تخيل أنك في عام 2044 وطفلك البالغ من العمر 5 سنوات يبلغ عمره الآن 25 عاما ويبحث عن وظيفة، فما المهارات التي سيحتاج إليها؟ لا سيما مع وجود فجوة كبيرة بين ما يتعلمه الطفل في الفصول الدراسية والواقع العملي؟
أولوية المهارات التنفيذية
يوضح ذلك نتائج دراسة استقصائية حديثة قامت بها مدارس برايم روز الأميركية في عام 2022، وتوصلت إلى أن مهارات الوظائف التنفيذية مثل الإبداع والتعاون والتواصل الجيد وحل المشكلات وضبط النفس، تحظى بتقدير كبير لدى المرشحين الجدد للوظائف المختلفة مقارنة بالقدرات التقنية والخلفية الأكاديمية، ووفق الدراسة اتفق أكثر من ثلثي مديري الموارد البشرية على أن اختيار موظفين يتمتعون بمثل هذه المهارات يمثل أولوية قصوى لنجاح شركاتهم على المدى الطويل.
مهارات تؤهل لمهن المستقبل
بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016، فإن 65% من الوظائف التي سيشغلها أطفال اليوم غير معروفة ولم توجد بعد، لذا قد يكون مستقبل مكان العمل مجهولا، ولكن المهارات المطلوبة يمكن معرفتها وإعداد أطفالنا لطبيعة العمل المتغيرة، ومن هذه المهارات:
مهارة حل المشكلات
في بيئة عمل مليئة بالتنافس والتحديات، سيحتاج طفلك أن يكون قادرا على التفكير النقدي من خلال تحديد المشكلة وتحليلها وابتكار حلول فعالة لها، ولتعزيز هذه المهارة يحتاج الطفل إلى تعلم طرح أسئلة مثل “لماذا” و”ماذا لو”، ومحاولة إيجاد حلول وإجابات على الأسئلة التي تتطلب التفكير والاستكشاف، ويمكنك صقل هذه المهارة عن طريق:
- تشجيع حل الألغاز من خلال أحجيات الصور المقطوعة “البازل” والاستعانة بتطبيقات الهاتف المحمول التعليمية.
- تشجيع اللعب الهادف بالمكعبات وتخيُل سيناريوهات وتطبيقها، مثلا دع طفلك يتخيل أن لديكم بعض الحيوانات وعليه أن يبني منزلا لهم، واطرحي أسئلة تشجعه على التفكير في الحلول واختيار الأمثل منها، مثل: أين سنضع الطعام للحيوانات؟ وماذا لو أردنا أن نضع لها حماما؟
مهارة التعاون والعمل الجماعي
تهدف جميع الشركات إلى تحقيق أهداف مشتركة من خلال موظفيها، ومن هنا لا بد من تدريب الطفل منذ صغره على العمل الجماعي والمشاركة الفعالة، يمكنك التخطيط لمشروع عائلي يتضمن مهمة خاصة بكل فرد وعليه إنجازها، مثل الاشتراك في إعداد وجبة طعام أو تنظيف المنزل، وعبري عن سعادتك بالعمل معهم، والدور المهم الذي قام به كل منهم في سبيل إتمام المهمة، مشاريع الفصول الدراسية كذلك تعزز قيمة العمل الجماعي والتدريب على مهارة ضبط النفس وإدارة الوقت.
مهارة التعاطف
التعاطف هو مفتاح التواصل الجيد وخلق علاقات شخصية ناجحة، كما أنه يشجع زيادة الإنتاجية بين الموظفين، ووفق دراسة أجرتها جامعة كامبريدج 2013 فإن الاستماع للقصص وسرد الحكايات، يوفر تدريبا ممتازا لتطوير وممارسة مهارة التعاطف، إذ إن القصص تدفع الطفل إلى التعايش مع الشخصيات ومشاكلها وفهم ما يشعر به الآخرون وما يفكرون فيه، كذلك تتفاعل مع كيمياء الدماغ وتلفت انتباه الأطفال وتحفزهم على مساعدة الآخرين وفهم مشاعرهم.
المهارات الرقمية
يحتاج العصر الرقمي الذي نعيشه إلى معرفة قوية بالأجهزة الرقمية وتطبيقات الإنترنت ومعالجة البيانات وتحليلها وإدراك أساسيات البرمجة، إتقان هذه المهارات تجعل الأطفال مجهزين بشكل أفضل للتنقل في سوق العمل القائم على التكنولوجيا، وينقل موقع “سكولستك” عن عالم النفس التنموي، ديفيد جيري، أنه بعد 20 عاما من الآن سوف تتركز معظم فرص العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وسوف يحتاج المعلمون ومندوبو المبيعات ومصممو المنتجات أن يكونوا على دراية حقيقية بهذه العلوم للتكيف مع متغيرات الحياة واستخدام الأدوات المتطورة التي ستصبح جزءا من هذه المهن.
مهارة الإبداع والتفكير خارج الصندوق
سيصبح للتفكير خارج الصندوق وتوليد الأفكار المبتكرة قيمة كبيرة في سوق العمل المستقبلي، وسمة مجموعة من الأنشطة التي تساعد الطفل على الإبداع وتطوير الحلول التقليدية، ومنها:
الأنشطة أو الألعاب التي تعتمد على فكرة آلة روب غولدبيرغ وتوظيف الموارد المتاحة بشكل غير مألوف.
استخدام الأدوات البسيطة والمتاحة في المنزل لتطبيق النظريات العلمية مثل الاستمتاع بقوس قزح عند سكب الماء من خلال مصفاة أمام نافذة مشمسة، وتشجيع الطفل على التفكير في أدوات منزلية أخرى يمكن أن تعمل كمنشور لكسر الضوء.
مهارة التواصل
ينبغي تشجيع طفلك على المحادثات الهادفة مع أفراد العائلة والأصدقاء، وتدريبه على أن يكون مستمعا جيدا من خلال إعطائه كل انتباهك عندما يتحدث، وتوفير فرص وقنوات تسمح له بالتحدث أمام جمهور كبير مثل المشاركة في العروض المدرسية والمناظرات المختلفة بين طلاب المدارس، لتدريبه على تنظيم أفكاره وتقوية ثقته في نفسه، ولا تقتصر هذه المهارة على التواصل اللفظي فقط بل تشمل كذلك فهم لغة الجسد وإيماءات الوجه التي تؤثر على كيفية تفسير المعلومات، ووفق الباحث في دوائر الاتصال غير اللفظي، ألبرت مهرابيان، فإن 93% من اتصالاتنا تتم بشكل غير لفظي.
مهارة الحفاظ على البيئة
أصبح مستقبل كوكب الأرض متروكا للأجيال القادمة، ولاسيما مع التغيرات المناخية في الآونة الأخيرة، وبدت الحياة المستدامة مهارة حياتية مهمة جدا ينبغي تعليمها للأطفال منذ الصغر من خلال ممارسة عادات صديقة للبيئة، مثل تقليل تناول اللحوم والبستنة وإعادة التدوير وترشيد استخدام الكهرباء، إلى جانب الحفاظ على البيئة، توفر هذه الإجراءات فرصة لإشراكهم في قضايا العالم الحقيقية التي تتجاوز جدران الفصول الدراسية.