يعد التعرق الليلي في فترة ما بعد الولادة شكوى شائعة بين السيدات، وتشير الأبحاث إلى أن نحو 29% من النساء يعانين من أعراضه في الأسابيع والأشهر التالية للولادة.
ماذا يقصد بالتعرق الليلي بعد الولادة؟
هو التعرق بشكل مفرط في ساعات الليل خلال فترة النفاس، وعادة ما يستمر لمدة تتراوح بين 3 و5 دقائق مسببا الاستيقاظ المتكرر ليلا، مما يؤثر على جودة النوم، ومن الممكن أن يحدث أثناء النهار كذلك، وعادة ما يختفي من تلقاء نفسه خلال أسابيع عدة من الولادة، وتحديدا بعد عودة مستوى الهرمونات في الجسم إلى وضعها الطبيعي قبل الحمل.
يبلغ التعرق الليلي ذروته بعد مضي أسبوعين على الولادة، ثم يبدأ بالتناقص تدريجيا إلى أن يختفي، هذا ما تؤكده دراسة أميركية قامت بها جامعة بيتسبرغ عام 2013، فقد أبلغ 20% ممن شملتهم الدراسة أن التعرق الليلي بلغ ذروته بعد أسبوعين من الولادة، وانخفضت هذه النسبة إلى 14% بحلول الأسبوع الـ12، في حين استمرت معاناة 10% من النساء المشاركات من أعراضه بعد مضي عام على الولادة.
أسباب التعرق الليلي بعد الولادة
يمر جسم المرأة بتغيرات ملحوظة خلال أشهر الحمل، ولا تعود الأمور بالضرورة إلى طبيعتها بمجرد الولادة، ومن بين هذه التغيرات زيادة إفراز هرموني الإستروجين والبروجستيرون خلال الحمل ثم انخفاضهما بشكل مفاجئ بعد الولادة، ويكون التعرق رد فعل على هذه التحولات الهرمونية التي تطرأ على الجسم وتؤثر على منطقة ما تحت المهاد، وهو جزء موجود في الدماغ ومسؤول عن التحكم في درجة حرارة الجسم.
اختلال التوازن الهرموني ليس السبب الوحيد للتعرق الليلي بعد الولادة، فقد يكون التعرق آلية فعالة لتخليص الجسم من السوائل الزائدة والمتراكمة فيه خلال فترة الحمل، ولا سيما مع زيادة حجم بلازما الدم بنسبة تصل إلى 50% خلال فترة الحمل لدعم نمو الجنين، وفق جمعية الحمل الأميركية.
الرضاعة الطبيعية كذلك يمكن أن تزيد مدة التعرق الليلي، إذ إن النساء اللاتي يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية تقل لديهن مستويات هرمون الإستروجين لفترة أطول، ويصبحن أكثر عرضة للتعرق الليلي، ويرجع ذلك إلى ارتفاع مستويات هرمون البرولاكتين (الهرمون المسؤول عن إنتاج حليب الأم)، والذي يتناسب عكسيا مع معدل إنتاج هرمون الإستروجين.
وينقل موقع “بيرنتس” عن طبيبة التوليد وأمراض النساء هيذر بيل قولها إن الرضاعة الطبيعية تعزز اختلال التوازن الهرموني لدى المرأة، مما يؤدي إلى تثبيط الإباضة وانخفاض هرمون الاستروجين وزيادة التعرق خلال الليل، وهي أعراض مماثلة لانقطاع الطمث والهبات الساخنة في سن اليأس عند المرأة.
وتذكر بيل أن الأمهات اللاتي يلجأن إلى الألبان الصناعية في الرضاعة تقل لديهن أعراض التعرق الليلي وتنتهي بشكل أسرع لأنهن لا ينتجن هرمون البرولاكتين.
بعض الطرق الفعالة للتعامل مع التعرق الليلي
يذكر تقرير في موقع “هيلث لاين” أنه لا توجد أي علاجات طبية يمكن أن تمنع حدوث التعرق الليلي بعد الولادة، ولكن يمكنك اتباع بعض العلاجات المنزلية والتدابير التي تقلل أعراضه، ومنها:
- شرب الكثير من الماء والعصائر الباردة: يؤدي التعرق الزائد إلى جفاف الجسم، لذا ينبغي شرب المزيد من الماء والسوائل الباردة لتعويض ما يفقده الجسم، ولا سيما إذا كنت ملتزمة بالرضاعة الطبيعية.
- الحرص على ارتداء ملابس فضفاضة وخفيفة: يمكن أن تعزز برودة الجسم، ويعد القطن والكتان والألياف الطبيعية الأخرى أفضل من الأقمشة الصناعية، إذ تتميز بأنها أكثر مسامية.
- الاهتمام بتبريد الغرفة: يساعد ذلك في تجنب الكثير من التعرق، ويمكن خفض درجة حرارة الغرفة بتشغيل المروحة أو مكيف الهواء أو فتح النافذة للسماح للهواء البارد بدخول الغرفة.
- تغطية الملاءات: يمكن الحد من تكرار تغيير الملاءات عن طريق وضع منشفة تحت جسمك لامتصاص العرق، إذا كنت قلقة بشأن المرتبة يمكنك وضع طبقة مطاطية بين الملاءة والمرتبة أو استخدام مرتبة مقاومة للماء.
- الالتزام بنظام غذائي صحي: يوصي خبراء التغذية بتناول غذاء صحي يعتمد على الخضروات والفاكهة والبروتين والحبوب الكاملة مع تجنب الأطعمة التي تحفز التعرق الليلي، مثل الأطعمة الحارة والغنية بالتوابل وكذلك السوائل التي تحتوي على الكافيين لأنها تزيد فقدان الجسم للسوائل.
- ممارسة تمارين الاسترخاء والتنفس العميق: قد يكون الضغط الناتج عن واجبات الأمومة أحد أسباب التعرق الليلي، لذا أنت في حاجة إلى هذه التمارين لتخفيف التوتر.
- الاعتماد على مكملات غذائية لتنظيم هرمونات الجسم: توجد بعض المكملات الغذائية التي يقال إنها تساعد في تنظيم الهرمونات أثناء فترة ما بعد الولادة، ولكن ينبغي استشارة طبيبك المختص قبل تناول أي منها، خاصة إذا كنت ترضعين طفلك رضاعة طبيعية.
- اللجوء إلى العلاجات العشبية: مثل حشيشة الهر أو عشبة الناردين، والتي تستخدم لعلاج القلق وتحسين نوعية النوم، لكن ينبغي استخدامها بحذر مع الرضاعة الطبيعية.
متى ينبغي استشارة الطبيب؟
لا يشير التعرق الليلي بعد الولادة عادة إلى مخاطر صحية، ولكنه إذا استمر لفترة أطول من أسابيع عدة بعد الولادة (نحو 6 أسابيع) ينبغي استشارة الطبيب المختص لاستبعاد الإصابة بالعدوى أو أي مضاعفات صحية أخرى، مثل فرط نشاط الغدة الدرقية أو انقطاع التنفس الانسدادي أو القلق والاكتئاب.
وعموما، لا تترددي في استشارة طبيبك إذا كان التعرق الليلي مصحوبا بألم في الصدر أو صداع مستمر أو ضيق في التنفس أو فقدان في الشهية أو إذا صاحبته زيادة في درجة حرارة الجسم عن 100.4 درجة فهرنهايت أو 38 درجة مئوية.