لم يحمل المنخفض الجوي الذي ضرب قطاع غزة أي ملامح للشتاء المعتاد، بل كشف هشاشة حياة عشرات آلاف النازحين الذين يفترشون الأرض ويعتصمون تحت خيام لا تقاوم المطر ولا البرد، فتحولت مع أولى الزخات إلى برك من الوحل والمياه الراكدة.
ووثقت مقاطع فيديو وصور مشاهد مؤلمة لأطفال يبحثون عن موطئ قدم داخل خيمتهم الغارقة، بينما ظهرت أمهات يحاولن رفع الأغطية والفرش المبللة لإنقاذ ما تبقى من مأوى متهالك لم يصمد أمام المطر الغزير.
ولم تقتصر الكارثة على خيام النزوح فحسب، إذ تسربت المياه إلى عدد من المستشفيات الميدانية ومراكز الإيواء، مما فاقم معاناة الجرحى والمرضى وأدى إلى تعطل أجزاء من الخدمات الصحية داخلها.
لمن يهمه الأمر !!
خيام النازحين في غزة تغرق الآن بفعل الأمطار الشديدة، والناس يصرخون ويستغيثون بأعلى صوتهم، حسبنا الله ونعم الوكيل !! pic.twitter.com/1d0xSS8yK8— جهاد حلس، غزة (@Jhkhelles) November 25, 2025
وحظيت صور ومقاطع غرق الخيام بتفاعل واسع على منصات التواصل، حيث شارك ناشطون من داخل فلسطين وخارجها في توثيق حجم المأساة الإنسانية، وسط تساؤلات عن غياب دور المؤسسات الدولية والأممية في حماية النازحين من مأساة الشتاء.
ووصف مغردون المشاهد بأنها “أبلغ من كل الكلمات”، مؤكدين أن ما يحدث داخل مخيمات النزوح هو كارثة إنسانية متفاقمة تستدعي تدخلا عاجلا قبل أن تتحول إلى أزمة يصعب احتواؤها.
فصل جديد من فصول المعاناة في غزة..
يارب كن لهم عونًا ومعينًا pic.twitter.com/EY9bAOuJoB— Khaled Safi ?? خالد صافي (@KhaledSafi) November 25, 2025
وانتشر مقطع لطفل يحاول بيديه تصريف المياه التي أغرقت خيمته، وعلق أحد المغردين: “مشهد يختصر شتاء كامل من الألم؛ خيمة غارقة، برد قاس، وطفولة تجبر على مواجهة ما لا يحتمله الكبار.. هكذا يبدأ الشتاء على أهلنا في غزة، نجاة تنتزع من الماء والطين والخراب، لا من الدفء والمأوى”.
طفل صغير يحاول بيديه تصريف مياه الأمطار التي أغرقت خيمته في قطاع غزة ..
مشهد يختصر شتاءً كاملًا من الألم — خيمة غارقة، برد قاسٍ، وطفولة تُجبر على مواجهة ما لا يحتمله الكبار.
هكذا يبدأ الشتاء على أهلنا — نجاة تُنتزع من الماء والطين والخراب والدمار – لا من الدفء والمأوى. pic.twitter.com/LlCsz5cGwF
— الحـكـيم (@Hakeam_ps) November 25, 2025
ورأى مغردون أن المنخفض الجوي كشف عمق الانهيار الإنساني في القطاع المحاصر، حيث يعيش أكثر من مليوني نازح في ظروف قاسية داخل مخيمات مكتظة، تفتقر لأبسط مقومات الحياة، فلا صرف صحي، ولا حماية من الفيضانات، ولا تدفئة، ولا أغطية أو ملابس مقاومة للبرد، في حين باتت الخيام القماشية عاجزة أمام الرياح والأمطار.
وفي فيديو آخر، تظهر عائلة وقد غمرت المياه خيمتها بالكامل، بينما تقول الأم: “خلي حد يساعدك”، ليرد ابنها : “مين بدو يساعدني؟ كل المخيم غرقان”.
في هذا الفيديو عائلة غرقت خيمتها بالكامل، داخل مُخيم غرق كُله. نادت الأم على ابنها: “خلي حد يساعدك”، فردّ: “مين بدو يساعدني، كُل المخيم غرقان”.
مشاهد مأساوية في #غزة الآن. pic.twitter.com/Um1Hyz2HPA
— Meqdad Jameel (@Almeqdad) November 25, 2025
ووصف ناشط المشاهد بأنها تجسيد حي لانهيار إنساني شامل في غزة، مشيرا إلى أن الخيمة لم تعد تختلف عن المستنقع الذي غمرها.
وكتب آخر: “كل لحظة نسمع عن مخيم آخر غارق في مياه الأمطار.. الخيام تتهاوى وتتحول إلى طين وخراب. غزة تواجه الشتاء بلا جدران، بلا سقف، وبلا أدنى مقومات الحياة”.
ولم تسلم المنشآت الطبية من آثار المنخفض الجوي، إذ أشار مغردون إلى مقطع يظهر غرفة العمليات في المستشفى الكويتي الميداني وقد غمرتها المياه، رغم أنها من المفترض أن تكون المكان الأكثر حماية من التلوث.
عجزتُ عن الحديث أو الوصف… كلّ شيء كتبنا عنه وتحدّثنا عنه، ولم يتغيّر الحال . https://t.co/oN9Bj8nuKb pic.twitter.com/qqc0BebBpV
— Tamer | تامر (@tamerqdh) November 25, 2025
وأضافوا أن المستشفيات لم تسلم من آثار الحرب، مشيرين إلى أن آلة الحرب دمرت البنية التحتية في غزة، لتصبح اليوم كومة من الأنقاض غير صالحة لاستقبال المرضى أو تقديم أي خدمات حيوية.
وأكد ناشطون أن غزة اليوم لا تواجه أزمة طارئة، بل مأساة إنسانية ممتدة تتفاقم يوما بعد يوم، في ظل غياب الحلول الدولية وفشل المجتمع الدولي في توفير الحماية أو حتى خيمة آمنة لأطفالها.
والمنخفض الجوي في غزة !
يعني غرق الخيام، وفقدان المأوى، ونزوح من موقع لآخر، وترميم لمأوى من الصفر، يعني قهر الكبار، ومرمطة الصغار.
يعني أن يحدث كل هذا تحت زخات المطر، بوقع لا يقل عن الرصاص، المصير واحد مع اختلاف الوسيلة.
— Mohammed Haniya (@mohammedhaniya) November 25, 2025
وختم مغردون بالقول: “في غزة، لا يعني المطر بداية موسم أو رائحة تراب مبتل، بل يعني غرق خيام، وفقدان مأوى، ونزوح جديد من خيمة إلى أخرى.. يعني أن تبدأ من الصفر، مرارا وتكرارا، وأن تواجه الشتاء بلا شيء سوى الصبر”.
تحليل وتفاصيل إضافية
تُظهر الصور المتداولة لغرق خيام النازحين بغزة عمق الأزمة الإنسانية التي يواجهها القطاع المحاصر. المنخفض الجوي كشف عن هشاشة البنية التحتية وتدهور الأوضاع المعيشية للنازحين، الذين يعيشون في مخيمات مكتظة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. يتجلى الانهيار الإنساني في عجز الخيام عن مقاومة الأمطار، وتسرب المياه إلى المستشفيات، وفقدان النازحين لمأواهم. التفاعل الواسع على منصات التواصل يعكس الغضب والإحباط من غياب الدعم الدولي وعدم توفير الحماية اللازمة للنازحين. هذه المشاهد المؤلمة تدق ناقوس الخطر وتستدعي تحركا عاجلا لإنقاذ الأرواح وتوفير الإغاثة العاجلة.
