم لفترات طويلة أو في وقت متأخر من اليوم، مما قد يزيد من صعوبة الاستغراق في النوم خلال الليل.
اضطرابات النوم
يُعتبر الأرق من أبرز اضطرابات النوم الأكثر شيوعا، لكن هناك أيضا اضطرابات نوم أخرى شائعة، مثل متلازمة تململ الساقين، وهي وفقا لمايو كلينك، اضطراب يُسبب رغبة شديدة في تحريك الساقين، تحدث هذه الرغبة على الأغلب في أثناء الليل عند الجلوس أو الاستلقاء، وتنتج عن شعور غير مريح في الساقين.
انقطاع التنفس أثناء النوم
وهو اضطراب يحدث خلاله توقف في التنفس بشكل متكرر في أثناء النوم.
وتشمل علاجات اضطرابات النوم الأدوية والعلاج بالكلام وتغيير نمط الحياة وبعض الأجهزة الطبية التي تساعد على استمرار التنفس خلال ساعات النوم. قد تساعد هذه العلاجات في تقليل الأعراض وتمكن المريض من النوم بشكل أفضل.
القلق والاكتئاب
ترتبط اضطرابات النوم بصورة كبيرة بمشكلات القلق والاكتئاب، إذ قد يؤدي القلق إلى تنشيط الدماغ ويساعد على اليقظة، وهو ما قد يتسبب بدوره في مواجهة صعوبات كبيرة في النوم.
كذلك، فإن المرضى الذين يُعانون الاكتئاب يواجهون صعوبات خاصة مع النوم، وذلك وفقا لمراجعة نُشرت عام 2019 أوضحت أن نحو 90% من الأشخاص المصابين بالاكتئاب يشكون من عدم القدرة على الحصول على قسط جيد من النوم العميق المريح.
أشار الباحثون إلى أن العلاقة بين الاكتئاب واضطرابات النوم قد يكون سببها الالتهاب والتغيرات في المواد الكيميائية في الدماغ.
استخدام الأجهزة الذكية قبل النوم
قد يكون من المعروف الآن على نطاق واسع أن الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف والأجهزة اللوحية وشاشات التلفزيون يؤثر بشكل سلبي على النوم، لأنه يمنع إنتاج الميلاتونين ويقلل من النعاس.
لذا، يوصى بالتوقف عن استخدام الأجهزة الذكية قبل ساعتين، على الأقل، من موعد النوم. إذا لم تتمكن من القيام بهذا، فيمكنك ارتداء نظارات تحجب الضوء الأزرق لهذه الأجهزة.
كيفية الحصول على النوم المريح العميق
هناك بعض النصائح التي تُمكنك من تقليل الشعور بالتعب والحصول على قدر كاف من النوم العميق، منها:
الذهاب إلى السرير في موعد محدد كل ليلة: وذلك لضبط إيقاع ساعتك البيولوجية، مما يُمكّن الجسم من توقع موعد النوم والاستيقاظ بشكل آلي.
عندما تتمكن من ضبط ساعتك البيولوجية، قد تجد نفسك لاحقا لا تحتاج حتى إلى المنبه الصباحي لإيقاظك. ستلاحظ مع الوقت أنك بدأت تنام وتستيقظ في الموعد نفسه. فقط، عليك ألا تستسلم لإغراء البقاء مستيقظا والسهر ليلا أو النوم حتى وقت متأخر من الصباح خلال عطلات نهاية الأسبوع وأيام العطل الأخرى، فقد أكدت الأبحاث على أن جدول النوم والاستيقاظ غير المتسق يؤثر سلبا على إيقاعات الساعة البيولوجية للأشخاص.
الاسترخاء وتقليل التوتر: قد يكون من الصعب الحصول على نوم عميق عندما تتعرض للتوتر والقلق بشكل مكثف. لتحقيق الاسترخاء، حاول ممارسة أنشطة مهدئة تساعد في تقليل التوتر، مثل التنفس العميق، أو الاستحمام، أو القراءة، أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة قبل النوم. هذه الأنشطة قد تساهم في تحسين جودة نومك. كما يُفضل تجنب التفكير في المشكلات والمواضيع المجهدة قبل الذهاب إلى السرير.
تهيئة غرفة النوم: الضوضاء العالية والأضواء الساطعة في غرفة النوم أو بالقرب منها يمكن أن تؤثر سلبا على قدرتك على النوم العميق. لضمان نوم عميق، اجعل غرفة نومك مريحة وملائمة للنوم؛ حافظ على الظلام والهدوء، وضبط درجة الحرارة بما يتناسب مع راحتك، واختر سريرا ووسائد مريحة.
تقليل قيلولة النهار: تذكر أن القيلولة الطويلة أو غير المنتظمة في أثناء النهار قد تعطل ساعتك البيولوجية وتؤثر على نومك ليلا. القيلولة المثلى هي تلك التي تتراوح مدتها بين 20 و30 دقيقة، ويُفضل أن تكون في الوقت نفسه يوميا ليتسنى لجسمك التكيف معها.