أبقت مجموعة من علماء الذرة، التي تدير “ساعة يوم القيامة” في واشنطن، توقيت الساعة عند منتصف الليل إلا تسعين ثانية، بمعنى أن البشرية لم تكن يوماً أقرب إلى نهاية العالم مثلما هي عليه اليوم، وذلك بسبب إسرائيل المسلحة نووياً، والتي تشن حرباً على غزة، و”تهديدات روسيا النووية” في أوكرانيا، بالإضافة إلى التغير المناخي.
وكشفت “نشرة علماء الذرة” المشرفة على مشروع “ساعة يوم القيامة” الرمزي منذ عام 1947، في مؤتمر صحافي في واشنطن، الثلاثاء، توقيت الساعة التي تراقب انتهاء الأزمنة لا الوقت، وتقيس بالتالي الاحتمالات لحدوث كارثة عالمية.
وحدد العلماء هذا التوقيت بناءً على المخاطر “الوجودية” التي تهدد الأرض وسكانها، مثل التهديد النووي، وتغير المناخ، والتقنيات المدمرة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية الجديدة.
وأنشأت المنظمة غير الربحية، ومقرها شيكاغو، الساعة في عام 1947 خلال توترات الحرب الباردة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، لتحذير الجمهور من مدى اقتراب البشرية من تدمير العالم.
وتصف المنظمة المشرفة على المشروع الساعة بأنها “استعارة” عن مدى قرب البشرية من التدمير الذاتي، وتقول إن عملية إعادة الضبط السنوية يجب أن يُنظر إليها على أنها “دعوة للعمل لإعادة العقارب إلى الوراء”.
ويتم اتخاذ قرار إعادة ضبط عقارب الساعة كل عام من مجلس العلوم والأمن في المنظمة، ومجلس الرعاة الذي يضم 11 من حاملي جائزة نوبل.
وضُبِطَت الساعة في الأصل عند سبع دقائق قبل منتصف الليل. وكانت المسافة الأبعد عن منتصف الليل، هي 17 دقيقة، وضُبطت بعد نهاية الحرب الباردة عام 1991.
الخطر النووي
وقالت راشيل برونسون، الرئيسة والمديرة التنفيذية لـ”نشرة علماء الذرة”، لوكالة “رويترز”، إن “بؤر الصراع الساخنة في جميع أنحاء العالم تحمل خطر التصعيد النووي، وتغير المناخ يسبب بالفعل الموت والدمار، والتكنولوجيات المدمرة مثل الذكاء الاصطناعي والأبحاث البيولوجية تتقدم بشكل أسرع من الضمانات التي توفرها”.
وأضافت أن إبقاء الساعة من دون تغيير عن العام الماضي “ليس مؤشراً على أن العالم مستقر”.
وأشارت برونسون، إلى أن “الاتجاهات لا تزال تشير إلى كارثة، بما في ذلك حقيقة أن الصين وروسيا والولايات المتحدة تنفق مبالغ كبيرة من المال لتوسيع أو تحديث ترساناتها النووية، مما يزيد من خطر نشوب حرب نووية عن طريق الخطأ أو سوء التقدير”.
وقالت برونسون: “تبدو النهاية الدائمة للحرب الروسية في أوكرانيا بعيدة المنال، ولا يزال استخدام روسيا للأسلحة النووية في هذا الصراع احتمالاً جدياً. وفي العام الماضي أرسلت روسيا العديد من الإشارات النووية المثيرة للقلق”.
وأشارت برونسون إلى القرار الذي اتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير 2023 بتعليق مشاركة روسيا في معاهدة “ستارت” الجديدة مع الولايات المتحدة، والتي حدت من الترسانة النووية الاستراتيجية للبلدين.
وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا معاً ما يقرب من 90% من الرؤوس الحربية النووية في العالم، وهو ما يكفي لتدمير الكوكب عدة مرات.
وتشن إسرائيل، المسلحة نووياً، حرباً من دون هوادة على قطاع غزة المحاصر، منذ 7 أكتوبر 2023، وسط مخاوف من توسع الصراع في المنطقة.
وذكرت برونسون أن “إسرائيل، الدولة المسلحة نووياً، ذات صلة بمناقشة ساعة يوم القيامة. ومما يثير القلق بشكل خاص أن الصراع قد يتصاعد على نطاق أوسع في المنطقة؛ مما يؤدي إلى حرب تقليدية أكبر، ويجذب المزيد من القوى النووية أو القوى شبه النووية”.
التغيرات المناخية
وتمت إضافة تغير المناخ كعامل في تحديد ساعة يوم القيامة في عام 2007.
وقالت برونسون في هذا الصدد: “دخل العالم في عام 2023 إلى منطقة مجهولة، إذ عانى السنة الأكثر سخونة على الإطلاق، واستمرت انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية في الارتفاع”.
وأضافت: “لقد حطمت درجات حرارة سطح البحر في العالم وفي شمال المحيط الأطلسي الأرقام القياسية، ووصل الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى أدنى مستوى يومي له منذ ظهور بيانات الأقمار الصناعية.”
وأشارت برونسون إلى أنه في حين أن عام 2023 كان عاماً قياسياً للطاقة النظيفة باستثمارات جديدة بقيمة 1.7 تريليون دولار، إلا أن إجمالي استثمارات الوقود الأحفوري بلغ نحو تريليون دولار.
ووصفت برونسون الجهود الحالية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بأنها “غير كافية على الإطلاق لتجنب الآثار البشرية والاقتصادية الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ، والتي تؤثر بشكل غير متناسب على أفقر الناس في العالم”.