انتقدت مذكرة احتجاج داخلية بوزارة الخارجية الأمريكية موقف الرئيس جو بايدن من العدوان الإسرائيلي على غزة، واتهمته بـ”نشر معلومات مضللة” عن الحرب بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأوضحت أن إسرائيل ارتكبت “جرائم حرب” في غزة.
جاءت المذكرة في 5 صفحات، وتضمنت انتقاداً حاداً لسياسات الإدارة الأمريكية بشأن الحرب، وقد صاغها دبلوماسي مستجد قال من قبل على وسائل التواصل الاجتماعي، إنّ دعم بايدن لإسرائيل جعله “متواطئاً في الإبادة الجماعية” بغزة.
وتستمد المذكرة مزيداً من الأهمية، لأنها تقدم نظرة غير معهودة على الخلافات التي بدأت تنتشر داخل إدارة بايدن بشأن سياسة الحرب في غزة، وفق ما نقله موقع Axios الأمريكي، الإثنين 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والذي حصل على نسخة منها.
غضب إزاء تعامل بايدن مع الحرب
وقَّع على المذكرة 100 موظف بوزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وحثوا فيها كبار المسؤولين الأمريكيين على مراجعة سياستهم تجاه إسرائيل، والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، لا سيما وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة عن استشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني في الهجوم الإسرائيلي على القطاع.
وانطوت المذكرة على ملامح من الخطاب الذي انتشر داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي بين النشطاء التقدميين الذين أبدوا غضبهم واحتجاجاتهم على تعامل بايدن مع الحرب، ما يشير إلى مصاعب جديدة قد تواجه حملة بايدن للترشح لدورة رئاسية جديدة في انتخابات 2024.
إذ اتهمت بايدن بـ”نشر معلومات مضللة في خطابه الذي ألقاه في 10 أكتوبر/تشرين الأول (الماضي)” والذي أعلن فيه عن دعمه الصريح لإسرائيل فيما وصفه بحقها المشروع في الدفاع عن نفسها.
وفي إشارة إلى “آلاف” الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل، والمعتقلين “من دون اتهام”، قال الموقعون على المذكرة: “نوصي بشدة بأن تدعو (الحكومة الأمريكية) كلاً من حماس وإسرائيل إلى إطلاق سراح الرهائن [الأسرى] لديهم”.
“جرائم حرب”
أُرسلت المذكرة إلى مكتب السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، واستهلَّها الموقعون بإدانة الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ومع ذلك، فإنها تركز في معظمها على الانتهاكات التي تضمنها الهجوم الذي شنته حكومة الاحتلال الإسرائيلي على غزة بعد ذلك.
وتشير المذكرة إلى أن بايدن أعلن عن دعمه لإسرائيل، وأعرب عن قلقه بشأن المعاناة الإنسانية في غزة، على حين أن بايدن يجب أن يبذل مزيداً من الجهد في مساءلة إسرائيل بشأن تصرفاتها في الحرب الجارية.
وقال الموقعون إن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الاحتلال، وشملت قطع الكهرباء والحد من المساعدات وشن هجمات أدت إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين، هذه الإجراءات “جميعها جرائم حرب، وبعضها جرائم ضد الإنسانية بمقتضى القانون الدولي”.
وجاء في المذكرة: “على الرغم من ذلك كله، لم نراجع موقفنا تجاه إسرائيل”، بل “ضاعفنا مساعدتنا العسكرية المتواصلة للحكومة الإسرائيلية من دون تقييد بخطوط حمراء واضحة ولا شروط قابلة للتنفيذ”.
وانطوت المذكرة في أكثر من موضع، على انتقاد واسع النطاق لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وما يصفه الموقعون عليها بالإخفاق في دفع أطراف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى مسار قابل للتطبيق نحو حل الدولتين، على الرغم من أن بايدن أعلن عن دعمه لهذا المسار.
“تجاهل واضح لحياة الفلسطينيين”
وقال الموقعون: “أظهر أعضاء البيت الأبيض و(مجلس الأمن القومي) تجاهلاً واضحاً لحياة الفلسطينيين، وتشير الدلائل الموثقة إلى عدم حرصهم على وقف التصعيد، فضلاً عما أبدوه حتى قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول من افتقار أرعن إلى البصيرة الاستراتيجية”.
وانتقدت المذكرة بايدن، لأنه “شكك في عدد القتلى” بغزة حين زعم في 27 أكتوبر/تشرين الأول، أنه “لا يثق” بالبيانات التي تقدمها وزارة الصحة في القطاع.
من جهة أخرى، لا يُعرف عدد مذكرات الاحتجاج التي رُفعت داخل وزارة الخارجية بشأن الحرب على غزة، لكن صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية ذكرت الأسبوع الماضي، أن مذكرة أخرى حثت الإدارة الأمريكية على “التصريح علناً بانتقاد انتهاكات إسرائيل للأعراف الدولية”.
في المقابل، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الوزارة “تتفهم -وتتوقع وتحترم- تبايُن الآراء بين الأشخاص المختلفين الذين يعملون في هذا القسم بشأن ما يجب أن تكون عليه سياسة الولايات المتحدة”.