حين جدد الجمهوريون في الكونغرس هذا الشهر دعواتهم القديمة لحظر تيك توك على مستوى الولايات المتحدة، سلطوا الضوء على نقطة في البيانات قالوا إنها دليل على الشر المزعوم الذي يمثله هذا التطبيق: عدد مقاطع فيديو تيك توك المرفقة بهاشتاغ فلسطين حرة #freepalestine أعلى بكثير من المرفقة بهاشتاغ ندعم إسرائيل #standwithisrael.
وقالوا إن هذه الفجوة دليل على أن التطبيق، المملوك لشركة التكنولوجيا الصينية ByteDance، يُستخدم لتعزيز الدعاية وغسل أدمغة المشاهدين الأمريكيين.
لكن فيسبوك وإنستغرام، منافسي تيك توك في الولايات المتحدة، تظهر بهما فجوة مماثلة، حسبما تظهر بياناتهما. فعلى فيسبوك، عُثر على هاشتاغ #freepalestine في أكثر من 11 مليون منشور، أي أكثر بـ39 مرة من منشورات هاشتاغ #standwithisrael. وعلى موقع إنستغرام، وُجد الهاشتاغ المؤيد لفلسطين في 6 ملايين مشاركة، أي أكثر بـ26 مرة من الهاشتاغ المؤيد لإسرائيل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
المحتوى الفلسطيني متفوق في كل المنصات بما فيها فيسبوك وليس تيك توك فقط
وثبات المحتوى المؤيد للفلسطينيين على شبكات التواصل الاجتماعي، سواء الصينية أو الأمريكية، يقوّض الحجة التي أصبحت محورية في أحدث موجة استياء من التيك توك في واشنطن: وهي أن الحكومة الصينية تتلاعب بخوارزمية تيك توك لتأييد الفلسطينيين وأن التطبيق، الذي يستخدمه 150 مليون شخص في الولايات المتحدة، لا بد من حظره على مستوى البلاد.
وفي مقال لمدونة تسمى The Free Press، قال النائب مايك غالاغر، الجمهوري من ولاية ويسكونسن الذي يقود لجنة بمجلس النواب مخصصة للطعن في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، إن التطبيق “يغسل أدمغة شبابنا ويوجهها ضد البلاد وحلفائنا بالدعاية المؤيدة لحماس” وربما هو “أكبر عملية تأثير خبيثة على الإطلاق”.
وفي المناظرة التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري الأسبوع الماضي، قال حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي إن تيك توك “يلوث عقول الشباب الأمريكي” بـ”أشياء مريعة ومعادية للسامية تنشرها خوارزمياته بمعدلات ضخمة”. وقال النائب الديمقراطي جوش غوتهايمر (نيوجيرسي)، الأسبوع الماضي، إن على وزارة العدل أن “تراقب استخدام الصين لتيك توك كآلة دعاية للتأثير على الأمريكيين”.
وقال تيك توك مراراً إن خوارزميته الخاصة بالتوصية وقواعد محتواه لا تتأثر بالحكومة الصينية، ولم يقدم منتقدو تيك توك أي دليل عدا الإشارة إلى أن مقاطع الفيديو المرفقة بالهاشتاغ المؤيد للفلسطينيين أكبر من المقاطع المرفقة بالهاشتاغ المؤيد لإسرائيل، استناداً إلى بيانات التيك توك نفسه.
وقال تيك توك في منشور مدونة يوم الإثنين 13 نوفمبر/تشرين الثاني إنه تعرض لانتقادات غير عادلة على أساس “معلومات خاطئة وتوصيف خاطئ”، وزعم أن المقارنة لأعداد هاشتاغات مقاطع الفيديو طريقة “قاصرة جداً” لتقييم محتوى التطبيق. وجاء في البيان: “خوارزمية التوصية في موقعنا لا تنحاز إلى طرف دون الآخر”.
والهاشتاغات طريقة محدودة وسطحية جداً لتحليل شكل محادثات الشبكات الاجتماعية لأن المستخدمين غالباً ما يضيفونها إلى مقاطع فيديو لا علاقة لها بالقضية أو تحاول انتقاد النقطة التي تذكرها.
ومقارنة مشاهدات الهاشتاغات المؤيدة لإسرائيل والمؤيدة لفلسطين على مستوى العالم، مثلما فعل منتقدو تيك توك، لا تأخذ في الاعتبار أن الكثير من مقاطع الفيديو تأتي من دول ذات أغلبية إسلامية تدعم فلسطين، أو كما أوضح تيك توك، فهاشتاغ ندعم إسرائيل #standwithisrael أحدث من هاشتاغ فلسطين حرة #freepalestine وبالتالي لم يُضَف إلى المنشورات بنفس القدر.
الشباب أكثر استخداماً لتيك توك وهم الفئة الأكثر تأييداً لفلسطين
وهذه المقارنة لا تأخذ في الاعتبار أيضاً الفجوة القائمة بين الأجيال حول الموقف من النزاع بين إسرائيل وغزة. إذ يبدي الشباب الأمريكي باستمرار دعمهم للفلسطينيين في استطلاعات مركز بيو للأبحاث، التي كان من ضمنها استطلاع أُجري عام 2014، قبل أربع سنوات من إطلاق تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة. وقال 52% من المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، وهي الفئة العمرية الأكثر انتشاراً على تيك توك، في استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك هذا الشهر إنهم لا يوافقون على رد إسرائيل على هجوم حماس.
والاكتفاء بالمقارنة بين هاشتاغي ندعم إسرائيل وفلسطين حرة قاصر أيضاً في مراجعة الكثير من مقاطع الفيديو الأخرى التي تستخدم هاشتاغات أخرى، أو لا تستخدم أي هاشتاغات على الإطلاق.
ففي الولايات المتحدة، خلال الثلاثين يوماً الماضية، حصدت مقاطع الفيديو التي تحمل هاشتاغات #إسرائيل و#فلسطين حوالي 2 مليار مشاهدة. وعلى تيك توك في الولايات المتحدة خلال الثلاثين يوماً الماضية، ظهر هاشتاغ #فلسطين حرة في 233 ألف منشور، أي أعلى بـ38 مرة من مقاطع الفيديو المرفقة بهاشتاغ ندعم إسرائيل، حسب الصحيفة الأمريكية.
وأضيف هاشتاغ #فلسطين إلى 237 ألف منشور خلال تلك الفترة الزمنية، أي أكثر بنحو 50 ألف منشور من هاشتاغ #إسرائيل، لكن التشابه في إجمالي المشاهدات يشير إلى أن مقاطع فيديو #إسرائيل تُشاهد أكثر من مرة في المتوسط، وهذا أيضاً يقوض حجج منتقدي تيك توك. وفي منشور على مدونته، قال تيك توك إن مقطع الفيديو المرفق بهاشتاغ ندعم إسرائيل حصد مشاهدات في الولايات المتحدة تفوق مقاطع فلسطين حرة في المتوسط.
وقال تيك توك في منشوره: “ملايين الأشخاص في مناطق مثل الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا يمثلون نسبة كبيرة من المشاهدات للهاشتاغات، وبالتالي هناك محتوى آخر مرفق بهشتاغات فلسطين حرة وندعم إسرائيل ومشاهدات عامة أخرى. ولكن من السهل اختيار الهاشتاغات لدعم رواية كاذبة عن المنصة”.
تيك توك مثل فيسبوك يحظر المحتوى المروج لحماس
ويحظر تيك توك وميتا، المالكة لفيسبوك وإنستغرام، المحتوى الذي يروج لحماس. وقالت تيك توك إنها أزالت أكثر من 925 ألف مقطع فيديو لترويجها لحماس أو انتهاكها سياسات التطبيق المتعلقة بما يصفونه بالعنف وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة والإرهاب بين هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ونهاية الشهر.
واتهم المؤيدون للفلسطينيين الشركتين بتحريف محتواهم لصالح إسرائيل، وهو عكس ما اتهم به منتقدو تيك توك الموقع. وقال تيك توك إن لديها إجراءات معمولاً بها لمنع التلاعب بالخوارزميات و”لا تروج لطرف واحد من قضية ما على حساب طرف آخر”. وقالت ميتا في بيان الشهر الماضي: “لا صحة للقول بأننا نتعمد قمع الأصوات”.
ما زال أعضاء الكونغرس يستهدفونه رغم ثبوت أنه غير منحاز للفلسطينيين
ولدى سؤال منتقدي التيك توك في الكونغرس عن حقيقة أن المحتوى المؤيد لفلسطين منتشر على معظم شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى، وليس تيك توك وحده، قالوا إنهم لا يزالون يعتبرونه خطيراً بسبب أصوله الأجنبية.
وقال السيناتور ماركو روبيو (الجمهوري من فلوريدا)، الذي استشهد بالمنشورات المؤيدة لفلسطين على تيك توك للادعاء بأن “تيك توك أداة تستخدمها الصين، للتهوين من إرهاب حماس”، في بيان يوم الإثنين، إن مسؤولي الأمن القومي يعتبرون تيك توك “تهديداً متفرداً”.
وقال غوتهايمر في بيان إنه “من الواضح أن الصين تستخدم تيك توك كآلة دعاية للتأثير على الأمريكيين” لكنه لم يقدم أي دليل آخر.
ورغم أن الاتجاه المؤيد للفلسطينيين أقوى على كل المنصات، ولكن هناك مطالبات بحظره في أمريكا
وقال شخص مقرب من اللجنة المختارة المعنية بالحزب الشيوعي الصيني، التي يقودها غالاغر، إن اتجاه مشاهدة المحتوى المؤيد لفلسطين أكثر من المحتوى المؤيد لإسرائيل على الشبكات الاجتماعية مثير للقلق على كل المنصات، لكن غالاغر اكتفى بانتقاد تيك توك في مقالته بسبب تفويض اللجنة للتحقيق في النفوذ الصيني.
ورغم القصور في فكرة مقارنة الهاشتاغات، أشار السيناتور جوش هاولي (جمهوري من ولاية ميسوري) إلى الفجوة بينها في قاعة مجلس الشيوخ يوم الأربعاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني حين طلب موافقة بالإجماع على حظر تيك توك في الولايات المتحدة.
وقال عن الاحتجاجات في الكليات والمدارس الثانوية بعد هجوم حماس: “أين يُغذَّون بهذه الدعاية؟ يجدونها على تيك توك”.