قالت وكالة Bloomberg الأمريكية، في تقرير نشرته يوم الجمعة 19 يناير/كانون الثاني 2024، إن الفوضى بدأت في البحر الأحمر من خلال تعطيل شحنات المنتجات من القهوة إلى الفاكهة، والتهديد بوقف التباطؤ في تضخم أسعار الغذاء الذي جلب بعض الراحة للمستهلكين المتوترين.
والسفن المُحمَّلة بالمواد الغذائية من بين السفن التي تحاول تجنب هجمات الحوثيين في الممر المائي الرئيسي عن طريق الإبحار حول أفريقيا، وهو طريق أطول وأكثر تكلفة. لكن عكس شحنات الغاز والنفط والسلع الاستهلاكية التي تأثرت أيضاً، تهدد فترات الشحن الأطول بجعل الأطعمة القابلة للتلف غير صالحة للبيع.
مخاوف من فساد البضائع بسبب هجمات الحوثيين
هذا يخيف الصناعة. إذ يخشى المُصدِّرون الإيطاليون أن يفسد الكيوي والحمضيات في الطريق، إضافة إلى أنَّ سعر الزنجبيل الصيني يزداد، كما تأخرت بعض شحنات البن الأفريقي لفترة وجيزة. ويُحوِّل المُصدِّرون مسار الحبوب من قناة السويس وناقلات الماشية المتجهة إلى الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أنَّ تأثير فوضى البحر الأحمر لا يزال محدوداً إلى الآن، فإنه يأتي بمثابة تذكير بمدى هشاشة سلاسل الإمدادات الغذائية. وإذا تفاقمت الاضطرابات، فإنها يمكن أن توقف الانخفاض في تكاليف السلع الغذائية التي بدأت تتسرب إلى فواتير البقالة الأرخص.
وقال نيتين أغراوال، المدير الإداري لشركة يورو فروتس، وهي شركة هندية كبرى لتصدير العنب: “الجميع هنا خاسرون”. وتشحن الشركة عادةً منتجاتها إلى أوروبا عبر البحر الأحمر، لكنها تستخدم الآن الطريق الأطول الذي يزيد تكاليف الشحن بمقدار أربعة أضعاف ويضاعف أوقات العبور.
تحويل حركة الشحن يضر بنضارة المنتجات
قال ماسيميليانو جيانسانتي، رئيس مجموعة Confagricoltura الزراعية، إنَّ المُصدِّرين الإيطاليين، الذين يبيعون منتجات زراعية بقيمة 4.4 مليار دولار إلى آسيا، يشعرون بالقلق من أنَّ تحويل حركة الشحن إلى المسار المار حول أفريقيا سيضر بنضارة المنتجات ويزيد من تكلفة الفاكهة مثل التفاح والكيوي والحمضيات. وقال فوزان علوي، المتحدث باسم جمعية مصدري لحوم الجاموس والأغنام في الهند، إنَّ اللحوم تواجه مخاوف مماثلة، كما أنَّ شحنات لحوم الجاموس الهندية المتجهة إلى مناطق مثل شمال أفريقيا تعاني من التأخير.
كما يمثل ذلك مصدر إزعاج للمزارعين الذين قد يضطرون إلى خفض أسعارهم للتعويض عن ارتفاع تكاليف الشحن.
قال سانديب داجو ساندان، مزارع عنب في ولاية ماهاراشترا الهندية، حيث بدأ الحصاد في بعض مناطقها: “علينا البيع حتى لو انخفضت الأسعار، لأننا لا نستطيع إطالة فترة الحصاد. يتمكن المُصدرون دائماً من تغطية تكاليفهم. لكننا نحن من سيتكبد الخسارة إذا انهارت الأسعار”.
قلق لصادرات أوروبا
في حين تشكل قضايا الشحن أيضاً مصدر قلق لصادرات أوروبا من منتجات مثل الألبان، وواردات مثل الشاي والتوابل والدواجن على الرغم من أنه من غير الواضح مدى أي تأثير، وفقاً للجنة CELCAA، التي تمثل تجار الأغذية الزراعية. وقالت شركة Kpler الاستخباراتية إنَّ السفن التي تحمل نحو 1.6 مليون طن من الحبوب، وكانت متجهة إلى قناة السويس، أعيد تحويلها إلى طرق أخرى في الأسابيع الأخيرة. ومعظم هذه المحاصيل ستذهب إلى الصين وجنوب شرقي آسيا.
وقال محمد باتيل، أحد تجار الجملة في بريطانيا: “عانينا من تأخيرات من حين لآخر، لكن لم نشهد شيئاً من هذا القبيل سابقاً”.
واضطر بعض التجار حتى إلى تأخير الشحنات. إذ أوقفت شركة Mercanta، وهي شركة مُستورِدة للبن ومقرها المملكة المتحدة، التحميل لفترة وجيزة بشرق أفريقيا في انتظار توضيح المسار الذي ستتخذه شركات النقل. وبرغم أنها قررت استئناف التحميل، فإنَّ أي تأخير سيؤدي إلى إبطاء المبيعات إلى أوروبا في وقت تواجه فيه الشحنات بالأمريكتين أيضاً قيوداً، وضمن ذلك في قناة بنما.
وقال ستيفن هيرست، مؤسس شركة Mercanta ومديرها الإداري، إنه إذا اتجهت إحدى البضائع جنوباً: “فسيتعين عليها خوض رحلة عبور طويلة جداً وربما تكون أكثر تكلفة”.
وتسهم دول مثل أوغندا وفيتنام بحصة كبيرة من واردات أوروبا من القهوة، ويعتبر البحر الأحمر شرياناً حيوياً لهذه التجارة.