حذر مؤرخ إسرائيلي بارز خلال فعالية استضافها المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، الإثنين 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من أنَّ القوى الغربية تعطي إسرائيل “تفويضاً بارتكاب إبادة جماعية” في قطاع غزة، بحسب ما نشره موقع Middle East Eye البريطاني.
إذ قال آفي شلايم، وهو مؤرخ إسرائيلي بريطاني بارز وأستاذ فخري للعلاقات الدولية في جامعة أكسفورد، أمام جمهور في لندن، إنَّ دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لإسرائيل- بما في ذلك الدعم العسكري- جعلها متواطئة في “المذبحة الجماعية” التي تُرتكَب ضد قطاع غزة، وأضاف: “إنَّ الرد الغربي على الأزمة هو النفاق المعتاد والمعايير المزدوجة القاسية، لكن هذه المرة أُخِذَت إلى مستوى جديد، لقد كان الحب الغربي لإسرائيل مصحوباً دائماً بمحو التاريخ الفلسطيني والإنسانية، بل ومعتمداً عليه”.
وتابع المؤرخ: “يردد القادة الغربيون في جميع الأوقات قلقهم العميق بشأن أمن إسرائيل، دون أي تفكير في الأمن الفلسطيني”.
وحضر الحدث، الذي يحمل عنوان “الحرب على غزة: ما هي الخطوة التالية بالنسبة لفلسطين؟”، دانييل ليفي، مفاوض الجانب الإسرائيلي خلال اتفاقيات أوسلو، ووضاح خنفر، رئيس منتدى الشرق والمدير العام السابق لقناة الجزيرة، وياسمين أحمد، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة. وترأس الحدث محمد حسن من موقع Middle East Eye.
وُلِد المؤرخ آفي شلايم عام 1945 في بغداد لأبوين ذوي علاقات جيدة، وكانا جزءاً من أقلية يهودية في العراق، يعود عمرها لألف سنة، لكن في سن الخامسة اضطر شلايم إلى الفرار مع عائلته، في أعقاب التفجيرات التي استهدفت اليهود في العاصمة العراقية.
وباعتباره أحد “المؤرخين الجدد” في إسرائيل، كان شلايم جزءاً من مجموعة أعادت تقييم تاريخ البلاد، وسلّطت الضوء في كثير من الأحيان على القمع المُمارَس ضد الفلسطينيين.
وفي حديثه، قال شلايم إنَّ المقاومة الفلسطينية “نُزِعَت من سياقها وتاريخها”، والتغطية الإعلامية والسياسية للعنف المستمر في غزة تجاهلت إلى حد كبير الوضع قبل عملية حماس في جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وتابع أنَّ “الصراع بين إسرائيل وحماس لم يبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول. ففي يونيو/حزيران 1967، لم تحتل إسرائيل غزة فحسب، بل احتلت الضفة الغربية والقدس. وهذا هو الاحتلال العسكري الأطول والأكثر وحشية في العصر الحديث”.
وأوضح شلايم: “يستخدم الجنرالات الإسرائيليون عبارة: جز العشب، وهي استعارة تقشعر لها الأبدان، فما تعنيه هو أنه ليس لديهم حل للمشكلة، لكن كل بضع سنوات يتحرك الجيش الإسرائيلي بأحدث الأسلحة، ويدمر المكان، ويقوض القدرات العسكرية لحماس… وهو عمل آلي تجريه إسرائيل دورياً كل بضع سنوات”.
وحذّر: “لذلك ليست هناك نهاية لإراقة الدماء، والحرب القادمة دائماً قاب قوسين أو أدنى”.
كارثة في غزة
وفي الاجتماع نفسه، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، إن أكثر من 420 طفلاً يُقتَلون أو يصابون في غزة كل يوم، وأضافت أن نقص المياه النظيفة والصرف الصحي الآمن على وشك أن يحول الوضع في غزة إلى “كارثة”، مضيفة أن الناس معرضون لخطر الجفاف والأمراض المنقولة عبر المياه.
كما أشارت إلى أنه لا يوجد سوى محطة واحدة لتحلية المياه في غزة، تعمل بسعة 5%. وأضافت أن محطات معالجة المياه والصرف الصحي الست في غزة خارج الخدمة حالياً.
ووصلت المستشفيات في مختلف أنحاء غزة إلى مرحلة الانهيار، وباتت مزدحمة بدرجة خطيرة، بعد نزوح قرابة 1.4 مليون شخص في غزة داخلياً، ولجوء الآلاف إلى المستشفيات.
ومنذ قطع الاحتلال كل خطوط الكهرباء والوقود والمياه عن القطاع المحاصر، تواجه المستشفيات نقصاً في موارد إنقاذ الحياة، وعدداً ضخماً من المرضى المصابين بجروح خطيرة، وآلاف الأشخاص الباحثين عن مأوى.
والمستشفيات التي لا تزال في الخدمة تعمل بالمولدات الكهربائية، التي يقول مسؤولو الصحة إنها لن تستمر طويلاً.
على أن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض غير مرة دعوات لوقف إطلاق النار في غزة، وإن دعا إلى السماح بدخول المساعدات إلى القطاع المحاصر.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحفيين، يوم الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول، إن “وقف إطلاق النار في الوقت الحالي لا يفيد سوى حماس”.
وفي الفعالية التي أقيمت يوم الإثنين، قال خنفر إنه لم يتمكن من العودة إلى وطنه منذ 30 عاماً، لكنه أعرب عن أمله في فرص جديدة للتوصل إلى حل طويل الأمد، بعد أن تنتهي أعمال العنف الحالية، وأضاف: “نحن بحاجة إلى تصور جديد يمكّن الناس من العيش في سلام، ويمنحهم حقوقاً متساوية، ويوفر لهم الحق في الكرامة، وأن يُعاملوا باحترام كبشر في تلك الأرض. ومن هذه اللحظة السوداء يمكننا أن نبدأ في التفكير في شيء جديد”.
جرائم الاحتلال في غزة
واستشهد ما لا يقل عن 8000 فلسطيني في القصف الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي جاء رداً على هجوم شنته حماس في ذلك اليوم، قُتل فيه حوالي 1400 إسرائيلي وأُسر أكثر من 220 آخرين. ونحو 70% من القتلى الفلسطينيين نساء وأطفال.
وقال المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في اجتماع لمجلس الأمن، يوم الإثنين 30 أكتوبر/تشرين الأول، إن الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر يواجهون تهجيراً قسرياً وعقاباً جماعياً.