قال طبيب فلسطيني يوم الأحد 4 فبراير/شباط 2024 إن قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة اقتحمت مستشفى يعمل به واحتجزته وأساءت معاملته على مدى 45 يوماً، بما تضمن حرمانه من النوم وتكبيله بشكل مستمر وعصب عينيه قبل إطلاق سراحه قبل أيام.
ففي ديسمبر/كانون الأول 2023 أثناء عمل الطبيب سعيد عبد الرحمن معروف في المستشفى الأهلي العربي في مدينة غزة عندما حاصرته قوات الاحتلال، قامت قوات الاحتلال بتكبيل يد الطبيب معروف وساقيه وعصبت عينيه طوال فترة سجنه نحو 7 أسابيع.
يروي معروف معاناته والمعتقلين في معتقلات الاحتلال، ويقول إن سجانيه أمروه بالنوم في أماكن مغطاة بالحصى دون فراش أو وسادة أو غطاء ووسط دوي موسيقى صاخبة “وكأنها حفلة”.
تعذيب الاحتلال لأسرى فلسطينيين
في نبرة ألم قال معروف: “في السجون الإسرائيلية كان التعذيب شديداً جداً جداً جداً، أنا طبيب كان وزني 87 كيلوغراماً، فقدت خلال 45 يوماً أكثر من 25 كيلوغراماً من وزني”.
“فقدت الاتزان، فقدت التركيز، فقدت كل إحساسي. كنا مكبلين 45 يوماً، كنا معصوبي اليدين 45 يوماً”، في محاولته لوصف الوضع في المعتقل وما تعرض له يقول معروف: “كيف تصف التعذيب وكيف تصف الإهانة داخل السجون؟ لن يصل إلى الحقيقة إلا من عاشها”.
لم يتمكّن الدكتور الذي قضى طوال وقته في المستشفى منذ بداية العدوان على غزة من تحديد “مكان احتجازه؛ لأنه كان معصوب العينين طوال الوقت، ولا يعلم إذا كان محتجزاً داخل غزة أم خارجها”، عند إطلاق سراحه قام الصليب الأحمر بنقله من معبر كرم أبو سالم؛ حيث تم إنزاله.
ومنذ اعتقال الطبيب معروف لم يسمع أخباراً عن عائلته، ولا يدري إذا كانوا نجوا من توغل جنود الاحتلال داخل مدينة غزة تحت القصف المدفعي المكثف أم لا.
حبس معروف دموعه وهو يحكي عن آخر مكالمة هاتفية له مع ابنته عندما دعا جنود الاحتلال عبر مكبرات الصوت جميع الأطباء والطاقم الطبي إلى مغادرة المستشفى.
كانت أسرته في منزل العائلة بمدينة غزة مع أطفاله الآخرين وزوجته ونحو 15 إلى 20 شخصاً من أقاربه.
وقال: “بينما كان الجندي ينادي بمكبر الصوت بأن على الأطباء والكوادر الطبية مغادرة المستشفى، اتصلت بي ابنتي وقالت لي يا أبي القصف وصل المكان.. ماذا نفعل؟. ابنتي ليست وحدها، 5 أطفال مع أمهم، مع خالتهم، مع زوج خالتهم، يعني البيت به على الأقل ما يفوق 20 أو 25 شخصاً. قلت لها كالتالي “يا ابنتي إذا قلت لكم اخرجوا ولا قدر الله حصل المقدور سينالني نوع من العذاب النفسي، وإذا قلت لكم امكثوا وحصل المقدور نفس النتيجة.. سلموا أمركم إلى الله. أنتم إذا أحببتم أن تخرجوا -يا بابا- فاخرجوا، إذا أحببتم أن تبقوا، فظلوا، وأنا معكم في نفس الخندق. أنا الآن سأغادر مع الجندي ولا أعرف مصيري”.
أضاف كذلك: “ومنذ تلك اللحظة إلى اليوم لم أعلم ولم أدرِ ولم يصلني أي معلومة عن أطفالي ولا عن زوجتي”.
تفرق عائلات غزة
تفرقت عائلات في غزة بسبب الدمار وقطع الاتصالات، وأصبح الوصول إلى العديد من المناطق صعباً، وفقد أفراد العائلة قدرتهم على التواصل مع بعضهم مع تعطل معظم شبكات الاتصالات.
ويعتقد معروف أنه كان واحداً من مئات السجناء في نفس المكان، وأن “كل واحد منا كان يتمنى الموت ولا يروح. يتمنى الموت من شدة العذاب”.
وقال: “أنا طبيب أطفال أعمل منذ 23 عاماً في هذا المجال، لم أرتكب أي جريمة إنسانية، سلاحي هو قلمي ودفتري وسماعتي. ولم أغادر المكان، وكنت أعالج الأطفال داخل المستشفيات”.
كذلك فقد قال: “وكان شعوري عند نداء القائد إلى إحضارنا إلى مكان الدبابات، أو مكان تسليم أنفسنا، كان ظني أنني سأمكث عندهم ساعات قليلة وأغادر المكان، والظن الآخر كان شعوري لو أخذوني أنا وبعض الزملاء سيعاملوننا معاملة حسنة لأننا أطباء”.
في حين عاد معروف إلى غزة فعلق السماعة حول رقبته ليستأنف عمله في علاج الأطفال، كما عاد صوت بكاء الأطفال وهمسات الآباء القلقة من حوله مجدداً.