تساعد شركة صينية مُتهمة بالمساعدة في قمع أقلية الإيغور بالصين، سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مراقبة السكان الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، من خلال كاميرات مراقبة تبيعها الشركة الصينية وتنتشر في أنحاء مختلفة بالضفة.
صحيفة The Guardian البريطانية، ذكرت السبت 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أن الشركة الصينية هي Hikvision، ويقع مقرها في هانغتشو بالصين، وهي واحدة من أكبر الشركات المُصنِّعَة لمعدات المراقبة بالفيديو في العالم.
تمتلك الشركة سمعة سيئة بالفعل بين جماعات حقوق الإنسان الدولية، وقد أدرجتها الولايات المتحدة على القائمة السوداء، وصنّفتها المملكة المتحدة على أنها تهديد أمني، لتواطئها في قمع الصين للأقلية العرقية الإيغور.
كُشِف عن وجود كاميرات Hikvision في الضفة الغربية لأول مرة في تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية، في مايو/أيار 2023، الذي وثّق تقنية التعرف على الوجه وكاميرات المراقبة التي خلُصت منظمة حقوق الإنسان إلى أنها تُستخدَم لتعزيز الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية من خلال “القمع الرقمي”.
كذلك أجرت منظمة العفو الدولية مسحاً على منطقتين في الضفة الغربية، هما القدس الشرقية والخليل، حيث أنشأ المستوطنون الإسرائيليون منازل، في انتهاك للقانون الدولي، ووجدت المنظمة أنَّ أنظمة التعرف على الوجه “تزوّد السلطات الإسرائيلية بأدوات جديدة قوية للحد من حرية الحركة… ما يضيف المزيد من مستويات التطور التكنولوجي لنظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين”.
حدد تقرير المنظمة الدولية العشرات من أجهزة Hikvision في البلدة القديمة بالقدس الشرقية، وعُثِر على ما يقرب من 40 منها في البنية التحتية الأمنية والمستوطنات غير القانونية في حي سلوان.
كما وُجِد أنَّ “الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين يُشغّلون هذه الأجهزة، المُركَّبة في البنى التحتية العسكرية والمناطق السكنية في البلدة القديمة في القدس الشرقية وما حولها، ولا سيما باب العامود، والحي الأرمني، والحي الإسلامي، وسلوان”.
برزت أهمية التقرير مرة أخرى في الأسابيع التي تلت بدء عملية “طوفان الأقصى”، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فمنذ ذلك الحين، صعّد المستوطنون أعمال العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وشنّ الجيش الإسرائيلي غاراتٍ على مدن الضفة الغربية ومخيمات اللاجئين.
كانت شركة Hikvision قد سوَّقت لميزات تقنية التعرف على الوجه، التي استطاعت كما زعمت اكتشاف الإيغور تلقائياً، وأعلنت عن ميزات تهدف إلى تمييز العرق والعمر والإثنية لأي شخص، بناءً على صورة وجهه.
بحسب الصحيفة البريطانية، فإن كاميرات المراقبة تنتشر في كل مكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي بلدة سلوان بالقدس الشرقية المحتلة يقول السكان إنَّ الشرطة الإسرائيلية ثبّتت كاميرات في مداخل شوارعهم ومخارجها، التي تصل رؤيتها حتى لداخل منازلهم.
إحدى السكان، وتُدعَى سارة، قالت إنها وعائلتها “مراقبون، كما لو كانت الكاميرات مُثبّتة داخل منزلنا… لا نشعر وكأننا في منزلنا وعلينا ارتداء ملابسنا بالكامل طوال الوقت”.
أيضاً تغطي كاميرات المراقبة الآن باب العامود، المدخل الرئيسي لمدينة القدس القديمة، وواحدة من المناطق العامة الوحيدة التي يستطيع الفلسطينيون التجمع فيها لأغراض مجتمعية أو تنظيم المظاهرات.
وفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية، بعنوان “Automated Apartheid- الفصل العنصري الآلي”، “يُراقَب الفلسطينيون ويُقيّمون في جميع الأوقات” عند تلك البوابة.
وأحدثت هذه الكاميرات تأثيراً مخيفاً، ليس فقط على القدرة على الاحتجاج، بل أيضاً على الحياة اليومية للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، وفقاً لمحققي منظمة العفو الدولية.
كانت صحيفة The Guardian قد نشرت أول تقرير يكشف أنَّ Hikvision مكّنت عملاء الشرطة من إعداد إنذارات، عندما ترصد الكاميرات أي نوع من أنشطة الاحتجاج، مثل “تجمع الحشود لتعطيل النظام في الأماكن العامة، والتجمعات غير القانونية، والمسيرات، والمظاهرات، وتهديدات بتوقيع عرائض”.
ذكر تقرير الصحيفة منتجات محددة منتشرة في الضفة الغربية، ومُزوَّدة بميزات متطورة للتعرف على الأشخاص والمركبات، وأعرب المحققون عن “قلقهم” من احتمال استخدام الكاميرات بالتزامن مع أدوات التعرف على الوجه.
فيما قال محققو منظمة العفو الدولية إنَّ هناك خطراً كبيراً من ربط الكاميرات بشبكة Mabat 2000، وهي شبكة مراقبة للتعرف على الوجه، تديرها الشرطة الإسرائيلية وتغطي مدينة القدس الشرقية بأكملها.
يمكّن نظام المراقبة الواسع هذا “السلطات الإسرائيلية من التعرف على المتظاهرين، وإبقاء الفلسطينيين تحت المراقبة المستمرة، حتى أثناء ممارسة أنشطتهم اليومية العادية”.
يقول ماثيو محمودي، الباحث في منظمة العفو الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان، إنَّ الفلسطينيين “لا يحتاجون إلى رؤية” استخدام الكاميرات لتقنية التعرف على الوجه “ليعرفوا أنهم مراقبون عند كل منعطف”.
وفي عام 2021، كشفت صحيفة The Washington Post عن وجود قاعدة بيانات واسعة تسمى Wolf Pack، التي تحتوي على صور وجميع المعلومات المتاحة عن جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وعددهم 3 ملايين.
أضاف محمودي: “تُنشَر هذه التقنيات لتقييد حرية حركة الفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص خنق القدرة على التنقل، وإمكانية الوصول إلى العمل والتعليم والمرافق الطبية، باستخدام تقنيات المراقبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، مثل التعرف على الوجه”.